5

9.5K 290 20
                                    


_تجبر_
---------------------------------------------

جلست "حليمة" وقد حملقت في الفراغ بلا وعي!، وما لبثت أن ضربت كفا بكف في ذهول تام مما سمعت، فتحت "فنــار " باب الدار واقتربت من أمها تصيح بتذمرٍ:
"أمي.. أنتِ هنا وأنا أبحث عنكِ؟ لمَ تركتيني بقصر الملك ورحلتِ ألم أخبرك أن تنتظريني؟ ".
يبدو أن "حليمة" لم تسمع ما قالت، كانت على حالها تحملق بالفراغ لا تتكلم، فتعجبت "فنار" من أمرها وهي تجلس إلى جوارها متسائلة:
"أمي ما بكِ؟، هل حدث شيء "؟.
حركت رأسها ونظرت لها بصمت.. ولما طال صمتها، سألتها بنفاد صبر:
"يا أمي تحدثي أرجوكِ، ماذا هناك؟، وماذا كان يريد منك الملك تيم "؟.
نهضت "حليمة" ومشت إلى الزير وأخذت تملأ الإناء وتجرعته دفعة واحدة، ثم قالت وهي ترفع وجهها إلى السماء:
"يا الله، أنا لم أصدق "!
"لم تصدقين ماذا بالضبط يا أمي "؟
" يا إبنتي.. الملك.. تيم.. قال.... ".
قطعت جملتها وتنهدت، ثم أردفت بغير تصديق:
"لم تصدقِ ماذا طلب منّي الملك يا فنــار!! ".
استأنفت "فنــار " وقد ازداد فضولها:
"ماذا.. ماذا يا أمي طلب.. تكلمي أرجوووكِ"!
نظرت لها مطولًا ومن ثم قالت بهدوءٍ:
"الملك طلبك أنتِ يا فنار"!
ابتسمت "فنار" وهي تجلس متنهدة بارتياح وكأنها كانت تتوقع هذا، ثم قالت وهي تضع ساقا فوق الأخرى بثبات:
" يا الله، أنا كنت متيقنة من هذا، أخيرًا يا جلالة الملك "!
توسعت عيني "حليمة" بشدة وهي تقترب منها هاتفة بصدمة:
"ماذا قلتِ أنتِ؟!!، أنتِ كنتِ تعلمين أنه سيطلبك؟؟ كيف!.. كيف يا فنار؟".
ضحكت "فنار" وهي تصفق بيدها وقالت:
"يا أمي الملك كان يبتسم لي وهذا يحدث قليلًا مع أي أحد، وشعرت أنه يبحث عن خادمة بمواصفاتي أنا، لذا كنت متأكدة أن الملك سيطلب منكِ أن أكون خادمة في قصره الجميل ".
جلست "حليمة" وضحكت بشدة بينما تردد من بين ضحكاتها:
" يخرب هذا العقل يا فنار، أنتِ ذكية للغاية، الملك بالفعل يبحث عن فتاة بمواصفاتك ولكن ليس لتكون خادمته يا إبنة بطني "!
" ليس خادمته؟، إذن ماذا سأكون ".
عادت "حليمة" تتعجب وهي تواصل حديثها بذهولٍ:
"زوجته.."!
ضحكت "فنار" بتهكمٍ وهي تقول:
"يا أمي لا تمزحين معي وتسخرين مني، تحدثي وقولي ماذا سأكون في قصر الملك؟ ".
راحت "حليمة" تهتف بصدق:
"يا إبنتي أقسم لكِ بالله العظيم أن الملك تيــم يريدكِ زوجة له على سنة الله ورسوله "!!!!
لطمت حينذاك على صدرها ووقفت فاغرة فاها بدهشةٍ شديدة.. ماذا قالت أمها؟؟؟ 
ماذا يريد الملك؟؟؟ 
هل تحلم؟؟ 
هل أمها تمزح معها؟؟ 
لكنها أقسمت لها بالعظيم!، ولم تكن تقسم "حليمة" بربها كذب أو مزاح! 
إذن هي صادقة.. الملك ذاته يريد "فنار" زوجة له، بأي عقل قال وبأي قلب؟؟!! 
نطق فاها بصدمة عارمة:
"رباه!، زوجة له.. كيف؟.. كيف يا أمي كيف؟ ".
"تعجبت مثلك تمامًا يا فنار ولم أصدق حين قال هذا الكلام، فقال لي هكذا اختار قلبي.. اختار فنار "!
"اختار فنــار!! لا أصدق لا أصدق".
كانت "أيريس " نائمة حين بدأ الحديث بينهما، لكنها استيقظت بعد دقائق وحضرت الحديث بصدمة وفي صمت لا تصدق هي الأخرى.. ومن يصدق؟
حاكم المملكة يطلب فتاة فقيرة مثلها.. لمَ؟..! 
نظرت "فنار" إلى أختها وقالت ترمش بعينيها:
"هل سمعتِ يا أيريس؟، الملك تيم! "..
هزت الأخرى رأسها ومازالت تحاول استيعاب ما قيل، لتقول بخفوت:
"سمعت أختي.. لعل الله أراد ذلك وذلك على الله يسير"!
فقالت "حليمة" بهدوءٍ:
"ونعم بالله الملك العلي.. سبحانك سبحانك "!
استفاقت "فنار" من صدمتها قليلًا وهي تقول بتساؤل:
"ولكن يا أمي هل ستوافق الملكة قسمت؟ أم هي موافقة بالفعل عليّ؟ ".
" لا أعلم فنار، ولكن لطالما تكلم الملك إذن هي موافقة بالتأكيد ".
وقالت "أيريس" بجدية:
"ثم إن الملك تيم يأخذ أي قرار وينفذه حتى وإن رفضت أمه ".
"ولكن إذا كانت رافضة ستتعذب إبنتي فنار بشدة ".
أسرعت "فنار" تهتف بسعادة عارمة:
"الملك تيم سيحميني يا أمي.. الملك تيم.. الملك تيم "!
أخذت تدور حول نفسها والفرحة تغمر قلبها الصغير بينما تصفق بيديها وهي تردد:
"ما هذه الروعة.. أنا سأتزوج من الملك "!
ثم توقفت وقد قالت بحزن:
"ولكن لمَ أنا تحديدًا يا أمي، أنا سمراء اللون وهو وسيم للغاية كيف؟ وما الذي أحببه في! "
-------------------------------------------------------

مملكة الأسد، بقلم فاطمة حمدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن