مرتفعات وذرينغ

2.1K 11 0
                                    

فضلآ وليس أمرآ .....

أنت قرأت القصة وأعجبت بها... أذا قم بالتصويت عليها والتعليق فيها....

تعليق من أي شخص سيجعلني سعيدة ☺

(( ملخص القصة ))

(( تبدأ الأحداث بلوك وود والذى انتقل حديثا للسكن في ثراشكروس جرانج، و هو منزل كبير في مروج يوركشير، وقد استأجره من هيثكليف، وهذا المكان قريب من مرتفعات ويذرينغ. وفى أول أيامه بمسكنه يقضي مستر لوكوود ليلي بيت هيثكليف فيقابل كاثي زوجة ابن هثكلف وبنت كاثرين حبيبة هثكلف وفي هذه الليلة يرى فى منامه حلما مريعا : يرى شبح كاثرين إيرنشو، يترجاه أن يسمح له بالدخول. فيسأل مستر لووكود السيده نيللى دين مديرة المنزل ، و من هنا تبدأ أحداث الرواية حول الثلاثون عاما الماضية بلسان المربية التي عاشت مع هذه العائلة وشاهدت أجيالها المتعاقبة وأصبحت على دراية بطباعهم وكانت قريبة منهم كثيرا . ))

💐🌹 الفصل الأول  🌹💐

عام 1801 - لقد عد الساعة من زيارة مالك الأرض التي اسكنها، وهو جاري المنعزل عن الناس الذي سيسبب لي المشاكل في المستقبل. إن هذه البلاد جميلة حقاً، ولا أعتقد أن باستطاعتي أن أجد مكاناً في جميع إنجلترا يشبه هذا المكان بخلوه كلياً من
ضجيج الحياة الاجتماعية. إنه الجنّة الحقة لمحبي الانعزال والوحدة، وآني ومستر هيثكلف لخير زوجين متناسبين يمكنهما أن يقتسما الوحدة بينهما. إن جاري شخص ممتازا إنه لم يعلم تماماً مقدار العطف الذي شعرت به نحوه عندما لمحت عينيه السوداوين،
وأصابعه ممسكة بصدريته، بينما كنت لا أزال ممتطياً صهوة جوادي في أول زيارة له.
سالته: أأنت مستر هيثكلف؟ هز رأسه دلالة على الإيجاب.
قلت: إني مستر (لوك ود) مستأجر أراضيك الجديد، لقد شرّفتُ نفسي بالحضور فور وصولي لأعرب لك عن أملي في ألا أكون قد سببت لك إزعاجاً لاختياري الإقامة في (ثرشكروس غرانغ). لقد سمعت بالأمس أنه قد خطر على بالك بعض الأفكاره. قاطعني ممتعضاً: «إن (ثرشكروس غرانغ) ملكي، ولن أسمح
لأي إنسان أن يقلقني. ادخل!،. وأخرج هذه الكلمة من بين أسنانه وكأنه يقول لي: «اذهب من هنا ». وحتى المدخل الذي كان يتكئ عليه كان يبدو لي أنه لم
يكن يرحب بي. وأعتقد أن الظروف هي التي جعلتني أقبل الدعوة. وهكذا شعرتُ باهتمام نحو رجل كان يبدو لي أكثر مني تحفظاً . وعندما أبصر بجوادي بدفع الحاجز بصدره ، تقدّم وأفلته من عقاله ثم تقدمني عبر الممر وهو كئيب، وصاح منادياً :
يا يوسف! خذ جواد (مستر لوك ود)، وأحضر بعض النبيذ،. كان يوسف رجلاً مسنّاً، بل، يمكن القول إنه طاعن في السن، إلا أنه كان صلب العود، قوي الساعد، وقد قال لي في لهجة تتم عن حزن واضطراب بينما أمسك بمقود جوادي: «ليساعدنا الباري تعالى» وتطلع إلى وجهي وقد بدا عليه القلق الشديد. إن مرتفعات وذرينغ هي اسم البيت الذي يقطن فيه مستر هيثكلف، ولكونه بيتاً إقليمياً مرتفعاً فقد كان معرضاً للعواصف من كل جانب، ومن حسن الحظ أن المهندس الذي رسم خطة بنائه كان بعيد النظر فأقامه نوياً، كانت نوافذه الضيقة غائرة في جدرانه وزواياه
مرتكزة على أحجار كبيرة بارزة. وقبل أن أجتاز عتبة البيت، توقف قليلاً إذ لفت انتباهي بعض النقوش البديعة على الجدار الأمامي، وخاصة تلك المحفورة حول الباب الرئيس، وتبيّن لي أن تاريخ الحفر يعود إلى عام 1500، كما تبين لي اسم (هارتن أرنشر)، وكنت أود أن أفوه ببعض التعليقات أو أطلب تاريخاً مختصراً للبيت من صاحبه، إلا أنّ الهيئة التي كان يبدو فيها مستر هيثكلف عند الباب أوت إلي أنه يطلب مني الإسراع في الدخول أو مغادرة المكان حالاً ، ولم يكن لي أيضاً رغبة في أن أزيد من نفاد صبره قبل أن أقوم بتفقد ذلك المعبد. وما إن خطوت خطوة واحدة حتى أصبحتُ في غرفة الجلوس
العائلية بدون أن أعبر أي ممر. وتُسمّى هذه الغرفة عندهم بالبيت»، وتضم المطبخ وقاعة الجلوس معاً. وفيها موقد كبير، عُلّق فوق مداخنه بنادق قديمة مختلفة الأشكال والأنواع، وزوج من المسدسات التي يستعملها الخيالة، وعلى سبيل الزينة، وضعت ثلاثة
صناديق مزخرفة على رف فوق الموقد. وكانت أرض الغرفة من البلاط الأبيض الناعم، والكراسي ذات ظهور عالية مصنوعة على شكل بسيط ومطلية باللون الأخضر، وفي الزاوية كان كرسيّان أسودان يقبعان في ظل الأنوار الخافتة، وإلى جانب خزانة الصحون،
اضطجعت كلبة كبيرة وقد أحاط بها عدد من الكلاب الصغيرة. كان أثاث الغرفة بسيطاً كأثاث بيت مزارع من مزارعي الشمال رقيقي الحال، الذين يتصفون بالملامح القاسية العنيدة ، لكن (مستر هيثكلف) كان على النقيض من مسكنه وأسلوب حياته. كان في
منظره كالغجر أسمر اللون، وفي ثيابه وعاداته وأخلاقه كسادة القوم، إلا أنه لم يكن يكترث بترتيب هندامه إلا قليلاً، لكن هذا الإهمال لم يكن يبدو واضحاً لأنه كان منتصب القامة، ظريف الشكل والهيئة، كان سكوتاً قليل الكلام، حتى إن بعض الناس كانوا يعتقدون أنه متكبر، غير أني كنت أشعر في قرارة نفسي بأنه لم يكن من هذا النوع من الناس. وعرفتُ بالغريزة أن تحفّظه ناشئ عن عدم رغبته في
إظهار مشاعره. إنه يحب ويكره في صمت... ولكن مهلاً، فلقد أسرع في الحكم عليه.
اخذ مقعداً بالقرب من نهاية الموقد مقابل المقعد الذي
جلس عليه مستر ميثكلف، وصمتُ فترة كنت أحاول فيها أن أداعب الكلبة الكبيرة التي كانت قد تركت صغارها وأخذت تلحس ساقي. أثارت المداعبة الكلبة فنبحت. عندئذ قال مستر هيثكلف بصوت أجش:
أفضل أن تدع الكلبة وحدها، إنها غير معتادة على مثل هذا، إنها لم تنشأ على الدلال».
ثم اتجه نحو باب جانبي في الغرفة وصاح: يا يوسف!». تمتم يوسف وهو في أعماق القبو بكلمات مُبهمة، ولكنه لم يُبي أية إشارة إلى أنه سيصعد، فهبط سيده إليه. وتركني وجهاً لوجه أمام الكلبة التي اشتركت مع صغارها في مراقبة جميع حركاتي. وبما أني لم أكن في شوق إلى الاصطدام معها جلستُ ساكناً، ولكن لسوء الحظ وجدتُ نفسي وقد أخذتُ أغمز وأشير إلى الكلاب بطرف عيني، فأثار ذلك الأم وقفزت على ركبتي. ردّدتُها إلى الوراء وسحبتُ
حالاً الطاولة لتفصل بيني وبينها، غير أن هذا العمل ألب علي جميع الكلاب الصغار، وهجمت كلها على قدمي وأطراف ثيابي، مما أرغمني على طلب النجدة والعون بأعلى صوتي من أهل البيت.
صعد مستر هيثكلف وخادمه درجات القبو ببطء، ولا أعتقد أنهما أسرعا خطوة واحدة أكثر من المعتاد، مع أن الضجيج والنباح كانا يملان الغرفة. ومن حسن الحظ، أسرعت إحدى السيدات من المطبخ، وهي تحمل في يدها مقلاة، وفصّلت بيني وبين الكلاب
مستخدمة المقلاة في ذلك. وبقي في الغرفة حتى دخل سيدها. سألني مستر هيثكلف وهو ينظر إلي نظرة لم أكن أستطيع أن أتقبلها بعد هذا الاستقبال غير اللائق: «ماذا حدث بحق السماء ؟.
أجبتُ متمتماً : أي عمل شيطاني هذا ! ليس في الوجود ارواح أسوا من الأرواح التي تتقمّص حيواناتك، يا سيدي. إني لا أدري كيف تستطيع أن تترك شخصاً غريباً مع هذه النمور المفترسة!،.
قال، وهو يضع زجاجة من النبيذ أمامي ويُعيد الطاولة التي كنت قد أزحتها: «إن الكلاب لا تقترب من الأشخاص الذين لا يلمسون شيئاً في الغرفة، إنها على حق في أن تكون حذرة متيقظة. خذ كاساً
من النبيذ». أجبته: «كلا ، شكراً لك.وسألني: هل آذتك؟».وقلت : كلا،.  قطب هيثكلف وجهه وقال: «تقدم، إنك مضطرب يا مستر لوك ود. خذ قليلاً من النبيذ. إن الذين يزورون هذا البيت قليلون جداً
حتى إني وكلابي لاني كثيراً من الصعوبة في كيفية استقبالهم. نخب صحتك يا سيدي!،.
انحنيت لأرد التحية، وابتدأتُ أشعر أنه من الحماقة أن أجلس كئيباً لسوء سلوك حيوانات لا تعي، بالإضافة إلى أني لاحظت أخيراً أنه استعاد مرحه. ومن المرجح أنه قد شعر هو أيضاً أنه من الحماقة
أن يؤذي شعور مستاجر أملاكه الطيب فخفّف من حدة كلماته، وأخذ يحدثني عن موضوع يلذ لي سماعه، وهكذا ابتدأ يشرح لي محاسن المكان الذي أقطن فيه ومساوئه. تبيّن لي أنه ملم بالمواضيع التي
تطرّقنا إلى بحثها، وقبل أن أعود إلى منزلي كنت قد قررتُ أن أقوم بزيارة أخرى له في الغد. إلا أنه كان على ما يبدو لا يرغب في أن تتكرر زيارتي، لكني سأذهب على الرغم من ذلك. كان الطقس بعد ظهر أمس بارداً ملبدة بالغيوم، ولذا فقد قررت أن أقضي وقتي إلى جانب الموقد بدلاً من أن أسير متخبطاً في
الأوحال، إلى (مرتفعات وذرينغ). غير أني بعد أن انتهيت من تناول غدائي، وصعدت درجات السلم المؤدي إلى الطابق العلوي، عدلت عن فكرتي عندما رأيت الخادمة تنظف الموقد، وقد أحاطت نفسها بالفحم وعيدان الأخشاب، وأرسلت الدخان في أنحاء الغرفة. عدت أدراجي فوراً وتناولت قبعتي، وأخذت طريقي إلى بيت جاري، وبعد أن سرت أربعة أميال وصلت إلى باب الحديقة، وفي ذلك الوقت أخذ الثلج
يتساقط. كان الهواء بارداً جداً، مما جعلني أرتجف من رأسي إلى أخمص قدمي، ولما كنت غير قادر على حل السلاسل، قفز من فوقها واتجهتُ مسرعاً عبر الممر الفسيّج بالعوسج وشجيرات الكرمة، وطرقت الباب طرقاً شديداً تردد صداه داخل البيت فنبحت الكلاب. وهمست قائلاً : تباً لكم أيّها التعساء، إنّكم تستحقون
العزلة الدائمة لسوء ملاقاتكم للضيف، إني لا أغلق أبواب بيتي في النهار على الأقل، ولكني لست أبالي... سأدخل .. ولما كنت مصمماً على أن أدخل البيت أمسكت بالباب وهززته بعنف، فبرز عندئذ وجه يوسف من نافذة مخزن الحبوب وقال: ماذا تريد؟ إن السيد غير موجود داخل البيت، إذا كنت تريد أن
تتحدث إليه عليك أن تبحث عنه في الحقل».
سألته : «ألا يوجد أحد في الداخل ليفتح الباب؟». .
أجاب: لا يوجد أحد سوى السيدة، وهي لن تفتح الباب، ولو بقيت تطرقه حتى منتصف الليل». .
قلت : ولماذا؟ ألا تستطيع أن تبلغها مَن أنا، يا يوسف؟». أجاب متمتماً: كلا، لا أود أن أتدخل في الأمر». واختفى وجهه من وراء النافذة .
أخذ الثلج يتساقط بغزارة بعد ذلك، فأمسكت باكرة الباب مرة أخرى لأحاول فتحه، وإذ بي أرى شاباً في الساحة الخلفية يحمل مشط الزراعة فناداني أن أتبعه. لحقت به فمرّ بي من وسط غرفة للغسيل، ومخزن للفحم إلى أن وصلت إلى الغرفة الكبيرة التي
استُقبِلتُ بها سابقاً. كانت الغرفة دافئة، مضاءة بوهج النيران المشتعلة في الموقد، وإلى جانب المائدة التي وضعت في الوسط، أعد عشاء فاخر. وبالقرب من الموقد جلست السيدة». انحنيت لها وانتظر أن تأمرني بالجلوس، إلا أنها رشقتني بنظرة ثم أسندت
ظهرها إلى الكرسي وظلت صامتة لا تُبدي أية حركة.
قلت مبتدئاً الحديث: إن الطقس قاسي اليوم، ولقد وجدتُ صعوبة في لفت انتباه الخدم إلي وأنا واقف أنتظر على الباب». إلا أنها لم تنبس ببنت شفة، فصمت كما ظلت هي صامتة، لكنها ظلت تنظر إلي ببرود وعدم اهتمام مما أثار السخط في نفسي زوبعد برهة قال الشاب الذي أوصلني إلى الغرفة بصوت أجش : اجلس! سيأتي حالاً،. أطعتُ أمره، ثم حاولت مداعبة الكلبة التي رأيتها في زيارتي الأولى وأشرتُ إليها أن ترفع ذيلها دلالة على أنها تعرفني.
وقلت للسيدة : حيوان جميل! هل تنوين يا سيدتي أن تتخلى عن صغارها؟».
أجابت المضيفة المحبوبة: إنها ليست لي.
اقترب من الموقد ثم عدت أعقب على الطقس وقساوة البرد في المساء .
قالت : ما كان ينبغي أن تخرج من بيتك». ونَهَضت عن كرسيها لتتناول صندوق الشاي عن الرف، لم يكن شخصها وملامحها واضحة قبل مواجهتها للنور، أما الآن فقد بدت هذه الملامح واضحة وجلية. وكانت ذات قد نحيل، وتبدو أنها قد تخطت عهد الطفولة بزمن طويل، كان وجهها جميلاً وأعتقد أنه أبدع
وجه صغير أثار في البهجة والسرور إذ نظرت إليه ؛ كانت شقراء ذات شعر ذهبي متموّج مسدل على جيدها الجميل الناعم، وكانت في عينيها جاذبية لا يستطيع المرء أن يقاومها. كان الصندوق بعيداً عنها
بعض الشيء، فتحركت من مقعدي لأساعدها إلا أنها صدتني، كما يصدّ البخيل إنساناً يحاول أن يساعده في عدّ ذهبه. وقالت: «إني لست بحاجة إلى مساعدتك. فأنا أستطيع تناوله وحدي.
أجبتها فوراً: «أرجو المعذرة!». سألتني : هل دُعيت إلى شرب الشاي؟. قلت: «سأكون سعيداً إذا ما شربت قدحاً من الشاي» . سألتني مرة أخرى: «هل دُعيت؟.
أجبتها مبتسماً : كلا، إنك الشخص الذي ينبغي أن يدعوني لذلك،. عادت إلى كرسيها، وقد قطبت جبينها، وزمت شفتيها القرمزيتين كطفل أجهش بالبكاء.
وفي أثناء ذلك كان الشاب ينظر إلي من طرف خفي كان بيني وبينه ثأراً قديماً. فوجدت من المستحسن أن امتنع عن ملاحظة نظراته وتصرفاته الغريبة، ولم تمض خمس دقائق حتى دخل مستر هيثكلف فأنقذني دخوله إلى درجة ما من حالتي المتعبة.
خاطبته وأنا أدعي السرور: «أرأيت يا سيدي، لقد حضرت حسب الموعد! وأخشى أن أكون رهين الطقس مدة نصف ساعة أخرى ثم أقفل عائداً إلى بيتي). قال، وهو ينفض ثيابه ليزيح عنها الثلج: «نصف ساعة؟ هل تعلم أنك تخاطر بنفسك وأخشى أن تضل طريقك وسط المستنقعات إن الناس الذين خبروا هذه الأراضي كثيراً ما يضلون طريقهم في مثل هذه الأمسيات، ويمكنني القول إنه ليس هناك أمل في أن يتحسّن الطقس». .
قلت: «ربما تستطيع أن ترسل معي أحداً من رجالك ليدلني على الطريق، ويمكنه أن يقضي الليل في (غرانغ) ويعود إليكم في الصباح
أجاب: «كلا! لا أستطيع أن أرسل أحداً».
قلت: «ألا تستطيع بالفعل! حسناً، ينبغي أن أعتمد إذاً على فطنتي». . أدار وجهه عني نحو السيدة الشابة وقال لها: «هل ستحضرين لنا الشاي؟». .
سألته: هل سيشرب معنا؟ (مشيرة إلي)».
أجابها بفظاظة أذهلتني: «أعدّي الشاي ! ولقد كشفت اللهجة القاسية التي تكلم بها عن طبع سيّئ، ولم أعد أعتقد أن هيثكلف شخص ممتاز.. وعندما أعد كل شيء على المائدة دعاني وقال: الآن تقدّم يا سيدي بكرسيك». . واقتربنا جميعاً من المائدة بما في ذلك الشاب. وساد الصمت في الغرفة بينما رحنا نتناول العشاء. وقلت مخاطباً نفسي إذا كنت أنا الذي سببت وجود هذه السحابة من الوجوم فمن واجبي أن أبذل
جهدي لإزالتها. ابتدأتُ الكلام قائلاً: «إنه لمن العجيب أن تستطيع العادة تكوين ميولنا وأفكارنا، فالكثير من الناس لا يستطيعون أن يتصوّروا وجود السعادة في حياة بعيدة كل البعد عن الناس، مثل الحياة التي تحياها يا مستر هيثكلف؛ ومع ذلك فإني أستطيع أن أقول وأنا محاط بأفراد عائلتك، وزوجتك المحبوبة». . قاطعني وقد ارتسمت على وجهه صورة من الحزن: زوجتي المحبوبة! أين هي زوجتي المحبوبة؟.  قلت: «أقصد السيدة هيثكلف».
أجاب: «حسن، نعم - أوه! إنك تقصد أن روحها تحرس مرتفعات وذرينغ مع أن جسدها غير موجود. هل هذا ما تعنيه؟ . ولما شعرت أني قد وقع في خطيئة حاولت أن أصلح ما تفوهت به. فقد كان ينبغي أن أرى الفارق الكبير بين عمر مستر هيثكلف والسيدة، إذ كان هيثكلف يناهز الأربعين من عمره بينما سنها لم تتجاوز كما بدا لي أكثر من سبعة عشر عاماً . . وفجأة لمح في خاطري أن الشاب الذي يجلس إلى جانبي ويأكل الطعام بيديه القذرتين هو زوجها، وأنه هيثكلف، الأصغر، طبعاً. وقد أكد هيثكلف ظني بقوله: «إن السيدة هيثكلف، زوج ابني». وأدار وجهه ونظر إليها نظرة ملؤها الكراهية.
قلت للشاب: لقد اتّضح الأمر الآن، إنّك المحظوظ بهذا
الملاك الجميل». . غير أن هذه الكلمات زادت الطين بلة، فقد زاد امتناع وجه الشاب، وبدا كأنه يستعد لمهاجمتي. لكنه كبح جماح نفسه على ما يظهر واكتفى بتوجيه بعض الشتائم إلي بصوت خافت، غير أني لم أعره أي انتباه.
قال مستر هيثكلف: «إنك مخطئ في تخمينك، يا سيدي إن رفيق أملاكك الجميل ميت. لقد قلت إنها زوج ابني. قلت: وهذا الشاب هو.
أجاب: «إنه ليس ابني !». ابتسم هيثكلف، كأنه من المضحك أن يكون ذلك الدب ابنه .
وقال الشاب بصوت أجش: إنّ اسمي «هارتون ارنشوه
وأنصحك أن تحترمه ...أجبته وأنا اضحك في قرارة نفسي من الأسلوب الذي أعلن فيه عن اسمه : إني لم أظهر لك أي احتقاره. وثبت نظره في وجهي، حتى بدأتُ أشعر بأن وجودي غير مستحسن وسط هذه العائلة، وانتهى العشاء دون أن يتفوّه أحد بحديث اجتماعي. واقترب من النافذة لأعرف حالة الطقس،
فوجدت منظراً حزيناً: لقد أسدل الليل ستاره قبل الأوان واختلط لون السماء بلون التلال إذ هبت الريح عاصفة وتساقط الثلج كثيفاً. قلت : إني لا أعتقد أنه من الممكن أن أصل بيتي سالماً بدون مرشد. إن الطرق قد دفنت بالثلوج.
قال هيثكلف: «أدخل يا هرتون الماشية إلى الحظيرة، وإلا فستُدفن تحت الثلج إذا تُركت في العراء طوال الليل،. أردفت قائلاً، وقد زاد اضطرابي: «كيف العمل؟». . لم يجب أحد عن سؤالي، وأدرتُ وجهي فرأيتُ يوسف وقد أحضر وعاء فيه حساء للكلاب، والسيدة هيثكلف منحنية فوق الموقد.
قلت: يا سيدتي، أرجو أن تسامحيني إذا كنت قد سببت لك إزعاجاً. هلا تكرّمت بإرشادي إلى معالم الطريق التي توصلني إلى البيت؟ فليس لدي الآن أية فكرة عن طريقي أكثر ممّا لدي عن الطريق إلى لندن!.
أجابت: اسلك في عودتك الطريق التي قادتك إلى هنا، وهذا كل ما لدي..
عندئذ قلت: «إذا ما سمعتِ أنه قد عثر علي ميتاً في حفرة من الثلج، فإنّ ضميرك سيؤنّبك على نصيحتك الخاطئة».
أجابت : كيف ذلك؟ إني لا أستطيع أن أرافقك. إنهم لا
يسمحون لي أن أصل إلى جدار الحديقة». .
صحت قائلاً: «أنت ! إني لا أسألك أن تجتازي هذه العتبة من أجلي في مثل هذه الليلة. إني أريد منك أن تخبريني عن الطريق، ولا اريد ان تريني إياها، أو حاولي على الأقل إقناع مستر هيثكلف أن يرسل معي مرشداً،. قالت: «مَن يرسل معك؟ إن هناك مستر هيثكلف نفسه، أرنشو، زيلا، يوسف، وأنا. أيا ما تريد؟». . سالتها : «أليس هنا بعض الصبية في المزرعة؟.
أجابت: كلا، لا يوجد أشخاص غير الذين ذكرتهم .
قلت: «إذن أنا مضطر أن أبقى الليلة هنا»..
قالت : يجب أن تدبر هذا الأمر مع مضيفك، أنا لا علاقة لي بهذا).
صاح مستر هيثكلف بصوت رزين من مدخل المطبخ: «إني آمل في أن يكون ذلك درساً لك في المستقبل، فلا تقم بجولة جديدة عبر هذه التلال، أما بخصوص بقائك هنا فإنه ليس في بيتي سرير إضافي للزائرين، وعليك أن تشارك هرتون أو يوسف إذا شئت ذلك»..
قلت: إني أستطيع أن أنام على كرسي في هذه الغرفة. عندئذ قال أرتشو التعس: لا ، لا إن الغريب غريب، أكان غنياً أم فقيراً، إنّي لن أسمح لأي إنسان أن يشترك معي في الغرفة»..
وبهذه الأمانة نفد صبري فتفوّهت بعبارات تنمّ عن امتعاضي، واندفعت نحو الساحة الألحق بارتشو. كان الظلام شديداً حتى إني لم أستطع أن أرى الطريق إلى الخارج، وبينما أنا ألتفت يمنة ويسرة سمعت الشاب يقول: «إنني سأرافقه حتى آخر الحديقة.
قال سيده : استرافقه إلى الموت ، ومن سيعتني بامر الخيول؟». قالت السيدة هيثكلف بصوت خافت، مبدية المزيد من اللطف أكثر مما كنت أتوقعه: «إن حياة الإنسان أهم من الاعتناء بالخيول ليلة واحدة. ينبغي أن يرافقه أحد ما. أجاب هرتون: «إننا لسنا تحت امرك. والأجدر بك أن تصمتي).
أجابت: «إذن لأهدى الله إلى مستر ميثكلف مستأجراً آخر حتى يسود الخراب (غرانغ)..
قال يوسف: «اسمع اسمع، إنها تصب عليه جام غضبها !». كان يوسف يحلب البقرات على نور المصباح، اقتربت منه ، وأمسك بالمصباح وأسرعت إلى الخارج وأنا أحمله وقلت له إني ساعيده غداً صباحاً ! صاح الرجل الشيخ وهو يلحق بي: «سيدي، سيدي، لقد سرق المصباح، أمسكوه! أمسكوه.
وفتح الباب الصغير، فاندفع منه وحشان وقفزا علي وطرحاني أرضاً وانطفأ المصباح، ولسوء الحظ أن الوحشين على ما يبدو كانا يقصدان النباح وليس القضاء على حياتي. وقد أرغمتُ على أن أظل
مستلقياً على الأرض حتى تكرّم سيدهما بإنقاذي. وما أن انتصبت قائماً حتى طلبت أن يتركني اخرج من البيت وأنا أنتفض من ثورة الغضب. وقد كان من شدة غضبي أن نزف الدم من أنفي، غير أن هيثكلف انفجر ضاحكاً فكان ذلك بالنسبة لي إهانة جديدة . ولا أعلم
ما الذي كان سيختم به هذا المنظر لو لم تدخل زيلا، المرأة البدينة لتعرف مبعث الضجيج.
كانت تعتقد أن أحد الكلاب قد آذاني، ولما لم تك تجرؤ على أن تهاجم سيدها، صبت جام غضبها على الوغد الأصغر. وقالت : حسناً، يا مستر أرنشو، إني أستغرب ماذا تنوي أن تفعله الآن، اتود أن تقتل امرءاً على عتبة منزلك؟ إني أرى أن هذا البيت لم يعد يصلح لي - انظر إلى المسكين، إنه يرتجف .. وطلبت إلي أن أتبعها إلى المطبخ حيث صبّت فوق عنقي فجاة قليلاً من الماء البارد. ولحق بنا مستر ميثكلف وسال زيد أن تعطيني كأساً من البراندي ثم دلف إلى الغرفة الداخلية بينما أخذت هي تبدي أسفها لهذا الحادث الأليم. كنت أشعر بضعف شديد ودوار، فما أن
أخذ قليلاً من البراندي حتى انتعشتُ بعض الشي، وعند ذلك قادتني زيلا إلى الفراش .

اختطاف الأخت الخطأ  🔞🔞🔞حيث تعيش القصص. اكتشف الآن