٩. إدوارد و أليكس

746 86 77
                                    

بدأت ماريا في البكاء بصمت، و صاح روي بفزع:
- لقد رأينا الجد ميتاً و لم نتخيل ذلك، فمن أين جاء الصوت؟
فالنخرج من هنا! لقد بدأت أخاف حقاً!

حل صمت متوتر بين الثلاثة للحظات، و تناهى لأسماعهم صفير الرياح في الخارج ثم أصوات ارتطام قطرات المطر بالنافذة، نهض إدوارد بتثاقل مقترباً من النافذة، و لاحظ العاصفة القادمة ذات الغيوم السوداء الداكنة المنخفضة و هي تدنو بسرعة بسبب الرياح، إلتمعت خيوط البرق و تشعبت في السماء المظلمة لتضيئها بلون بنفسجي قاتم.
جاءت العاصفة و اقتربت، و دوى هزيمها بصوت مخيف يصم الآذان في شتى أرجاء السماء ثم انقطع التيار الكهربي من المنزل فجأة ليعم الظلام.

- أين أنتم يا أبنائي؟ ساعدوني!
جاء صوت الجد بعيدا يائساً من غرفته مجدداً، و قفز روي و ماريا فزعين ليلتصقوا بإدوارد قرب النافذة و يضيئوا هواتفهم النقالة لتنير الصالة التي باتت موحشة فجأة،
قال إدوارد بتردد:
- فالنذهب و نرى من يتحدث معنا؛ ربما... ربما جدي لم يمت!

سار إدوارد نحو الغرفة مستعيناً بضوء هاتفه، و تبعه روي و ماريا بسرعة متشابكي الأيدي ليصلوا للغرفة مغلقة الباب و يفتحها إدوارد ببطء، صرت مفاصل الباب و خيل للثلاثة أن دهراً قد مر لحظة انفتاحه، ليسلطوا أضواء هواتفهم بحذر نحو جثة الجد، و تترقرق دموع الخوف و الفزع في أعينهم المتسعة.

- إيدي الصغير، روي، ماريا، ساعدوني!
جاء صوت الجد واضحاً لا تشوبه شائبة، لكن الجد لم يكن المتحدث، كان الجد كما تركوه جثة هامدة، غير أن إحدى ذراعيه قد صارت عظماً ببعض اللحم المنهوش، و تساقطت قطع صغيرة دموية على الأرض قرب الفك الطويل للكائن ذي الأربع الضخم كأسد، الأسود كغراب، و القبيح بوجه كلب بينما عيناه تضيئان بوهج أبيض كما شاهدوه في صور الإنترنت.

ابتلع الكائن اللحم الذي كان يمضغه و التفت نحو الثلاثة المتجمدين من الرعب، و تحدث بصوت مطابق لصوت الجد بفكين ملطخين بدماء العجوز البائس:
- إيدي الصغير! ماريا و روي! سآكلكم!

صرخ الثلاثة و أسرعوا للركض خارج الغرفة و سحب روي المقبض صافعاً الباب خلفهم، و جاهد إدوارد لإغلاق مفتاح الباب بيدين ترتعشان بقوة،
ارتطم شيء ثقيل بالباب ليدفعهم بعنف و يرتطموا ببعضهم،
و خرج الكائن الأسود بخطوات متبخترة بينما فكاه منفرجان بوحشية لتظهر أنيابه المسننة كالأنصال.

تجمدت ماريا في مكانها و كادت تخر على الأرض، ليسحبها إدوارد و روي و يركضا بأقصى ما لديهما نحو باب المنزل،
قطعوا الصالة بلمح البصر ليتعثر روي بالطاولة بسبب الظلام و يسقط على الأرض.
هرع إدوارد و ماريا نحوه، ليصرخ بهما فزعاً:
- لا تقتربا! سأقوم بتأخيره و أنتما اهربا!

أجهشت ماريا بالبكاء لتجثو قربه و تطوقه بذراعيها قائلة بصوت باكٍ:
- سأحميك كما قمت بحمايتي دائما! أو سنموت معا!

إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن