18

7.3K 242 15
                                    


_اغتيال _
---------------------------

خيم الحُزن الشديد على المملكة حين علم الجميع بفقدان بصر الحاكم، فقد كان محبوبا من شعب المملكة جراء رفقه وعونه للفقراء وتواضعه معهم...
مر إسبوعًا كاملاً قد تغير فيه حال كثير من الأشياء فقد خرج "تيجان" من أسره بأمر من الملكة "قسمت " رغم إعيائها ورغم حُزنها على إبنها الوحيد.. إلا أن زوجها مازال له محبة خالصة في قلبها...
توقع "تيجان" أن يتولى منصب الحكم بدلا من "تيم" الذي أصبح عاجزاً.. ولكنه وجد من يقف في وجهه بشراسة.. وقد كان "سليمان" ومن معه "رعد" والأدهى أن "فنــار ".. الملكة "فنــار " كانت تدخل في تلك الشؤون بدعم زوجها الملك وتشجيعه..
ولجت إلى الحجرة خاصتهما وراحت تتمهل في خطواتها إلى أن وصلت إلى كُرسيه وانحنت تقول بنبرة حانية:
"مرحباً "
رفع "تيم" رأسه لها وابتسم بودٍ قائلًا برفق:
"مرحباً.. حياتي "
رمقته بنظرة شغوفة لكنها تحمل من العتاب قائلة بتذمرٍ :
"إلى الآن لا أصدق بي.. سيد..."
قاطعها قائلًا :
"ماذا؟ ..... "
"أقصد.. يا.. يا تيم ".
ابتسم لها وربت على وجنتها هامسًا :
"هكذا يا روح تيم "!
ابتسمت بخجل وراحت تشرد في ذلك اليوم.. كم أرعبها في هذه اللحظة.. حينما ركضت إليه في رعب هاتفة بحسرة :
"ماذا... ماذا تقولي سيدي؟؟ "
"لا أرى فنار.. لا أرى "!
راحت تلطم على وجهها بقوة وهي تصرخ بعدم تصديق.. ثم تهتف بفؤادٍ قلق للغاية :
"ماذا يعني.. سيدي انظر إلي.. انظر إلي.. أنت لا تراني الآن!؟ .. إذن ماذا ترى؟؟ "
"أرى ظلام.. لا أرى إلا الظلام "!
"يا الله.. يا الله.. كيف حدث.. لقد كنت ترى منذ ثوانِ فقط.. كيف سيدي كيف "؟؟
"لا أعلم.. لا أعلم "!
انهمرت العبرات فوق خديها بحرقةٍ.. وشعرت بقلبها يكاد ينشطر إلى نصفين.. خيم الحزن عليهما وفارت القهوة على الموقد وكأنها تُعلن النهاية...
لقد وقع الملك في الفخ..
هكذا حدثت نفسها وهي تردد بحزن من بين بكاؤها المرير :
"هذه مكيدة مدبرة سيدي.. اللهم عليك بهم "
أسرعت تمسك وجهه بين كفي يديها ونظرت مباشرة إلى عينيه المفتوحتين قائلة بتوسل:
"سيدي انظر إلي.. ربما أنت تتوهم "!
فقال بهدوءٍ وهو يضع يديه فوق كفي يديها الموضوعتين على خديه:
"كيف أتوهم فنار "؟
راحت تُقبل كل إنشا بوجهه وهي تبكي بشدة.. لا تعلم ماذا تقول وكيف تواسيه الآن وهو قد فقد بصره؟! ..
سمعته يهمس لها برفق:
"ألن تناديني بإسمي حتى بعدما فقدت بصري؟ "
عقدت حاجبيها بدهشة وهي ترد عليه بحزن:
"سيدي ماذا تقول دعنا نفكر ماذا سنفعل.. هذه فاجعة "!
"قولي إسمي.. رجاء فنار أريد أن أسمعه من بين شفتيكِ حبيبتي "
"سيدي... "
"فنار "!
مسحت فنار فوق وجنته الخشنة وهمست بخجل وهي تنظر إلى عمق عينيه:
"تيم "
ابتسم تلقائياً وردد بمشاكسة:
"كرريها فنار "
"سيدي أرجوك ماذا تفعل أنت الآن وقد فقط بصرك.. يا إلهي ماذا أفعل أنا الآن "!
ضاقت عيناه وهو يهمس لها :
"أتحبينني؟ "
مسحت دموعها العالقة فوق وجنتاها وأخبرته دون تردد:
"لم أحبب أحد مثلما أحببتك سيدي.. والآن لقد دبروا لك مكيدة حتى لا ننعم معا.. الله المنتقم "
جذبها إليه بقوة.. ثم مسح على شعرها بهدوءٍ وهو يقول كاتما ضحكاته:
"أريد أن أخبرك سرًا "
"ماذا سيدي؟ ".
اقترب من أذنها وراح يهمس بحذر:
"أنا أراكِ.. ولم أفقد بصري يا فنارتي الصغيرة "..
------------------
عادت من شرودها وهي تتنهد بغيظ بينما يقول "تيم" مبتسما :
"ما بكِ؟  "
"غاضبة منك.. لن أنسى ما فعلته بي.. لقد هبط قلبي بين قدمي "!
"انتهينا يا قهوتي لقد كانت مزحة كي أعرف مدى حبك لي وكيف ستتقبلين الأمر "
"ولكنك فطرت قلبي عليك سيدي "
نظر لها بجمودٍ.. فتراجعت في قولها وهي تتنحنح قائلة:
"تيم "
عاد يضحك من جديد وهو يسألها من بين ضحكاته :
"كيف حال المملكة.. أيتها الملكة؟ "
"بأفضل حال.. ".. ثم تابعت بجدية:
"ولكن متى ستعلن أنك ترى؟ "
"سأخبرك لاحقا ليس قبل أن تعرف أمي حقارة تيجان الذي أخرجته ما إن علمت بعجزي "
أنهى جملته وطغى الحزن على ملامح وجهه وحدق بالفراغ.. لتربت على كتفه قائلة بحنوٍ :
"لا تحزن.. ضحكتك هي سعادتي "
فضحك مقبلا إياها بحبٍ وهو يهمس لها:
"ليس هناك سعادة إلا أنتِ .. يا سمراء "
ضحكت.. ثم سعلت بشدة وهي تضع يدها على فمها.. فيما جذب "تيم" إناء المياه وسقاها منه بحنان.. ثم قال بجدية :
"أنتِ متعبة أم ماذا حبيبتي؟ "
"هذا إرهاق لا تقلق سيدي... آآ أقصد تيم " ..
----------------------------------

"ماذا تريدين مني "؟؟؟
هكذا هتف "تيجان " بزوجته التي جلست على الفراش بإرهاق.. بينما يتابع بصراخ :
"اتركيني وشأني "!
فقالت بصدمة عارمة :
"لقد كنت أموت باليوم مائة مرة أتمنى رؤيتك فقط.. وأنت تعاملني بهذه القسوة؟ "
ثم تابعت بألم:
"كل هذا لأني أريدك جواري.. "
عاد يصيح بها بحدة:
"لست فارغا لأجلس جوارك.. يكفي ما فعله إبنك القذر بي وحمدا لله أنه أخذ جزاؤه وفقد بصره ".
أغرورقت عيناها بالعبرات الساخنة.. ثم هطلت من عينيها وقالت بحزن أليم :
"حسرتاه عليك يا إبني.. لقد ظلمته كثيراً.. تيم لا يستحق هذا ".
"اسمعيني جيداً أنا مللت منكِ.. لا تبكِ عليه ولا تحزني وإلا تركتك هل فهمتِ؟؟ "!
خرج تاركا إياها تبكي بمرارة.. بينما يتقابل مع "بشار" بالخارج وهو يقول بتوعد:
"هناك خطوة واحدة ونصل إلى الحُكم يا بشار "!
"ما هي يا أبي "؟
نظر إليه والشر يتطاير من عينيه القاسيتين.. فيما يقول:
"لابد أن نقتل سليمان... ورعد معا "!
-------------------------------------

"لا تقلقي.. هي بخير "
هكذا قال "سليمان" بهدوءٍ.. بينما قالت "أيريس" بجدية :
"لمَ لم تسمح لي بزيارتها كما كنا نزورها أنا وأمي؟ "
"هذه تعليمات الملك.. لأنها تشارك معي في أعمال المملكة ولا يريد الملك أن يتشوش عقلها الآن.. يريدها متفرغة لهذه الأعمال "
أومأت "أيريس " مبتسمة:
"حسنا.. الله معها.. شيء جميل أن يكون الملك داعم لها ويريدها ذات شأن "
هز رأسه موافقًا وقال مبادلا إياها الابتسامة:
"نعم.. "
تابعت وقد ابتعدت خطوتين للخلف :
"إذن أوصل لها سلامي.. وأنا لابد أن أنصرف الآن "
"انتظري.. انتظري "
هتف وهو يلحق بها بلهفة.. بينما تقول "أيريس " بجدية :
"ماذا تريد؟ "
"لم أكتفِ منك بعد.. تمهلي "!
-----------------------------------

كان يجلس.. وبيده كاس الخمر يحتسي منه بشراسة.. في انتظارها.. هي ستأتي له وهو متيقن من مجيئها..
ستشهد الليلة ذبح "تيم".. وسينتقم أشد انتقام.. وبعدها سيسترد شقيقته بطريقته. ..
"الليلة يا جلنار.. سامحيني سأسلب منكِ أغلى ما تملكين.. ".
ثم تابع ساخرًا :
"وسأقهر الملك تيم.. قهرًا فوق قهره جراء عجزه "!
وها قد أتت "جلنار".. ولا وجهها رُسمت ابتسامة رقيقة.. في يوم ظنت أنه حبيبها وأعطته الأمان.. وها هو ينهيها وإلى آخر الزمان...
"حبيبتي.. مرحباً بك "
ابتسمت له وجلست جواره قائلة:
"مرحباً حبيبي.. أنت ثمل؟ "
اقترب منها قائلًا بهمس :
"لا حبيبتي.. هذا كاس واحد فقط "
أومأت له بهدوءٍ.. ثم قالت برقة :
"لقد طلبتني.. ماذا تريد إذن؟ "
اقترب منها أكثر وتقاربا الوجهان.. وبنبرة مخيفة قاسية همس لها :
"أريدك أنتِ..... "!
وما إن أنهى جملته انقض عليها ليغتالها كما خطط ودبر..............

يتبع..
#مملكة_الأسد

مملكة الأسد، بقلم فاطمة حمدي Where stories live. Discover now