السابع.

34 8 27
                                    

القلق والتوتر كانا المُسيطرين على الأجواء، لطالما كرهتهما «رانيا» ومقتت الأوقات التي يُصيبانها فيها، أما «رنيم» فكانت سبب قلقها في كل مرة، فرغم كونها شقيقتها الكُبرَى إلا أن تصرفاتها أقل عقلانية منها..!

ضمت الغرفة خمسة أشخاص منهم «رانيا» و«هشام» وصديقات «رنيم»، إلتفوا حول سريرها مترقبين حركةً منها بعد أن سمعوا تشخيص الطبيب وكانت آثار هذا الحادث كسر في يدها اليُمنى وفقدانها للوعي، لحسن الحظ أن صديقتيها لم تتأذيا وأسرعتا بنقلها لأقرب مستشفى.

دبّت الحركة في الغرفة بعد أن فتحت عينيها مُتفحصة المكان حولها، فسرعان ما سحبت «رانيا» مقعدًا لتجلس بجوارها وتلتقط يدها اليسرى قائلة:

- ليس جديدًا على متهورة مثلك أن تقلقنا لهذا الحد، أخبرتكِ من قبل أن قيادتكِ سيئة، حمدًا لله أن المصيبة لم تكن كبيرة تلك المرة.

طالعهما هشام مُبتسمًا، لاحظ وجه الشبه بينهما خصيصًا حين ردّت «رنيم» بنبرات متهدجة مرهقة:

- عودي إلى القاهرة، لا تنقصني سخافتكِ!

قاطعهما إقتحام أحدهم للغرفة لتلتفت الأنظار نحوه وتتنهّد «رنيم» قبل أن تعتدل بجلستها.

نهضت «رانيا» لتخرُج من الغرفة وأشارت لـ«هشام» أن يتبعها، فنفّذ رغم جهله بما يحدث، وكذلك صديقات «رنيم».. لتبقَى وحدها برفقته.

إلتفتت «رانيا» لـ«هشام» فقرأت علامات الإستفهام التي ملأت عينيه قائلة:

- إنه أحمد.. زوجها، لقد تشاجرا منذ أيام وأتمنى أن يحلّا الأمر.

هزّ رأسه متفهّمًا، ثم إستطرد:

- من بين كل التوقعات لم أتوقع أن يكون لديكِ شقيقة... ومتزوجة!!

فإبتسمت لتوضّح الأمر:

- أجل، فتفكيرنا يختلف كثيرًا.

لاحظت تسلل الصمت فيما بينهما ليغلف الأجواء بشيء من الملل، فسألته لتخلق حديثًا:

- وأنت، ألديك أشقّاء؟

أجابها مبتسمًا:

- لديّ واحدة تكبرني بعامين، تُحِب جلبي للمستشفيات من حينٍ لآخر كذلك..

فضحكت لتنتظر منه المزيد دون أن تحثّه على الحديث، فتابَع:

- هي وإبنها هما ما تبقّى لي من عائلتي بعد موت والداي على فراش المرض.

إبتسم لمرور ذكرى أنعشت حنينه للماضي، وقال:

- ورثتُ عن أبي حب الكوتشينة، لم ينفكّ يهزمني كلما لعبنا.

شاهَد إبتسامتها تحتلّ ثغرها وهي تطالعه، وسألها:

- أتلعبين الكوتشينة ضدّي ذات يوم؟

قلب لا ينبض.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن