2

139K 4.5K 220
                                    

الفصل الثاني ..

دلفت  شقه ابنتها وهي تحاول جاهده ان تهدأ انفاسها العاليه  بسبب اختيارها للصعود علي  الدرج و ليس المصعد...
_ ايه بس يا ماما طلعك السلم، وانتي تعبانه كده.
جلست فوق اقرب مقعد واشارت اليها بالماء، فهرولت الاخرى بسرعه الى المطبخ تلبي طلب والدتها، وبعد خمس دقائق استطاعت اخيرًا التحدث بصوت خافت يتخلله جهد كبير : عرفت من البواب ان الاسانسير عطلان.
ضربت مقدمه رأسها وهى تقول : اه صح نسيت، معلش اسفه يا حبيبتي، دماغي مش فيا!.
نظرت والدتها نحو غرفه ايلين فوجدتها مغلقه، فقالت مستفهمه : هى ايلين نايمه !.
هزت خديجه رأسها وهى تجلس امام والدتها قائله : اه اخدت الدوا ونامت والحمد لله بقت كويسه.
امنعت والدتها النظر بداخل عيناها ثم قالت بقلق : في ايه؟!، عينيكي بتقول كلام كتير أوي، وكمان صوتك وانتي بتكلميني امبارح وعياطك قلقني، استنيت لما ابوكي راح النبطشيه وقولت اجيلك، كلام تليفون  ده مينفعش.
عادت الدموع تتجمع بمقلتيها بسرعه، فقالت بنبره يتخللها البكاء : عمار رجع من السفر، وكمان جه وهايبقى مديري في الشغل، وهايمسك الحضور والانصراف والشؤون الماليه، هو ماله بشغل الصحافه انا معرفش، وكان بيكلمني بطريقه زي الزفت ووحشه وهاين عليه يقتلني، كانه مش عمار ابن خالتي، وايلين متعوره جامد في رجليها ومقطعه في قلبي.
تحدثت بكل ما يشغل عقلها وقلبها في آن واحد دون ان تنقطع او تاخذ انفاسها، ربتت والدتها على احدى كتفيها ثم قالت بنبره غامضه : خلاص سيبي الشغل ده.
زفرت خديجه بقوه ثم قالت بعصبيه : مينفعش، هو الشغل تحت ايدي، انا هالاقي منين مكان محترم وكويس، هلاقي منين مكان محدش يبصلي فيه بنظره وحشه  علشان ارمله، هالاقي فين مكان يديني مرتب ده ويحترموني كده وانا ممعيش شهاده عاليه، وكمان مصاريف ايلين ومصاريفي، معاش جاسم الله يرحمه على قد ايلين والمدرسه والتزامات البيت من ميه ونور و....
قاطعتها والدتها بحزم : ما قولنالك سيبي البيت وتعالي اقعدي معانا...
نهضت خديجه ثم تحدثت  بعصبيه مفرطه : بيت ايه اللى اسيبه، انتي واعيه للي بتقوليه، انتي عاوزني ارجع للظلم تاني والقهر والقرف والضرب، عاوزني ارجع اشرب من نفس الكاس تاني، طب المره دي وربنا اداني فرصه وكانت طوق نجاه بالنسبالي وهربت من جحيمه، عاوزني ارجعله تاني، ياعالم بقى ربنا هايديني الفرصه دي ولا هاموت على ايده.
كادت ان تتحدث لولا ان لمحت الصغيره تقف على اعتاب غرفتها تنظر لخديجه ببراءه وأعين ناعسه، فاشارت برأسها لابنتها، التفت خديجه للصغيرة ثم قالت وهى تحاول مسح تلك القطرات من على وجنيتها : مالك يا ايلين، ايه صحاكي!.
اقتربت منها الصغيره وهى تفرك عيناها قائله : سمعت صوتك عالي اوي، فقومت من النوم.
حملتها خديجه ثم اجلستها على ساقيها قائله : مش هاتسلمى على تيته.
مدت الصغيره يديها ببراءه ل منى : اهلًا يا تيته.
اقتربت منى من يديها ثم انحنت قليلا وقامت بطبع قبله فوق كفها : اهلًا بحبيبتي.
ابتسمت الصغيره، ثم حولت بصرها لخديجه فرأت تلك القطرات مازالت متعلقه بجفنيها، قطبت حاجبيها ثم وجههت حديثها لمنى : هو انتى ليه يا تيته كل ما تيجي، لازم تخلي مامي خديجه تعيط.
رفعت بصرها ترمقها باندهاش عقب جملتها، فهى بالفعل كل مره تأتى الى شقه ابنتها، تغادر وخديجه تبكي، متى لاحظت تلك الصغيرة كل هذا، شعرت خديجه بتوتر والدتها فقالت بسرعه لتغيير مجرى الحديث : تشربي ايه يا ماما؟!
نهضت منى من جلستها وهى تقول : تسلمي يا بنتي  انا لازم اروح علشان اخواتك، فكري هاتعملي ايه واستخيري ربنا.
تقلصت ملامحها وظهرت عليها علامات الضيق : فكرت كتير لدرجه ان مروحتش الشغل انهارده، بس مقدميش حل الا اني امسك في شغلي بايدي وسناني..
اقتربت منها ثم قامت بضمها بكل قوتها الى صدرها هامسه في اذنها : خلاص متضيقيش خلقك، واستحملي اي حاجه، وربنا يعمل اللي فيه الخير.
............
وقفت امام المرآه تلقى نظره أخيره على ثيابها
فـ ابتسمت بخجل فاليوم سوف تقابل ذلك العريس المجهول، ارتدت حاجبها ثم خرجت تجلس مع عمها، من القرر وصول ذلك المجهول الساعه التاسعه والان الساعه الثامنه ونص الوقت يمر عليها  كالدهر، بدأت تشعر بالتوتر فهى ولاول مره ستتعرض لتلك المقابله،  فهى تقريبا تذهب الى جامعتها في وقت الامتحانات فقط ، ولا يوجد لديها علاقات الا بعمها وعبده السائق الخاص بها وفتيات الدار التى تقوم بزيارتهم من حين الى أخر ، اما رأفت فكان يراقب عقارب الساعه بتوتر وقلق، وبدأت الاسئله تغزو ذهنه مره اخرى وبقوه، هل سيأتي مالك ؟!، ماذا سيفعل ان بلغه مالك بعدم مقدرته بالموافقه ؟! ، ماهى الخطه البديله لهذه الفكره ؟!
يأخدها معه  إلي الصعيد ولكن ماذا عن امتحانتها والقضيه المكلف بها ، ان استطاعوا الوصول  اليها تجار المخدرات من الممكن ان يقوموا بتهديده وستصبح هى الضحيه!، وفي منتصف ذلك الصراع استفاق على لمسه من يديها الرقيقه وهي تتحدث : ايه يا عمو ايدك بارده ليه هو انت العروسه ولا انا!!.
ابتسم رأفت بهدوء : بتتريقي عليا ياست ندى!.
هزت رأسها بنفي وهى تقول  : ابدا، بس شايفك متوتر!!..
رمقها رأفت بحنان أبوي: كل مافتكر انك ممكن تتجوزي وتبعدي عني ازعل!.
ابتسمت بخجل قائله : احنا فين والجواز فين، احنا لسه يادوب في مرحله التعارف.
قاطع حديثهم رنين جرس الباب، نظر رأفت الى ساعته،: العريس مواعيده مظبوطه بالثانيه!.
ثم اشار اليها على المطبخ : تروحى هناك ومتطلعيش الا لما اجيلك يالا.
امتثلت ندى لامره اما هو فاتجه الى الباب وقلبه يدق بعنف امالاً ان تسير خطته بنجاح، فتح الباب فوجد  مالك يقف امامه يرتدي قميصا من اللون الابيض وبنطلون من خامه الجينز  و بيده باقه ورد و شكولا من النوع الفاخر،  ابتسم رأفت ثم احتضنه: شكرا يا مالك بجد.
ابتسم مالك بهدوء : متعودتش الاقي حد في محنه ومقفش جنبه، مع كامل اعتراضي للطريقه دي!.
لانت ملامح رأفت بعدما أعلن مالك بموافقته  فقال : اعتبرها مهمه ولازم تنجح، المهم الطريقه تعدى على خير، ادخل.
دلف مالك ثم جلس حينما أشار له رأفت، اما رأفت فانحنى بجذعه العلوى هامسًا: هاروح اناديها زي ما تفقنا قبل كده، حاول متكسرش بخاطرها في يوم زي ده.
غادر رأفت  يناديها، اما مالك فهمس لنفسه متعجبًا : مين هايكسر بخاطر مين!.
دلفت ندى وكانت ترتدي ثياب مكونه من بنطلون جينز وبلوزه سوده مائله للمناسبات وعليها حجاب من اللون النبيتي وحذاء ذو كعب عالى من نفس لون الحجاب ، رمقها مالك بنظره سريعه من اخمص قدميها وصولًا الى وجهها، والى هنا ولم يستطيع ابعاد عيناه عن ملامحها الرقيقه ، بيضاء وعيانها باللون العسلي الصافي، انفها اليوناني الدقيق و المناسب بشده لملامحها الطفوليه، ووجهها صافي وهادئ وخالي من اي مساحيق تجميليه، رقيقه تلفت نظر أي شخص، وبدء يسأل نفسه متعجبًا  كيف لهذه الجميله ان تظل هكذا من دون احد بحياتها الا يوجد أحد في محيط حياتها  يعجب بها  او هى تعجب بأحد، هل قلبها صافي مثل صفاء وجهها الذي يجذب الناظرين اليها !!، كان في بدايه الامر مجرد سؤال ولكن وجد نفسه يغوص في بحر من الاسئله ويتعلق ذهنه بها حتى في حضرتها ، نهر نفسه بقوه وتذكر مهمته، وما اتى به الى هنا!!.
اما هى فجلست  بخجل بجانب عمها، فقطع رأفت ذلك الصمت متحدثًا : اقدملك المقدم مالك الفيومي، من اكفأ الظباط عندنا في الاداره على مستوى المهنى وعلى الشخصي كمان، انا بعزه جدا..
رفعت عينيها ترمقه وتلقى عليه التحيه، فاتضح اليها طوله حتى وهو جالس، وسيم لدرجه يمكنه ان يصبح رجل مافيا او نجم سينمائى حتما ستقع الفتيات في حبه من النظره الاولى، بدايه من شعره ولونه المزيج بين العسلي والاسود، ذلك الشارب المناسب للوجهه واعطاه هيبه ووقار ووسامه فوق وسامته وعيناه التى تشبه لون عيناها، فهذا هو القاسم المشترك بينهم، اما بشرته  فكانت حنطيه، من المقابله الاولي شعرت بانه قد جذبها وجعل ذلك العضو الذي يقع في الجهه اليسرى يدق بقوة ..حاولت ان تقوم بتهدئه نفسها و ان تتحكم في انفاعلاتها التي سوف تفضحها ....
استفاقت على حديث رافت  الذي اربكها بالتأكيد: ندى انا هاسيبك مع مالك تتكلموا شويه ووتتعرفوا على بعض.
ماذا .... ماذا حدث جعله يتحدث هكذا؟!، بهذه السرعه يجلسون معًا ووحدهم ، شعرت انها تائهه حاولت تستنجد بعمها بعينها ولكنه تركها وغادر ، عادت  بسرعه  تخفض بصرها  ارضًاوبدأت بهز ساقيها بتوتر!!، أحس مالك بها، ولعن تلك اللحظه اللي وافق فيها على  هذه الجريمه!، الى هذا الحد تصل به الوقاحه و يظلم فتاه وهو لديه شقيقتان لما يقوم باذيه نفسه  وقبل ذلك اذيتها هيا .. حاول ان يتخطى تفكيره التى في الاونه الاخيره حتما سيقتله،وتحدث : ازيك يا انسه ندى!.
رفعت عيناها تنظر اليه بخجل : الحمد لله!.
خرج صوتها ضعيف ومهزوز...
تحدث مالك وكانه شخص آلى يقوم بالقاء حديثه دفعه واحده دون شعور او احساس : طبعا عمك قالك ان شوفتك قبل كده وعجبتني فقولت اجاي اتقدم!.
أحست ندى بالجموديه بحديثه، لم تشعر حتى بشعور بالاعجاب منه فقالت : اه.
رمقها باستفهام : اه ايه؟!، موافقه نتجوز!.
كان يقصد بحديثه بالغاء فتره الخطوبه، ويعجل من زواجهم، معتقدًا انه بتفكيره هذا انها لن تتعلق به بسرعه!.
رمقته بتعجب ثم قالت باستنكار : جواز على طول!!، مش لما نتعرف على بعض الاول، وبعدها نقرر خطوبه ولا لأ.
التزم الصمت لفتره قصيره حتى يستطيع ان يفكر بأمر الخطوبه التى ستوقعه بمشاكل واكاذيب كثيره، وبعدما لاحظ نظراتها فتحدث بضيق حاول ان يخفيه : احنا نتعرف في خطوبه وياريت متكونش طويله!.
عقدت حاجبيها بتفكير، حديثها كان واضح وصريح،قالت فتره تعارف ثم خطبه ثم زواج، لما تعدى هو فتره التعارف وقرر انها ستكون خطبه!!، ولما يتحدث معاها كانها عسكري لديه، قررت ان توضح وجهه نظرها اكثر لعله يتفهمها اكثر من ذلك فقالت : هو انا معرفش انت مين، ولا اهلك فين، ولا اي حاجه علشان ياعني نتخطب!.
التزم الصمت امامها ولكنه همس لنفسه بضيق : جينا للغلط وبدايه الكدب.
لاحظت صمته فرمقته باستفهام، تحدث  : بصي انا وحيد ومش ليا الا جدتي  وخالي عايشه في الامارات، وبتنزل كل فين وفين، فاعتبريني وحيد وعايش لوحدي فعاوز اتجوز بسرعه واقرب وقت، انا زهقت من الوحده اللي انا فيها.
شعرت بالشفقه عليه لانه تقريبا  يمر بنفس حالتها فمن الاكيد والده ووالدته متوفيين مثلها، هما الاثنين يمرون بذات القصه، ستعطى لنفسها فرصه التقرب منه، ومعا يقوموا بتعويض ذلك النقص لديهما،  فابتسمت بحزن وقررت ان تنهى حده التوتر بينهم وتتحدث باريحيه : وانا كمان مش ليا الا عمي وبس.
بادلها تلك الابتسامه ولكن المختلف هنا انه حزين على ما وصل اليه من كذب فقال : ربنا يخلهولك، بصي بحكم ان ظابط فانا راجل دوغري، بقول المفيد، انا حاليًا فكرت في الارتباط والجواز، وشوفتك و عجبتيني فقررت اتقدم رسمي ويبقى كله في النور واتجوز، وبعدين ياعني مش حاجه غريبه اللي بطلبه!.
هزت رأسها بخجل : طيب ناخد فتره نتعرف على بعض!.
مالك بحسم : فتره دي هانعتبرها خطوبه علشان اقدر اجاي ونخرج مثلًا علشان عمك وكده!.
مطت شفتيها باستسلام ، اما هو فكان منشغلًا بسب  نفسه على ما يتفوه به، ما هذا الهراء!!..
اما رأفت فكان منشغلا في المطبخ بالحديث مع  سمير في الهاتف:
_ ها ياعني مش سامع حاجه!.
نهره رأفت بحده خفيفه : انت اتجننت ياسمير هاقف واتصنت، مش كفايه اتهببت ومشيت وراك، انا اصلا مش عارف ايه اللي بهببه ده، والله حاسس ان قليت في نظر مالك.
_ مش احسن لما نهله تعرف مكانها، المهم قضيتك تخلص على خير ونهله تسكت، وانت اطلب نقل..
قاطعه رأفت  : لأ انا هاستقيل نهائي واخدها واسافر  كندا، هى نفسها تسافرها، هاقضي اللي باقيلي من عمري معاها..
_ انت حر في قرارك يا صديقي!.
اخرج تنهيده قويه من صدره ثم هتف : يالا هاقفل واروح اشوفهم.
أغلق رأفت الاتصال ثم ذهب اليهم فوجد ندى مبتسمه وتتحدث باريحيه مع مالك، أحس قليلا ان الامور بدأت تسير كما خطط له هو سمير ...
....
بأحد النوادي..

قلوب مقيدة بالعشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن