(18)

190 16 10
                                    


بعد بوحها واعترافها لوالدها في تلك الليلة، شعرت سمر وكأن آخر قناع كان بحوزتها قد سقط، مخلفا خلفه ملامحها الحقيقية والتي كادت تنساها لكثرة الأقنعة التي ارتدتها سابقا.

إنها و لأول مرة لا تخاف من شيء، تمشي في الشارع لا تخشى الشرطة ولا تلتفت يمينا وشمالا، هي الآن مستعدة لكل شيء سيحدث مهما يكن.

لم يكن من السهل عليها الإعتراف لوالدها بالحقيقة كلها خشية أن يخيب ظنه أو يحكم عليها، إلا أنه كان متفهما شاعرا بالذنب فقط لما وصلت إليه، فلو أنه استمر بالتواصل معها حتى وهو في سجنه فلم تكن صغيرته لتدخل عالم جربه هو نفسه ولذغ بسمه.

هو من ظن أن بابتعاده ومنع بناته من رؤيته تماما سوف تنسيانه مع ماضيه المخزي، لكن إحداهما بقيت عالقة في ذلك الماضي الذي يعيش حاضرها وتوغلت كثيرا به.

كانت نهاد وفي كل زيارة تقوم بها له عند بداية كل شهر تخبره عن تفاصيل حياة ابنتيه، دراستهمها وكل جديد يطرأ في حياتهما. لكنها هي نفسها لم تكن على علم بذلك الجانب الآخر من حياة ابنتها البكر لتخبره.

في ذلك اليوم كانت سمر على موعد هي و والدها مع مجد، هذا الآخير الذي فضل أن يكون اجتماعهم في شقته بدل المكتب ليتحدثا بعيدا عن أجواء العمل.

استقبلهما وكأنها ضيفين عزيزين، متجاوزا كل ما حدث بينهم في الماضي.

كان حسام متواجد أيضا، ورغم كل شيء فهي قد لاحظت كونه لم يستطع بلع حقيقة وجودها حوله. قدم مجد القهوة ليجلسوا حول طاولة النقاش استعدادا لفتح ملفات الماضي.

وكان مجد أول المتحدثين إذ قال:

"اجتمعنا اليوم للكشف عن كل الخفايا والأسرار التي بقيت مخفية عنكما ولوقت طويل. أتمنى من صميمي أن بعد هذه الجلسة سوف نرمي ماضينا الأسود خلف ظهرنا لنستقبل يوما جديدا، لأجل شخص واحد تهمنا جميعا مصلحته"

سألته سمر:

"وهذا الشخص هي سلمى صحيح؟"

أومأ لها مؤكدا، فقال يونس يمرر نظره على الثلاثة:

"أعتقد أنه علينا البدأ في سرد الأحداث من البداية، السبب في حدوث ذلك الخلاف بيني وبين والدكما رحمه الله "

أيده مجد وسمر فيما التزم حسام الصمت، ليتابع يونس:

"في تلك السنة خططت أنا و رضوان لعملية كبيرة كانت ستكون الأخيرة بيننا، لأنني بعدها كنت مخططا لمغادرة المدينة بشكل نهائي لبداية حياة جديدة وهادئة مع أسرتي.. لكنني وقبل ذلك كنت بحاجة للنقود لإجراء عملية لنهاد كانت هي أملنا الوحيد لاسترجاعها القدرة على المشي. وقد طلبت من رضوان أن يقرضني بعض المال لأجل ذلك قبل أن نقوم بتلك العملية الخطيرة والتي لم أكن واثقا من نجاحها حتى، عكس رضوان الذي كان واثقا من نفسه لأبعد حد...

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)Where stories live. Discover now