٦. هدنة و سلام

852 98 52
                                    

نهض الجد باكراً و طرق بابي غرفتي صغاره لتناول طعام الإفطار معه قبل ذهابه للعمل، فكانت ماريا أول من ينهض بعد أن قضت ليلة هانئة في فراشها اللين و حصلت على قميص نوم وردي طويل يحمل صور صيصان صغيرة.
ساعدت ماريا الجد في ترتيب المائدة، و تناولت معه قدحاً من الشاي خلال مشاهدتهما لنشرة الأخبار الصباحية التي عرضت مقتطفات من المؤتمر الذي عقد ليلة الأمس، و غادر الجد و ودع ماريا بعدما ترك لها نسخة من المفاتيح و طمأنته بأنها ستطبخ طعام الغداء لليوم و ستسقي الأزهار و ستوقظ صديقيها الكسولين.

أنهت ماريا غسل أطباق عشاء اليوم السابق و نظفت المنزل، ثم قامت بري الأزهار في الحديقة الأمامية الصغيرة و عادت للمنزل لتربط مئزر الطبخ و تجمع شعرها المسترسل في جديلة طويلة، نفضت يديها و نظرت نحو الساعة التي تجاوزت الثامنة و النصف، و قطبت حاجبيها و اتجهت بسرعة نحو غرفة الأولاد لتطرقها بقوة و تقول:
- أيها الكسولان! إلى متى ستنامان هكذا؟! أريد شخصاً يحضر لي بعض الملح و المرق من البقالة!

قبضت ماريا على رتاج الباب، و ترددت لوهلة بسبب إقدامها و هي فتاة على اقتحام غرفة فتيان نيام، لكنها شجعت نفسها بأنهم يعيشون تحت سقف واحد الآن و له نظام معين و صاروا جميعهم كالعائلة، و أنهما يضعان بعض الملابس بالطبع.
صفعت ماريا الباب بقوة و دلفت، ثم أضاءت المصباح لتجد شخصا متكوراً تحت غطاء و آخر ملقي غطاءه على الأرض و إحدى ساقيه تعترض الطريق خارج الفراش و فمه مفتوح يسيل منه اللعاب.

ضحكت ماريا بخفة على مظهر روي الذي يدل على أنه كان في معركة أثناء نومه و قامت بهزه برفق، مد روي ذراعيه مغمغماً:
- عناق... أميرتي...
كست الحمرة وجه ماريا و سارعت بتسديد لكمة لبطنه مباشرة، أفاق روي مذعوراً و صرخ:
- استيقظت! استيقظت! لا تقتلوني!

استوى روي جالساً و تثائب، و أشارت ماريا لصديقه المتكور تحت الغطاء و أردفت:
- قم و أيقظ صديقك، لا أريد أن أتعرض لضربة أو رفسة بسبب أنني لا أوقظ الناس برفق.

ابتسم روي و تثائب مومئاً بالإيجاب، و استقام ليسحب الغطاء من إدوارد و قال ضاحكاً:
- أنا الذي أرفس و أضرب لا إد، إن نومه خفيف عادة، لو سمع أقل حركة قربه يظن أنه لص و يستيقظ ليقبض عليه.

تشبث إدوارد بغطاءه و زمجر:
- اتركاني و شأني، اذهبا و أكملا ثرثرتكما في مكان آخر.
- إيدي! ماريا تريد غسل أواني الإفطار، و يجب علينا ترتيب كتبنا الدراسية و جز العشب و التسوق للغداء!

أردف روي برجاء و سحب الغطاء أكثر، و لدهشته لم يقاوم إدوارد و يشد الغطاء من جهته بل تركه ليتعثر للخلف و يقطب بعد أن كاد يقع، اقترب روي من إدوارد المتجه نحو الجدار و سحبه من يده قائلاً:
- ما بالك اليوم كسول هكذا و ...

توقف روي عن الحديث و تحسس ذراع إدوارد ثم خاطبه قلقاً:
- ما بال حرارتك مرتفعة هكذا؟ هل تشعر بشيء؟

إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن