2

1.3K 13 0
                                    

أسى الهجران/ الجزء الثاني

#أنفاس_قطر#

في نفس الوقت.. ولكن على بعد آلاف آلاف الكيلومترات
الدوحة.. الوقت بعد المغرب بتوقيتها
بيت عبدالله بن مشعل
غرفة مشاعل ابنته الثالثة تحديدا..

كانت تقف مرتعشة تحتضن نفسها بضعف، وتمنع دموعا وشيكة من الانهمار، اقتربت منها شقيقتها الكبرى ووضعت كفها على كتفها وهي تهمس لها بحنان: مشاعل ياقلبي.. أنا الحين أبي أعرف وش اللي مزعلش في موعد العرس؟؟

ابتعدت مشاعل عن مدى كفها الناعمة الحنونة وهي تقول بغيظ تغرغر بالبكاء: يعني عشانه حماش بتبدينه على أختش؟!!

تراجعت الأخت الكبرى وهي تشهق بعنف: وش ذا الخرابيط اللي أنتي تقولينها؟؟
ثم تماسكت وهي تقول بهدوء: يعني أنتي متملكة صار لش كم شهر، وما أعتقد أن حد جبرش على ناصر، أنتي اللي وافقتي باختيارش.. وماعقب الملكة إلا العرس.. يعني ليش مسوية ذا السالفة كلها؟

مشاعل وهي تمسح دموعها التي انهمرت لتكتسح خديها الحمرواين لسبب هي من يعرفه.. الاحمرار الذي غشا وجهها منذ أخبرتها شقيقتها بموعد زواجها الذي تقرر بعد ثلاثة أشهر في بداية يناير: لطيفة.. أنا ماقلت أني ما أبي ناصر بس عرس بس بدون وجود أخي مشعل مستحيل..

ابتسمت لطيفة لذكر مشعل.. الاسم الذي يدفع أقصى درجات السعادة في قلب أي واحدة منهن: فديت الطاري
ثم أكملت بجدية: يعني السالفة كذا بس؟؟ ناصر ماحدد الموعد إلا عقب ما أتفق مع مشعل.. مشعل بيكون هنا من 20/12.. قبل إجازة الكريسمس عندهم.. وبيقعد عندنا أكثر من شهر

لم تحتمل مشاعل بعد ذلك
انهارت باكية بعنف على سريرها وهي تغالب شهقاتها حتى لا يسمع صوت بكائها العالي أحد خارج الحجرة..وخصوصا تلك الصغيرة (وكالة الأنباء) التي لا تفتأ تداهم أي خلوة كشبح لا يُعلم من أي زاوية خرج.. شقيقتهن الصغرى ذات السنوات الإحدى عشرة :ريم

لطيفة صُعقت من بكائها وهي تسرع الخطى لسريرها وتجلس جوارها وهي تمسح على ظهرها برقة وتقول بحنان مختلط بالجدية: مشاعل قوم كلميني، السالفة مهيب موعد عرس وبس.. قومي قولي لي وش فيش؟؟

************************

عودة لجامعة جورج تاون في واشنطن دي سي.. لكن في مكان آخر من أنحاء الجامعة الشاسعة
على كرسي حجري أمام كلية الاقتصاد..

كانت تجلس بهدوء.. تضع كتابها على فخذها وحقيبتها إلى جوارها غير مبالية بنظرات الاستغراب أو حتى الاحتقار لشكلها وللبسها: عباءتها السوداء المغلقة الفضفاضة، حجابها الأسود الذي ينخفض إلى حدود حاجبيها ويرتفع إلى منتصف ذقنها..
كانت ملامحها الرقيقة/الحادة تتمدد بنعومة/بقوة على صفحة وجهها ببشرته الصافية الخالية من أي مساحيق..

قد لا تبدو جميلة لمن يراها لأول مرة دون أن يدقق في ملامحها
ولكن النظرة الثانية ستكشف للرائي حتما سرا ما يختفي خلف هذا الوجه الآسر.. الآسر لسبب مجهول يجعله يتغلغل في عمق روحك ليستولي عليك

اسى الهجران Where stories live. Discover now