كانت هُناكَ زهرةٌ عبيرَها عَطِرْ
يُقَبِّلُ بِتِلاتَها الورديةَ الندى و المطر
يتمـايلُ عودُها معَ الهواءِ يُمنَةً و يُسرَةً
فيُرسِلُ عبرَ الهواءِ عبيرَها
كرسالةِ حـُبٍ لكلِّ قلبٍ بهِ الوجَع مـُستَتِركانت زهرةٌ رقيقةٌ
لَم تَبخَلْ على أَحَدٍ بعِطرِها أو برقَّتِها
أو حنانِ ملمسِها أو بشَكلِها المُزدَهِر
و ذاتَ صباحٍ قبَّلَت الشمسُ جِذعَها و قبَّلَ الندى خدَّها
فازدادَ حـُمرَةً و جمالاً ككُلِّ يومٍ و ازدَهر
و مِن مكانِها بينَ الورودِ رأت أحدَ البَشَر
يَسيرُ و على وجهِهِ إمارات الضَّجَر
ثم اقتَرَب أكثَرَ مِن موضِعِها و توقَّفَ هنيهَةً يتأمَّلُ
و يستنشِقُ عِطرَها و عِطرِ صديقاتِها الزهرات العَطِر
اقترب بيدِهِ نحو ورقاتها الوردية هي تحديدًا
و تلمَّس نعومتها و ابتسم ..
شَعَرت بملمَسِ يديه الرقيقة بحنانِه المشتعِل
هل للزهورِ أن تـُحِب ؟
لَم تسمعْ يومًا أنَّ زهرةً من صديقاتِها قد أحبَّت إنسيًا
و لكنها تشعُرُ أنَّها تُحِب
تُحِبُ لمسَتَه الهادئة و حنانَه الظاهريّ
و اهتمامَه بألا يقطِفُ شيئًا من وَرَقِها
كما يفعَلُ باقي البَشَر
اهتمامُه بها وحدها دونًا عن باقي الزهر
ظلَّت تُراقِبُ تحرُكاتِ الأنسيّ الحنون
و جاءَ بجانِبِها و جلَس
و أخَذَ يتحدَّثُ إليها و كأنَّها تفهمَه..
عن أحزانِهِ التي تَقُضُ مضجَعَهُ و بقلبِهِ تستَعِر
حزَنت الزهرةُ لأجلِهِ كيفَ لها أن تُخَفِفَ عنهُ ذلكَ الوجعَ الذي تراكَمَ فوقَ قلبِهِ و اختَمَر ؟
لم تفعلْ شيئًا لهُ غيرَ أنَّها منَحتهُ مَزيدًا من عطرِها
و سمحَت أنْ تلمِسَ يديهِ ورقاتِها الناعِمة فشعرَت لو أنَّها كانت فتاة لكانت تورَّدَ خدَها و التهَب
YOU ARE READING
خواطر (زهرة برية)
Poetryهي كلمات ربما تحوي علي بعض الأمل ...ربما توحي ببعض الحزن...أو هي انبثاق لغصص مكتومة و تنهدات حارة تخرج علي هيئة..كلمات كلمات ليست ككل الكلمات.