١٢

89.2K 3.5K 149
                                    

الفصل الثاني عشر.

دلفت للبناية ثم رفعت نظارتها الشمسية وتحدثت للحارس : استاذ فارس موجود فوق؟
هتف الحارس : اه يا هانم، مين حضرتك؟!.
ماجى : انا والدة صديقه، باين عليك جديد.
الحارس : اه متعين من تلات شهور،نورتي ياهانم، هاطلب لحضرتك الاسانسير...
دلفت للاسانسير وشكرته، وصلت الطابق الذي يسكن به فارس لاحظت باب شقته مفتوحًا على مصرعيه، دلفت ببطء وهي تناديه : فارس، فارس، سايب باب شقتك مفتوح ليه كده.
جعدت جبينها وهي تبحث بعيناها عليه في ارجاء الشقة : فارس، باين عليه مش موجود.
جلست فوق اقرب مقعد بجوار باب الشقة، وقررت انتظاره نظرت لارجاء الشقة بتعجب وخاصة باب شقته المفتوح بهذه الطريقة هامسة : في حد يسيب باب شقته مفتوح كده ويمشي!!، خليني قاعدة لغاية ما يجي.
......
بينما في الاعلى استطاع مالك أخيراً فك حصار خديجة من يد والدها الغليظة وهو يقول : ابعد يا راجل انت.
تنفس والدها بغضب قائلاً : بقولك سيبني اخد بنتي وامشي.
تلقاتها ندى باحضانها فـ شعرت برجفتها القوية، ربتت على ظهرها بحنان قائلة : متخفيش.
هتف فارس موجهاً حديثه لـ علي : بنتك بتصوت وبترتعش ومش عاوزه تيجي معاك، ايه هي بالعافية .
هز علي رأسه بجنون قائلاً : اه بالعافية لما تكون ماشية على حل شعرها يبقى اخدها بالغصب.
زفر مالك بعنف ليقول : اما انت راجل مش محترم بصحيح، اللي بتتكلم عليها دي تبقى بنتك.
وجهه فارس حديثه لخديجة مستفسراً : فين جوزك يا مدام خديجة؟!.
همت بالتحدث ولكن سبقها والدها مصفقاً بيده قائلاً بسخرية : هايكون فين، اكيد اخد غرضه ورماكي يا كلبة .
شهقة قوية صدرت من ندى بعد حديث والد خديجة الوقح، تحول وجهه مالك للون الاحمر من حديث ذلك الرجل، فانقض عليه يمسكه من تلابيب قميصه الازرق قائلاً بغضب : واقسم بالله لو مسكتش لاقتلك وانت واقف، في حد بيتكلم عن بنته كده يا راجل انت، والله اسجنك ودلوقتي.
_ اه يا باشا فيه، حضرته عادي يتهم بنته باوهام لمجرد انها اتجوزت ابن خالتها وتحامت فيه من ظلم ابوها.
وما كان هذا الا صوت عمار الذي كان يقف بشموخ على اعتاب الشقة يرمق بقوة والد خديجة ، حاول علي الانقضاض عليه ولكن يد مالك وجسده منعوه من ان يتخطى خطوة واحدة ..
عمار باستهجان : ايه عاوز تضربني ولا تقتلني اتفضل مش هامنعك.
همست خديجة بضعف : عمار لو سمحت.
نهرها عمار بصوته الحاد : عمار ايه وزفت ايه، انا سبتك بس علشان اشتري طلبات، ارجع الاقيه عاوز ياخدك ويتهمك بكلام قذر، انتي اللي مانعني عنه على فكرة.
رفع علي يديه قائلاً بشر : لا وعلى ايه يا عمار ، انت جاي تمثل دور البرئ عليها، بس انا بقى هالعب نفس لعبتك وبقولك ياخديجة انتي حرة في قرارك وفي اللي هايعملوه هو فيكي.
اتجه صوب باب الشقة وقبل ان يغادر رمق خديجة وعمار بشر متوعداً لهم بـ اشد انواع العذاب..
وفور مغادرته ارتمت بجسدها فوق الاريكة تبكي بانيهار، مسدت ندى على يد خديجة قائلة بنبرة حزينة : معلش، اهدي انتي بس.
انتبهت على يد مالك وهي تحاوطها هامساً لها : يالا جوزها موجود مبقاش له لزمة نقعد هنا.
هزت ندى رأسها بايجاب ثم انحنت بجذعها العلوي وهمست باذنها قبل ان تطبع قبلة اعلى رأسها : هابقى اطمن عليكي بعدين.
اعتدلت في وقفتها ثم غادرت الشقة مع زوجها وفارس، شكرهم عمار وعبر عن امتنانه لما فعلوه مع زوجته وفور اغلاقه للباب ، التفت فارس لمالك قائلاً بتعجب : عمري ما شوفت في حياتي أب كده ، يا ساتر، دي كانت بترتعش منه من الخوف .
هتف مالك بضيق : والله ثانية كمان وكنت هاخده القسم، ده راجل...
قطع حديثه فارس وهو يشير بعيناه على ندى، فالتفت مالك لها وجدها تمسح بعض القطرات المتعلقة بجفنيها وظهر تورد انفها فقطب جبينه بقلق : مالك ياندى؟!
همست بنبرة حزينة يتخللها شهقات من البكاء : مفيش...
واندفعت صوب باب شقتها تدلف سريعاً وتختبئ باحدى الغرف تبكي بانهيار..
رمقه مالك باستفهام قائلاً : هو انا عملت حاجة يا فارس؟!.
هز رأسه نافياً وهو يقول بتفكير : علمياً انت معملتش اي حاجة، عملياً فانت وقعتك سودة ومهببة علشان الستات دول نكديين.
ضربه مالك بقوة في ذراعه قائلاً : ده وقته هزارك يا بارد.
ضغط فارس على زر المصعد قائلًا بلامبالاة :ياعم سيبك، يالا ننزل واطقطقلك رقبتك.
راقب لوحة الشاشة الإلكترونية التي يظهر عليها ارقام الطوابق باهتمام، انتظر رد مالك ولكن لا فائدة فالتفت قائلاً بتعجب : مالك مسهم على شقتك كده ليه!.
مالك وهو يدلف لشقته : انزل انت، هاشوف ندى الاول وبعدين انزلك.
اغلق الباب في وجهه تزامناً مع وصول المصعد، فاستقله فارس وهو يقول بسخرية مقلدًا صديقه : هاشوف ندى الاول، ابقى خليها تتطقطقلك هي رقبتك، عيل بارد قفل في وشي الباب.
وصل الى شقته ودلف وهو يلعن والد خديجة وخديجة ومالك ايضاً افسدوا عليه اهم طقس من طقوسه الصباحي الا وهو كوب القهوة الساخن..
_ انت كنت فين يا فارس؟!.
انتفض للخلف برعب قائلاً : اوبااا، طنط ماجي !؟.
ماجى بتعجب : اه طنط ماجى اللي جت ولقت باب شقتك مفتوح وحضرتك مش موجود.
أشار الى الاعلى قائلاً بتوتر : اصل يعني، كنت فوق علشان جارتي كان عندها مشكلة فطلعت جري على الصريخ.
ماجي بقلق : وهي كويسة يابني؟!
هز رأسه ليقول بنفس التوتر بصوته : اه الحمد لله، خير يا طنط حضرتك جاية ليه؟!.
عقدت حاجبيها قائلة باستنكار : جايه ليه !، دي مقابلتك ليا.
نهض فارس قائلاً بأسف : معلش بقى اصل اتخضيت لما لقيتك موجودة ، ثواني نعمل فنجانين قهوة ونيجي نتكلم.
جلست باريحية ثم قالت : ماشي متتأخرش.
دلف الى مطبخه ثم اخرج هاتفهه بتوتر قائلاً برجاء : يارب متنزلش يا مالك، يارب الحق اتصل بيك!..
............
بشقة مالك
جلس بجانبها فوق حافة الفراش، قائلا بقلق : هو انا عملت حاجة ضايقتك.
هزت رأسها بنفي وهي تضع وجهها بكلتا يداها، اكتفت بتلك الحركة ولم تتفوه بأي حديث، مد يديه ثم ازاح حجابها بعيداً عن رأسها، فتناثرت خصلات شعرها على وجهها، حاول ابعاده عن وجهها وهو يهمس : ندى في ايه قلقتيني.
لم تصدر عنها اي أجابة ، فابعد يديها بقوة عنها ثم مد اطراف اصابعه يرفع وجهها وهو يقول : في ايه، ليه العياط ده كله.
هتفت بضعف وحزن : علشان الدنيا دي مش مريحة حد، انا اهو يتيمة الاب وبتعذب نفسيا بسبب كده، وخديجة دي اهو عندها اب ومينفعش يتقال عليه اب، انا زعلانة عليها وعليا.
زم شفتاه بضيق ليقول بهدوء : ربنا مبيعملش حاجة وحشة في حد، افتكري كده كويس.
هزت رأسها باستسلام وهي تمسح دموعها بكف يديها كالاطفال : صح، بس ربنا يهديه، لان حرام اي بنت بتشوف ابوها سند ليها، وخديجة دي حسيت انها معندهاش سند زي.
اقترب منها بوجهه قائلاً بعتاب : ايه ده يعني انا مش سند.
سكتت ولم تتحدث، فعاد هو حديثه ولم يتخلى عن العتاب به : يعني انا مش سند.
عادت دموعها تأخذ مجراها فوق صفحات وجهها قائلة : مبحبش اتعلق بحد بسرعة ، علشان متكسرش بعد كده.
مسح دموعها برقة ، ليقول وهو يحتضنها بقوة : كده انتي بتزعليني على فكرة .
استكانت داخل أحضانه وأغلقت عيناها تستمع بذلك الدفئ الذي شعرت به بنبرة صوته، اما هو فـ لوهلة نسي اتفاق رأفت وسبب زواجه بها، تجرأت وتحدثت بما تشعر به، فقالت بخجل : يعني انت هاتوعدني ان عمرك ما تسيبني ابداً.
رفعت وجهها ترمقه بأمل، وقبل ان يتحدث كان هاتفهه يصدح بالنغمة المخصصة له وكأنه ينقذه من قطع وعداً أخر مخالف تماماً مع وعده السابق...
_ ايوه يا فارس.
فارس : امك تحت اوعى تنزل..
انتفض من جانبها واقفاً هاتفاً بصدمة : ازاي وايه ج...
بتر حديثه عندما وجدها ترمقه باستفهام، فقال فارس على الجهة الاخرى : معرفش متسألنيش، انا دخلت لقيتها.
مالك بتوتر : طيب روح انت يا فارس وابقى طمني.
أغلق الهاتف وهو يقول : اظاهر ان في مشكلة في شغل فارس، المهم مش هانفطر يا ندوش.
انهى كلامه بقبلة خفيفة على وجنيتها.. لاشك تلك هي المرة الاولى التي غنجها بها، شعرت بحلاوة مذاقها وسينفونية نطقها، لابد انها خرجت من اعماق قلبه لتكون بهذه الروعة ، فـ عندما يغنج الرجل امراته سواء منتظرا منها شئ ام لا ، فتأكدوا انها ستخرج افضل ما لديها لتحصل على ذلك الغنج مرة اخرى وتتجرع حلاوة عشقه بهدوء مستمتعة به بسعادة.
........
بشقة خديجة..

قلوب مقيدة بالعشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن