(17)

219 15 6
                                    


سارت سمر  بجانب مجد عائدة إلى البيت، وقد اقتنعت بعدما قاله لها بضرورة المواجهة العقلية مع والدها. 

هو في النهاية والدها كما هو الحال بالنسبة لأختيها، وزوج والدتها التي لن ترفض عودته مهما فعل معها. لذا لن يكون منصفا بأن تحرمهما منه فقط لأنها لا ترغب برؤيته.

عليها تقبل وجوده معهن حتى وإن لم تقدر على مسامحته في وقت قريب. ستسمع له قبل كل شيء، وستحاول إيجاد مبرر له، فلا بدا من أن يكون هناك سبب دفعه لفعل ذلك معهن.

أخبرته في طريقهما للعودة إلى البيت، تنظر نحو الأمام مع شبح ابتسامة:

"أعتقدت بأنك ستأتي رفقة سلمى يا مجد، كنت سعيدة جدا وجهزت كل شيء لاستقبالها، وعندما رأيت والدي رفقتك شعرت بالخيبة والغضب. ظننتك تصر على إبعادها عنا بذلك أكثر...ربما لهذا تصرفت على ذلك الشكل"

أشاحت نحوه فوجدته ينظر نحوها على وجهه ابتسامة هادئة. فرد عليها :

"كان يجب عليَّ إخبارك بهوية الضيف قبل حضوره معي، أما عن سلمى فسترينها قريبا جدا كما سبق ووعدتك. كنت أريد تأجيل لقاءها بكم لحين خروج والدك من السجن، سيكون من الأفضل لها التعرف على عائلتها الصغيرة بأكملها"

أومأت له توافقه، وفجأة تذكرت سؤاله عن كيف تم الإفراج عن والدها وهو المحكوم عليه بالعشر سنوات كاملة، فتوقفت تسأله عما يشغل بالها، فأجابها بإيجاز:

"القضية التي سجن فيها والدك كانت لها حيتيات مخفية، وتلك قصة أخرى ستعرفينها لاحقا. الآن عليك الإهتمام فقط بقصتك أنت مع والدك، وسنلتقي في أقرب وقت لتوضيح كل شيء"

وقف مجد إلى جانب سيارته أمام المبنى، فسألته أن يصعد معها للبيت تدعوه لتناول الطعام معهم، إلا أنه رفض بلباقة، على أمل تلبية دعوتها مرة أخرى.

ودعته للتابع طريقها للمنزل، تتمنى أن يسير كل شيء على ما يرام.

***

فتحت الباب تطل عليهم مترددة قليلا من الدخول، أخذت نفسا عميقا لتدلف عليهم حيث اتجهت جميع العيون صوبها.

نهض والدها من بين والدتها وسيلين يحدق بفتاته الكبرى وقد أصبحت شابة يافعة. حرمته السنين من رؤيتها تكبر عام بعد عام، وجف حبها له من قلبها نقطة بعد نقطة بعد أن كان نهرا تغدقه به. وسيفعل أي شيء ليسترجع ابنته لحضنه.

"سمر! يا حبيبة روح أبيها"

نطق يقترب منها بخطوات وئيدة بينما هي وقفت مكانها، مستشعرة وقع تلك الكلمات التي لم تسمعها منذ زمن بعيد؛ حبية روح أبيها!

فتح ذراعيه لها يختبر مدى غضبها منه، لو أنها تسامحه فسوف ترمي بنفسها بين يديه ولو لم تقل شيئا. أما إن لم تقدر بعد على غفران خطئه فسوف تشيح عنه بغضب كما كانت تفعل وهي طفلة!

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن