مرتفعات وذرينغ 2

Start from the beginning
                                    


💐🌹 الفصل التاسع 🌹💐

ولكي نتجنّب خطر تنفيذ هذا التهديد فقد عهد مستر لنتون إلي بان يآخذ الصبي إلى مرتفعات وذرينغ في صباح الغد الباكر على مهر كاثرن، وقال لي: وبما أنه لن يكون لنا أي تأثير على مصيره ومستقبله وحياته
فيجب ألا تبلغي ابنتي عن المكان الذي سنرسله إليه. إنها لن تستطيع أن تزوره هناك ومن الخير أن تظل جاهلة مكان وجوده. حتى لا يبرح الشوق بها لزيارة المرتفعات. ويكفي أن تقولي لها أن أباه استدعاه فجأة فاضطر إلى مغادرتنا». .
تذمّر لنتون من مغادرة فراشه في الساعة الخامسة صباحاً واستغرب كثيراً عندما أبلغته أن عليه أن يستعد ليواصل رحلته، لكنني هوّنت الأمر عليه بأن قلت له إنه ذاهب لقضاء بعض الوقت مع والده ، مستر هيثكلف، الذي يتمنى رؤيته كثيراً.
ولما سمع أبيه صاح في دهشة : أبي! والدي! إن أمي لم تخبرني أن لي والداً. أين يعيش؟ أني أفضل أن أبقى إلى جانب خالي .
أجبنه: «إنه يعيش على مسافة قريبة من (غرانغ) خلف تلك التلال. وباستطاعتك أن تأتي لزيارتنا عندما تود ذلك. وستكون سعيداً برؤيته كما يجب عليك أن تحبه كما كنت تحب والدتك».
سال لنتون: «ولكن لماذا لم اسمع عنه قبلاً، لماذا لم يكن يعيش مع والدتي كما يعيش سائر الرجال مع نسائهم؟». أجبت: «لقد كانت لديه أعمال في الشمال تستدعي بقاءه هناك بينما كانت صحة والدتك تستدعي بقائها في الجنوب،. وواصل الصبي أسئلته وقال: ولماذا لم تحدثني والدتي عنه، كانت كثيراً ما تحدثني عن خالي، فتعلمت أن أحبه منذ زمن طويل، فكيف يمكنني أن أحب أبي الآن؟ إنني لا أعرفه.
أجبتُ: «أوه، إن جميع الأطفال يحبون آباءهم، وربما كانت والدتك تعتقد أنها لو أخبرتك عنه لأردت أن تعيش معه. هيا بنا، إن السفر في ساعة مبكرة في هذا الصباح الجميل خير بكثير من النوم.
سألني: «أتذهب معنا تلك الفتاة الصغيرة التي رأيتها
بالأمس؟. أجبت: ليس الآن،.ووأردف قائلاً: «وهل سيذهب خالي معنا؟،. قلت: «كلا، سأرافقك إلى هناك وحدي». ألقي برأسه ثانية على الوسادة وقطب جبينه ثم صاح قائلاً: «إنني لن أذهب بدون خالي. إني لا أدري إلى أين أنا ذاهب؟.
وحاولت أن أقنعه أن يتخلى عن عناده ومعارضته لمقابلة والده ، إلا أنه ظل مصرّاً على بقائه في فراشه وامتناعه عن ارتداء ملابسه. ووجدت نفسي أخيراً مضطرّة لاستدعاء سيدي لانتزاعه من فراشه.
وغادر المسكين فراشه في النهاية بعد أن أكدنا له أن غيابه لن يطول، ووعده مستر إدغار بأنه سيزور كاثي، ووعدته عدداً من الوعود الواهية التي اختلقتها وأخذت أرددها على مسمعه طوال الطريق. وقد خفف الهواء العليل كما خففت أشعة الشمس الذهبية اللامعة من استيائه بعد فترة قصيرة من مغادرتنا البيت. وأخذ يوجه إلى باهتمام شديد أسئلة مختلفة عن بيته الجديد وسكانه. وسألني: هل مرتفعات وذرينغ مكان جميل مثل (ثرشكروس غرانغ)؟.
أجبت: «إنه ليس مغطى بالأشجار كغرانغ وليس واسعاً مثلة ولكن يمكنك أن ترى منه الأراضي الجميلة التي تحيط به، والهواء هناك عليل وصحي وإنه أفضل من هواء غرانغ بالنسبة لك. وقد تظن
أن البيت قديم ومظلم لأول وهلة، ولكنه بيت محترم وهو أحسن بيت في هذه المنطقة بعد (غرانغ). سيريك هرتون أرنشو، وهو ابن خال الآنسة كاثي، وفريبك، جميع الأماكن الجميلة، وسيكون باستطاعتك أن تأخذ معك كتاباً عندما يكون الطقس جميلاً، وتقراه بين الأعشاب السندسية. وسيرافقك هرتون في نزهاتك بين التلال،. وسألني: هل أبي شاب وهل هو ظريف كخالي، ومن هو يشبه؟»
أجبته: «إنه شاب كخالك، ولكن له شعر أسود وعينان
سوداوان، وهو أطول منه وأكبر منه حجماً. إنه لن يبدو لك لطيفاً في البداية، حسب ما أعتقد، لأن ذلك ليس من عادته، فهو يبدو صلب العود قاسياً. ولكن تذكر بانه يجب أن تكون معه صريحاً ومهذّباً فيحبك أكثر من خالك لأنك ابنه.
تمتم قائلاً : شعر أسود وعينان سوداوان لا أستطيع أن أتخيل كيف تكون صورته؟ إني لا أشبهه..أجبت: إنه لا يشبهك كثيراً،. ومضى قائلاً: «إنه من الغريب الا ياتي مرة واحدة لزيارتي وزيارة أمي، هل رآني من قبل؟ إني لا أذكر شيئاً عنه أبداً..
قلت: «إن ثلاثمائة ميل مسافة طويلة جداً يا مستر لنتون، ومن المحتمل أن مستر هيثكلف كان ينوي زيارة والدتك من وقت إلى آخر ولكنه لم يكن يجد فرصة مناسبة لذلك. فيجدر بك ألا تزعجه بمثل
هذه الأسئلة، إنك ستُقلق باله دونما جدوى»..
وقد ظل الطفل غارقاً في تخيلاته طوال الطريق حتى وقفنا في النهاية أمام مدخل حديقة البيت. وتطلعت إلى وجهه أرى الانفعالات التي ستظهر على ملامحه حيث جال ببصره فور وصوله على واجهة المنزل والنوافذ الضيقة وهز رأسه. يبدو أن المنظر
الخارجي للمنزل الجديد لم يلق هوى في نفسه، ولكنه فضل أن يؤجل شكاواته عله يجد في الداخل ما يعوّض عما وجده في الخارج. وقبل أن يهبط عن صهوة جواده ، تقدمت وفتحت الباب.
كانت الساعة عندئذ تقارب السادسة والنصف وقد انتهى أفراد العائلة في تلك اللحظة من تناول فطورهم، وأخذ الخادم يمسح المائدة وينظفها - وكان يوسف يقف إلى جانب كرسي سيده يحدثه بشان
فرس أعرج، بينما كان هرتون يستعد للخروج إلى الحقل. قال مستر هيثكلف عندما رآني : مرحباً بك يا نيلي، كنت أخشى أن اضطر إلى الذهاب إلى (غرانغ) لأحضر ولدي بنفسي. لقد أحضرته أليس كذلك؟ دعينا نرى ماذا يمكن أن نصنع به؟». .
نهض عن كرسيه واتجه نحو الباب فلحق به يوسف وهرتون. قال يوسف بعد أن نظر إليه نظرة جدية: بكل تأكيد أنه يبدو كأمه. وأطلق هيثكلف من فمه ضحكة ساخرة بعد أن رأي اضطراب ابنه وقال: يا إلهي ما هذا الجمال! ما أجمله، أتعتقدين يا نيلي أنهم قد ربوه على الحليب والحلزون! أوه، لعنة الله على روحي، ولكنه أسوأ مما كنت أتوقع أن يكون».
وأشرت إلى الطفل القلق المضطرب أن يدخل البيت. إنه لم يكن متاكداً أن ذلك الغريب المفطب الجبين هو والده. وعلى الغالب أنه لم يفهم تماماً أقواله وأنه كان يقصده بذلك. تعلق بي، ولما دعاه هيثكلف إلى أن يقترب منه أخفي وجهه وألقى به على كتفي وبكي .
قال هيثكلف: ما هذا السخف، إننا لا نود أن نؤذيك يا
النتون، اليس اسمك كذلك؟ إنك ابن أمك بالفعل! أين حصتي فيك؟.
ورفع قبعة الطفل ومرّ براحته على خصلات شعره، ولمس أنامله الصغيرة، وذراعيه النحيلين. وعند ذلك أمسك الطفل عن البكاء ورفع عينيه الزرقاوين الواسعتين ليفحص والده. ساله هيثكلف: «هل تعرفني؟. أجاب: لا.
- هل سمعتَ بي من قبل؟.
- كلا. قال هيثكلف: لا؟ تباً لوالدتك وخزية لها إنها لم توقظ فيك روح العطف علي والمحبة لي. إنك ولدي، ولقد ارتكبت أمك إثماً لأنها تركتك تجهل كل شيء عن والدك . والآن، لا تغضب ولا يُحزنك هذا. كن فتى طيباً وسأهتم بامرك. وأنت يا نيلي إذا كنت تعبة من الوقوف، فبإمكانك أن تجلسي، وإلا فعودي إلى بيتك . وأعتقد أنك ستبلغين سيدك ماذا سمعت ورايت هنا.. أجبت: حسناً، إني آمل أن تكون لطيفاً مع الصبي رووفاً به يا مستر هيثكلف، وإلا فمن الأفضل أن تعيده إلينا، إنه الإنسان الوحيد الذي هو من لحمك ودمك في هذا العالم الشاسع.
قال وهو يضحك: «إني سأكون رؤوفاً به عطوفاً عليه، فلا تخشي شيئاً من هذه الناحية. ولكن لا أود أن أرى إنساناً آخر يراف به غيري لأني أود أن أحتكر حبه لنفسي. وسأبدا معاملتي اللطيفة له. هيا يا يوسف أحضر له فطوراً وأنت يا هرتون، هيا إلى عملك.
وأضاف يقول لي بعد أن غادر الاثنان القاعة : إن ابني هو الوريث الشرعي لغرانغ، وإني لا أود أن يموت حتى أصبح وريثه، وبالإضافة إلى ذلك، إنه وريثي وإني أود أن أراه سيد أراضيهم. إن هذه هي الفكرة الوحيدة التي تجعلني أتحمّل تربية الطفل. إني أكرهه
في شخصه وأكرهه للذكريات التي يبعثها في نفسي. ولكن هذه الاعتبارات لا قيمة لها. إني سأحافظ عليه وساهتم بأمره وأعتني به كما يعتني سيدك بابنته. لقد أعددت له غرفة الطابق الثاني وفرشتها بأثاث ظريف. وعينت له معلماً أيضاً، وسياتي من مسافة عشرين
ميلاً إلى هنا ثلاث مرات في الأسبوع ليعلمه ما يود أن يتعلمه. وقد أمرت هرتون بإطاعته، واتخذتُ جميع الترتيبات التي تكفله أن يكون متفوقاً على جميع من في البيت. غير أنني حزين، على كل حال،
لأنه لا يستحق هذا الاهتمام،. وعاد يوسف، وهو ما زال يُدلي بحديثه، حاملاً بين يديه طبقاً من الحلوى مصنوعاً من الحليب ووضعه أمام لنتون. نظر الطفل
حوله نظرة اشمئزاز وأكد بأنه لن يأكله. قال يوسف وهو يحملق في وجه الطفل : «ألا تريد أن تأكل؟.
اجاب لنتون باضطراب: «إني لا أريد أن أكله خذه بعيداً .. سحب يوسف الطبق غاضباً وأحضره إلينا. وقال: «إن فتاك الناعم الرقيق لا يود أن يأكل، وأعتقد أنه محق في ذلك لأن أمه كانت مثله تماماً. ومن شابه أمه فما ظلم،. قال سيده بغضب: لا تذكر والدته أمامي. أحضر إليه ما يستطيع أكله، وكفى. ما هو نوع الطعام الذي هو معتاد أكله يا نيلي؟».
اقترح تقديم حليب مغلي له مع الشاي فأمر الخادم بإعداد ذلك. وبعد ذلك تسرّبت إلى الخارج بينما كان لنتون منهمكاً في مداعبة كلب وديع اقترب منه. ولكنه انتبه إلى ذلك، فما أن أغلقت الباب خلفي حتى أخذ يبكي ويصبح مردداً هذه الكلمات: «لا تتركيني! إني لا أود أن أعيش هنا! لا أود البقاء في هذا المكان!،. وامتطيت المهر وحث الخطى عائدة إلى البيت وهكذا انتهت وصايتي القصيرة على الصبي

اختطاف الأخت الخطأ  🔞🔞🔞Where stories live. Discover now