12

7.9K 276 21
                                    


_شَجـاعة _
--------------------------------------------

"لا يا تيم.. لا يا إبني.. بالله لا تفعل بالله ".
كانت تصرخ وأخذت دموعها تزداد بكثافة ألهبت وجنتيها كما ألهبت فُؤادها.. تترجاهُ لكنه لا يسمع.. يريد الانتقام ممن أذى زوجته وكان يريد قتلها..
كان مركزا ناظريه عليه.. يرسل له لهيب من نار عبر نظراته.. ولم ينتبه لوالدته إلا حينما ركعت تحاول تقبيل قدمه حتى يعفو عن زوجها...
حينها انحنى وصرخ بها غير مصدقا :
"أمي..! ماذا تفعلين.. انهضي "
جذبها لتقف على قدميها.. ثم مسكها من ذراعيها وهزها برفقٍ مع قوله:
"كيف يا أمي ك.... "
قاطعته باكية بحرقة:
"اتركه لأجل خاطري يا تيم.. لا تحرق قلبي عليه بتوسل إليك ".
نظر لها بصدمة.. صدمة عارمة وهو يضغط على أسنانه بينما يهتف بغضب :
"كان يريد قتل فنار يا أمي "؟!
"أنا... أنا من كنت أريد قتلها ليس هو.. اتركه واقتلني أنا ".
هز رأسه بتهكم وهو يقول :
"تتهمين ذاتك لأجله؟"!!!!
ثم حدجه بنظرة قاسية وهو يواصل مستهزءًا :
"يا ليته يستحق هذه التضحية "!.
وصدح صوته مرة أخرى بحدةٍ :
"أخرجوه من الحفرة.. إلى السجن الإنفرادي ".
ولم ينتظر كلمة أخرى من والدته التي كادت تتوسله مرة أخرى بشأن السجن الانفرادي هذا.. إلا أنه لم يمنحها الفرصة وانصرف في غضب جم..
خرج "تيجان" من الحفرة وهو يتنفس الصعداء أنه لم يمت.. لقد خرج منها سليما لم يمسه شيء.. ولكن مازال التوعد يحتل عينيه.. مازال الكره يغلفهما.. ويردد في نفسه :
"صبرًا يا تيم.. صبرًا ".
---------------------------------------------

انتهت "فنار" من شراب العصير الطازج الذي أحضرته "جلنار" لها وأصرت أن تتناوله.. حينها ابتسمت بنعومة وهي تردد بهدوءٍ:
"لقد عاهدت نفسي يا فنار أن أفعل لكِ يوميا كوبا كهذا.. تعويضا عما حدث وتقديراً مني لكِ أيضاً.. أتمنى تكوني الآن راضية عن معاملتي لكِ "
ابتسمت "فنار" بعفوية وقالت بلا تردد:
"أنتِ طيبة جلنار.. جزاكِ الله عني خيرا ".
منحتها ابتسامة كذلك ومضت تقول برقة:
"شكرا حبيبتي.. سأتركك الآن لترتاحي ".
انصرفت وتركتها بينما تحاملت "فنار" على نفسها ونهضت من رقادها ببطء وهي تتأوه.. حاولت الوقف فشعرت بعدم الاتزان.. فجلست مجددًا.. ثم زفرت بحنق قائلة:
"كيف سأعد القهوة الآن لسيدي؟ "
وجدته يلج من باب الغرفة وهو يزفر حانقا والغضب بات واضحا فوق قسمات وجههُ الجامدة.. خشيت قليلًا من هيئته الصارمة خاصة وهو يسألها بحزم:
"لماذا قمتِ "؟!
تلجلجت وهي تجيب عليه بخفوت:
"لقد... لقد.. لقد شعرت بالملل من رقادي يا سيدي ".
"ملل ماذا؟.. أنتِ مريضة ومجروحة هل تفهمين يا فنار "؟
هزت رأسها قائلة بخجل:
"نعم.. المعذرة سيدي لا أريدك تغضب مني ".
"لست غاضبًا "!
"ماذا بك "؟!
نظر لها وهو يسحبها من يدها إليه بعد أن جلس جوارها وضمها إلى صدره.. بينما يقول برفقٍ وقد لانت ملامحه :
"لا شيء ".
نظرت له بتردد وهي تتابع:
"لقد سمعت ضجيج بالخارج.. ولكن خفت أن أخرج حتى لا تغضب ".
"كنت قتلتك "!
قالها بجدية مصطنعة وهو يضغط بيده فوق كتفها.. فابتسمت بخوف وصمتت.. فضحك بشدة على ملامح وجهها الوجلة ومضى يقول بحنان:
"أمزح معك يا قهوتي.. أتخافين مني لهذه الدرجة "؟!
ثم واصل معاتبا :
"تخافين ممن عشقك بل ولم يعرف للعشق سبيلا إلا على يدك "!
ابتسمت باتساع.. فيما تقول بسعادة:
"لا أخاف "
كشر عن جبينه.. ثم قال مراوغا :
"أنتِ تكذبين يا فنارتي.. "
"آآ.. أخاف قليلًا "!
"قولي الصدق"!
"نعم أخاف ".
"كثيرا"؟!
تنهدت بارتباك ثم أجابت:
"أنت الملك.. كيف لا أخاف؟.. الجميع يخشاك وبشدة "!
مال عليها.. يهمس بوله :
"ولكن أنتِ زوجتي... صحيح "؟!
"نعم "
"وهل هناك زوجة تخاف زوجها "؟!
واصل دون أن ينتظر منها إجابة:
"الزوجة تحب زوجها.. تحترمه.. تقدره.. وهو أيضاً.. ولا مجال للخوف بينهما "
أومأت برأسها في صمت.. فقال مبتسما:
"هل كلامي صحيح "؟!
"نعم.. وهل يقول الملك ما لا يصح "؟!
غمز لها وقال مشاكسا :
"ولمَ لا يا غزالتي.. من الوارد ".
اشتعلت خجلًا من غزله ونظراته الوالهة.. بينما قال في رفق وهو يتحسس جبينها:
"أنتِ بخير "؟
"نعم.. هل تريد قهوة "؟
عقد ما بين حاجباه.. ثم قال:
"نامي الآن.. أنتِ متعبة.. سأأمر الخادمة بإعدادها "
فقالت وهي تتحامل على نفسها:
"لا.. أنا سأعدها يا سيدي.. بسعد بذلك "
"ولكن... "
قاطعته باصرار :
"أرجوك "...  نهضت ببطء دون كلمة أخرى وراحت تشعل الموقد الصغير وتبدأ باعداد القهوة بمحبة خالصة، أما هو فقد استلقى مكان نومتها وهو ينعم بدفئ رقادها ورائحتها التي صاحبت الوسادة.. أغمض عينيه مستمتعا بكل شيء حوله.. رائحتها.. حركاتها.. ابتسامتها البريئة... وقلبها!
واهٍ من قلب السمراء..
"سيدي ماذا حدث.. ولماذا كان هذا الضجيج "؟!
راحت تسأله.. فأخذته من شروده قليلًا فنظر لها وهو يجيبها بجدية:
"كنت أريد تأديب تيجان الحقير.. ولكن أمي وقفت عقبة في ذلك "
تعجبت وسألته:
"لماذا.. ماذا فعل؟! "
"تصفية حسابات يا قهوتي.. انتبهي لما تفعلين"
مطت شفتيها ببراءة وأولته ظهرها وهي تهتم باعداد القهوة.. ثم راودها الفضول مجددًا وهي تسأله:
"كيف كنت ستأدبه؟! "
"لاحقا سأخبرك.. ".
-----------------------------------------------

مملكة الأسد، بقلم فاطمة حمدي Where stories live. Discover now