مرتفعات وذرينغ 2

Start from the beginning
                                    

وصلتني رسالة مجلة أطرافها بالسواد وفيها يحدد مستر لنتون يوم عودته من لندن، ويطلب مني أن ألبس ابنته السواد حداداً على وفاة إيزابيلا شقيقته، وأعدّ غرفة إلى ابن أخته الشاب. وقد طارت كاثرن فرحاً عندما علمت بعودة والدها، وراحت تفكر كيف يكون ابن عمتها . ولما حل يوم وصولها شرعت منذ الصباح الباكر في ترتيب شؤونها وارتدت ثوبها الأسود الجديد. وأرغمتني على مرافقتها إلى الحديقة لتنتظر أبيها وأبن عمتها. ولما نزلنا إلى الحديقة
أخذت تحدثني عن لنتون وقالت إنها تعلم أنه أصغر منها سناً بستة أشهر، وأضافت تقول إن عمتها إيزابيلا كانت قد أرسلت إلى والدها خصلة جميلة من شعره، فبدت شقراء أكثر من شعرها. وقد احتفظت بها في صندوق زجاجي وهي في انتظار اليوم الذي ترى فيه
صاحبها. وأعربت كاثرن عن ابتهاجها و سرورها بوصول ابن عمتها، لأنه سيصبح رفيقاً لها.
وقد انتظرنا طويلاً وصول مستر لنتون وأخيراً لاحت لنا العربة في الأفق البعيد واقتربت رويداً رويداً حتى وصلت إلى البيت، وما أن أبصرت كاثي وجه أبيها من نافذة العربة حتى أخذت تصيح وتصفق بيديها فرحاً وسروراً . وهبط والدها من العربة وهو أشد ما يكون شوقاً لرؤية ابنته. وبينما هما يتبادلان القبل، تطلعت من نافذة العربة لأرى لنتون الصغير، فوجدته نائماً في ركن العربة ملتفة بعباءة من الفرو . كان شاحب اللون ناعماً كالفتاة، يشبه سيدي شبهاً كبيراً حتى يخيل للمرء أنه أخاه الصغير، لكنه كان يبدو ضعيفاً معتل
الصحة على العكس من خاله. ولما رآني سيدي أنظر إلى الفتي، نصحني بعد أن صافحني، بأن أترك باب العربة مغلقاً حتى لا أزعج الصبي لأن الرحلة كانت
شاقة بالنسبة إليه، ورغبت كاثي في أن نلقي نظرة عليه، إلا أن والدها طلب منها أن ترافقه إلى البيت وأسرع أمامهما لأوجه للخدم تعليماتي وقد سمعت الوالد يقول لابنته: اسمعي، يا عزيزتي، إن ابن عمتك ليس قوي البنية، مثلك، وهو حزين لأنه فقد والدته منذ زمن قصير جداً. لذلك لا تتوقعي منه أن يبادر إلى اللعب معك حالاً ولا تزعجيه كثيراً بكلامك، وأرجو أن تتركيه ينام هادئاً هذه الليلة على الأقل».
أجابت كاثرن: نعم، نعم يا والدي، ولكني أود أن أراه على الأقل.. وأيقظ الشاب بعد قليل، وأنزله خاله من العربة. وقال له وهو يضع يده بيد كاثرن: إن هذه ابنة خالك كاثي يا لنتون. إنها مغرمةوبك وارجو الا تحزنها بالبكاء هذه الليلة، حاول أن تكون مرحاً الآن. لقد انتهت رحلتنا وما عليك الآن إلا أن ترتاح، وتسعد نفسك بما تحب وترضى.
قال الفتى بعد أن امتنع عن تحية كاثرن ورفع أنامله الصغيرة ليمسح الدموع عن وجنتيه: اتركيني أذهب إلى سريري»..  همست في أذنه : تعال، أيها الفتى الطيب، إنك ستدفعها إلى البكاء في بكائك - انظر كم هي حزينة من أجلك !،. ودخل الثلاثة البيت، وتوجهوا إلى المكتبة حيث كان الشاي قد أعدّ لهم. وحملت لنتون ووضعته على كرسي إلى جانب المائدة، وما كاد يجلس على الكرسي حتى انفجر باكياً من جديد، فسأل سيدي عن السبب.
أجاب الصبي : إني لا أستطيع أن أجلس على الكرسي..  قال خاله: اجلس على الأريكة إذن، وستحضر لك ألن الشاي». واستجاب لنتون إلى طلب خاله، فحملت كاثرن عندئذ كرسياً صغيراً ووضعته إلى جانبه ثم أحضرت قدحاً من الشايوجلست بالقرب منه هادئة بادئ الأمر، ولكنها لم تستمر كذلك. إذ بدأت بعد وقت قصير تلمس خصلات شعره وتقبل وجناته، وتقدّم الشاي له في معلقة كطفل صغير. وقد سرّه ذلك لأنه لم يكن بالفعل غير طفل حقاً، فجفف مآقيه وبدت على محياه ابتسامة فاترة. وظل سيدي يراقبهما بضع لحظات ثم قال: «شيء حسن إذا
استطعنا أن نبقيه عندنا ألن، إن رفقته لكاثرن ستثير فيه روحاً جديدة حالاً وسيستمد من ذلك قوة وجرأة». . قلت مخاطبة نفسي: إذا استطعنا الاحتفاظ به !،.
ولما انتهى الجميع من تناول الشاي، رافقت الطفلين إلى غرفة النوم، ولم أغادرها حتى رأيت لنتون يغرق في نومه، وما أن هبطت من الغرفة إلى القاعة وكنت أهم بإشعال المصباح وإذ بإحدى الخادمات تقبل من المطبخ وتهمس في أذني قائلة: «إن خادم مستر
هيثكلف بالباب وإنه يرغب في مقابلة سيدي..
قلت في اضطراب شديد: لماذا يريد منه في مثل هذه الساعة؟ إنه ليس من اللائق أن أزعجه في هذا الوقت وخاصة أنه عائد من رحلة طويلة. إني لا أعتقد أن سيدي يستطيع أن يستقبله،. وما أن سمع يوسف هذه الكلمات حتى تقدم نحوي ووقف في مدخل القاعة. كان يرتدي ثياب يوم الأحد، ويحمل قبعته في يده
ويمسك في يده الأخرى عصاه. قلت له: طاب مساؤك يا يوسف، ما الذي حملك على المجيء إلى هنا هذه الليلة؟». أجاب : إني أود مقابلة سيدك.
أردفت قائلة: «لقد ذهب مستر لنتون إلى فراشه. إذا لم يكن عندك شيء هام تود أن تبلغه إياه، فإني متأكدة بأنه لن يستمع إليك في هذه الساعة. من الأفضل أن تبلغني ماهية رسالتك. قال وهو يجيل النظر في الأبواب المغلقة : «أين غرفة نومه؟).
تبين لي أنه مصرّ على مقابلة سيدي، فتوجهت إلى المكتبة وأعلن وصول الزائر غير المنتظر، وأشرتُ إلى مستر لنتون أن يصرفه حتى يوم غد. وقبل أن يوافق على هذا الرأي كان يوسف قد الحق بي ودخل الغرفة ووقف غير بعيد عن المائدة وقد قبض براحتيه على رأس عصاه ثم قال بلهجة عالية متوقعاً معارضته :
لقد أرسلني مستر هيثكلف لأحمل إليه ابنه وانه لا يمكنني العودة إلى البيت بدونه.
صمت إدغار لنتون برهة قصيرة وظللت ملامحه سحابة من الحزن الشديد، فقد تذكر إيزابيلا وخوفها على ابنها، ووصيتها له بالمحافظة عليه وتربيته تربية صالحة. وأجهد فكره باحثاً عن طريقة بنجي بها الطفل من أبيه ويظل محتفظاً به فلم يهتد إلى أية طريقة. ولم يتبق أمامه إلا أن يسلم أمره إلى الله ويسلمه إلى والده. غير أنه لم يوافق على إيقاظه من نومه في تلك الساعة وقال ليوسف بهدوء: أبلغ (مستر ميثكلف) أنني سأرسل ابنه في صباح غد إلى
مرتفعات وذرينغ، إنه الآن نائم وتعب جداً. وأبلغه أيضاً أن والدته قد أوصتني بأن يظل تحت وصايتي، وأن صحته في الوقت الحاضر مضطربة،.
قال يوسف بلهجة الأمر وهو يضرب الأرض برجله: كلا، إن هيثكلف لا يبالي بأقوال أمه، ولا يبالي بأرائك أيضاً، أنه يريد ابنه ويجب أن آخذه معي، أوافقت أم لم توافقه. أجاب لنتون حازماً : «لن تأخذه هذه الليلة، اخرج حالاً من هذا البيت، وأعد على مسمع سيدك ما أقوله لك. اخرج من هنا». وقد العجوز من يده إلى خارج الغرفة وأغلقت الباب خلفه .
صاح يوسف وهو يبتعد عن الغرفة: «حسناً سياتي هو بنفسه، وعندئذ اطردوه إذا كانت لديكم الشجاعة الكافية».

اختطاف الأخت الخطأ  🔞🔞🔞Where stories live. Discover now