أشار حسام لمجد للإجابة، فقال هذا الأخير:

"عندما تم أخذ سلمى معنا تلك الليلة قمنا بتركها عند عمتي التي كانت تقطن في ذلك البيت حيث..."

فهمت هي أي منزل يقصد، أي المنزل الذي حدثت فيه آخر عملية لها. فأومأت له بخفة ليتابع هو:

"ذهبنا نحن الثلاثة لمدينة أخرى حيث اختفينا لبعض الوقت، وبعد إعلامنا بخبر مقتل والدي لم نكن نعلم ما سنفعله بسلمى. كان والدي قد أخبر عمتي بكونها ابنة صديق عزيز قد تم إدخاله السجن لسنوات عديدة، وطلب منها الإعتناء بها لحين عودته هو لأخذها لمكان آمن، لكنه لم يعد."

شعر بضيق نفسه فأخذ نفسا عميقا قبل أن يردف:

"بعد وفاته لم أدري ما أفعل، عمتي لم تكن تعلم بكل ما حدث مؤخرا، وأنا كنت خائفا جدا من تورطي أنا وأخي بجرائم أبي تلك. بعد أيام اكتشفت عمتي مرض سلمى، وقد أصرت على علاجها والإعتناء بها كما كان وعدها لأخيها..

وهكذا مضت الأيام بسرعة، استأنفتُ حياتي و دراستي متناسيا أمر الطفلة وعائلتها، أصبحت سلمى جزءا من عائلة عمتي التي كانت تعتبرها أحد بناتها، ونظرا لمرضها والوضع الذي خمنت بأن تكون عليه عائلتك أقنعت نفسي بأنه ليس من الصواب بأن نعيدها، وكم كان ذلك قرارا مجحفا في حقكم. قررنا بعدها نسيان كل شيء عن الماضي وعدم النبش فيه، إلى أن ظهرت أنت في حياتنا فجأة"

حدقت به مطولا تستمع لأول مرة لبعض التفاصيل الجديدة، أما يونس فقد كان على علم بكل ذلك فقد أخبره مجد بكل شيء أول مرة التقاه بها.

ران سكوت مطبق بينهم لدقائق مضت ثقيلة، حتى تكلمت هي:

"حسنا، أعتقد بأنه لو لم أدخل عالم العصابات لما استطعت إيجادكما بسهولة، وما كان والدي الآن هنا بيننا...حتى أنني لم أكن ربما لأرى أختي مرة أخرى أبدا! "

استقر نظرها على حسام مردفة:

"رغم كل شيء سيء مررت به في سبيل الوصول إليكما وإيجاد أختي فأنا لست نادمة الآن مطلقا! في النهاية فنتيجة ذلك تستحق المغامرة وذلك العناء، ثم من قال بأنه سيأتي يوم علينا نجلس فيه سويا حول طاولة واحدة؟!"

أومأ مجد موافقا، فيما أشاحت هي نحو والدها سائلة:

"ذكرت أنت ومجد شيئا عن مرض أختي، وأنا لا أتذكر أنها كانت مريضة ولا حتى أمي سبق لها وذكرت ذلك، فكيف ذلك يا أبي؟"

وضع يونس يده فوق يدها التي لاحظ برودتها، يجيبها:

"قبل أيام من عملية والدتك اكتشفت مرض شقيقتك، كان مرضا في الكبد يلزمه علاج مطول وعناية كبيرة، كنت أريد الإنتهاء من عملية والدتك حتى تستعيد قدرتها على المشي قبل أن أصارحها بوضع سلمى، لأنها إن علمت بمرضها ذاك قبلا فلم تكن لتوافق على إجراء عمليتها هي لأجل علاج ابنتها أولا بذلك المال الذي كانت تعرف بأنني قمت فقط باقتراضه"

وضعت يدها على فمها جراء سماعها بخبر مرض أختها ذاك، لاحظ مجد خوفها من أن يكون شيء سيء حدث لها فقال مضيفا على كلام والدها:

" لحسن الحظ فقد اكتشفت عمتي مرضها ذلك بسرعة وعرضتها على طبيب تابع وضعهها حتى شفيت، وهي الآن بخير وسترين ذلك عندما ستلقينها مباشرة يوم غذ!"

توجهت أنظار الثلاثة المدهوشة بمن فيه حسام صوب مجد، متفاجئ هو بدوره لسماع ذلك منه. أضاف مجد موضحا:

"اتصلت بي العمة تخبرني برغبة سلمى في لقاءكم جميعا في أقرب وقت ممكن، كما أني أعتقد بأنكم أيضا متشوقون لرؤيتها، لذا لا أرى ضرورة لتأجيل الأمر أكثر. فما رأيكم بهذا"

أيده يونس:

"أتفق معك، سوف نكون جاهزين يوم غد وفي الموعد الذي تراه مناسبا لإنطلاقنا"

سعد مجد بموافقته على قراره المتسرع ذاك، فقال:

"إذا اتفقنا، سوف أسبقكم إلى هناك منطلقا هذا المساء، وأنتم الأربعة سوف تأتون صباح يوم غد باكرا وسوف يوصلكم أخي حسام بسيارته، أعتقد بأنه سيسعدُ بمد يد العون لكم، صحيح يا أخي؟"

وجه آخر سؤال لحسام الذي لم يصدق أن مجد يطلب منه مثل ذلك الطلب، فلما لا ينتظر "البطل العادل "حتى يرافقهم بنفسه؟ ألا يخش مثلا أن يقلب السيارة عليهم رأسا على عقب!؟

ما إن شاهد عيونهم تحدق به بانتظار إجابته حتى أجاب موافقا:

"حسنا، سأفعل ذلك"

تنهد مجد بأريحية يقول:

"وبهذا أعتقد أننا انتهينا من جلسة نقاشنا، في حال كان لدى أحدكم أي سؤال آخر فيمكنه طرحه الآن أو لاحقا، لأننا وعلى ما أعتقد بأننا سوف نلتقي كثيرا من هنا وصاعدا"

نهاية الفصل الثامن عشر.

انتم ايضا ان كان لديكم اي سؤال فمرحبا، ورجاء لا تبخلو علي بتصويت او تعليق.

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)Where stories live. Discover now