37

786 8 0
                                    

أسى الهجران/ الجزء السابع والثلاثون
واشنطن
الساعة 2 وربع صباحا
شقة مشعل
سعيد يقول لمشعل بتوتر: أنا كنت أكلم هلي
قبل ساعة..
والوالدة قالت لي إن أختك تطلقت.. لا
تستعجل وتعصب علي
خلني أكمل
أنا ما أبي حد يسبقني لأنه واجد يبون آل
مشعل يكونون خوال عيالهم..
أنت عارف أن ذا الفصل آخر فصل لي
وراجع عقب شهرين للدوحة نهائي
بتكون هي خلصت عدتها....
تزوجوني؟؟؟
مشعل تنهد بعمق ثم قال بهدوء: بس أختي
اللي تقصد أكبر منك بشهور
) )سعيد طالب ماجستير في آواخر ال 10
سعيد تشجع أكثر: لو هي أكبر مني بسنين
بعد أبيها
وأشلون والفرق شهور بس
أنا أشتري نسبكم
مشعل بهدوء: ماتشوف إنك مستعجل
أختي توها تطلقت من شهر وباقي لها
شهرين
إذا رجعت الدوحة يصير خير
سعيد برجاء حاد: أنا دريت إنها تطلقت
نهائي
يعني دام رجّالها مهوب مرجعها
أتمنى إني أكون المقدم على أي حد
مشعل بحرج: أنا ما أقدر أوعدك.. لأنه إحنا
مانقدر نجبرها على شيء
سعيد برجاء عميق: تكفى مشعل أنا شاري
نسبكم وأبيك أنت تصير خال عيالي
والله العظيم أن أحطها في عيوني وفوق
رأسي
ما أبي منك وعد.. أبي بس أحط عندك خبر
أني أبيها قبل ماحد يتكلم عليها
أنا أبي نسبكم من زمان
بس كنت عارف إن خواتك كلهم اللي
متزوجة واللي متملكة
ويمكن الله كاتب أختك ذي من نصيبي
***********************
غرفة لطيفة
حوالي الساعة 21 ونصف رن هاتف لطيفة
الذي لم يفارق يدها من قلقها
ردت فورا بلهفة رغم أنها حاولت تغليفها
بالبرود لكنها فشلت:
مشعل عسى ماشر.. وش فيك تأخرت؟؟
مشعل بتعب: لطيفة وسعي درب لراكان
بيجيبني لغرفتي الحين
لطيفة برعب: مشعل اشفيك؟؟
كان راكان هو من رد عليها وهو يقول
بمرح:
يا أم محمد وسعوا لي درب.. رجالش الدب
كسر كتفي
لطيفة ارتعبت وهي تلبس بسرعة عباءة
مغلقة فوق بيجامتها
وترتدي شيلتها ونقابها بسرعة
وقتها كان راكان وصل لباب غرفتهما وهي
تفتح الباب
ويدخل وهو يسند مشعل
شعرت لطيفة بريقها يجف وقلبها ينزل في
قدميها
ولكنها اعتصمت بقوتها الظاهرية وهي
تفسح لراكان الطريق
حتى أوصله راكان للسرير
حينها رأت ظهر مشعل
وكادت تنهار.. وهي ترى ثوبه ممزقا من
الخلف وملطخ بالدم
وخلف تمزيقات الثوب يظهر الكثير من
طيات الشاش الأبيض
لطيفة حاولت أن تسأل راكان بهدوء
مصطنع: وش فيه أبو محمد..؟؟
راكان وهو يمدد مشعل على بطنه: الحمدلله
على سلامته يا أم محمد
رجالش قطوة بسبع أرواح.. الليلة كان
يعاين مشروع وطاح خشب من فوق عليه
بس الحمدلله مالمس إلا طرف ظهره وهو
نازل
تسلخ شوي.. بس الحمدلله إنها جات على
كذا
راكان مد كيس كان في يده: هذي غياراته
والمطهر
لأنه احتمال يحتاج تغيير الشاش في الليل لو
نزفت جروحه
لو ما أحتاج.. بكرة الصبح أنا بأجيه أوديه
يغيرون عليه
لطيفة كانت تسمع كلمة .. وكلمة تعجز عن
استيعابها
فبالها كله كان مع مشعل الذي لا ترى سوى
ظهره
ولم ينطق بكلمة منذ وصوله
استاذن راكان وغادر
لطيفة بقيت لدقيقة واقفة عاجزة عن احتمال
انفعالها
ثم ابتلعت ريقها: الحمد لله على سلامتك يا
مشعل
ما تشوف شر..
صوته الهادئ جاءها مكتوما قليلا لأن وجهه
ناحية المخدة: الشر مايجيش.. بسيطة يا أم
محمد
أصلا حتى روحة المستشفى مالها داعي
بس راكان لزم..
لطيفة خلعت عباءتها ثم اقتربت منه
وهمست: مشعل خلني أبدل لك ملابسك
مشعل بهدوءه المعتاد: لا..تعبان أبي أنام..
عادي أنام هنا الليلة؟؟ أو أقوم لفراشي؟؟
)تدري إنك سخيف وبارد وماعندك
مشاعر!!( ولكنها ردت عليه:
أكيد تقدر تنام.. وأنا قريبة منك إذا بغيت
شيء نادني..
مشعل نام بعد دقائق من شدة تعبه
ولكن لطيفة لم تستطع النوم وهي تتمدد
على الأريكة وتطل عليه كل 0 دقائق
حينما أصبحت الساعة الثانية والنصف بدأ
مشعل يئن بشكل مؤلم
لطيفة انتفضت بعنف وهي تقفز وتتوجه له
***********************
واشنطن
المقهى
الساعة 2 ونصف صباحا
ابتسم جو لبكينام ابتسامة لم تخلُ من
سخرية: آنسة باكي هنا في اللهجة
الأمريكية حتى الجامعة تُسمى مدرسة
وبما أنك طالبة ماجستير.. وأنا طالب
دكتوراة.. فربما كنتِ أنتِ من تحتاجين
مساعدة؟؟
وقتها كانت باكينام تشرب من كأس الماء
الذي صبه جو لها
شرقت وكحت وكلماتها تخرج متناثرة من
الحرج
وهي تشعر أنها خُدعت واُستهين بذكائها
وأنها بدت بمنظر الغبية
الأمر الذي أغضبها كثيراً : دك ت و ر اة؟؟
جو ارتعب وهو يميل عليها ويحاول أن
يمسح وجهها بالمناديل الورقية
ويقول بقلق: سلامتك..سلامتك.. خدي
نفس.. خدي نفس
)كان يقولها باللهجة المصرية القاهرية
الصميمة(
حينها قفزت باكينام وهي تقول بغضب كاسح
باللهجة المصرية:
ومصري كمان؟!!
لكده وكفايه.. يعني كل ده بتستغفلني..
بتستغفلني..
واسمك جو كمان والا دي استغفلتني فيها
كمان
جو بحرج حاول تغليفه بالثقة: اسمي
يوسف..
وانتي عارفة انه يوسف بنقول له جوزيف
جو..
وبعدين أنا لا استغفلتك ولا حاجة.. أنتي اللي
كدبتي الكدبه وصدقتيها
وكل مائلت لك نتئابل اشرح لك.. انتي
بتتهربي..
باكينام لم ترد عليه ووجهها يحمر من
الحرج والغضب وتغادر بسرعة
وتنسى دفترها على الطاولة
الدفتر الذي تناوله يوسف وهو يشعر بالألم
من الموقف غير المتوقع
*************************
شقة مشعل بن عبدالله
الساعة 2 ونصف بعد مغادرة سعيد
وخطبته الغريبة التي أثارت حرج مشعل
واستغرابه
عاد ليطل على هيا التي كانت نهضت من
نومها واغتسلت وبدلت ملابسها
وهاهي تمشط شعرها أمام المرآة
كانت تمشطه وهي واقفة حتى تستطيع
التحكم فيه
مشعل بهدوء: خلاص سعيد راح
هيا بنفس هدوءه: غريبة جاي هالحزة؟؟
مشعل ابتسم: جاي يخطب موضي
ابتسمت هيا: ماشاء الله عليها موضي..
مابعد خلصت العدة ويجيها خطّاب
لهالدرجة مزيونة؟؟
ضحك مشعل: موضي أملح خواتي.. ولطيفة
أحلاهم.. ومشاعل أرقهم
ضحكت هيا: يعني لكل وحدة ميزة
ابتسم مشعل: تقدرين تقولين كذا!! ولا
تنسين ريم فديتها أشطنهم..
وقتها هيا كانت أنهت تمشيط شعرها وتريد
رفعه..
فوجئت بمشعل يقترب منها يمسك بيدها اللي
كانت تلف شعرها
ويقول بنبرة خاصة: خليه
ارتعشت هيا بعنف.. وهي تشعر بملمس يده
على معصمها كسعير نار لاهبة
كان بود هيا أن تسأله )وليش أخليه؟( لكنها
شعرت أن ريقها جاف جدا
والكلمات تقف في بلعومها
أعاد مشعل كلمته وهو يفلت يدها ويقول
بذات النبرة الخاصة: خليه
ليش دايما رافعته؟؟
أنهى جملته وخرج لأنه شعر أن طاقة تحمله
على وشك الانهيار النهائي
فهو مهما يكن رجل.. وهي زوجته وأمامه
وهذا الشعر وهذه الرقة يفتنانه حتى الثمالة
خرج
ليترك هيا مبعثرة المشاعر خلفه!!
**********************
عودة لغرفة لطيفة
الساعة 1 ونصف قبل الفجر
لطيفة قفزت وهي تسمع مشعل يئن بألم
اقتربت منه وهي تشعل الأباجورة جواره
لترتعب من مظهر ظهره
فالشاش غارق بالدم
لطيفة جلست جواره وهي تهزه بلطف
وتهمس بحنان: مشعل مشعل
مشعل رد عليها بهدوء وهو يحاول أن يكتم
إحساسه بالألم ويلتفت ناحيتها: نعم لطيفة
لطيفة برعب: لا تتحرك خلك على بطنك..
ثم أكملت بانفعال: الشاش غرقان دم.. خلني
أغيره..
مشعل برفض: لا لطيفة لا..
لطيفة باستغراب عميق وألم أعمق: ليش
مشعل؟ لهالدرجة ما تبيني أقرب منك؟؟
مشعل بهدوء: لطيفة الله يهداش أنتي وين
راحت أفكارش
أنا حانّش بس.. )حانش = رأفة بكِ (
لطيفة باستغراب: تحني من ويش؟؟ كله
شوي شاش بأغيره عقب ما انظف الجرح
مشعل بذات هدوءه وهو متمدد على بطنه:
وبتستحملين منظره.. ترى ظهري كله
منسلخ!!
لطيفة لم ترد عليه وهي تقرب المقص
وتقص ثوبه أولا
ثم تقص الشاش بخفة
وتبدأ بفكه
لتنفجع من شكل التسلخات العميقة النازفة
شعرت أن عبراتها تقفز لبلعومها وعيناها
تمتلئان بالدموع غصبا عنها
بدأت بالتنظيف
شعرت بألم عميق يمزق روحها
لأول مرة تلمس جسده منذ شهرين
ويكون بهذه الحال
يغتالها انفعالها بآلمه.. تكاد تشعر أن
جروحه تنزف في جسدها هي
أنهت التنظيف وهي تعرف أنه يكتم إحساسه
بالألم
شعرت أن شهقاته التي يكتمها كسكاكين
حامية تنغرز في روحها وجسدها
كانت تعرف أنه يتألم كثيرا
كلما مسحت الجروح بالمطهر ارتعش جسده
دون أن يبدي أي صوت
ومع كل ارتعاشة كانت هي تشهق في داخلها
وتبدأ دموعها بالإنهمار
وكأنها تتألم نيابة عنه
ثم بدأت تغطي جروحه بالشاش بعناية
حين أنهت مهتمها كانت قد وصلت قمة
انهيارها العاطفي
لم تعد تحتمل
فمالت على أذنه
وارتعش مشعل وهو يحس بأنفاسها قريبة
منه هذا القرب
همست في أذنه بصوتها الباكي المرتعش:
ليته فيني ولا فيك
ثم نقلت شفتيها لكتفه العاري وهي تقبله
بحنان
ارتعش مشعل في داخله
شعر أن انفعاله أكبر من أي كلمات
همساتها الناعمة في أذنه
ثم ملمس شفتيها العذبتين على كتفه
كان أعذب من كل أحلامه
كان مشعل أشبه كما يكون بصحراء قاحلة
فوجئت بانفتاح السماء عليها بأمطار غزيرة
فتحتاج هذه الصحراء بعض وقت
لامتصاص المياه ولتزهر بعد جدب..
ولكن لطيفة المحرجة كانت تنتظر منه ردة
فعل ما
ردة فعل على مشاعرها ناحيته
مجرد كلمة ما كانت ستكفيها
لكن مشعل مازال انفعاله العميق يهزه..
شعرت لطيفة بألم كبير وهي تشعر بإهانة
حادة قاسية
)للمرة الثانية أكون غبية.. غبية
المفروض أني حفظت درسي من أول مرة
أبعثر مشاعري قدامه
وأنا عارفة إنه مشاعره مع وحدة غيري(
قفزت لطيفة للحمام لتغلق على نفسها
وتنخرط في بكاء حاد
في الوقت الذي التفت فيه مشعل لها ليقول
لها:
لطيفة حبيبتي
ليجد مكانها خاليا..!!
*************************
شقة مشعل بن عبدالله
الساعة 24 إلا ربع صباحا
بعد الموقف بين مشعل وهيا
مشعل خرج للصالة ليشاهد الأخبار في
محاولة للسيطرة على انفعاله
في الوقت الذي كانت فيه هيا تعاني انفعالا
أكبر مازالت في غرفتها
رن جرس الباب
فوجئ مشعل بباكينام عند الباب
ووجهها غارق في الدموع
وهي تقول بحرج وعيناها في الأرض:
دكتور مشعل ممكن أدخل عند هيا..
#أنفاس_قطر#
.
..

اسى الهجران Where stories live. Discover now