الفصل الثاني والعشرون..

5K 148 1
                                    

أخذ أحمد يدور بسيارته دون هدي حتي توقف أمام بيت علي... شعر أنه يريد أن يتكلم مع أحد خصوصا بعد شجاره مع ملاك... مازال يطارده وجهها الشاحب المصدوم والمتألم وعينيها الباكية... بدون تفكير ولج إلي منزل علي وبدون تردد طرق الباب... تفاجئ علي وهو يري صديقه في هذا الوقت المتأخر وعلم أنه ليس علي مايرام لذلك أدخله بدون كلام...
~~~~~~~~~
في قصر الأسيوطي....
كانت جوليا في المرحاض وتتحدث في الهاتف....
"خلاص يا مدحت... هحاول أدبر المبلغ قريب.. متنساش أن المبلغ كبير "قالتها جوليا بتوتر وهي تحاول أن تجعل صوتها منخفض وثابت ليرد مدحت بغضب قائلا"بصي أنا صبرت عليكي كتير واديتلك مهله أسبوع بحاله بس لو اتأخرتي أنا هقول كل حاجة لجوزك من أول حكايتك مع أحمد لحد حكايتك مع كريم... أنت فاهمة؟ " ثم أغلق الهاتف بينما أمسكت جوليا رأسها وهي تقول "اعمل أيه دلوقتي؟ "...
~~~~~~~~~~
في منزل الدكتور علي صادق....
"لأ طبعا غلطت يا أحمد... أنت زودتها المرادي أووي"قالها علي بجدية ليمرر أحمد يده في شعره بتوتر وقال "معرفش ايه حصلي يا علي... كل اللي جه في بالي أنها عايزة تورطني وخلاص ".. ليرد علي بذهول "أفندم تورطك ازاي يعني؟... دي مراتك! أنت فاهم؟ مش واحدة عامل معاها علاقة والسلام " زفر أحمد بضيق وقال بحدة"أنت ليه مش عايز تفهمني... معرفش علاقتي بملاك هتكون ازاي... يعني أنا لحد دلوقتي مش قدرت أحبها... بعترف إني معجب بيها.. وأنها وصلت لروحي أكتر من أي حد... بحب اتكلم معاها واحكيلها عن مشاكلي... وبحس براحة غريبة لما تخليني أصلي وأبقى الإمام " صمت وأكمل "بحب الأوقات لما بنكون أنا وهي بنقرأ قرآن و.... " قاطعه علي وهو يجلس بجانبه وقال"بعد كل ده عايز تفهمني أنك مش بتحبها... عليا يا باشمهندس.... أحب اقولك أن ملاك قدرت تنسيك حبك الأول وهتاخد قلبك قريب " نظر إليه أحمد بهدوء ليردف علي"روح يا باشمهندس لمراتك.. وخليك جنبها هي محتاجاك دلوقتي... زي ما هي كانت جنبك لما أنت احتاجتها.. واعتذر منها علي اللي انت هببتوا " أبتسم أحمد واحتضن علي بشدة وقال "شكرا اووي يا علي "....
~~~~~~~~~
في منزل أحمد الاسيوطي....
كانت ملاك جالسة أمام التلفاز وهي شاردة.. عينيها حمراء من كثرة البكاء،،، لقد بكت لفترة طويلة حتي أصبحت عينيها تؤلمها بشدة كما أنها تشعر بالصداع... هرمونات الحمل مع غضبها من أحمد جعلها منهارة... لماذا هو قاسي هكذا؟ كيف يتهمها ويقول أنها حملت عمدا كي تربطه بها؟ سمعت صوت المفتاح... ولج أحمد إلي منزله ليجد ملاك جالسة في صالة المنزل أمام التلفاز جلس بجانبها علي الأريكة ولكنها تجاهلته تماما .. مد يده ليمسك كفها لكنها نفضت يدها بشدة وهمت أن تذهب لغرفتها عندما شدها بقوه وأجلسها علي قدميه.. "أبعد يا أحمد لو سمحت " اقترب أحمد وهو يدفن وجهه في عنقها ويقول"أنا غبي وآسف " دفعته بقوة وهي تقول بحزم "بص يا أحمد.. حبي ليك مش ضعف... أنا لو حسيت في يوم أن حبك هيخليني من غير كرامة أنا عندي أهون أدوس علي قلبي ولا حاجة تمس كرامتي بحاجة"وأكملت بنفس الحزم "وصدقني في اليوم اللي هقرر أمشي عمري ما هرجع مهما عملت" أنقبض قلبه وازدادت دقاته عندما ذكرت الرحيل ولا يعرف السبب... تنهد أحمد وقال "عمري ما هجرح كرامتك علشان كرامتك من كرامتي "ثم انحني يقبلها برقة.. تعمقت قبلاته بينما يحملها لغرفتهم..
ولج أحمد إلي غرفة النوم وهو يحمل ملاك بينما يقبلها بعمق... مددها علي الفراش وألقي سترته بعيدا ثم أخذ يفك أزرار قميصه لتصرخ ملاك قائلة "أنت بتعمل ايه؟ مينفعش " توقف يدي أحمد علي قميصه وهو يقول "ايه هو اللي مينفعش؟ " ازدردت ملاك ريقها وقالت"أنا سمعت أنه مينفعش في الشهور الأولي من الحمل... " خلع أحمد قميصه واستلقي علي السرير وقال "مليش في.. أنا مواطن وعايز حقوقي الوطنية" نهرته ملاك "أحمد! أنت... "ولكنه قاطعها وهو يطبق علي شفتيها بقوة...
~~~~~~~~
في اليوم الأول من رمضان....
في منزل أحمد الأسيوطي....
كانت ملاك في المرحاض تستند علي قاعدة المرحاض بينما تتقئ بشدة وأحمد كان بجوارها يربت علي ظهرها... عندما انتهت غسل أحمد لها وجهها ثم حملها بين ذراعيه ليلتف ذراعها حول عنقه وتستند عليه بضعف.. مددها أحمد علي الفراش وجلس بجوارها وهو يقول "يا حبيبتي.. انتي تعبانة خلاص افطري المرة دي وربنا هيغفرلك إن شاء الله.. وابقي عوضيها بعدين " هزت رأسها بضعف وهي تقول بصوت مبحوح "لأ يا أحمد.. أنت متعرفش شهر رمضان يبقي ايه بالنسبالي... حتي لو كنت بموت هصومه... عمري ما فطرت من وانا عندي تمن سنين الا في ايام كان لازم أفطر فيها "ملس أحمد علي شعرها وقال "بس انتي تعبانة... وعلي قال أنك تفطري علشان انتي ضعيفة " ولكنها قالت بإصرار "لأ يا أحمد.. أنا هبقي كويسة شوية... بس ممكن لو سمحت تخرج الفراخ من التلاجة علشان هطبخ " رد أحمد بذهول "تطبخي أزاي يا حبيبتي؟ ... هو انتي قادرة تقفي "تنهد ثم أكمل "هنقضيها النهاردة أي حاجة "ابتسمت ملاك بضعف وردت "مينفعش يا حبيبي.. النهاردة أول يوم في رمضان والعادة أننا نطبخ " قبل أحمد كفها ثم قال بمرح "يبقي خلاص أنا هطبخ كده كده النهاردة مش معايا شغل "ضحكت ملاك برقة وقالت "أنت بتعرف تطبخ؟ " ليرد أحمد بزهو "طبعا يا بنتي ده أنا بطبخ أحسن منك.. وهتشوفي حالا " حملها بغته ثم ذهب إلي المطبخ واجلسها علي الحاجز الرخامي وهو يقول بمرح "اتفرجي علي الشيف أحمد " ضحكت ملاك بشدة علي جنونه الذي تراه للمرة الأولي...
~~~~~~~~~
"بتقولي ايه "صرخت جوليا وهي تتحدث مع سحر علي الهاتف"حامل ازاي؟ " ثم أكملت بحده"وانتي كنتي بتعملي ايه؟ مش طلبت منك تديها الحبوب؟ "... ردت سحر بتوتر وهي تقول " والله يا جوليا أنا حاولت أقرب منها بس هي كانت بتصدني مش عارفة ليه؟ " زفرت جوليا بضيق وقالت "اخلصي منها بسرعة... حطيلها الحبوب كلها في أي حاجة المهم تموت... موتيها ومتخفيش " شهقت سحر ثم قالت "لا يا جوليا.. أنا هديها الحبوب آه.. بس مش كلها علشان ممكن كده أنا أتورط " ردت جوليا بصوت عالي وبتهديد"اسمعي يا حبيبتي لو مش عملتي اللي أنا قولت عليه أنا ممكن اطربق الدنيا فوق دماغك.. وهقول لشريف المسكين علي كل عمايلك.. انتي فاهمة؟ "وأكملت "يا ويلك لو مش نفذتي اللي أنا قولت عليه.. ده أنا ممكن أوديكي في ستين داهية" ثم أغلقت الهاتف في وجهها بقوة...
انهارت سحر علي المقعد وهي مصدومة للغاية.. فجوليا إنسانة مريضة وخطيرة وهي إن فعلت ما تريده سوف تتورط وحينها سوف تخسر خطيبها ومهنتها وتقضي بقية حياتها في السجن ..... لكنها حسمت أمرها وأمسكت هاتفها وهي تتصل بشخص ما..
"آلو " أتاها صوت علي الهادي لترد هي بإضطراب "إزيك يا علي؟ "... "تمام الحمد لله يا سحر... فيه حاجة؟ صوتك مش عاجبني " تنهدت هي بتوتر ثم قالت"أنا لازم أقابلك ضروري يا علي "توجس وقال"فيه حاجة يا سحر؟ "لترد هي "مش هينفع اتكلم علي التلفون... ممكن نتقابل بعد الفطار في الكافيه بتاعنا "... "ماشي نتقابل " قالها علي وقلبه ينبئه أن شئ ما سيحدث اليوم..... ~~~~~~~~~~~
في شركة الأسيوطي....
في غرفة الاجتماعات.. كان بها كلا من مالك وإسراء وعمر وبعض الموظفين...
"أومال أحمد فين يا عمر؟ "قالها مالك بتساؤل ليرد عمر "اضطر يقعد جنب ملاك.. علشان تعبانه من الح... " بتر عبارته وهو ينظر إلي إسراء بإعتذار...لتقف هي وتقول بخفوت "محتاجة أدخل الحمام " ثم ذهبت هاربة إلي المرحاض...
ولجت إسراء إلي الحمام وهي تبكي... فرغم أن ملاك قد تزوجت بعدها ألا أنها أصبحت تحمل طفل في أحشاءها وهي لا... هي حقا سعيدة لملاك فهي اختها وتتمني لها الخير ولكن هي حزينة في كل صلاة تدعو أن الله يرزقها بطفل يملأ حياتها بالسعادة... ولكنها رغم ذلك لا تحمل.. استغفرت ربها ثم غسلت وجهها وخرجت....
~~~~~~~
"بتقولي ايه يا جوليا؟ حامل؟ ملاك حامل؟ "قالها كريم علي الهاتف وهو مصدوم ثم أردف بعصبية وقال "مش انتي قلتي أنك هتتصرفي في الموضوع.. أغمضت جوليا عينيها وقالت تهدئه "متقلقش يا كريم... ملاك هتكون ليك... وده وعد مني" تنهد كريم وقال بعصبية " ياريت يكون كلامك صح يا جوليا والا... " لتردف جوليا بتعب "مفيش داعي للتهديد يا كريم "...
~~~~~~~~~
مرت الساعات.. ولم يتبقي للمغرب ألا دقائق..
كانت طاولة الطعام مليئة... كما أن رائحة الطعام جعلت لعابها يسيل...
"ايه رأيك يا ستي؟ ... أنفع ابقي شيف صح؟ "قالها أحمد بمرح لتضحك ملاك وهي تجلس علي مقعد بجوار الطاولة وتقول "بصراحة آه.. وأحسن حاجة مش حطيت توم علشان ميقلبش معدتي " جلس أحمد بجوارها لتقول ملاك "هو المغرب فاضله كتير أصلي جعانة أووي " واكملت بمرح "وريحة الاكل حلوة أووي ".... ليضحك أحمد وهو يشعر بمشاعر كثيرة تدغدغ قلبه... شعر أخيرا أن له منزل...
~~~~~~~~~~
في كافتيريا علي النيل...
تقدم علي من سحر الجالسة وتنظر إلي النيل شاردة.. تنحنح وقال بخفوت "سحر! فيه ايه قلقتيني؟ " نظرت إليه سحر وقالت بهدوء "لازم نروح لأحمد وملاك دلوقتي " ذهل علي وقال "طيب ليه؟ " لترد هي "لو سمحت يا علي.. الموضوع ضروري "...
~~~~~~
في منزل أحمد الأسيوطي....
رن جرس المنزل ليفتح أحمد الباب... أحمد بذهول "علي... سحر انتوا بتعملوا ايه هنا؟ " ليرد علي "طيب ممكن ندخل الأول؟ " هتف أحمد وقال "ملاك " لتفهمه هي وتذهب إلي غرفتها لترتدي شيئا محتشم.. سمح أحمد لهم بالدخول.. وقال علي بنبرة إعتذار "آسف إني جيت من غير معاد... بس سحر قالت أن الموضوع ضروري.... "
خرجت ملاك من غرفتها وهي ترتدي اسدال للصلاة وطالعت سحر بذهول.....
نظرت سحر إلي ملاك وأحمد بحرج وهي تشعر بتأنيب الضمير... ولكنها تشكر ربها الذي أفاقها في الوقت المناسب قبل أن تتسبب بكارثة لهما...
جلس الجميع وأخذ أحمد يطالع سحر بتعجب بينما سحر قالت بنبرة إعتذار "أولا بحب أعتذر منكم كلكم. علشان أنا عملت حاجات أنا مش فخورة بيها" ازداد تعجبهم بينما تنامي أمل ملاك في أن تقول سحر لهم عن مخطط جوليا...
تنهدت سحر ثم قصت عليهم كل شئ بدءا من إجهاض جوليا لخطتها لقتل ملاك...
"نعم... كانت عايزة تقتل مراتي؟ ... وكمان أجهضت نفسها؟ ..وكريم يبقي شريكها "قالها أحمد بصياح ليردف علي بعصبية " وأنا كنت بالنسبة ليكي لعبة " بكت سحر وهي تقول "والله هي اللي اغرتني بالفلوس يا علي... أنا مخطوبة لواحد علي قد حاله ومش قادرين نتجوز.. فهي استغلت ده " تمتم أحمد بصدمة "دي إنسانة مريضة... ازاي مش أخدت بالي من ده " ذهب علي إليه ووضع يده علي كتفه وهو يقول "لازم تقول لأبوك الحقيقة كاملة ومش تخليه مخدوع أكتر من كده " أومئ أحمد بإصرار وتطلع إلي ملاك واقترب منها وهو يقول " ملاك أنا عملت غلطة كبيرة في حياتي.... وأنا هعترف بيها قدام الكل،،، مش هقدر أعمل ده من غيرك... أوعي تتخلي عني مهما حصل " أومأت ملاك وأمسكت كفه وهي تعده بعينيها أنها ستكون معه مهما حدث....
~~~~~~~~~~
في قصر الآسيوطي...
طرقات عديدة علي الباب جعلت الخادمة تفتح الباب بسرعه ليدخل كلا من أحمد وملاك وسحر وعلي....
"لورا! نادي الكل هنا.... بابا وعمر وأريج وجوليا... يالا نادي الكل بسرعه "هتف بها أحمد بعصبية لتركض الخادمة وتجد بوجهها مالك الذي يقول "فيه ايه يا أحمد؟ " ليرد أحمد "إن شاء الله خير يا بابا ".. نزل الجميع ماعدا جوليا " فيه ايه يا أحمد؟ " ليرد أحمد "استني يا عمر أنا مستني نجمة الحفلة " هبطت جوليا السلالم وهي تشعر بالخوف ليبتسم أحمد بتهكم "أهلا جوليا هانم... أنا قررت أحكي لبابا كل حاجة.... ها أحكي أنا ولا تحكي انتي؟ " اتسعت عيون جوليا بالرعب.....
يتبع....
التحرر من قيود عشقك
فاطمة علي

التحرر من قيود عشقك للكاتبه فاطمة علىWhere stories live. Discover now