الفصل التاسع والأخير

8.1K 237 7
                                    


بدّلت ملابسها لتجلس على السرير بجانب أبنة عمها، بينما تسمع الصغيرة تقول:
"أنا حبيت عمه آدم أوي، ده طيب خالص و فرفوش كمان".
لتبتسم أماني على أخر كلمة، فبالفعل آدم يمتلك شخصية مرحة تجذب الناس حوله.
"هو هيبقى جوزك و هنشوفه بعد كده على طول، صح يا أبلة؟"
انتبهت على سؤال أبنة عمها.
لتأومأ برأسها، و تهمس: "أيوه يا حبيبتي، إن شاء الله".
ثم تدفعها برفق لتستلقي على السرير، بينما تجذب الغطاء نحوهما، و هي تقول:
"و يلا ننام بقى، لاحسن اليوم النهاردة كان متعب أوي".
لتغمض الصغيرة عينيها، و تذهب في أقل من دقيقة في نوم عميق نابع من إرهاق اليوم و وقوفها على قدميها معظمه".
استعدت أماني للنوم هي الأخرى، إلا أن رنين هاتفها منعها من ذلك، فالتقطته بحيرة.
انعقدا حاجبيه و هي ترى أسم آدم يُنير شاشته، ففتحت الخط قائلة بدهشة:
"آدم!"
**********
و على الطرف الأخر
أخذ نفساً قوياً ليدخل الهواء النقي إلى رئتيه، و برودة الليل تلفح صدره العالي، بينما يستند على سياج البلكونة مستمتعاً بهدوء المنطقة، و سماعة هاتفه على أذنيه ينتظر صوتها ليزيد رومانسية الجو.
"قلب آدم".
همس بحالمية فور أن أتاه صوتها.
لتصله نبرتها الحائرة: "هير فيه حاجة؟
بتتصل ليه دلوقتي".
اعتدل في وقفته عابساً بملامحه، قائلاً بتذمر طفولي: "بقى حد يقول لخطيبه، اللي لسه ملبسّه الدبلة من كام ساعة أنت بتتصل ليه!"
لتعض أماني شفتيها بحرج، و تقول بتبرير: "مش قصدي و الله، بس أصل الوقت متأخر، ده غير إننا لسه سايبين بعض من كم ساعة".
ليصلها تحلطمه واضحاً، و تسمعه يقول بنزق: "و هو مش المفروض إن المخطوبين مبيشبعوش من بعض، و شركة الاتصالات بتكسب بالآلاف بسببهم، و بيناموا و بيصحوا على صوت بعض، و لا ده كلام أفلام؟!"
تعالت ضحكاتها و هي تستمع إلى كلماته، كرد الفعل الوحيد الذي تتخذه كلما تحدث إليها، إلا أن هذا الرد يعجبه كثيراً، و تتراقص عليه نبضاته.
"و الله معرفش، أنت أيه رأيك، ده كلام أفلام و لا لاء؟"
فيُفاجئها آدم بطلبه: "قومي ادخلي البلكونة".
لتعقد حاجبيها بدهشة، و تسأله بارتياب: "نعم، أعمل أيه؟"
فيكرر آدم بإصرار: "ادخلي البلكونة بسرعة، دلوقتي يلا".
فارتدت أماني إسدالها على عجل، و خرجت إلى البلكونة كما أمر، و هي تقول ضاحكة:
"أوعى تكون بتعمل زي الأفلام بجد و هلاقيك واقف تحتها".
لتلمع حدقتي آدم بإعجاب للفكرة، و يقول مؤيداً: "بس كده، أنتِ تأمري، من بكرة بالليل هتلاقيني تحت بلكونتك، و لو عايزة أغنيلك كمان أنا معنديش مانع".
تملّكت الحيرة من أماني و هي تستمع إلى كلماته التي تنفي وجوده، فجالت بنظراتها الشارع الخالي إلا من تجمعات بعض الشباب، و عندما تأكدت من عدم وجوده، سألته بارتياب:
"أومال قولتلي اطلع البلكونة ليه؟"
ليبتسم آدم، و يقول: "خدي نفسك عميق".
لتسأله بدهشة: "نعم!"
فيكرر آدم بإصرار: "يا بنتي اسمعي الكلام، هو أنتِ غاوية تتعبيني معاكِ؟"
نفذت أمره بعدم فهم، ليدخل الهواء البارد إلى رئتيها، ثم تقول: "أخدت".
ليغمض عينيه باستمتاع، و يقول بشاعرية: "غمضي بقى عينك، و استمتعي بالجو الجميل ده، و فكري فيا".
لتتوسع حدقتيها بصدمة، و تسأله بعدم تصديق: "أنت بتهزر يا آدم، أنت مخرجني البلكونة دلوقتي علشان كده!"
فيُجيبها ببرود: "أيوه".
جزت على أسنانها عندما لم تجد كلمات مناسبة -تصف غضبها- تقولها له، لتمر لحظات قبل أن تهتف:
"أنت بتهزر و الله، يعني بدل ماتسيبني أنام و ارتاح بعد تعب اليوم كله، مطلعني البلكونة علشان مش عارف أيه!"
فيشعر بالحنق من عدم فهمها له، و يقول بتذمر: "مش عارف أيه!
و الله أنتِ بنت فصيلة، بقولك جو و فكري فيّا و رومانسية و أنتِ كل اللي هامّك النوم!"
لتعبس بملامحها فاقدة صبرها، و تقول بحنق: "أيوه أنا فصيلة و مش بتاعت رومانسية و ميهمنيش غير النوم..
تصبح على خير بقى".
و أغلقت الخط فوراً دون أن تنتظر رده..
لتتجهّم ملامحه، و تتحرك أصابعه تلقائياً مُرسلاً لها رسالة:
"بقى بتقفلي السكة في وشي، ماشي يا أبو الهول..
حسابكِ معايا تقل أوي على فكرة، و حتى الرقابة مش هتقدر تمنعني بعد كده".
وصلتها رسالته التي لا تخلو من وقاحته، فاستلقت على سريرها و الابتسامة تملأ وجهها، و سعادة لم تشعر بها من قبل تحتل قلبها، لتنام و تحلم به.. من بدّل حياتها من الحزن للفرح، و أعطاها أملاً لتحيا كبقيّة الفتيات.
**********
صباح اليوم التالي
سارت أماني و روضة إلى عملهما كعادتهما..
فتأملت روضة صديقتها بحلّتها الجديدة، فلقد تغيّرت أماني، تغيّرت روحاً و ليس مظهراً..
عيناها تلمع بسعادة أزالت جمودها، و التجهَم الذي كان يُميّز ملامحها تحوّل إلى ابتسامة حلوة، و جليد فؤادها ذاب بعشق آدم، فأصبحت لا تكفّ عن المرح و المزاح..
و مع ذلك كان هناك خوف يظهر على فترات في نظراتها يؤثر على هذا التغيير..
فطمأنت روضة نفسها بأن هذا الخوف طبيعي، و أنه سيزول مع الأيام!
**********
و كصديقتها كانت شاردة، إلا أنها كانت شاردة فيه، ذلك الذي اقتحم حياتها دون سابق إنذار، ليُحدث تغيير جذري فيها خلال أيام قليلة.
لتعود و تقكر في حياتهما، و تُرى هل ستستمر سعادتهما أم لا؟
و عند هذا الخاطر تجهّم وجهها بذعر لاحظته روضة، لتسألها بارتياب:
"أيه يا أماني مالكِ؟"
التفتت أماني إلى صديقتها بهدوء لا يوضح اختلاجاتها و خوفها، فمهما قالت لن يفهمها أحد، و سيطمأنوها بكلمات تافهة لا تجدي، فهم لا يعيشون نفس حياتها و لا يفهمون ما تعانيه!
"مفيش حاجة يا حبيبتي".
إلا أن روضة لم تقتنع بكلماتها، فملامحها قد انقلبت فجأة!
"مفيش أيه بس، ده أنتِ فجأة بوزتي (عبستِ بملامحكِ) بعد ما كانت الضحكة مالية وشك".
لترتسم شبه ابتسامة على شفتي أماني، و هي تقول: "متهيألك (تظنين ذلك) بس، مفيش حاجة صدقيني".
ليقطع حوارهما ظهوره أمامهما!
**********
على عكس الأيام السابقة، لم ينتظرها ليطلب ودّها، أو لتسمح له بالجلوس معها لدقائق ليعبر لها عما يشعر به..
بل اليوم هو ينتظرها بصفته خطيبها، يرغب في قضاء بعض الوقت معها قبل الذهاب إلى ناديه، و ما أجمل هذا الإحساس!
رآها تخرج من حارتها الصغيرة برفقة صديقتها، ليقفز من سيارته بحماس، مُسرعاً اتجاههما.
"صباح الخير".
انصدمت روضة و أماني من ظهوره أمامهما، لتبتسم الأخيرة و هي تتذكر الأيام السابقة التي كان يظهر فيها أمامها بنفس الطريقة، و معاملتها له في تلك الفترة.
لاحظ آدم ابتسامتها، ليقول بشك: "أنا عارف أنتِ بتفكري في أيه دلوقتي".
لترفع أماني أحد حاجبيها بتسلية، و قد زال تجهّم ملامحها إثر وجوده، لتسأله بعدم تصديق:
"و الله؟
طب أنا بفكر في أيه؟"
لترتسم ابتسامة واسعة على شفتي آدم، و هو يقول: "نفس اللي بفكر فيه بالظبط".
لتتعالى ضحكاتها، قبل أن تقول باستهزاء: "لا و الله!"
فيميل رأسه للجانب، و يقول ببراءة: "أها و الله".
تأملت روضة مشاكستهما لبعضهما و مزاحهما، لتحمد الله بداخلها على منحه السعادة لصديقة طفولتها.
"أيه يا كابتن، مفيش سلام عليكم و لا ازيك و لا أي حاجة كده..
و لا هو خلاص، اللي لقي أحبابه نسي أصحابه!"
فالتفت إليها آدم بحرج، و هتف باعتذار: "معلش و الله، بس الكلام أخذني معاها..
ازيك عاملة أيه؟"
لتهتف روضة بود: "الحمد لله تمام..
و بعدين متتأسفش و لا حاجة، هو الواحد كده لما بيشوف القمر بينسى نفسه".
قالت جملتها الأخيرة بمرح.
لتتركز نظرات آدم على أماني التي عضّت على شفتيها بخجل من حديث صديقتها، و قال مؤيداً:
"ينسى نفسه بس!
ده ينسى العالم كله".
لتلكز روضة أماني في جانبها، و تقول ممددة حروف كلماتها: "أيوووه يا عممم".
فتزجرها أماني بنظراتها لتكفّ عن مشاكستها، و تقول من بسن أسنانها: "هو أحنا مش هنمشي بقى و لا أيه، أنتِ كده هتتأخري على شغلكِ و المديرة أصلاً مش طايقاكِ اليومين دول".
لتتذكّر روضة موعد عملها و المشاكل التي قد تحدث لها إن تأخرت عدة دقائق، فتقول بهلع: "يا نهار أسود، هي الساعة كام دلوقتي؟"
و ترافقت كلماتها مع إخراجها لهاتفها، لترى الساعة تقترب من الثامنة صباحاً، فتشهق بفزع، و تقول: "يلهوي، ده مش متبقي غير عشر دقايق و هيقفلوا الدفتر، اجري يلا".
فيتدخل آدم بسرعة: "اركبوا معايا و أوصلكم أسهل طيب".
فتؤيد أماني اقتراحه، و تسحب صديقتها إلى سيارة خطيبها.
**********
التفتت إليه بارتياب عندما وجدته يتخذ طريقاً معاكساً لطريق مصنعها، بعد أن أوصلا صديقتها إلى المدرسة التي تعمل فيها، فسألته:
"أنت رايح فين؟
ده مش طريق المصنع!"
فيبتسم آدم، و يقول و عيناه مُركزة على الطريق: "انسي المصنع النهاردة، أنتِ بتاعتي و بس".
لتعقد حاجبيها بحيرة، و تسأله بعدم فهم: "يعني أيه مش فاهمة!"
فيلتفت إليها آدم للحظة، قبل أن تعود نظراته إلى الطريق، و يقول: "يعني أنتِ النهاردة أجازة، هتقضيه معايا و بس".
لتزمّ شفتيها بعدم رضى، فغياب هذا اليوم سيخصم من راتبها و سيؤثر عليها:
"و ده بأمر مين إن شاء الله؟"
فيزفر أنفاسه بأسى منها، و يقول موبخاً: "يا بت بطلي بقى، ده الواحد ما بيصدق يهرب من الشغل، مش يزعل علشان هيغيب..
و بعدين اللي أنا أعرفه يعني إن البنات بيحبوا الحركات دي و المفاجآت و الخروجات، اشمعنى أنتِ بقى اللي كل ماعمل حاجة معاكِ أحس إني بهدلت الدنيا!"
التفتت إليه بجسدها و هي تستمع إلى كلماته، و قد بدأ الشك يتسّرب إلى قلبها، فهو يتحدث عن الأمر بانطلاق غريب، و كأنه جربّ هذه الأشياء من قبل!
و لا تعلم لِمَ هذه الفكرة أحزنتها، مع أنه أيضاً ليس الأول في حياتها!
"خير مالكِ فيه أيه؟"
سألها بارتياب و هو يرى التفاتها له و شرودها فيه..
لتصمت لا تعلم بما تجيبه، هل تسأله عن علاقاته السابقة؟
أم تحتفظ بسؤالها داخلها، ففتح دفاتر الماضي لن يفيد بشئ!
بعد قليل من التفكير فضّلت الأمر الثاني، لتُجيبه:
"أبداً، مفيش حاجة".
إلا أن آدم لم يصدقها، فنظر إليها مضيّقاً عينيه، يسألها بتأكيد: "أكيد مفيش حاجة؟"
لتأومأ برأسها عدة مرات مؤكدة، فيصمت على مضض، فمن الواضح أنها لن تخبره بما يجول في خاطرها!
ليسيطر بعدها الصمت عليهما، حتى صفّ سيارته بجوار عربة فلافل!
"أيه ده، أنت وقفت هنا ليه؟"
سألته بحيرة.
ليهتف مبتسماً: "جعان، مفطرتش، عايز أكل".
فتميل رأسها إلى الجانب بارتياب، غير مصدقة أنه سيأكل من هذه العربة!
"و هتاكل من هنا؟"
ليعقد حاجبيه بحيرة مصطنعة، و يقول بسخرية: "هي مش دي عربية فول؛ و ده فطار الشعب، و لا احنا اتنقلنا لكوكب تاني و لا أيه؟"
و كالعادة، مزاحه يجلب الضحكة إليها، ثم تقول بمرح: "لا اتطمن احنا لسه على الأرض، بس أصلي استغربت إنك هتاكل من هنا".
ليعبس في وجهها دون رد، و يهبط لشراء السندوتشات.
راقبته و هو يتحدث مع صاحب العربة -و الذي تعرّف على هويّته فور أن رآه- بأريحية و يمزح معه كطبيعته، و كأنه ليس لاعباً مشهوراً مستواه الاجتماعي أكبر من هذا البائع بكثير!
ليزاد حبه في قلبها، فيزداد خوفها عليه!
وجدته يعود إلى السيارة، ليفتح بابها، فتتسّلل رائحة السندوتشات الساخنة إلى أنفها، فتنقبض عضلات معدتها بجرع.
أعطاها آدم سندوتشاً ساخناً من الفول، لتلتقطه بسرعة، و تبدأ في التهامه، بينما أصابعها تتحرك لـ (الجزر المخلل) لتلتقط واحدة.
"هو أنتِ مفطرتيش قبل ماتنزلي و لا أيه؟"
سألها بدهشة و هو يراها تأكل بشهيّة.
لتُجيبه بعد أن ابتلعت ما في فمها: "أكلت بس مش كتير، أنا مبعرفش أكل أول لما أصحى".
ليرفع حاجبيه مستنكراً، و يسألها: "أومال في الأيام العادية بتعملي أيه؟"
لتُجييه ببساطة: "عادي".
فقال مستفهماً: "أيوه عادي اللي هو ازاي يعني؟"
فتقول بنفس البساطة: "يعني عادي، باكل لما ارجع البيت".
فتتوسع حدقتيه بغضب، و يُعلق على كلماتها: "و الله!
طيب هنبقى نشوف حل للموضوع ده".
عبست بعدم فهم، إلا أنها لم تعلق على كلماته، و هي تراه يقود السيارة.
"احنا هنروح فين دلوقتي؟"
ليقول بمشاكسة: "هاخدك لمكان يغيّرلك فكرة إني عيّل توتو، علشان أنا ابتديت اتخنق من نظرتكِ ليّا الصراحة".
لتسأله بارتياب: "هتوديني فين؟"
فيُجيبها بغموض: "دلوقتي هتعرفي".
**********
ترجّلت معه من السيارة متسائلة إلى أين سيأخذها!
لتتفاجأ و هو يسحبها إلى داخل حارة صغيرة تماثل حارتها الشعبية!
"أيه ده؟"
همست بصوت لم يسمعه إثر انشغاله بتحيّة بعض الناس، لتزمّ شفتيها بعدم فهم.
دقائق مرت و هي يحيّي هنا و هناك، حتى التفت إليها أخيراً، قائلاً بابتسامة واسعة:
"دي بقى ياستي الحارة اللي أنا اتولدت و اتربيت و عشت عمري كله تقريباً فيها".
ظهرت الصدمة على ملامحها بينما تلتفت حولها متأملة الحارة التي لا تختلف عن الحارة التي نشأت فيها، فهي أيضاً ذات بيوت قديمة متراصة بجانب بعضها، سيداتها يطلّون من الشرفة يتبادلون الأحاديث، و في منتصفها قهوة يجلس عليها الكثير من الرجال، إلى جانب بعض الباعة المتجولين هنا و هناك..
عادت بنظراتها المذهولة لآدم، لتتسع ابتسامته، و يسحبها و هو يقول:
"تعالي بقى أوريكِ بيتي".
استسلمت له و الصدمة مازالت ظاهرة على ملامحها، ليدخلا بيتاً قديماً بدرجات ضيّقة مُكسّرة، صعدا إلى الدور الأول، ليتركها مُخرجاً مفاتيحه من جيب سرواله، ثم يفتح إحدى الشقق وسط دهشتها!
دخل آدم شقته القديمة و فتح الضوء لتُنار الشقة، ثم اتجه إلى البلكونة ليفتحها..
عاد للداخل، ليجد أماني مازالت عند الباب، فيسألها بحيرة:
"أيه واقفة عندك ليه؟، ماتدخلي".
إلا أنها لم تتحرك من مكانها، و مازالت غير مصدقة لما يحدث، فعندما أخبرها أنه مثله مثلها تماماً، و مستواهما الإجتماعي يكاد يكون واحداً لم تصدقه، و اعتقدت أنه قال ذلك سابقاً حتى لا ترفضه!
عندما فقد آدم الأمل من تحركها، خرج دافعاً إياها للداخل، ثم اتجه إلى الشقة المقابلة ليطرق على بابها!
لتلفت إليه أماني و دهشتها من أفعاله تزداد!
لتزول هذه الدهشة سريعاً و هي ترى والدته تخرج من الشقة المقابلة و تتقدّم إليها.
فحاولت التخلصّ من الذهول المُسيطر عليها، و ابتسمت ايتسامة واسعة و هي تستقبلها..
حيّتها والدة آدم بجمود، فهي حتى الآن لا تتقبّلها كزوجة لأبنها، و تقضي طوال الوقت خائفة من حدوث أي مكروه له!
"ازيك يا طنط؟"
سألت أماني حماتها عن أحوالها بود لم يؤثر في الأخيرة، حيثُ قالت من دون نفس:
"الحمد لله، ازيك أنتِ؟"
و تحركت بعدها في شقتها تاركة أماني خلفها..
لتتطّلع حولها بعدم ارتياح.. باحثة عن آدم.
فتهاجمه بالقول عندما ظهر أمامها:
"كنت فين؟"
أدرك من عبوس ملامحها أن هناك شيئاً قد حدث، فليست هذه الفتاة التي كانت متجمدة في مكانها مصدومة منذ دقائق!
"كنت بسلم على جاري..
خير هو حصل حاجة و لا أيه؟"
لم تشأ أن تخبره بمعاملة والدته الفظة معها حتى لا يضيق صدره، فأجابته:
"مفيش حاجة، بس استغربت لما لقيتك اختفيت فجأة".
و لم يكن هو غبياً ليصدقها، و استشعر أن هناك ما حدث لها مع والدته، خاصة و الأخيرة شبه مُختفية!
لكنه فضّل تأجيل الحديث في الموضوع لنهاية اليوم.
"أنا هنا اهوه هروح فين يعني؟
مقولتليش أيه رأيك في الشقة، صدقتي دلوقتي إني مش عيّل توتو؟"
لتعود ابتسامتها الحلوة إلى وجهها مُثيرة ارتياحه، بينما تسأله: "أنا نفسي اعرف أيه عيّل توتو اللي أنت ماسكلي فيها دي؟"
ليقول ببساطة: "هو صلاح عبد الله قالها كده".
فتضحك محركة رأسها بيأس، قبل أن تقول: "طب مش يلا نمشي بقى".
و بطلبها تأكد أن هناك ما حدث، فقال: "يلا، منمشيش ليه يعني؟"
ثم تحرك من أمامها متجهاً إلى الداخل، و هو يقول: "بس استني دقيقة أشوف ماما هتمشي معانا و لا لاء".
انتظرته على باب الشقة، لتمسحها نظراتها مرة أخرى بعدم تصديق، أخرجها منه بكلماته:
"ماما هتستنى بابا علشان هييجي يسلم على الناس هنا..
يلا احنا".
فخرجا سوياً، لا تعلم إلى أين سيأخذها و ما يحضّره لها من مفاجآت!
**********
التفتت حولها تتأمل النادي من الداخل، مبهورة بمظهره و ما فيه، و الذي لم تراه أبداً في حياتها.
"اهوه أنا بقضي معظم وقتي هنا، يعني تعملي حسابكِ إن شاء الله لما نتجوز ليل نهار هنكون هنا".
انتبهت إلى كلماته، لتنظر إليه قائلة: "بس أنا مبحبش اخرج كتير، بحب أقعد في البيت".
ليعض على شفتيه السفلى بإعجاب، و يقول بوقاحة: "تصدقي فكرة حلوة أوي، أصلاً مين هيبقى فاضي بعد الجواز علشان يخرج!"
توردت وجنتيها منتبهة إلى ماقالته و وصله بشكل خاطئ، لتهتف بخجل: "أنا مش قصدي كده".
ليتقدم بجزعه مستنداً على الطاولة بذراعيه، و يقول و عيناه تأسر عينيها: "أومال قصدك أيه؟"
لترتبك من نظراته التي تأكلها، فتبعد مقلتيها عنه، و هي تقول بتوتر:
"و لا حاجة".
فيسألها بإصرار.. مستمتعاً بخجلها: "لا و لا حاجة ازاي، وضحيلي..
و لا تحبي أنا اللي أوضحلك؟"
لتغمض عينيها بإحراج، و تُسارع بالقول بنفي: "لاء لاء متوضحش حاجة".
فيضحك باستمتاع، و يقول محاولاً إقناعها: "ليه بس، ده أنا حتى شاطر أوي في الشرح..
و لا العملي بقى، يا سلام عليّا أستاذ فيه".
وصلت حرارتها من جرأته لأقصاها، فنهضت بتوتر، و قالت بتلعثم:
"ما تقوم نتمشى شوية".
ليرحم خجلها و توترها، و ينهض آخذاً إياها في جولة في النادي.
**********
في نهاية اليوم
استندت على ظهر مقعد السيارة مغمضة عينيها بتعب..
ليتأملها آدم عن قرب مبتسماً.. فرِحاً لأنه استطاع إسعادها.
رمشت بعينيها بكسل، و قالت بخمول: "أنت بجد مجنون، أنا لغاية دلوقتي مش مصدقة إني روحت معاك الملاهي!"
لتتعالى ضحكات آدم و هو يتذكر خوفها و صراخها عندما قامت بتجربة بعض الألعاب، فزجرته بنظراتها مدركة أنه يضحك عليها، فهو لم يكفّ عن ذلك منذ أن خرجا!
فقالت متذمرة: "ممكن تبطل ضحك بقى؟"
فيهز آدم رأسه بقلة حيلة، و يقول بضحكة: "مش قادر، منظرك ساعتها كان فظيع".
و قلدها: "آدددم نززززلني..
هنقع يا آدم هنقع".
لتزمّ شفتيها بحنق، و تقول بتذمر طفولي: "أنت رخم".
لتزداد ضحكته على كلمتها، فتعتدل قائلة بضيق: "روّحني يلا".
لتخفت ضحكاته تدريجياً، و يُهادنها: "لا خلاص بطلت ضحك".
ثم تتحول ملامحه إلى الجدية، و يقول بنبرة أثارت حيرتها: "و بعدين لسه فيه كم موضوع عايزين نتكلم فيهم كده".
أثارت كلماته انتباهها، فرمقته بتركيز، و سألته: "خير فيه أيه؟"
لم يعلم بم يبدأ، فكل موضوع لديه أهم من الأخر..
ليقرر البدء بأكثر موضوع يثير ضيقه: "بصي أنا مش عايزك تتضايقي من ماما لو عملت أي حركة معجبتكيش، هي طيبة و الله بس".
لتقاطعه قبل أن يتابع حديثه: "أنت قولتلها عني أيه؟"
أطرق رأسه بضيق، و قال بأسف: "كل حاجة، مكنش ينفع أخبي يا أماني، كان ممكن تسمع كلمة كده و لا كده في.. ".
لتعود و تقاطعه مرة أخرى: "هوووس، أنا مش بحاسبك لأنك قولت حاجة، بالعكس لو كنت خبيت عليها كنت هحس إني عاملة حاجة غلط طول الوقت و هعيش و أنا مش مستريّحة..
و اتطمن أنا مش متضايقة أبداً من مامتك، بالعكس أنا مقدّرة جداً خوفها عليك و رغبتها في حمايتك من أي حاجة ممكن تأذيك".
ليُسارع بالقو: "بس أنتِ عمرك ما هتأذيني يا أماني".
لترمقه بمقلتين تقصّان حكايات من الحزن، و تسأله بشك: "أنت متأكد من كده؟"
لينتقل إلى الموضوع الأخر الذي كان يرغب في الحديث معها فيه منذ حفل خطوبتهما، فيهز رأسه مؤكداً، و يقول: "طبعاً متأكد، و بعدين كل حاجة قضاء و قدر، أنا لو مُت دلوقتي هموت علشان ربنا عايز كده، مش علشان أنتِ دخلتي حياتي..
أنتِ مش هتغيّري مصير الناس يا أماني، و مش هتقدري تدخلي في قدرنا و تموتينا أو تأذينا على كيفك، كل ده في علم الغيب، و محدش فينا ليه قدرة على تغييره..
و المفروض أنتِ مؤمنة و عارفة ده كويس".
لتلتفت متأملة الشارع الهادئ نسبياً من شباك السيارة، و تقول و الدموع تلمع في عينيها: "و الله أنا مؤمنة و عارفة كل ده كويس، بس اللي مش بيحصل معايا ده مش طبيعي".
لتصلها كلماته: "لا طبيعي، و بعدين مش ربنا بيسبب الأسباب؟
لما بقعد و بفكر أيه الحكمة في كل اللي حصلك ده، بلاقي إن لولاه أنا و أنتِ مكناش اتقابلنا و بقينا سوا..
و أكيد أنتِ لو فكرتي هتلاقي حكمة تانية من اللي بيحصلك..
و فيه حكمة هو وحده اللي عارفها..
ربنا مبيعملش غير اللي فيه خير لينا، صح و لا أيه؟"
أومأت دون رد، مستغفرة بداخلها عن أي وقت اعترضت فيه على قدر الله دون قصد منها..
ليسألها آدم بشك: "عارفة لو كنتِ مدوّرة وشك عني علشان تعيطي أنا هعمل فيكِ أيه؟"
لترتسم شبه ابتسامة على شفتيها و هي تعود بنظراتها إليه، قائلة: "لا ابداً أنا مبعيطش".
إلا أن الدموع التي كانت تلمع في عينيها كانت تنفي ذلك، و لكنه فضّل الصمت و عدم الضغط عليها أكثر.
فانتقل إلى اخر موضوع يريد التحدث معها فيه، فقال بحماس ظهر واضحاً في نبرته:
"طيب أخر حاجة بقى، تحبي فرحنا يكون امتى؟"
لتردد خلفه بخفوت: "فرحنا؟"
"أها طبعاً، أومال احنا هنفضل مخطوبين على طول و لا أيه؟"
سألها رافعاً حاجبيه.
لتشرد في الحلم الذي على وشك التحقيق، أن تكون زوجة و ربما.. أم، و مع شخص ملك قلبها في أيام معدودة..
هل يُعقل؟
ليقترح آدم بعد أن لاحظ صمتها: "بصي أنا بفكر نخليه بعد كاس العالم، لو أخدوني يعني..
علشان لو مأخدونيش هاخدك و نقعد نعيط قدام معسكر المنتخب يمكن اصعب عليهم".
و أرفق كلماته الأخيرة بضحكة متوترة.
لتسأله بفضول: "هو المفروض كاس العالم ده امتى؟"
ليهتف: "هااانت خلاص، كلها كم يوم و يعلنوا عن القايمة اللي هتلعب المباراة الوديّة، و لو كنت منهم فاحتمال كبير العب في الكاس إن شاء الله".
عبست بملامحها بعدم فهم، ليتذكّر انها حديثة العهد بعالم كرة القدم، و لا تفهم الكثير فيه، فيقول موضحاً:
"بصي، مباراة ودية يعني أممم، حاجة كده مش على حاجة، يعني و لا عليها نقاط و لا فلوس و لا أي حاجة، تقدري تقولي كده تدريب، و اللي هيلاقوه كويس فيه و يقتنعوا بيه هما اللي هياخدوه".
"شكلك نفسك تلعب في الكاس أوي".
سألته بعد أن رأت حماسه في الحديث.
ليقول باستنكار: "نفسي بس!
ده حلم حياتي، ادعيلي بس إنه يتحقق".
فتدعو بصدق: "ربنا يحققلك كل أحلامك و يحفظك من كل شر".
"يعني خلاص، نخلي الفرح بعد الكاس إن شاء الله؟"
لتبتسم بخجل، و تأومأ موافقة.
**********
يوم الأم
"حاضر ياللي بتخبط، أيه هو أنا قاعدة ورا الباب!"
تذمرت والدة آدم و هي تتجه لتفتح للطارق على باب منزلها.
فتتفاجأ بوجود أماني أمامها، لتنقلب ملامحها، و تقول بوجوم: "أماني!
ازيك؟"
فرقعت أماني اصابعها بتوتر، بينما تنظر إلى حماتها، لتهمس: "الحمد لله، ازي حضرتك يا طنط؟"
"الحمد لله تمام".
و صمتت للحظة، قبل أن تدعوها بدون نفس: "اتفضلي ادخلي".
لتدخل أماني بخجل، و تتأمل المنزل الذي دخلته منذ أسبوعين عندما دعاها والد آدم على الغذاء..
لتجلس على الأريكة التي تتوسّط الصالة، قبل أن تقول بحرج: "هو أنا جيت في وقت مش مناسب و لا حاجة؟"
لتلوي والدة آدم شفتيها، و تقول: "لا ازاي، أنتِ تيجي في أي وقت".
و صمتت بعدها، مستندة بذراعها على ذراع الكرسي، منتظرة أن تفصح أماني عن سبب زيارتها..
لتأخذ أماني نفساً قوياً، آملة أن يكون اليوم بداية لكسب قلب والدة خطيبها.
"خير هو فيه حاجة؟"
سألتها والدة آدم بفظاظة بعد أن طال صمتها.
لتتنحنح أماني، و تقول بخفوت: "أنا ماما اتوفت و أنا صغيرة أوي، كان عمري ساعتها تقريباً عشر سنين، و من ساعتها عمري ماقولت الكلمة دي لحد، و لا حسيت بحنان الأم اللي الكل بيتكلم عنه، لدرجة إني لما بشوف روضة في حضن ملمتها، او بتجري تشتكيلها عن أي مشكلة بتحصل معاها كنت بسأل نفسي، يا ترى هي بتحس بأيه؟
و بترتاح لما بتترمي في حضن مامتها زي ما الكل بيقول و لا لاء؟"
تساقطت دموعها و هي تتحدث عن أكثر ما يؤلم قلبها، لتتأثر والدة آدم بحديثها، و يؤلمها قلبها على الفتاة.
لتمسح أماني دموعها، و هي تقول: "كان يوم واحد و عشرين مارس ده من أسوأ أيام حياتي، لأني بحس فيه إني وحيدة و ماليش حد..
لغاية لما آدم دخل حياتي، و شوفت حضرتك..
قولت يمكن أخيراً ربنا هيرزقني بأم، و هلاقي حد ممكن يخاف عليّا و يعوضني عن الحنان اللي انحرمت منه، زي ما آدم في أيام قليلة قدر يعوضني عن كل معاناتي".
لتترك لدموعها حرية الهبوط بعد أن فشلت في إيقافها، بينما اعتدلت والدة آدم في جلستها متأملة الفتاة بحزن.
لتتابع أماني: "أنا عارفة إن حضرتك مش عايزاني، و إنك خايفة على آدم مني، و أنا مقدرة ده و الله، بس أنا".
و صمتت لتتعالى شهقاتها، فتتغلب عاطفة والدة آدم الأمومية، و تنهض لتجلس بجوار أماني، و تسحبها إلى أحضانها مهداة إياها، ثم تقول بمرح:
"و هخاف على آدم منك ليه يعني، هو أنتِ بتعضي و لا أيه؟"
لترفع أماني نظراتها إليها، و تقول بأسى: "علشان أنا نحس، و كل اللي بيقرب مني..".
لتقاطعها والدة آدم: "متقوليش كده يا بنتي، كل حاجة قضاء و قدر، و احنا منقدرش نعترض على حكم ربنا..
و ربنا يحفظ آدم و يحميه من كل شر".
لتنهي كلماتها زافرة أنفاسها بقوة.
لتسألها اماني بشك: "حضرتك متأكدة، أنتِ لو عايزاني أسيبه و الله أنا ممكن.. أعملها علشان خاطر حضرتك".
و خرجت جملتها الأخيرة خافتة، و قلبها يتلوى وجعاً و اعتراضاً على ما تفعله.
لتتنهد والدة آدم، محاولة الإقتناع بما قاله لها زوجها من قبل، و مذكّرة نفسها بحب آدم للفتاة و تحطمّه في حالة إن تركته..
و يصرخ قلبها شفقة على أماني و ما تعانيه، و ما هي مستعدة لفعله من أجل آدم، فتقول باستسلام:
"تسيبيه أيه بس، ربنا ما يجيب الفراق بينكم و يحفظكم يارب".
و خرجت دعوتها راجية.. مستجدية.
لترمقها أماني ببراءة، و تسألها: "يعني أنتِ موافقة على وجودي في حياته؟
أنا مش عايزة مشاكل تحصله مع حضرتك بسببي".
فتربت والدة آدم على وجنة أماني، و تقول بابتسامة: "مفيش مشاكل إن شاء الله..
و بعدين أنا لو مكنتش راضية بيكِ مكنتش وافقت من الأول، و لا أيه؟"
فتبتسم أماني باتساع و سعادتها قد اكتملت اخيرة..
لتخرج حقيبة بلاستيكية بداخلها عباءة، و تقول:
"طيب يعني ممكن حضرتك تقبلي مني الهدية البسيطة دي بقى؟"
لتتفحصّ والدة آدم العباءة بإعجاب، قبل أن تنتبه إلى كلماتها، فتقول بحنان: "لا حضرتك أيه بقى، هو أنا مش زي ماما و لا أيه؟"
فتعود دموع أماني للهبوط، و لكن هذه المرة من الفرحة، فتهز رأسها بسعادة، و تقول: "طبعاً طبعاً".
ثم تضمها بقوة، مُستشعرة حنان ذاقته لسنوات قليلة من عمرها و نسته بمرور الأيام..
و يصل آدم و والده إلى المنزل في هذه اللحظة، فيتأملا منظرهما براحة، و يربّت جاسم على كتف آدم بسعادة.
**********
يوم المباراة الوديّة
في منزل روضة
جلست أماني مع صديقتها و عائلتها لتشاهد المباراة برفقتهم، داعية من كل قلبها أن يؤدي آدم فيها جيداً، و يكون ممن سيسافرون للعب في كأس العالم..
و على خلاف المرة السابقة، شاهدت المباراة بتركيز دون أن تتحدث مع صديقتها، فلم يضطر زياد إلى تحذيرهما كل دقيقة، و استمتع بمشاهدة المباراة.
اتسعت ايتسامتها تدريجياً و هي تشاهد براعة آدم و مهاراته، متفائلة لأخذه إلى كأس العالم.
تعالت الصيحات في الشقة الصغيرة كلما أخذ آدم الكرة، بسبب الهجمات الخطيرة التي يصنعها، فيقول زياد بحماس.
"و الله المدرب يبقى غبي لو مأخدهوش بعد ده كله".
فتعلق والدته باستنكار: "مياخدهوش ازاي يعني، ده هو الوحيد اللي بيلعب!"
و كاد والده أن يعلق هو الأخر، إلا أنه صمت و هو يشاهد لاعباً يتدخّل مع آدم بقوة، فيسقط الأخير على الأرض متأملاً، لتخرج من زياد شتيمة بذيئة إثر انفعاله، بينما أماني تضع يدها على قلبها المقبوض بخوف!
"ربنا يستر و ميكونش رباط صليبي، لأن الوجع اللي ظاهر على آدم و طريقة مسكته لرجله تخوّف الصراحة".
رمقت أماني المحيطين بها بعدم فهم بعد أن استمعت لكلمات المعلق، منتظرة منهم أن يوضحوا لها ما يحدث..
إلا أن الجميع صمت مترقبّاً، ليظهر الأسى على وجوههم و آدم يخرج من الملعب محمّلاً على العربة..
و من الواضح أن حديث المعلق صحيحاً!

و كان القدر (كاملة)Where stories live. Discover now