١٩. اعتراف أليكس

691 84 59
                                    

وصلت السيارة للقرية الأولى مهد كل الأحداث التي حاصرت البلاد و الشياطين التي خرجت من جبلها لتعيث فساداً في كل مكان.
كان الجبل المشؤوم يلوح من البعد، بهالته الضخمة و صخوره الناتئة التي تبدو و كأنها قبب تعانق السحاب،
تحيط به واحة بها أشجار وارفة و جميلة يخترقها شلال صغير ينحدر ليتدفق و يروي الزرع في الأسفل جاعلاً من منطقة حول الجبل جنة بعشبها الأخضر اليانع و أشجار الفواكة و الأزهار المتنشرة بحرية في كل ركن.

ترجل الجميع من السيارة و حقائبهم على ظهورهم، أخرجو كذلك المصابيح من صندوق السيارة الخلفي و تأكدو من سطوعها القوي و كونها لا تزال تعمل، و كذلك كل ما يرونه مفيدا كسلاح.
نظرت ماريا عبر السهل المنبسط، هبت نسمات الهواء ببطء فأزاحت خصلات من شعرها الذهبي عن وجهها و قالت:
- من يحسب بأن هذا المكان الآسر يحوي مغارة تسكنها الشياطين !
من ثم اقتربت من روي و أمسكت بيده قائلة:
- لو قدر لنا الموت هناك، فكنت أود ان اخبرك بأنني ممتنة لك،
لأنك ساعدتني في الملجأ، و في القطار، و آمنت بي و سمحت لي بالمضي معكم، لولاك لكن قد مت منذ فترة طويلة...
ستظل دائماً فارسي، و كل شيء عزيز في حياتي، حتى بعد موتي... أحبك.

بدت الدهشة على ملامحه أولاً، إلا أنه ابتسم و عدل قبعته، ثم ربت على رأسها قائلاً:
- كنت في انتظار آخر جملة منذ عدة أشهر أيتها الأميرة!
لا تخافي؛ سنخرج من هناك، حتماً.

اقترب إدوارد منهما و قال:
- فلتكفا عن هذه التوافه، فلنذهب!

اقتربت كيتي منه فابتعد قائلاً:
- سأخرج سلاحي إذا اقتربت مني!
قطبت كيتي و تقدمت وحيدة، و سار الجميع ببطء عبر السهل، عندما لاحظو بعض المتاع المرمي على الأرض، اقترب أليكس و قال:
- لا بد أنه متاع من كانوا هنا، سواء جد إدوارد و أصدقائه، أو من جاءو بعدهم.

حمل الجميع أغراضهم و استعدوا بالحبال و المصابيح و أسلحة للدفاع عن أنفسهم، و جهزت كيتي صندوقها ذا القوارير الصغيرة بينما تفقد روي و إدوارد قنابلهما بسرية بعيدا عن البقية، اقترب أليكس و خاطب هانا:
- من الأفضل أن تبقي هنا ريثما نعود.
لو حدث مكروه ما لي أو لأي أحد، ستكونين هنا لمساعدته و إسعافه قبل فوات الأوان،
و لو فقدت حياتي هناك، اعتني بالأطفال و أعيديهم بأمان للعاصمة، هذا مفتاح سيارتي، و هذه أمنيتي الأخيرة، أرجوك.
كوني سعيدة، كوني بخير.

وضع أليكس سلسلة المفاتيح في قبضة هانا، و شد على يديها باسماً لتغرورق عيناها بالدموع و توميء،
تقدم أليكس و أشعل مصباحه، و اقتربت هانا لتوقف ماريا و تسلمها سلاحها قائلة:
- استعمليه لحماية نفسك، و حماية من تحبين.
حسناً؟

ترددت ماريا ثم أومأت موافقة، و حملت السلاح لتخفيه في طيات ثيابها.
شد الأولاد الأربعة على أياديهم و تبعو أليكس و الجرو بصمت ليدلفوا لبداية كهف عميق مظلم يحمل مصيرهم و مصير بلادهم كذلك.
كان كل شيء ساكناً كالمقبرة و الظلام يلف المكان، فكانت مصابيحهم هي السبيل الوحيد للضوء، حيث كلما تعمقوا تضاءل نور الشمس حتى تلاشى.

إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن