(7)

226 17 10
                                    

(ألاعيب)

مع بداية يوم روتيني جديد، فكرت سمر في أنها و إن استمرت في عملها هذا لوقت طويل فقد يتغير لون بشرة يديها للأبيض لكثرة ملامستها للمبيض والمطهرات كل صباح.

ولأنها لا تريد أن تشتكي أو تتدمر من أجل الحفاظ على تواجدها بينهم، فقد تحملت كل ذلك بالإضافة إلى تعامل حسام الجاحف في حقها أحيانا.

خرجت من غرفة المطبخ تحمل الدلو الذي استعملته في مسح أرضية الشقة،  تتنفس الصعداء لإنتهائها أخيرا من حصة التنظيف تلك.

تركت الدلو الممتلئ بالماء العكر بجانب باب الحمام تنتظر خروج شيرين منه لتفرغ محتواه، بينما اتجهت هي عائدة نحو المطبخ لتنزع عنها القفازين والمئزرة التي كانت ترديهما.

ما أن انتزعت قفازيها حتى سمعت صوت أشبه بارتطام أتٍ من خارج الغرفة. ظنت في البداية أنها شيرين ربما التي أوقعت شيئا ما، لكن ما إن سمعت صوت حسام العالي مناديا على شيرين، حتى أدركت أن أمرا ما حدث.

خرجت مسرعة إليه لترى ماذا حدث وأزعج الفتى "المستاء" ويا ليتها لم تفعل وتركت شيرين تمتص غضبه مع كل محتوى الدلو الذي انسكب على أرضية المكان.

تسمرت مكانها بفاه مفتوح تنظر لتلك الجداول من المياه العكرة التي اتخذت طريقها في كل اتجاه، بينما كان هو يحاول حماية حذائه الفاخر بتقزز من ذلك المنظر.

نظر إليها باستياء أكثر تحديدا على تحديقها به دون التحرك لفعل شيء بسرعة فصاح بها :

" من الغبي الذي ترك هذا وسط طريقي؟ ولما أسأل على كل حال؟ من غيرك أنت ِقد يفعلها!"

هزت رأسها عدة مرات تستنكر قوله، هي متأكدة من أنها تركت الدلو بمحاذاة الجدار قرب باب الحمام حيث يستحيل أن يصطدم به في طريقه دون أن يراه.

في تلك اللحظة خرجت الآنسة شيرين من الحمام، حيث كانت تأخذ كل وقتها في إصلاح تبرجها. اندهشت هي الأخرى من ذلك المنظر، ونظرت قاطبة بين حاجبيها في اتجاه سمر قبل أن تعود بنظرها لحسام تحاول تهدئته والإعتذار له.

تحركت سمر من أمامهما لتجلب ما يلزمها لإصلاح تلك الفوضى قبل قدوم مجد أو شخص آخر. حاولت إيجاد تفسير منطقي لما حدث، وهي لن تستغرب إن علمت أن حسام هو من فعل ذلك قصد إدلالها لا غير.

لكنها لا تجد سببا مقنعا لقيامه بذلك، بل وسبب شعورها دائما كونه لا يتقبل تواجدها هناك بأي شكل من الأشكال.

إن هو لم يتذكر من تكون فليس هناك أي سبب يجعله يبغضها هكذا، وهي ترى تعامله المختلف مع شيرين وذلك يثبت لها بكونه ليس من النوع الذي يعادي أي شخص بلا سبب. فقط لما لا يكون كشقيقه الهادئ والمسالم؟

ما أن انتهت من ذكر مجد في سرها حتى كان قد دخل المكتب بالفعل. ألقى التحية ينظر لمنظر سمر على الأرض بشيء من الإستنكار، بينما تجلس شيرين خلف مكتبها بتعالي لا نظير له.

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن