الـــــفـــــصــــــل الـــــســــابــــع والـــــعـــــشـــــرون

12.9K 314 2
                                    

كانت نظرات أحتقارها له تقابلها نظرات الشماته ، وكأنه حجر لا يعرف قلبه كيف تكون الرحمه وكيف الحجر سيعرف الرحمه وهو حجراً ، فأمسك صالح دلو المياه وسكبه عليها وهو يقول بصوت عالي : عشان تعرفي تردي بعد كده عليا ياكريمه .. ثم زاد في قهقهته المشمئزه وظل يدور حولها وهو يتأمل جسدها الذي ألتصقت به المياه 

صالح برغبه : أنا مستعد أسامحك ، ثم مد بأحد أيديه لكي تقبلها
فنظرت اليه كريمه طويلاً وهي ترتجف وقلبها ينزف من ذلك الذل حتي أنحنت بجسدها وقبلت يده بخوف
كريمه : ابوس أيدك ياسي صالح أرحمني ، وسبني اروح لحالي
فرفع بأحد أرجله وهو يتأملها قائلا : بوسي ياكريمه
ظلت تنظر اليه طويلا وبدون ان تشعر وجدت نفسها تنثر من فمها ريقها علي وجهه
ليجذبها صالح من ذراعيها وبصوت جامد : انا ياكريمه تعملي فيا كده ، ثم مد يده ليمسح وجهه المبلل ، ونظرات الشر تملئ عيناه لها
فوقفت ريم بينهم بجسدها الصغير وهي تبكي : حرام عليك يابابا ، انت ليه مش بتخاف من ربنا ، ده ربنا شايفك وزعلان منك ، عايز ربنا يزعل منك ليه ، انت مش عايز تدخل الجنه وتاكل كل حاجه حلوه ، ثم مدت بيدها الصغيره وظلت تعد له بعض الفاكهه قائله : هتاكل عنب، وتين ، ورمان ، وهتشرب لبن ، وهيكون زي النهر ، وعسل كمان .. ده الجنه هتبقي حلوه اووي ، انت مش عايز تيجي معايا انا وسلمي ونور وهنا وماما الجنه ، اوعي تقول انك عايز تدخل النار هتتعور وهتعيط صدقني
ظل يتأمل صالح أبنته ولأول مره يشعر بأن حجر قلبه بدء يهتز ، فنظر الي ريم وكريمه وظلت نظراته تجول بينهم ، لينفض كريمه من ذراعيه بقوه وهو يقول : امشي من قدامي دلوقتي
ولكن ايد ريم الصغيره ظلت تتماسك به وعلي وجهها أبتسامه قائله : شاطر يابابا ، انت كده هتروح الجنه ، ثم رفعت بأحد أيديها وهي تقول : يارب بابا يدخل الجنه ، ويبطل يضرب ماما وابله كريمه ، ويجيب سلمي من عند منصور ، ويحب نور ويلعب مع ريم
ولاول مره يبتسم صالح اليها فقال بصوت مرتجف وهو يمسح علي شعرها الذهبي : انا مش عارف انتي ازاي بنتي ياريم
ونظر الي عيناها التي كانت تتراكم فيها الدموع مُنذ قليلا ، واصبحت الان تلمع ،وظلت هي تشدّه من عبائته كي ينحني اليها ، وعندما نفذ رغبتها .. طبعت قبله علي أحد خديه
قائله بعفويه : هروح ألعب بقي عند عمو ابراهيم في المزرعه
وركضت من امامه ، حتي ضحك هو ،فأقتربت منه زينب التي كانت تشاهدهم من بعيد قائله : مكنتش عارفه ان لسا عندك ذره من الرحمه ياصالح ، ونظرت اليه بسعاده قائله : ربنا يهديك
فظل هو ينظر الي خطوات أقدامها وهي تسير من أمامه ، حتي تعب من كل هذا وجلس علي أحد الارائك وهو شارد الذهن ولاول مره يعرف أنه مثل بقية البشر يأتي اليهم يوماً يعرفوا فيه أدميتهم ولكن حين يشاء الله
.................................................. .................
ظل محمود ينظر طويلاً ليدها الممدوده اليه بتلك الورقه حتي قال بصوت يتخلله الجمود : ايه الورقه ديه يا أنسه ؟؟
فنظرت اليه هنا قليلا ، ثم اشاحت بوجهها خجلا قائله : ديه ورقة انتهاء تدريبي ، محتاجه حضرتك تمضي عليها
فوقف محمود بشموخه القوي وهيئته الجامده حتي اقترب منها ، بنظراته الحاده : أستاذ رامي مالقيش انك اتعينتي في الشركه مع باقي زمايلك ، وانك بقيت موظفه في الشركه
ثم وضع بكلتا يديه في جيب سرواليه : علي فكره الفرصه ديه مبتجيش كتير ، وده عرض من شركتنا
ثم أبتسم وهو يقترب منها أكثر : ولا فارس رافض ان المدام بتاعته تشتغل
فرفعت هنا عيناها قليلا وابتعدت عنه قائله : ممكن حضرتك تمضيلي علي الورقه ، اما الوظيفه فأنا بستقيل منها من قبل ما أبدء .. ثم وضعت بالورقه علي المنضده بعدما ظلت ممده يدها طويلا بها وقبل ان تخرج
هنا : هبقي أجي أخدها من سيكرتيرة حضرتك .. وتركته بين نيران غضبه ، فوق أمام مكتبه يضرب بكفيه بقوه عليه حتي قذف بعض الاقلام قائلاً : هتروحي مني فين ياهنا ، اكيد هتبقي ليا في يوم ..
.................................................. .................
ظل يربط علي كتفيه وضمه بشوق وهو يقول بسعاده : ياا ياهشام لسا فاكرني ، ده انا قولت انك نستني يابني
فأبتسم هشام وهو يحتضنه بقوه قائلا : وفي حد يقدر ينساك ياراجل ياطيب
فأبتسم حسن بسعاده وهو يفسح له الطريق كي يدخل : اتفضل يابني تعالا ، ديه ام سميه هتفرح بيك اووي ومش هتصدق عينيها لما تشوفك
لتأتي والدة سميه وعلي وجهها علامات التعجب من ذلك الضيف : مين ياحج الي عندنا
فوقعت ببصرها عليه ، ناظرة اليه بقوه ولكن ملامح الزمن قد غيرته كثيراً ، حتي قال حسن : مش عارفه ده مين ياليلي
فظلت تنظر اليه هي طويلا حتي قال زوجها : ده هشام ياليلي ، نستيه ، فاكره الرز بلبن الي اول مره أكله منك كان بملح ، وفضل يقولك في حد بيعمل الرز بلبن بملح ، انتي اكيد لخبطي بين برطمان الملح والسكر
فضحكت ليلي بشده : وانا قولتله لاء ياحبيبي ، احنا في دمياط بنحب نعمله كده ، ديه طريقتنا في الرز بلبن
فضحك هشام معهم ونهض كي يصافحها بحب قائلا : انا عمري مانستكم انتوا كنتوا فعلا اهلي ، ولولا انكم مشيتو من اسكندريه وجيتوا القاهره ، كنت فضلت ديما معاكم
فأبتسم اليه حسن قائلا بسعاده : بس انت عرفت عنوانه منين
لتأتي سميه من الخارج ، وهي تحمل احد عُلب الحلوه قائله بمرحها : ياحسن باشا ، ياوالدي العزيز .. سمسمتك جت وجيبالك احلي بسبوسه بس ايه مولكش ووصتلك كمان الواد بليه يعملهالك مخصوص ، بس ربنا يستر لحسن الواد ده انا بخاف منه
حتي خلعت حذائها ورفعت بوجهها ، وصارت قليلا وهي تتابع حديثها ، فوقعت ببصرها عليه لتقف مثل البلهاء قائله : يامصبتي السوده ، ياوقعه طين وركضت من امامهم ووجهها يتصبب عرقاً حتي جلست علي الفراش.. بجانب اختها التي تُذاكر دروسها فقالت بأبتسامه ساخره : ديما فضحانا كده قدام الناس ، الراجل دلوقتي يقول عليكي ايه انا قولت يمكن يعرف ان بابا عنده بنت فيتجوزك ونخلص منك اما دلوقتي اه لو مفضلتيش قاعده معانا وخللتي زي مخلل الجزر الي ماما بتعمله
فنظرت اليها سميه ، بأعين مرتبكه حتي قذفت الوساده التي بجانبها عليها وبصوت غاضب : اخرسي خالص وذاكري ، واخفضت برأسها أرضاً وهي تتمتم قائله : هو انا حظي وحش كده ليه معاه ياربي
.................................................. .................
وقفت تتأمل البيت الذي تعيش فيه ابنتها ، حتي جاء اليها هو بوقاره المعروف مرحبا بها قائلا : اهلا هدي هانم ، نورتي
فجلست وهي تتكئ بكامل جسدها خلفاً رافعه بساقاً علي ساق وبصوت يملئه الغرور : أهلا مازن باشا ، اكيد انت عارف ان انا والدة ريهام ، صحيح معرفتش احضر حفلة جوازكم عشان كان عندي مؤتمر مهم
فجلس مازن هو الاخر مبتسماً : طبعا هو في حد في عالم البيزنس ميعرفش أشهر صحفيه في الوطن العربي
فأرتخت هي بجسدها وقالت بأعتزاز : ده بس من ذوقك
فنظر هو الي خادمته التي تقف جانبا : أطلعي قولي للهانم ان والدتها هنا
فنظرت اليه هدي وهي تقول بأستعجال : انا هبقي اجيلها وقت تاني بس عايزاك في موضوع كده
فظل يتأملها مازن بدهشه حتي قالت هي : عايزه اعمل معاك لقاء صحفي علي المشاريع الي ناوي تعملها هنا ، ثم نظرت في ساعة يدها الفاخمه وتطلعت اليه وهي تحمل حقيبتها قائله بعدما مدت اليه احد ايديها كي تصافحه : انا مضطره امشي دلوقتي عشان عندي شغل في المجله ، شوف أنت الوقت الي ينسبك عشان نعمل اللقاء ،وابقي سلملي علي ريهام
لتظل نظرات مازن تتبعها حتي تنهد بسخريه : مش معقول ديه ام
وعندما التف بجسده كي يذهب الي مكتبه وجدها جالسه علي احد ادراج السُلم بأعين دامعه فأقترب منها بأشفاق : انتي بتعيطي ليه دلوقتي مش الدكتور قال ده غلط
فمسحت ريهام دموعها بأيد مرتجفه وظلت تنظر اليه بألم
مازن بحنان : تحبي نخرج نتعشي بره ياريهام
لتنهض من امامه .. بعدما نظرت اليه نظرة لوم ،ثم صعدت الي غرفتها ثانية وهي تبكي علي حالها الذي يُرثي اليه
.................................................. ..............
ضحك محمود بشده عندما رئها تقترب منه بغضب قائله : وهفضل لحد أمتا أمثل دور المحترمه قدامه ، ده غير انه هو ولا هنا ... طول عمره فارس مافيش أي ست بتقدر تجذبه
فزداد محمود في ضحكاته : مش معقول بقي نسرين هي الي بتقول كده
فجلست نسرين امامه لتشعل سيجارتها بمزاج ، وظلت تتلذذ في دخانها قائله : لو كان فارس هو الشخص بتاع الزمن الي كلنا كل بنسمع عنه وان مافيش ست مكنش بيقدر يسحرها بجذبيته وانه يمتلكها لفتره كنت قولت اكيد انا الي خايبه ، بس فارس بتاع دلوقتي غير فارس بتاع زمان الي سمعت عنه
فأبتسم محمود بتنهد : كله بيتغير مع الزمن
فنظرت اليه نسرين بخبث قائله : واكيد انت اتغيرت زيه ، ثم أقتربت منه وجلست اسفل قدميه قائله : متسيبك منهم وركز معايا انا
ليضحك محمود قائلا : وفين فكرت انتقامك من هنا
فأبتسمت نسرين ونهضت حتي اقتربت من كتفيه العريضه وظلت تتلمسها بأيديها الناعمه : كل واحد في الحياه ديه لازم يدور علي مصلحته ، انا المهم عندي دلوقتي ارضيك وبس
فجذبها محمود اليه حتي سقطت علي قدميه وظل يتأملها قليلاً بتلذذ ، وبعدما فك حجابها الذي اتخذته في تمثيل لعبتهم بدء في النظر الي شعرها الاسود المصبوغ بخصلات فضيه واقترب منها اكثر ليقترب من شفيتها قائلا : قصدك عشان تستفيدي من الفلوس الي هديهالك ، بلاش تمثلي دور العشيقه
وابعدها عنه بعنف قائلا : ياريت منتقبلش الفتره ديه ، ونفذي المطلوب منك ، انا مجبتلكيش وظيفه السكرتيره في مكتبه عشان تيجي تقوليلي أصل مش عارفه ، لازم تقربي منه يانسرين وهنا تشك في علاقتكم ، والا هيكون ليا تصرف تاني
فأبتسمت نسرين قائله بعدما عادت في الاقتراب اليه ثانيه : لدرجادي انت عايزها ، بعد ما بقيت ليه .. ثم صمتت قليلا : طب ما تخطفها وبكده مش هنحتاج نلعب لعبتنا ، وكل واحد فينا يروح لحاله وانا اخد الفيديو بتاعي وباقي فلوسي واسافر... لتتذكر حسام قائله :وأبدء حياتي في أمريكا
وهي تبقي ملكك باقي العمر بعد ما تخطفها وتطلقها منه
فنظر اليها محمود طويلا حتي لمعت الفكره في ذهنه ، ليعطيها ظهره وهو سارح في ذلك الظلام الذي ينير شرفة مكتبه ، واقتربت هي منه بكأس مُثلج قائله : عجبتك الفكره
فمدّ محمود يده إليها وأخذ منها الكأس وهو ناظراً لها بتفكير قائلا : نفذي المطلوب منك من غير نقاش مفهوم ..
.................................................. ...............
اقترب منها هشام ضاحكاً وهو يتأمل نظرات أعينها المرتبكه ،فيتذكر فنجان القهوه الذي أسكبته عليه قائلا : كنتي عايزه تحرقيني ياسميه ، لدرجادي بتكرهيني
فنظرت اليه سميه بحب وأخفضت رأسها خجلا : مكنش قصدي ، انت الي خلتني أرتبك
فضحك هشام حتي دمعت عيناه : انتي مش طبيعيه والله ، انا مش عارف أحدد نوع شخصيتك لحد دلوقتي
فلمعت الدموع في عينيها حتي قالت بصوت مختنق : انت اتقدمتلي عشان ترد فضل بابا وماما عليك ، اسفه يابشمهندس انا مش موافقه علي الاحسان ده ، وشكرا اوي علي فرصة الشغل الي اقدمتها لوالدي .. وكادت ان تنهض من امامه
فأقترب منها هشام : سميه انا عايزك تشاركيني حياتي بجد ، عايزك تعفيني عن كل حاجه حرام .. فتذكر الليله التي قضاها مع جوليا وعلاقته بها حتي أخفض رأسه بأسي : يمكن ربنا جمعني بيكي وخلاني اعرفك عشان اقدر ارد الدين الي في رقبتي لأهلك
فنظرت اليه سميه بضيق ، حتي أبتسم هو قائلا : مش يمكن بجوازي منك ، هقدر فعلا اكون ليهم الابن الي ديما اتمنه .. وكمان يامجنونه مين قال ان مش ليكي جوايا مشاعر كتير ، وانك قدرتي بجنونك وحبك ليا ...تعلقيني بيكي وابقي طاير في السما وانا شايف نظرت الحب ديه كلها في عنيكي
فأخفضت سميه رأسها أرضا قائله : هتتجوزني ليه مدام مبتحبنيش
فنظر اليها هشام وهو يرفع احد حاجبيه قائلا : هي البعيده غبيه ولا انا الي بيتهيألي .. ثم تنهد قائلا : بـــحـــبـــك ياهابله والله مش عارف ازاي وامتا .. بس المهم اني أدبست وخلاص
فتأملت هي معالم وجهه ، ونهضت سريعا لتفر من امامه وهي لا تشعر بأقدمها التي ترتجف
.................................................. .................
أحتضنها فارس وهي نائمه وبصوت هامس : هنا ، اصحي كفاياكي نوم
لتفتح هي احد عينيها مقتربه منه تتمسح في صدره كالقطط .. حتي ابتعدت واضعه بيدها علي أنفها
فأبتسم فارس علي حركتها قائلا : مالك مش هي ديه نوع الريحه الي بتحبي تشميها ياهانم
فتغير معالم وجهها لتقول : لاء ديه ريحتها وحشه متحطش منها تاني
فجذبها الي أحضانه وهو يمسح علي شعرها برفق : بقالك يومين مش عجباني ،فيكي ايه
فأبتعدت هنا عنه وهي تداري شعورها بالأختناق : ما انا اه قرده ومافيش حاجه
فضحك فارس بشده حتي قربها منه ثانية وبخبث : طب تعالي نتعشي ونقعد مع عمتو شويه ، وبعدين نيجي عشان احكيلك حدوته بس هتعجبك اووي والله ياهنا
فأبتسمت اليه بوهن وهي واضعه بيدها علي رأسها التي بدأت في الدوار ، وأنزلت قدماها من علي الفراش وهي تقول : احكيها لنفسك ، انا كبرت خلاص علي الحاجات ديه .. وقبل ان تكمل باقي حديثها معه ، وجدها تسقط وهي مغيبه عن كل شئ حولها
.................................................. ...............
وقف منصور يتأملها وهي تتطلع في أحد صحف كتابها ، وبيدها الاخر تلاعب ابنتها كي تهدء ، حتي أقترب منها وهو يبتسم : مش كفايه كده ياسلمي
فتطلعت اليه ثم نظرت الي الكتاب الذي امامها فقالت بتثاوب : محستش بالوقت وانا بذاكر
فنظر منصور الي أبنته وقال بصوت هامس : سهر كمان تعبت ونامت ، كفايه كده النهارده وابقي كملي بعدين
فوضعت سلمي صغيرتها جانباً ، واغلقت الكتاب الذي بين أيديها وأقتربت منه قائله : خليك هنا النهارده
فظل منصور ينظر اليها طويلا ، لتقترب منه هي اكثر ووضعت برأسها علي صدره قائله : انا عايزه أنام في حضنك يامنصور ممكن
ولاول يشعر بأن داخل هذه المخلوقه عالماً لا يفهمه ، فأبتسم وظل يفرد شعرها الاسود بيديه حتي قال : اول مره تطلبيها ياسلمي
فأبتسمت سلمي ومازالت بين احضانه : كنت الاول بخاف منك ، ام انت دلوقتي كل حياتي ومبقاش ليا حد غيرك ، مش بيقولوا حافظ علي الناس الي بتحبهم وخليك ديما جنبهم عشان ميجيش يوم وتندم
فضمها منصور بشده حتي تأوهت من تلك الضمه فقال بخوف : معلش نسيت انك بالنسبالي عصفوره صغيره
فأبتعدت هي عنه ، وذهبت الي الفراش لتضع ابنتها في الحافه الاخري ونظرت اليه ، الي ان أقترب هو منها وسطح احد ذراعيه علي الوساده فتنام هي عليها ووجهها يعلوه الابتسامه ، وغفت بين ذراعيه كالطفله .. فأقترب من وجهها وظل يتأمل ملامحها الهادئه عن قرب ، وبدون ان يشعر وجد يده تلامس وجهها الناعم فظل يبتسم علي مايفعله ، حتي نهض من جانبها بخطوات بطيئه كي لا يوقظها
ووقف امام شرفة غرفتهما ، وظل يتأمل ضوء القمر الساطع ناظرا لظلام السماء ولمعان النجوم ، شاعراً بالبروده في احناء جسده
.................................................. .................
ظل فارس طوال الليل يتأملها بعشق، حتي اقترب من موضع بطنها ووضع يده برفق وبدء يحركها بسعاده ، فشعوره بأنه سيصبع اباً من طفلته .. كان شعوراً لا يوصف .. قد جعل النوم يفر من بين جفونه هاربا اليها
لتشعر هنا بلمسات يديه الحانيه فنظرت اليه بسعاده وهي تضع بيدها علي يده قائله : فرحان يافارس
فأبتسم فارس بأعين لامعه وهو مازال تاركاً بيده علي تلك النبته الصغيره في رحمها : علي قد ما انا سعيد اني هكون اب ، بس سعادتي انه هيكون منك انتي اكبر بكتير من اي حاجه ، مش متخيل ان الرابط الي بينا بقي اكبر وهنكون اسره صغيره ، وهيكون ولادي منك انتي ونعجز ونشيب سوا
فضحكت هنا بعفويتها واعتدلت من نومتها قائله : بس انت الي هتعجز الاول ، ثم وضعت بيدها علي شعره ولمحت شعره بيضاء فقالت : وهفضل انا صغيره ، ياعجوز
فضمها فارس اليه حتي دمعت عيناه من الضحك : بعشق عفويتك ديه ، بحس اني نفسي أخبيكي جوايا ومتبقيش روحي بس تبقي انا كمان
فرفعت هنا أحد ذراعيها وهي تضحك : ونبقي مشين بدراعين زي الانسان الالي كده ، واقتربت من ذراعه وهي تقول : بس انت دراعك اطول
فأقترب منها فارس وظل يداعبها كالأطفال قائلاً بحب : بــحبـــك ، وبـــعــشــقك .. بعشق برائتك... وجنونك ... وشراستك .. بعشق كل حاجه فيكي
فأبتسمت وهي تتأمل ملامحه ، واقتربت من أحد خديه لتطبع عليه قبلة حانيه ، هامسة في أحد أذنيه بعشق : انت حياتي ودنيتي كلها يافارس ، لو طلبت عمري كله هدهولك وانا مبسوطه
فحضنها بقوة وهو يقول بعشق : عمري كله ليكي انتي ياطفلتي
.................................................. ................
نظر الطبيب اليه ثم عاود النظر الي تلك الرشته التي تضم بعض الادويه قائلا : الادويه ديه مينفعش المدام تاخدها تاني
فظل ينظر اليه مازن بتعجب ، حتي أخرجه الطبيب من دهشته قائلاً : لان ده غلط علي صحة الجنين
فنظر اليها ليتأمل دموع عينيها ، الي ان اخرجه الطبيب من شروده قائلا : منتظرها في العياده بتاعتي ان شاء الله ، عشان نطمن علي الجنين
وتحرك الطبيب لكي يغادر الغرفه ، لينظر مازن اليها بسعاده يتخللها الألم ، تاركها ذاهباً خلف الطبيب
فسقطت دموعها بألم ،وأغمضت عيناها الي ان غفت دون أن تشعر
ليعود هو اليها ثانيه وجلس بجانبها ناظرا لها بأسف ، شاكياً لأول مره لأحد قائلا بصوت هادئ لا يتخلله الغرور والكبر : عيشت طفوله مرفهه ، بس عيشت طفل يتيم مع جدي ، كان بيشوف فيا ديما أبنه الوحيد الي مات هو ومراته في حادثة عربيه بعد ما أقضوا عيد جوازهم السادس ، رباني وكأنه بيربي ابنه من جديد.. أداني الحنان كله بس فضل ديما يعلمني ان أنا مازن الدمنهوري لازم ابقي كذا واكون كذا واعمل كذا .. بقيت الحياه الاستقراطيه هي أساس حياتي ، وبما اني وريثه وكل حاجه بأسمي أنا .. كان لازم أحافظ علي الامبراطوريه اللي هو تعب فيها تأسيسها طول حياته ، وبقيت مازن الدمنهوري اصغر رجل أعمال ، اشتغلت وانا عمري عشرين سنه ، وصمت مازن قليلا حتي قال بأسي : حياتي كلها كانت شغل في شغل ، مفتكرش اني عيشت قصة حب زي اي شاب في سني ، حتي فكرت اني أسس أسره مكنتش في دماغي ، كنت ديما بخاف أن ولادي يعيشوا نفس مأساتي ، بس فجأه حسيت اني محتاج فعلا زوجه ، ارجع من شغلي القيها بتضحكلي ، انام في حضنها واشتكيلها همومي ، وجيتي انتي ياريهام ، في الوقت الي كنت بفكر فيه بكده .. انتي ظهرتي في حياتي فجأه ، ثم أبتسم بسعاده قائلا وهو يلمس وجهها النائم : عارف انك هتسامحيني بصعوبه ، بس أديني فرصه واحده أخليكي فعلا تنسي الماضي ، انتي وجعتيني اوي لما صرحتيني بحبك لشخص تاني ، بحاول انسي بس لسا صوتك جوايا ، ديما بيفكرني ان في حد تاني في حياتك
ثم نهض من جانبها ، ووقف يتأملها للحظات ، حتي غادر غرفتها بعد ان غلق الانوار وطبع قبلة حانيه علي جبينها
لتستيقظ هي بأعين مدمعه ، لامسة دموعها بأيديها كي تُزيلها وتحسست جنينها ، وهي لا تعلم هل مازن هو قدرها الذي دعت الله دوماً بأن يمنحها رجلاً يحيا من اجلها وتحيّ هي أيضا من اجله .... اما هي حياه ستعيشها فقط بجسدها دون روحها

يتبع بأذن الله
**********

رياح الالم ونسمات الحب - للكاتبه المبدعه سهام صادقWhere stories live. Discover now