الفصل التاسع

4.6K 140 1
                                    


لم تلتفت ملاك ولم تعرها أي أهتمام.. فقط جالسة بجوار القبر وهي تبكي بشدة موت والدها.. لا يهمها حقا أن قتلتها جوليا أم لا.. ربما بذلك جوليا تسدي لها خدمة بقتلها... "ايه يا ملاك مش عايزة تقولي حاجة؟ " قالتها جوليا من بين أسنانها تجاهلتها ملاك واستمرت في البكاء.. "لا لا يا حبيبتي مش تبكي.. أنا هخليكي تحصليه دلوقتي " قالتها بشر ثم هيئت السلاح لإطلاق النار.... "جوليا... لا " أتاها صراخ أحمد المرتعب.. نظرت إليه بحقد لتجد أن جميع عائلة ملاك معه.. وضعت ليالي يدها علي فاها بصدمة وقلبها يخفق رعبا وهلعا علي ابنتها.. "ايه خايف عليها يا أحمد؟ للدرجاتي بتحبها؟ " قالتها بحقد وابتسمت بسخرية "يظهر قدرك تحب من عيلة الدكتور عثمان الأولي إسراء والتانية ملاك "... ازدرد أحمد ريقه من الحقد الذي يراه في عينيها وقال برجاء "جوليا.. سيبيها.. هي ملهاش  دعوة "... "لا هي السبب... هي اخدتك مني.. كل ما أحاول ابعدها عنك.. أنت بنفسك تقرب منها.. عايزة اعرف هي فيها ايه مميز عني؟ " نظرت إليها بحقد "بص خلاص يا أحمد أنت لو مكنتش  ليا مش هتكون لغيري " كادت أن تضغط علي الزناد عندما ركض أحمد بإتجاهها وهو يمسك منها السلاح بقوة واشتبك معها "جوليا اهدي... هاتي المسدس... " قالها أحمد محاولا أخذ السلاح منها ولكنها كانت مصرة "أبعد عني... أنا كده كده حياتي اتدمرت.. وهتعدم بسبب جريمة مدحت.. نخليها جريمتين بالمرة وهي كده كده اعدام.. ".. "لا يا جوليا.. اهدي مش هتتعدمي أهدي "استطاع أخذ السلاح منها قسرا.. لتنهار هي علي الأرض وتضع يديها علي وجهها باكيا من خسارتها.. لم تستطع أن تقتل ملاك وهذا ليس بسبب أحمد.. لقد رأت الحب في عينيه لملاك... حب لطالما أرادت أن تراه لها في عينيه... ما تمنته جوليا وسعت له لسنين طويلة حصلت عليه ملاك بسهولة.. ملاك... ملاك حصلت علي حياة أفضل منها.. بينما ملاك تحظي بحنان والديها كانت هي تعاني من تحرشات زوج والدتها.. ملاك تبكي لتجد والديها بقربها يمحيان دموعها بينما هي تبكي فتتعرض للحرق... عندما خسرت ملاك طفلتها وجدت الدعم من والديها.. كلمات طلب الغفران من أحمد.. بينما هي عندما اجهضت طفلها الأول لم يساندها أحد.. أحمد كان بجانبها نعم ولكنه أكتفي بمواساتها فقط.. هي تكره ملاك كثيرا.. كانت تخطط لقتلها ولكن قلبها اللعين خانها.. كانت تستطيع أن تطلق النار سريعا ولكنها أرادت أن ينقذ أحمد ملاك منها... عندما رأت انهيار ملاك اليوم بجوار قبر والدها.. تذكرت جوليا والدها.. تذكرت يوم وفاته رغم صغر سنها ولكنها عرفت أن والدها ذهب بلا رجعة.. وهذا ألمها كثيرا.... خرجت من شرودها علي رجل الشرطة الذي يضع يديها في القيود الحديدية.. اقترب أحمد سريعا من ملاك واحتضنها بشدة.. تطلعت جوليا بألم الي أحمد وحسدت ملاك علي هذا العشق الذي تمنت جزء بسيط منه وفشلت في الحصول عليه... الآن هي فشلت.. كانت تعرف أنها ستفشل فكما قال والدها الشر لا يدوم....
~~~~~~~~~~
بعد عدة أيام....
في قسم الشرطة...
كان المحقق يستوجب جوليا...
"مدام جوليا.. انتي متهمة بقتل أستاذ مدحت يونس مع سبق الإصرار.. وده مثبوت بالأدلة وبأقوال سراج أنك دفعتي فلوس علشان يخطف مدحت.. وكمان كنتي عايزة تقتلي مدام ملاك.. عندك حاجة عايزة تقوليها ولا حابه توكلي محامي" كان يتكلم وجوليا لا تصغي إليه فقط تنظر في الفراغ وعينيها بها جمود غريب... "مدام جوليا حضرتك سمعاني؟ "قالها المحقق بتوجس ليرتفع صوت ضحكاتها.. أصبحت تضحك بهستيرية.. فغر المحقق فاه بصدمة بينما هي تواصل ضحكها الهيستيري....
~~~~~~~~~
في المساء..
في منزل كريستين وإدوارد.....
كان إدوارد مستلقي علي الأريكة الصلبة يحاول النوم كالعادة عندما خرجت كريستين من غرفتها وهي ترتدي قميص نوم أحمر..
جلست بجواره علي الأريكة.. نهض هو بذهول وقال بتوجس "بتتوحمي تاني يا حبيبتي ولا أيه؟ " ابتسمت برقة ولثمت خده بخفه.. احتلت ملامحه الذهول وقال برجاء "انتي سامحتيني يا حبيبتي... صح؟ " عوضا عن الرد انحنت وقبلته علي شفتيه ابعدها عنه وهو يرمقها بذهول ليجدها ترمقه برغبة وخجل نهض من الأريكة وحملها بين ذراعيه بغتة متجها إلي غرفة نومهم ليغرقها في بحور عشقه ويتذوق حبها الذي حرم منه طويلا جدا جدا...
بعد فترة من الزمن...
كانت كريستين تتوسد صدر إدوارد العاري.. كان إدوارد يمرر أصابعه في شعرها ويبتسم براحة.. "ياه يا كريستين.. قدرتي تبعدي عني المدة دي كلها؟ " تنهدت وقالت"اللي شوفته صعب يا إدوارد.. تخيل أشوف جوزي وهو.. "قاطعها " أنا عارف إني غلطت.. بس أنا دفعت تمن الغلطة دي كفاية بعدك عني.. ده أكبر عقاب "استند علي ذراعه وقال " طيب ليه سامحتيني؟ يعني أنا طبعا مبسوط.. بس ليه فجأة يعني؟ "تنهدت بألم وقالت وهي تلمس وجنته الخشنة " علشان بحبك أولا.. وعلشان الحياة قصيرة.. والموت قريب مننا ... بعد موت عمو عثمان فكرت قد ايه الحياة قصيرة.. وأن ممكن إنسان يكون معاك فجأة وبعدين يختفي من حياتك.. أنا عايزة أعيش كل لحظة معاك... مش عايزين نضيع أي لحظة في حياتنا في الخناق والخصام.. الحياة أقصر من أننا نضيعها هدر.. عايزة أعيش معاك ومع أولادنا الجايين " أبتسم وقال " وهو ده اللي هيحصل.. بوعدك إني هكون مخلص ليكي دايما "وختم وعده بقبلة شغوفه يبث فيها ولعه بها....
~~~~~~~~~~~~~~
مر أسبوعين وتغير الكثير....
نقلت جوليا لمشفي خاص  للأمراض العقلية وتكفل أحمد بجميع المصاريف كما أوصي الاطباء ان يهتموا بها وكان يزورها أحيانا ويحاول التحدث معها ولكنها أحيانا كانت تضحك فقط وأحيانا تظل صامتة...
قرر كريم ترك القاهرة وانتقل إلي أسيوط هو ووالدته...
كريستين وإدوارد اصبحوا يعيشوا في هدوء وأصر إدوارد علي حضور جميع أيام الفحوصات الخاصة بها..
إسراء ما زالت حزينة علي والدها وعمر يحاول أن يخرجها من حزنها...
ليالي تحاول أن تتماسك من أجل ملاك ولكن في داخلها هي متألمة بشدة لفقد رفيق حياتها...
أما ملاك فكانت أكثر من منهارة.. فقدان والدها جعلها تشعر بالنقص .. كم تمنت أن تقتلها جوليا  وترتاح من هذا الألم...
في غرفة ملاك...
كانت ملاك تجلس علي فراشها ممسكة صورة والدها ودموعها تسيل علي صفحة وجهها.. ولجت ليالي إلي غرفتها وجلست بجوارها وهي تقول بعتاب  "وبعدين يا حبيبتي؟ بدل ما تبكي عليه مفروض تدعيله أو تقري له قرآن " أومأت ملاك بالإيجاب وهي تسمح دموعها بكف يديها.. ربتت ليالي علي كتفها وقالت"حبيبتي أحمد برة وعايز يقابلك ياريت تطلعيله " أومأت موافقة وهي تفكر أنه يجب أن تحسم امرها هي وأحمد اليوم....
خرجت ملاك إلي صالة المنزل لينهض أحمد من الأريكة ويقترب منها ويحتضنها بقوة قائلا "وحشتيني يا حبيبتي " تجمدت بين ذراعيه وابعدته عنها وهي تهتف ببرود "عايز ايه؟ " شحب أحمد من جمودها وبرودها وقال"هكون عايز ايه يا ملاك؟ جاي اطمن عليكي واعرف أمتي ناوية ترجعي بيتنا "... "بيتنا " اردفت بتهكم لتكمل وهي تكتف ذراعيها "لا ده بيتك بس يا أحمد.. عمره ما كان بيتنا.. وبعدين أنا مش هرجع متتعبش نفسك ".... "يعني ايه؟ "... "يعني تطلقني يا أحمد وكل واحد يروح لحالة" انفجر بركان غضبه واخذ يهزها بعنف قائلا " ليه؟ أنا عملت ايه علشان تعاقبيني بالطريقة دي؟ حرام عليكي... عايزاني اعمل ايه تاني علشان تسامحيني؟ " ابعدته ملاك بعنف قائلة "عايزاك تطلقني.. أنت ايه مش عندك كرامة؟ أنا مش عاوزاك.. طلقني وارحمني بقي " شحب بشده وهو يشعر بفوران قلبه وثورة كرامته... تنهد مسيطرا علي غضبه ونظر لها برجاء.. ترجاها أن تعود معه لأنه يعشقها وأن لا تتركه يضيع بدونها ولكنها قابلت نظراته المتوسلة بنظرات جامدة وكأنها تقول "أنه لا يعني لها شئ ".. عرف أن كرامته لن تسمح له أن يتنازل أكثر لذلك قال بخفوت "انتي طالق "..
يتبع
التحرر من قيود عشقك
فاطمة علي

التحرر من قيود عشقك الجزء التانيWhere stories live. Discover now