لا تكن كباقي البشر

178 32 131
                                    

كانت هُناكَ زهرةٌ عبيرَها عَطِرْ

يُقَبِّلُ بِتِلاتَها الورديةَ الندى و المطر

يتمـايلُ عودُها معَ الهواءِ يُمنَةً و يُسرَةً

فيُرسِلُ عبرَ الهواءِ عبيرَها
كرسالةِ حـُبٍ لكلِّ قلبٍ بهِ الوجَع مـُستَتِر

كانت زهرةٌ رقيقةٌ

لَم تَبخَلْ على أَحَدٍ بعِطرِها أو برقَّتِها

أو حنانِ ملمسِها أو بشَكلِها المُزدَهِر

و ذاتَ صباحٍ قبَّلَت الشمسُ جِذعَها و قبَّلَ الندى خدَّها

فازدادَ حـُمرَةً و جمالاً ككُلِّ يومٍ و ازدَهر

و مِن مكانِها بينَ الورودِ رأت أحدَ البَشَر

يَسيرُ و على وجهِهِ إمارات الضَّجَر

ثم اقتَرَب أكثَرَ مِن موضِعِها و توقَّفَ هنيهَةً يتأمَّلُ

و يستنشِقُ عِطرَها و عِطرِ صديقاتِها الزهرات العَطِر

اقترب بيدِهِ نحو ورقاتها الوردية هي تحديدًا

و تلمَّس نعومتها و ابتسم ..

شَعَرت بملمَسِ يديه الرقيقة بحنانِه المشتعِل

هل للزهورِ أن تـُحِب ؟

لَم تسمعْ يومًا أنَّ زهرةً من صديقاتِها قد أحبَّت إنسيًا

و لكنها تشعُرُ أنَّها تُحِب

تُحِبُ لمسَتَه الهادئة و حنانَه الظاهريّ

و اهتمامَه بألا يقطِفُ شيئًا من وَرَقِها

كما يفعَلُ باقي البَشَر

اهتمامُه بها وحدها دونًا عن باقي الزهر

ظلَّت تُراقِبُ تحرُكاتِ الأنسيّ الحنون

و جاءَ بجانِبِها و جلَس

و أخَذَ يتحدَّثُ إليها و كأنَّها تفهمَه..

عن أحزانِهِ التي تَقُضُ مضجَعَهُ و بقلبِهِ تستَعِر

حزَنت الزهرةُ لأجلِهِ كيفَ لها أن تُخَفِفَ عنهُ ذلكَ الوجعَ الذي تراكَمَ فوقَ قلبِهِ و اختَمَر ؟

لم تفعلْ شيئًا لهُ غيرَ أنَّها منَحتهُ مَزيدًا من عطرِها

و سمحَت أنْ تلمِسَ يديهِ ورقاتِها الناعِمة فشعرَت لو أنَّها كانت فتاة لكانت تورَّدَ خدَها و التهَب

خواطر (زهرة برية)Where stories live. Discover now