|٠١| ضباب وقراصنة أشباح

1.5K 145 21
                                    


••|عالمي كان لوحة بيضاء مثاليّة، وكنتَ أنتَ لطخة ألوان عرضَيّة قد شوّهتْها|••

هل السماء غائمة لأنها تعيسة أم أنها تعيسة لأن السماء غائمة؟
السحب الداكنة التي تحوم في الأفق، أترفض أن تمطر حتى تشجّعها على التماسك قليلا بعد؟
لا زال نهارا، الوقت غير مناسب للانهيار...

كتاب عِلم الطقس كان مفتوحا أمامها وإلى جانبه أوراق الدرس وكراس فارغ الصفحات ما عدا خربشة منظّمة في شكل متاهة لا مدخل ولا مخرج لها. كوب الشاي الدافئ ما زال يبعث بخاره وهاتفها الموصول بسماعات بيضاء يرسل ذبذبات لألحان صاخبة تُحاوِل بها إخراس الأصوات التي تتحاور داخل عقلها.

بدل مُراجعة خواص الطبقات الجويّة فضّلت النظر من النافذة الشبه معتمة بسبب الضباب وتخيّل سيناريوهات مستحيلة الحدوث، كأن تُبحر بين السحاب سفينة أشباح ويخطفها قبطانها ذو الغمازة العميقة كزرقة عينيه بعد تشجيع من البوم المرِح الذي يجلس على كتفه. مغامرة مع قراصنة أشباح هو ما تحتاجه ليسترخي جسدها عقِب يوم متعب من الجامعة وضغوطاتها اللانهائية.

زفرت نفسا طويلا ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة حالِمة، قبطان أحلام يقظتها كان طريفا حقا.

اهتزاز الطاولة العنيف أعادها إلى المكتبة الهادئة المملة ووجّه انتباهها إلى الشاب الذي رمى محفظته بقوة وجلس مقابلا لها. تعابير وجهه عكست براءة زائفة بينما لمعت عيناه بسعادة لأنه أخرجها من فقاعتها أخيرا.

«هل انتهيتِ من بحث السيدة جونغ؟».
سأل بعدما لمح بعضا من محتويات الكتاب الذي كانت تقرأ منه.

لم تُجبه لأنها قد أعادت نظرها إلى النافذة متجاهلة إياه كما تتجاهل كل من حولها؛ لكنه كان عازما على التحدث معها اليوم ولن تصدّه فقاعة اللامبالاة التي تحيط نفسها بها.

مدّ ساقه من تحت الطاولة إلى أن شعر بحذائه يُلامس الخاص بها مُحدِّدا مكانها تقريبًا، ثم وضع رجله على الأخرى وأرجحها حتى ضربها بخفّة. شهق متفاجئا كما لو أن ما فعله كان عن غير قصد وسارع للاعتذار منها.

اكتفت هي بالإيماء له والابتسام بتكلّف كإشارة على أنه لا بأس ثم أخفضت رأسها وحملت قلمها لتعود للدراسة... أو الخربشة بالأحرى.

-الأعاصير تخلق نتيجة تصادم الرياح الباردة والرياح الدافئة... انجذاب الذرات الموجبة والسالبة لبعضها البعض واحتكاكها يؤدي إلى خلق شرارات ضوئية وهي ما ندعوه بالبرق الذي عادة ما يكون مصاحبا بدويّ الرعد-

الببّغاء الأزرق || الدب الشتويّWo Geschichten leben. Entdecke jetzt