56

802 9 0
                                    

...
أسى الهجران/ الجزء السادس والخمسون
عزبة آل مشعل
الحوار بين ناصر وراكان
ناصر باهتمام: راكان.. موضي من الحين
فيه ناس قاعدين يتكلمون عليها
تكفى تحرك.. لا تضيعها من منك
تيار ما سرى في العضلة الشمالية من قفصه
الصدري
لكنه أنكر هذا التيار وكذبه لأن هذه العضلة
ماتت منذ زمن
ومن المستحيل أن ينبض شيء ميت
لذا رد على ناصر بهدوء: الله يوفقها
ناصر بنبرة غضب: راكان لا تجنني.. وش
الله يوفقها ذي
الله يوفقها معك..
عاجبك حالك ذا.. عمرك الحين 34 وما تبي
تعرس
راكان بهدوء عميق: ناصر خلاص.. ألف
مرة قلت لك هذا مات
)قالها وهو يشير لقلبه( ماعاد ينفع موضي
ولا غيرها
خل موضي تشوف نصيبها
كفاية ما توفقت مع حمد )ناصر لا يعلم
بضرب حمد لها(
خلها تأخذ واحد يعرف قيمتها عدل
ناصر بنبرة غامضة: قول نفس الكلام اللي
قلته يوم خذت حمد
"واحد يعرف قيمتها"
موضي ماحد بيعرف قيمتها غيرك
ما أدري متى تصحى من الغيبوبة اللي أنت
فيها
إذا لقيت إنه فاتك كل فرصة للسعادة في
الدنيا
راكان يسند ظهرة للخلف وتفكيره يذهب
للبعيد:
خلاص يا ناصر السعادة الله إن شاء يكتبها
لنا في الآخرة
لأنه سعادة الدنيا مهيب من نصيبي
********************
غرفة مشاعل
يثقلها التفكير ويمزقها الأسى
بدا لها ناصر الليلة رائعا ومذهلا ومتفهما
في كلامه
)ولكن مايدريني قد تكون هذه مجرد واجهة
منمقة يخفي خلفها حقيقته
ما الذي ينتظرني معه؟؟
ماذا؟؟
أشعر بخجل كاسح من مجرد التفكير برجل
لا أعرفه
يغلق علينا باب وتكون له حقوق علي في
أعمق خصوصياتي الروحية والجسدية
ثم ماذا؟؟
أعلم أني سأتجاوز الخجل يوما.. ولكن بعد
تجاوزه مالذي ينتظرني؟؟
هل أذوب فيه هياما مثل لطيفة ويكون رده
على حبي له برودا وتجاهلا مثل مشعل؟؟
أو هل يضربني مثل حمد وأضطر أن أصبر
عليه مثل موضي حفاظا على الروابط
الأسرية؟؟
هل ستذوي روحي ويُنتهك جسدي في كل
الأحوال؟؟
ما الذي ينتظرني؟؟
ماذا تخبئ لي الحياة مع ناصر؟؟
ماذا تخفي لي؟؟!!(
***************************
غرفة موضي
تبدل ملابسها
تخلع الأصفر المنعش وكأنها تخلع قناع
البهجة الذي تتسربل به أمام الناس
لينهار هذا القناع حالما تخلو إلى نفسها
تنظر في المرآة
علامة واضحة على كتفها من ناحية الصدر
تأبى الانزياح
وشم ماكن كوشم الألم والجرح والمرارة في
روحها
تقترب من المرآة أكثر.. تلمس الأثر بأطراف
أصابعها
أثر عقال حمد الغائر في كتفها.. تتحسسه
ترتعش بعنف
تشعر بألم ما.. ألم غريب غير مفهوم
ليس ألما جسديا
فهذا الأثر ماعاد يثير ألما جسدا.. يثير ألما
أعمق بكثير
يذكرها بكل الذي تحاول نسيانه فلا تستطيع
حياتها البائسة مع حمد
وهي تتحول لمخلوق هلامي بلا كرامة
كرامتها التي بعثرها حمد يمينا ويسارا وهو
يمتهن جسدها وإنسانيتها
وهي صامتة خرساء حفاظا على مشاعر
أهلها
فبماذا خرجت بعد تفضيل الجميع على
نفسها؟؟
تشويه في جسدها
وتشويه أبشع في روحها
)لا ويبوني أتزوج مرة ثانية
وش عندي أقدمه للزوج رقم 1
بقايا امرأة؟؟!!!(
**********************
غرفة لطيفة
لطيفة تقف أمام الباب تشعر بتوجس غير
مفهوم
لِمَ هي خائفة من مقابلته؟؟
استجمعت شجاعتها
ودخلت
ويالا صدمتها!!
كان نائما
شعرت بخيبة أمل حادة غير مفهومة
لأول مرة تحدث.. أن ينام هو قبلها
نظرت لناحية السرير
وابتسمت
)تلاعبني يا مشعل؟!!(
عرفت أنه ليس نائما
فهو كان نائما على جنبه اليسار
وهي تعرف أن مشعل يستحيل أن ينام على
جنبه الأيسر
إنها عشرة 23 عاما
تعرفه وتعرف عاداته أكثر منه حتى
هو لا ينام إلا على جنبه اليمين ووجهه
للقبلة
ابتسمت أكثر
)العب.. ليش لا؟؟
ماني معبرتك
خلك على نومتك(
************************
بيت سعد بن فيصل
غرفة سعد تحديدا
عاد منذ وقت ليجد أبا صبري غاضبا
فهو نسي أخباره إنهم سيتعشى وأولاده
خارجا
أبو صبري يعمل عند سعد منذ وفاة زوجة
سعد..
وسعد يعده هو صاحب البيت وهم ضيوفه
تعرف على أبي صبري قبل سنوات في دورة
عسكرية في القاهرة
وأبو صبري وقتها كان طباخ الثكنة..
بعد سنوات كُسرت قدمه وأحيل للتقاعد
فأرسل لسعد يطلب منه أن يبحث له عن
عمل
وكان ذلك قبل وفاة زوجة سعد بقليل
وانشغاله بمرضها
بعد وفاتها بشهر شعر بحاجته لمن يساعده
أولاده كانوا عند شقيقته وضحى.. ورغم
أنها كانت تصر على العناية بهم
ولكن سعد كان رافضا فكرة إبعاد أولاده عنه
أو أن يربيهم أحد سواه
حينها تذكر أبا صبري
ومن حينها وأبو صبري هو الفرد الرابع في
أسرتهم ومتولي شؤونهم
أبوصبري بغضبه الطريف: والأكل ده أعمل
فيه إيه؟؟ أديه لقطاوة الفريج؟؟
سعد يبتسم: ياحلوها قطاوة الفريج من
ثمك..
أبي أدري أنت من وين تجيب ذا
المصطلحات.. إذا احنا ما نقولها؟؟
أبو صبري بتأفف: آه ياواد يا سعد خدني في
دوكه..
عشان ما أزعلش إنك ما ئلت ليش أنك
هتتعشى برا أنته والمفاعيص عيالك..
سعد يتجاوزه ليصعد لغرفته: السموحة يابو
صبري.. أخر مرة
والعشا حرام لا تكبه.. عطه حد
أبو صبري يعود للمطبخ وهو غاضب:
خلاص مالكش دعوة.. أنا هتصرف
وهأوكلهو لك أنته وجوز الئرود بكرة على
الغداء
عشان تاني مرة تئولي ئبل ما تسيبوني ئاعد
ده كلو أتناكم
سعد كان على أول الدرج انفجر ضاحكا: أما
)أتناكم( ذي منك فلة
بس تكفى دخيلك فكنا في عشاك اللي تبغي
تغدينا منه
عطه حد الليلة وبكرة لا تطبخ أنا عازمك
أنت والعيال نتغدى برا
أبو صبري يبتسم: كده خوش كلام ياواد
ياسعد
وهاهو سعد في غرفته الشاسعة وحيدا
تلتهمه أفكاره
ينظر إلى المكان الخالي جواره
قبل حوالي عامين كان فهد ينام معه أحيانا
لكن فهد الآن أصبح يرى نفسه كبيرا
يريد الاستقلال بغرفته
وأصبح أكثر التصاقا بفيصل
وهكذا هي سنة الحياة
الصغير يكبر ويريد الاستقلال
والمكان الخالي بجوار سعد أصبح خاليا
دائما
)يا ترى ممكن توافق علي؟؟
ياترى بيجي اللي بيونس وحدتي؟؟
يا ترى ممكن ألاقي حد يقصر علي ذا الليالي
الطويلة اللي ماعاد انقضت من طولها؟؟(
)ولو ماوافقت ياسعد؟؟(
انتفض بعنف
)ليش ما توافق؟؟
ليه أنا سيء لدرجة أنها ترفضني(
مطلقا لم يكن سعد ينظر لعماها أنه عيب
فيها
أو يرى نفسه أفضل منها
أو يرى في نفسه فرصة لا ترفض لمن هي
مثلها
بل كان يراها شيئا باهرا يتجاوز أمنياته
لذا كان في غاية الخوف أن ترفضه
كان يتصبر على أمل موجع أنها ستوافق
فمريم منذ لقائه القصير معها
وهي تمكنت من روحه بشكل غريب عاجز
هو عن تفسيره
وكأن روحها المحلقة اقتنصت روحه الهائمة
**********************
غرفة ناصر
صلى قيامه
وتمدد على سريره
ينظر لغرفته التي كانت مستقره لسنوات
بعد أيام سيغادرها
شعور حنين غريب يجتاحه
فهو أنجز بناء قسم خاص له ملاصق لبيتهم
هو شخصيا كان يريد البدء ببناء منزله
مباشرة
فأرضه موجودة.. والخير وافر ولله الحمد
ولكن مريم كانت من أصرت عليه أن يبدأ
ببناء قسم جوارهم
ثم يبني بيته بالاتفاق بينه وبين مشاعل
والحقيقة التي يعلمها تماما والتي لم تشدد
عليها مريم وإن كانت تشير لها من وقت
لآخر
أن مشاعل خجولة جدا
لذا تريدها أن تبقى قريبة منهم
لا تريدها أن تشعر برعب وجودها معه في
بيت منعزل لوحدهما منذ البداية
)الله يعيني على ذا الخجل
اللي الكل يحذرني منه
أنا من يوم شفتها وأنا أعد الأيام والليالي
اللي بتصير فيها خلاص حلالي
بس ماعليه اللي صبرني ذا الشهور كلها
يصبرني لين تتعود علي(
#أنفاس_قطر#

اسى الهجران Where stories live. Discover now