الحادي عشر.

80 5 17
                                    

تسلك أحلام كل فتاة في سن الشبابِ مسارًا واحدًا لا شذوذ فيه، ولا اعتدال عنه؛ الفستان الابيض الطويل الذي يكتنفُ جسدها، والخاتم الذي يقيّد بنصرها، وفارس احلامها في حلّته السوداء يشاركها كوشتها...

أما «رانيا» قد تحلّت بنضجٍ كامِل، ومدارك واسِعة، وطموحات جليّة كانت كافية لمنحها الجرأة لإختيار إتجاه مُخالِف... أحيانًا تتجه أحلامنا نحو الخيال العلمي ورغبتنا بإختراع آلة للزمن! أو مركبة فضائية! أو عصاة سحرية تفوق قدراتها كل المدارك والأخيلة! وهذا كل ما تتمنّاه «رانيا» الآن... عصاة سحرية بين يديها تُشير بها إلى والدتها فتُجمّدها.... حتى يمرّ وقت المُحاضرة التي حفظتها جيدًا ثم ترجعها إلى طبيعتها...

تناولت رأسها بين كفّيها لتستمع لكلماتها المحفوظة المُتكرِّرة:

- يا ابنتي، ان لم تحصلي على عريس في العقد الثاني من عمرك متى سوف تحصلين عليه؟! ان الشباب فانٍ، إن كنتِ لا تكترثين لعمرك فإنظُري لعُمري! متى سيصبح لي أحفاد؟!

تستمرّ في القاء هذا الكلام عليها لِما يُقارب نصف ساعة على أمل أن تحصل على رد مختلف... لكن في كل مرة تجيبها «رانيا» في هدوء:

- صدِّقيني يا أمي إفناء شبابي في العمل أفضل ألف مرّة من البحث عن حبٍّ فارغٍ، ومشاعرٍ ضالة.

لا تُريحها كلماتها ابدًا، ولا تقنعها او تسكتها... حتى يقتحم زوجها خلوتهما ويعلّق:

- دعيها تفعل ما تجد فيه راحتها... أنا أثق بقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المُناسِب.

فتقفزُ «رانيا» متهرّبةً من هذا الحديث، راميةً برأسها على صدرِه قائلةً:

- كيف لي أن أجد حبيبًا سواك؟!!

فتبدأ والدتها بالانتقام لغيظها من برودهما وترمي بكلماتٍ تُصيب كل من في المنزل بتهكّمٍ وإهانة وسخرية:

- وما الذي انتظره منك؟ انت توافقها دائمًا في كل شيء وإن كان خطئًا جثيمًا! إفرح بإبنتك حين تأتيك باكية لنعت الجميع لها بالعانس..

تأتي كلماتها بنتيجةٍ عكسيةٍ تمامًا حيث ينفجرا ضاحكين، وتذهبُ «رانيا» لتطبع قبلةً على خدها قبل ذهابها للعيادة...

كرهت أن تكون أمها ذات نظرة سطحية، وافكار تقليدية لا تمت رغبات ابنتها بصِلة! ولطالما تقبّلها ابوها بكل معتقداتها الغريبة ثقةً منه بأنها بلغت من الرشدِ ما لا يصيب قلبه بالقلق... فإطمئنان الأهل على إبنتهم لا يكمُن في بابٍ موصد عليها مع رجلٍ يشاطرها مستقبلها! بل في تربيةٍ صالحة ونوايا طيّبة وثقافةٍ تُجنّبها الوقوع في المخاطِر...

*****

يهزّ رأسه في ملل وهو يسمع الشتائم التي لا ينفكّ «عادل» عن قذفه بها منذ ان علم بأنه رفض السفر معه واصدقائه في عطلة قصيرة لا تزيد مدتها عن اسبوع، فأول ما قفز في ذهن هشام؛ اهدار سبعة ايام من التحدي! فسارع بالرفض.. ولم يخفِ السبب وراء ذلك، حيثُ جُنّ جنون «عادل» حين اكتشف ان «رانيا» هي السبب، وراح يصيحُ في غضب:

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Feb 04, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

قلب لا ينبض.Where stories live. Discover now