المقدمة

15.5K 369 8
                                    

مواعيد النشر ان شاء الله هتبقى أيام السبت و الاثنين و الاربعاء في نفس الموعد ده

مش تنسوا الفوت و الكومنت 😅😅😅

استندت على سياج الباخرة بظهرها، بينما تحدق في الجميع أمامها..
أناس من مختلف البلاد، بمختلف الجنسيات و اللهجات، و لكنهم يندمجون سوياً بطريقة غريبة أثارت دهشتها، يتعاملون بأريحية و يتمازحون و كأنهم يعرفون بعضهم منذ زمن..
ربما هي دمائهم العربية المشتركة التي تجعلهم في هذا التآلف!
ابتسمت ساخرة، فمكانها ليس بينهم، و لم تكن لتكون على هذه الباخرة لولا إصرار صديقتها و زوجها!
و لازالت حتى الآن تستغرب من هذا الأمر، فمن المفترض أنهما عروسان سيقضيان شهر عسلهما..
فماذا تفعل هي بينهما؟
لكنها في نفس الوقت شاكرة لهما، فلقد كانت في حاجة إلى الابتعاد حتى تستعيد.. برودها!
واجهتها الباردة، بملامحها اللامبالية الجامدة -والتي انصهرت فور أن اقتحم حياتها- لابد من استعادتهما قبل أن تواجه المجتمع مرة أخرى!
التفتت بجسدها لتواجه أمواج البحر المتلاطمة..
مَن قال أن البحر غدار؟!
بالعكس هو أفضل صديق قد تحصل عليه..
صديق يستمع إلى شكواك دون أن يُقاطعك أو يُعاتبك..
صديق يشاركك أحزانك بثوران أمواجه، فتشعر أنك لست وحيداً..
و هي في هذه اللحظة تحتاجه بشدة، تحتاج أن تبثه شكواها، أن تُخرج ما يعتمل في صدرها، أن تشعر أن هناك مَن يُشاركها حزنها!
"أنت عارف أنا الناس بتسميني أيه؟
بتسميني وش نحس".
ضحكة متألمة انفلتت من بين شفتيها، لتسيطر على ألمها، و تُتابع هامسة إلى البحر:
"أها و الله زي ما بقولك كده، بيسموني وش نحس..
ده مش بس كده، دول بيخافوا مني، بيخافوا يقربوا مني لاحسن يحصلهم حاجة..
بيخافوا يصاحبوني فيخسروا نفسهم".
لتتنهد بقوة، مُتغلبة على الألم الذي ينهش قلبها، و تقول بسخرية:
"طب أنت عارف إني ماليش غير صديقة واحدة بس، هي اللي جابتني على الباخرة دي أصلاً..
مع إني مش عارفة ازاي هي معايا كده عادي من غير ما تخاف، المفروض كانت هربت مني من زمان، بس يمكن هي زي ما بتقول، عندها مناعة مني!"
ثم شردت بذاكرتها لأول مرة أُطلق عليها هذا اللقب..
كانت عندما توفى والداها في حادث كانت هي الناجية الوحيدة منه!
لا بل عندما انتقلت للعيش في بيت عمها، فأُصيب الرجل بحادث أدى إلى جلوسه على كرسي متحرك!
أيضاً لا، كان ذلك عندما توفى زوجها!
و لا هذا أيضاً، بل كانت عندما أُصيب خطيبها في حادث، أدى إلى ذهابه في غيبوبة لم يستيقظ منها حتى الآن، و الله وحده أعلم متى سيستيقظ!
احتارت حقاً في أول مرة أُطلق فيها عليها (نذير الشؤم) ليُصبح هذا اللقب ملازماً لها..
و لكن ما الفائدة من تساؤلاتها طالما في الأخير كل مَن تقترب منه يُصاب بأذى؟!
عادت تهمس إلى البحر:
"هو واحد بس مصدقش كلام الناس عليا، كان بيقولي كل حاجة قضاء و قدر، و إني مينفعش اعترض على أمر ربنا، حررني من كل الوساوس اللي كانت مسيطرة عليا، و خلاني أبادله حبه..
عارف كان مصيره ايه؟
دموع سقطت على وجنتيها، و هي تتذكر مَن استسلمت له و منحته قلبها كما أراد..
شهقات تعالت تُعبر عن مدى الألم الذي تشعر به، ألم قاسي يحتل كامل قلبها، حِمل ثقيل على صدرها، لا تستطيع التنفس بسببه.
"انصاب في واحدة من أهم المباريات في حياته، و كان احتمال كبير ميقدرش يلعب كرة تاني، بسببي أنا أنكسر و فقد حلمه..
ياريته كان سمع كلامي، ياريته ما كان قرب وأصر على الجواز مني..
بس أنا الغلطانة، كان لازم أمنعه، مكنش لازم استسلم، كان لازم اصرخ فيه بأعلى صوتي..
أنا بيسموني وش نحس، و قربك مني هيأذيك، فابعد عني و انفد بحياتك".
تعالى صوت بكاءها، فالتفت إليها المحيطين باستغراب، لكنها لم تنتبه لهم، أو لم تبالي بهم!
روحها و ذكرياتها كانوا معه، تتخيل مقدار الألم الذي يشعر به هذه اللحظات، فتسب نفسها ألف مرة!
"أهااا يا آدم، أهااا يا حبيبي".

و كان القدر (كاملة)Kde žijí příběhy. Začni objevovat