شعر مجد بفشله الذريع في إقناع شقيقه حتى بعد مرور أيام بضرورة تغيير نظرته لما أصبح عليه الوضع، واقتناعه في آخر لحظة ليس بوارد على ما يبدو لذا فقد قرر ترك الأيام تفعل عملها معه.

التزمت هي الهدوء حتى حين دخول مجد عليها المكتب، فوقفت تبتسم في وجهه بود حتى شاهدت شقيقه يدخل وراءه. تلاشت ابتسامتها تدريجيا، لكنها لم تطل النظر إليه أكثر من ذلك.

صافحت يد مجد تستعيد ابتسامتها المتصنعة والتي بدت خلابة جدا مع ذلك، وعندما مدت يدها للسلام على الآخر وحدقت به، وجدته يتفحصها بنظراته غير المفسرة.

مد حسام يده لها ليسلم عليها بعد أن استقبل إشارة أخيه من خلف مكتبه. جلس هو بالمقابل لها أمام مجد الذي بدأ المقابلة بترحيب بها ثم قال :

" كما أخبرتك يا آنسة سمر سابقا فأنا كنت بصدد البحث عن موضفة تشغل منصب سكرتيرة لمكتبي..."

لمح حسام بنظرة ثم أضاف يشير له بيده :

"هذا أخي حسام وهو يشغل المكتب المجاور لمكتبي، لذا سنحتاج لسكرتيرة أخرى مساعدة"

كانت سمر تستمع له وتومئ بإماءات متتالية، أما حسام فشابك أصابع يديه واضعا رجلا على رجل ينظر لأخيه باستنكار وكأنه يحذره مما هو مقدم عليه.

أردف مجد متابعا كلامه بشكل رسمي:

" سنجري لك تدريبا لمدة شهر فقط، وإن أجدتي عملك فسننتقل للخطوة التالية، وستكون الآنسة شيرين بجانبك لتساعدك ورهن إشارتك في أي شيء تريدين الإستفسار عنه حتى تتيسر أمورك معنا"

أخذ حسام ورقة سيرتها الذاتية من على المكتب يطالعها باهتمام، فقال وهو يرفع نظره نحوها:

" إذا يا آنسة سمر، لماذا لم تكملي تعليمك الجامعي؟ "

أرادت الرد عليه فقاطعها مضيفا:

" على الأقل كان بإمكانك تعلم لغة أخرى أو أخذ دورة في أمور تسيير المكاتب وما شابه، فهذا كان سيوفر لك فرصا أكثر لإيجاد عمل من قبل"

رمقه مجد بنظرة حادة تحدثه بالصمت، ثم أراد التحدث كي يمنع ردها عن كلام أخيه ذاك إلا أنها سبقته بالرد على حسام الذي لم تخفي نظراته لها ما يشعر به نحوها من كره دفين.

قالت بكل هدوء وابتسامة جعلتها لتبدو بها لمحة من الحزن الخفيف:

" لم تسنح لي ظروفي بمتابعة دراستي يا سيدي، أو أني ربما لم أكن أقوى بما فيه الكفاية لمواجهتها...لقد تخليت عن متابعة دراستي حتى أعيل عائلتي وأضمن لهم العيش الكريم، وهذا شيء لا أندم عليه رغم كل شيء"

صمت حسام يفكر في كلامها ويدرس تعابيرها، تبدو عادية بالنسبة لشخص يخفي عنهم حقيقة معرفته بمن يكونان، ولكنه لا يستطيع حتى الآن الوثوق بأي شيء تقوله.

أما مجد فلم يزده ما سمعه منها إلا إصرارا على مساعدتها وعائلتها، واعتقاده بعدم معرفتها لهم هو أمر لصالحه، فلو أنها كانت تعرف من هما لما قبلت على مساعدته لها أو رؤيته هو وشقيقه حتى.

التزم حسام الصمت بعد ذلك وترك مهمة إجراء المقابلة لشقيقه الذي كان متساهلا جدا معها.

أما سمر فقد لاحظت أن مجد ينجح في ردع شقيقه بطريقة ما، ولكونه الشقيق الأكبر فهو من ستكون له السيطرة على المكتب وأموره دون، لذا عليها أن تعمل ما بجهدها حتى يرضى عنها خلال الفترة القادمة وبذلك تكون في مأمن عن حسام.

***

عرفت سمر من تلك المقابلة أن شخصية الأخ الأكبر أكثر مرونة وسهلة في التعامل، فيما كان حسام حاد الطباع كما عرفته وبغيضا أيضا.

هو من النوع الذي يحاول إخفاء حقيقته الكريهة وراء قناع الشاب حسن الوجه وخفيف الدم، عكس شقيقه الذي يبدو أكثر تعقلا ويتصرف بشكل رسمي جدا.

تساءلت إن لم يتمكنا من التعرف عليها، فإن كانا يعرفان من تكون لماذا يقبلون توضيفها معهما؟

أم أنهم نسوها و والدها مع مرور السنين؟

ماذا عن أختها التي من المفترض أن وجودها معهم سيذكرهم دائما باسم يونس؟

هذا إن لم يتخلصوا منها بشكل من الأشكال!

كانت خطتها منذ البداية بأن تتوغل أكثر بينهم، وذلك حتى تستطيع الوصول لشقيقتها أو معرفة شيء عنها. ستفعل ذلك مهما كلفها من ثمن، وبعدها ستفكر في خطة لتدفعهم ثمن ما فعلوه.

***

نهاية الفصل الخامس❤

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)जहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें