البارت الثامن عشر

267 10 5
                                    


أمسك أدهم بيدها بحنان ، ثم رفع نظراته و أخذ يتأمل ملامحها بدقة
نظرت له جنات بخجل ثم قالت بإرتباك : هل تم الأمر الأن ؟
- نعم ، لقد اصبحت زوجتي بعقد رسمي
ضغط على يدها بقوة مكملا : و لن يستطيع ذلك الحمزة التطاول عليك مرة أخرى
أغمضت جنات عيناها بحزن لذكرى حمزة لكنها تماسكت و أومأت له
- الأن سنمر للفندق و أخذ أغراضي ، لم يعد هناك داعي البقاء بعيدا عن البيت
توترت جنات قليلا ، و حاولت إبعاد يدها من بين يداه لكنه ضغط عليها اكثر محاولا بث الطمأنينة بها .
لتبتسم له بصمت ...

دخل جاسر البيت و هو يلتفت حوله ، فهو لم يدخل له منذ حضور جنات و بقي في منزله القديم ، بينما أستأجر ادهم غرفة في فندق قريب جدا حتى يتركوا لجنات المجال البقاء على راحتها مع الحاجة صفية و نغم
- بني ، أخيرا أتيت يا جاسر لماذا لم تمر ؟
- أردت أن أترك زوجة اخي على راحتها ، و اليوم استدعاني ادهم للغذاء فقد عقدا قرانهما
لتومأ له صفية بصمت
ليكمل : عزيزتي ، ما بك ؟
تنهد صفية قائلة : ألا تعلم بني ، نحن لا نعرف الفتاة التي قرر أخاك الزواج بها ! كما أنها وحيدة من أين أتى بها ؟ و لماذا لقيت عندنا و ماذا تخبئ ورائها أنا لست مطمئنة لأمرها أبدا
ليضحك جاسر : و من كان يضغط على ادهم حتى يتزوج ! ها قد لبى رغبتك كما أن ادهم ليس بالغبي ليقوم بشيء متهور
- لا أعلم بني ، لا أعلم
أنت نعم من ورائها قائلة : الا تزالين تتحدثي عن كنتك المسكينة ! أه كم حظها قليل ، لديها حماة لا تتساهل أبدا
ليضحكا نغم و جاسر عليها بينما تنظر لهما بعتاب و عقلها لا يزال معلقا بإبنها البكري.

دخلت للغرفة ببطء و هي تلتفت حولها ، سمعت صوت المياه تنساب من الحمام لتبتسم بمكر و تركض نحو السرير .
جلست ليزا على السرير و أخذت تهذب شعرها الذهبي المتدلي على كتفها و تضبط قميص النوم بإغراء ...
خرج حمزة من الحمام في تلك الأثناء و هو لا يغطي جسده إلا الجزء السفلي بالفوطة و قطرات الماء لا زالت في خصلات شعرها و صدره العاري
نهضت ليزا من مكانها متجهة له و هي تنظر له بإغراء ، تنهد حمزة بغضب فهو يعرف تلك النظرات و الحركات و الألاعيب لطالما أثرت به و سحبته أكثر ...
لكنه سيطر على أعصابه و رمى الفوطة التي كان يجفف به شعره بغضب و قال : ألم أقل لك أن تنسين هذه الغرفة و تنسين حمزة شخصيا ؟ ألا تفهمين !
ارتعبت اوصالها لكنها ابتلعت ريقها بهدوء و قالت : حبيبي ، حمزة صحيح انا أخطأت كثيرا لكنني أنسان و يخطأ ذلك اليوم
قاطعها قائلا : ليزا ، لا أريد أن أسمع مبررات ، انت أصبحت لا شيء بالنسبة لي ، فور إنجابك للطفل لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى
نظرت له ليزا بإندهاش ثم إنفجرت ضاحكة : هل تظن بهذه السهولة يا سيد حمزة ؟ تسلب مني طفلي و ترميني بهذه السهولة ، و أنا أترك لك طفلي هنا في عالمكم هذا
لتضحك بصوت عالي اكثر وسط نظرات حمزة المستغربة ، رفعت وجهها له بعدها و قالت بحدة : أنظر لي ، هيا أنظر
توتر حمزة و أبعد نظراته عنها لتكمل : هل انا أشبه حبيبتك الغبية تلك في شيء ! هل من الممكن أن أسمح لك أن تتحكم بي مثلها ؟ او اوافق على أوامرك ببساطة
لتقول بهمس : لأنني مغرمة مثلا مثلها
- ابدا حمزة ، بما انك وقعت معي فلن تنفذ بسهولة تذكر هذا جيدا
احمر وجه حمزة من شدة الغضب ، ليصرخ في وجهها مبعدا إياها عنه ثم يفتح خزانته مخرجا معطفا له و وضعه على كتفها
و امسك بيدها بعنف و هو يجرها ورائها خارج الغرفة : هيا ، اخرجي من هنا لا أريد رؤية وجهك
ما أن أقفل الباب حتى رمت معطفه على الباب و صرخت قائلة : جبان

أجتمع الجميع حول طاولة الطعام التي تترأسها صفية و علي يمينها نغم و جاسر بجوار بعضهما و على يسارها ادهم و جنات التي تتسرق لها النظرات ...
ساد الصمت طويلا حتى قطعه أدهم قائلا : غدا سأحضر جنة ، لأعلمها بالوضع الجديد
و التفت لجنات مبتسما فبادلته الإبتسامة ليضع يده على يدها مطمئنا ...
نغم : اخي ، و ماذا عن عملك بالمستشفى ؟
- لقد أخذت إجازة لفترة قصيرة و سأعود قريبا ، و انت لن تذهبي حتى أعود
- لكن
قاطعها قائلا : نغم ، ماذا قلت
- حاضر أخي ، مثلما تريد
أضاف موجها حديثه لنغم : عزيزتي غدا خذي جنات و تسوقا معا فهي لا تعرف المحلات بعد هنا
نغم بمرح : أه ، ممتع و أنا كنت افكر في ذلك
لتوجه كلامها لجنات : سنستمتع كثيرا زوجة اخي
- أكيد عزيزتي
نهضت نغم بعد أن أتمت صحنها قائلة : و الأن ساترككم معا يا عائلتي العزيزة ، لدي معياد مع وسادتي
جاسر و هو يضرب رأسها بخفة : هيا أذهبي أيتها المشاغبة
و أن أختفت نغم عن الانظار حتى قال جاسر : و انا سأذهب لمنزلي ، غدا لدي لقاء صباحي مع عميد الكلية
ادهم : موفق أخي
صفية : إن شاء الله تسير الأمور كما تتمنى بني
قبل جاسر راس والدته قائلا : أن شاء الله فقط أكثري الدعاء يا حجة صفية
- في كل صلاة بني لك و لاخواته قالت جملتها و تربت على يد أدهم و جاسر بحنان
جاسر : و أنت زوجة اخي ، كان الله في عونك
ادهم محذرا : جاسر توقف !!
ضحك ثم قال : تصبحون على خير
ما أن بقي الثلاثة بمفردهم حتى قال ادهم : و انت حجة صفية ما رأيك ؟
صفية : رأيي ؟
ادهم : في كنتك ؟
نظرت لها صفية بتمعن ثم قالت : جميلة ، لكن لنتعرف عليها أولا و اخبرك برأيي
امتعض أدهم بسبب رد والدته لكنها استطردت قائلة : لكن بني لطالما كنت خير إبن و لن أظن انك ستخطىء بإختياراتك بإستثناء تلك ال
قاطعها ادهم : لقد تعبنا كثيرا اليوم أمي ، سنذهب للنوم قبل جبين والدته
ثم إلتفت لجنات : هيا جنات
و امسك بيدها صاعدين لغرفته ...

رمت الغطاء من عليها و جلست في منتصف سريرها ، حملت هاتفها و أخذت تنظر لرقمه بتفكير
لتتصل به دون ان تشعر ، بعد فترة تسلل لمسامعها صوته الرجولي الذي يذبذب كيانها لتغلق الهاتف بدون ان ترد
توترت نغم و نهضت من مكانها لتشرب كوبا من الماء لتسترجع قواها
- ما بك نغم ؟ هل هذه أنت ! لماذا تتصلين به بهذا الوقت ، و لماذا تتوترين بالاصل عندما تسمعين صوته !

رن هاتفها في تلك الأثناء ، لتغلقه مسرعة لكنه رن مرة ثانية و ثالثة لترد متصنعة القوة : أهلا
رفع حمزة حاجبيه بإستغراب و مرح في أن واحد ما أن وصلته كلمتها التي جعلته يميز صوتها فورا رغم أنه لم يسمعه إلا مرات قلائل ...
- الطبيبة المجرمة ، ما الذي يجعلك تتصلين بي في هذا الوقت ؟ ألهذه الدرجة انا رجل لا ينسى !
إبتلعت نغم ريقها بأرتباك ثم قالت متصنعة السخرية من حديثه : أنا ، أنا أتصلت حتى أطمئن أنك شفيت و أنني لم أخذ ذنبك معي
- هاه ، حقا كم أنك طيبة يا دكتورة ! للأمانة الجرح لا زال يألمني لكنك لن تاخذي ثمن ذلك بل أخك ذاك اخبريه أنني ورائه و انني أثق بجنات ثقة كاملة و إلا كنت قتلته في مكانه
حاولت نعم الحديث لكنه قاطعها : اعلم انك انت من تعيشين مع جنات ، و اعلم تربية الحاج فواز و تربيتي جيدا سأتركها تهدأ و أستعيدها
كان سيغلق الخط لكنه همس بإسمها بهدوء لتنتفض نغم و تقول : هاه !
ليقول أخيرا : أهتمي بجنات كثيرا هذه الفترة
غضبت نغم بسبب إستغبائه لها فقالت : لا تخاف ، اخي يهتم بها جيدا ، فمن لا يهتم بزوجته هيا تصبح على خير
و أغلقت الخط في وجهه

...
رأيكم

رواية و ما كنت الا  شفاء لروحيWhere stories live. Discover now