(1)

1K 44 19
                                    


عرض مغري

ها هي ذي تعيش ذلك الكابوس مجددا، و الذي يعود ليتكرر من فترة لفترة، وكأنه يأبى تركها تنساه. ورغم أنها لا تريد أن تنسَ، إلا أنَّ رؤيتها له في كل مرة يعكَّر مزاجها لبقية اليوم.


أصوات شخصين يتبادلان الإتهمات فيما بينهما، ثم صوت صفارة سيارة الشرطة، يليها صوت إطلاق نار، ثم فوهة مسدس يوجه نحوها وهي تقف وسط كل تلك الفوضى ترتعد فرائصها، تنتظر انطلاق تلك الرصاصة من المسدس لتستقر بين عينيها وتموت.

تخبر نفسها بأنها لا تود الموت، على الأقل الآن وعلى يدي ذلك الشخص بالتحديد..

لم يكن كل ذلك مجرد كابوس نسجته مخيلتها أو أضغاط أحلام، بل هو ذكرى قديمة عاشتها منذ سنوات مضت، تأتيها على شكل حلم تعيشه بكل تفاصيله، و قد نجح ذلك في عدم نسيانها للظلم التي تعرضت له يوما، كما أنه يجعلها تتذكر كل صباح دافعها القوي لعدم استسلامها في معركتها مع الحياة.

صوت ارتطام المشط على الأرض يوقظها، تُخرج رأسها من تحت غطاءها  تحاول معرفة مصدر الإزعاج، لتفتح عينيها المتورمتين من أثر بكاءها الذي يتصاحب في كل مرة-بشكل لا إرادي- مع كابوسها.

تلمح طيف أختها سيلين غارقة وسط ضوء الصباح الساطع و المتسلل وبقوة من نافذة الغرفة المفتوحة. سيلين أختها التي تصغرها بأربع سنوات، انعكاسها وضد كل شيء هي عليه. لطالما تساءلت: كيف لنفس البطن أن تخرج للحياة شخصيتين مختلفين بذلك الشكل؟

هما مختلفتين رغم نشأتهما في نفس البيئة، وتلقيهما نفس التربية، ثم مرورهما من نفس الحدث الذي جعل من سمر تكبر سينين عن عمرها الحقيقي وتغيير نظرتها عن الأمور، بينما مضت سيلين قدما في حياتها وتركت ما حدث يمر مرار الكرام من حياتها دون تعكير صفو طفولتها.

أسدلت سمر جفنيها مقررة العودة للنوم، إلا أن سيلين انتبهت لاستيقاظها لتقترب منها تقول بلطف زائد عن المعتاد:

" صباح الخير لأجمل أخت.."

أردفت بسرعة دون انتظار رد شقيقتها التي تعلم كونها تحت تأثير النوم؛ كحال أي شخص لا ينام إلا بعد الثالثة صباحا:

" سمر  لقد غادرت أمي البيت مع الخالة شهرزاد هذا الصباح، كنت لأطلب منها ظفر شعري ولكنها ليست هنا.. فهل يمكنك فعل ذلك لأني قد أتأخر عن المدرسة الآن"

تفتح سمر عينيها الذابلتين تحدق في المشط بين يدي اختها، تفكر في أمر والدتها الذي بات يشغلها مؤخرا. فيما جلست سيلين على الأرض أمام سرير سمر مولية إياها ظهرها بعد أن تركت المشط بجانبها.

وبالرغم من أن سمر لم ترد بكلمة فقد ترجمت سيلين صمتها ذاك على انه موافقة. تعلم أن أختها لن تمانع في تنفيذ طلبها بالرغم من أنها و بالكاد تستطيع فتح عينيها من أثر النعاس.

وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)Where stories live. Discover now