جناح مكسور ..

88 27 81
                                    

جلسَ ثلاثـَتُنا كزهراتِ الربيع

يملأُنا المرحَ و البهجةَ و الحُبور

و دارت أحديثُنا في كلِّ حدبٍ و صوب ...

عن دراسَتِنا ..عن أحلامِنا ..

أو حتى عن واقعِنا المُريع!

و استمرَّت بينَنا الأحاديث الهزليَّة و الجديَّة

دون انقطاعٍ أو فُتور

و دارت بنا دائرةُ الحديثِ حتَّى دارت حولَ آبائِنا

و أيُّـهم أكثَرُ حنانـًا و أيُّـهم أكثَرُ حزمًا

أيُّـهم حَنُونًـا و أيُّـهم قاسيًا كقسوةِ الصقيع

تلكَ القسوةَ التي تُشعِركَ أنَّكَ صفرٌ يسارُ الرقَمِ
لا قيمَةَ لك و لا حُضور

أو ذلك الحنانَ السرمَدي الذي يشملُكَ و يُحيطُ بكيانِكَ
فتمضي في سبيلك بـِثِقَة

و تخفِقُ بِجَناحيكَ بِقوَّة

كأحدِ الصقورِ أو النُسور

و تحدَّثَت إحدانـا و هي شاردةٌ في نقطَةٍ وهميَّة ..

و بسمَةٍ تعلو وجهَها الصبُوح و دمعَةٍ لؤلؤيَّة ..

ترقرقت في حدقتيها في خُشوع :

- الأبُ سواءَ كان قاسيًا أم حَنونًا فهو ذلك السندَ الذي تميلي عليه إذا مالت الدنيا عليكِ ..

تجِديـه حينَ تشعـُري بالخوفِ أمنًا

تجِديـه حينَ الضعـفِ سندًا

تجِديـه حِصنـًا مَنيعـًا تركعُ أمامَهُ الصعابُ في خُضوع

هوَ الحنونُ بِقسوَتِه لِشدَّةِ خوفِهِ عَليكِ

هوَ الحـُبُّ الأولُ بِلهفَتِهِ

رغمَ كُلِّ عُيوبِكِ التي تترآى أمامَ ناظِرَيه

و لكِنَّه يُقَوِّمُ تلك العيوبَ بقسوَتهِ و حكمَتِهِ الوقور

و عندما يرحَلُ عن الدنيا حينها ستتمنينَ قسوتَهُ

التي كُنتِ منها في نـُفور

بعدما يملأُ الخُواءَ روحَكِ و تعيشين بقلبٍ صَريع

هكذا نحنُ دائـِمًا

لا نشعُرُ بقيمةِ ما لدينا إلا حينما نفقدُهُ ،

و يصيرُ حتى اللقا في المنام محظور

أنهت حديثها و لا زالت البسمة على محياها

و لكن قلبَها مِنَ الفقدِ مصهور

كيفَ لمْ نضعَ في حُسبانِنا حينَ تكلمنا أننا بذلكَ

فقأنا جرحَها المستور

و أعدنا عليها ذِكرى فقدِ أبيها بغبائنا

الذي يشبه غباء القطيع

و لكن بحديثنا هذا قد نبهتْنا ..

نبهتنا أنَّ مرارةَ فقدِ الأب

أشدُّ قسوةً من قسوَتِه الظاهريَّة

و أشدُّ إيلامًا من صفعتِهِ القويَّة ...

و أنَّكَ بدونِه ستمضي في حياتِكَ و لَنْ تَقف

و لكِنَّك تمضي .. بجناحٍ مكسور

___________________________________

- بقلمي ✒

في انتظار آرائكم و تعليقاتكم و انتقادتكم البناءة
دمتم نجومي الساطعة ☆☆


- فايزة ضياء العشري"لوزة"

خواطر (زهرة برية)Where stories live. Discover now