البارت الرابع عشر

416 12 6
                                    

ظل ينظر إليها دون أن ترمش عيناه ، شعرها الأشعت و عيناها التي انمسحت منه الكحل الاسود و لم يبقى إلا أثره ...
أما فستانها الأبيض فقد كان متسخ و بقعة دم تظهر عليه ...
انتفض لذلك المشهد و ركض نحوها بلهفة و قال : جنات ، ما بك ؟ ما الذي حدث لك هيا أخبريني !
التفتت له بجمود ليرى تلك الدموع الذي تجتمع في عيناها
أمسك بيدها و أكمل : جنات ، ما الذي حدث معك ؟ أرجوك لا تسكت هكذا ؟
انفرجت شفتيها و قالت بخفوت : أنا أنا
اغمضت عيناها لتتمالك نفسها و ما ان فتحتهما حتى رات نغم التي تقف خلف أدهم
لتقول : هل من الممكن أن نتحدث على إنفراد دكتور أدهم ؟
أوما لها مسرعا و قال : بالطبع ، تفضلي هيا اجلسي هنا
و قادها لأحد المقاعد في الغرفة
و ما ان رفع رأسه لنغم حتى قالت : سأذهب لأكتشاف المستشفى
و أومات له بتفهم و خرجت من الغرفة
...
جلس أدهم في الكرسي المقابل لها و اخذ ينظر بنظرات متسائلة كأنه ينتظر منها شرحا
لم تنطق بأي حرف ، فنهض من مكانه و احضر لها كوبا من الماء و عاد لجوارها ...
اخذت الكوب من يده بارتجاف و شربته دفعة واحدة
ثم رفعت عيناها له
لتقول : دكتور ادهم ، لقد حضرت حتى أعمل منك حالتي ، أو المرحلة التي وصل لها السرطان
أغمض أدهم عيناه بحزن و تنهد قائلا : إذن علمتي !
- نعم ، الامس
- جنات ، أنظري السرطان كالعدو بالضبط إذا شعر بخوفك و إستسلامك له سينخر بعظامك حتى تختفي و لكن إذا كنت ندا له واجهت ، صمدت ، كسرت القيود التي حولك لن يحدث لك شيئا غير الفوز
ابتسمت له بتهكم : انا لم أتى هنا حتى أسمع محاضرة في العلوم النفسية ، أو كلام لن ينفعني و لن يوقف ذلك الكتلة التي تنهش بي
- جنات
قاطعته : دكتور ، اخبرني بصراحة مدى تطور حالتي
هربت دمعة يتيمة من عيناها و هي تقول : هل يوجد امل ؟
ابتسم لها : بالطبع ، ثقي بي
اومأت له و صمتت
ليقطع صمتها بعد فترة : الن تخبريني ما الذي حدث لك ؟ و ما هذا الجرح الذي بقدمك ؟
التزمت الصمت مرة أخرى
تنهد و امسك بيدها يحاول دعمها لكنها انتزعت يدها منه مسرعة
ليتفهم ذلك : أسف
- إذن ألن تخبريني ؟
نهضت من مكانها و اتجهت نحو الباب دون أن ترد عليه ليلحقها مسرعا
- جنات ، لن أسمح لك ان تخرجي بهذه الحالة انتظري
- و ما بها حالتي ؟
نظر لها بنظرة معبرة : جنات ، أرجوك أخبريني ما الذي حدث معك ؟ أو إلى أين تذهبين الأن ؟
لتجب : لا اعرف
- كيف ؟ كيف لا تعلمين و بيتك ، قصدي ألم تاتي من ذلك البيت ؟
لتنفجر باكية و تقع أرضا فلم تحملها قداميها ، لقد خارت قواها و لا تتحمل كل ما مر في ذلك اليوم العصيب
نزل ادهم على ركبتيه أمامها و قال بهمس : هش ، لا اريدك ان تبكي رجاءا ، هيا أخبريني بكل شيء رجاءا
- لقد ، لقد تركت البيت
- ماذا ؟
- أنا لم اتحمل ، لم اتحمل الكل يشفق علي ، لم اتحمل ان يتخذني حمزة زوجة له فقط بسبب مرضي اللعين هذا
- زواج !
توترت جنات اكثر ، و نهضت مسرعة و حاولت الابتعاد عن ادهم و الخروج لكنه لحقها مسرعا
و ما أن حاولت منعه حتى فقدت وعيها و سقطت أرضا
...
- ليس بالمذهل كما توقعت لكنه جيد
قالت نغم بهمس و هي تتجول بالمستشفى
قاطع شرودها صوت صراخ عالي ، لتقترب مسرعة من الصوت
لتهاجم ذلك السيد الذي يصرخ في وجه إحدى الممرضات : هيه ، يا سيد ما الذي تفعله ألا تخجل من نفسك و انت تتهجم على إمراة ؟
رفع حمزة نظره لها و قال : ابتعدي عن هو وجهي أنت ايضا
التفت مرة اخرى للممرضة و صرخ بوجهها : بما انك لم تريها ، هيا دليني على مكتب ذلك الدكتور الغبي أدهم
- امرك يا سيدي ، اتبعني
- هيه ، دقيقة صرخت نغم
نظر لها حمزة بسخرية و قال : هيه !! ماذا تريد الأنسة يا ترى ؟
استجمعت نغم قوته و رفعت وجهها بكبرياء امامه : السيد ، الدكتور أدهم أخي
اكمل حمزة بسخرية : هاه ، تشرفنا و أنا قلت في نفسي هذه الفتاة تشبه شخصا " رزل " أعرفه
رفعت أصبعه في وجهه قائلة : التزم حدودك
ضم اصبعها بيده و قال : و ماذا اذا لم التزمها ؟
توترت نغم و ابعدت عيناها عنه ، ليستغل ذلك و يبتعد عنها يتبع تلك الممرضة لغرفة أدهم ، و ما أن استوعبت نغم الوضع حتى ركضت ورائهما
وصلا أمام المكتب و اخبرته الممرضة عنه
...
ففتح الباب بقوة تبرز مدى غضبه ، دخل يتفقد المكان لكنه كان شاغرا ...
ليصرخ بقهر : أه يا ربي ليست هنا
ضرب إحدى الكراسي بقدمه فوقع أرضا ليركض له نغم و تقول : توقف عن ذلك ، ما الذي تفعله ؟
- إسمعي أيتها الأنسة ، قولي لأخاك الغبي أنه إذا أتت له جنات أن يعلمني فورا
و وضع بطاقته على المكتب ...
و أكمل : و إلا لن يحدث خيرا أبدا
ليخرج مثلما دخل ...
كالعاصفة ...
حملت نغم البطاقة بين يداها و قرأت الاسم : حمزة الشافعي !
نظرت لسرابه و إلى الفراغ الذي تركه ثم وضعت البطاقة في جيبها
...
ثم حملت هاتفها و قامت بالاتصال بادهم : ادهم ، أين أنت ؟ و اين تلك الفتاة ؟
- انا في المستشفى غرفة رقم 20
لتغلق الهاتف و تتجه له

رواية و ما كنت الا  شفاء لروحيOnde histórias criam vida. Descubra agora