الفصل الثالث

7.8K 196 4
                                    


ولجت ملاك إلي غرفة مكتب والدها -بعد أن استقال عثمان من عمله في المشفي كطبيب مختص في القلب والأوعية الدموية جهز هذا المكتب له لكي يؤلف كتب عن أمراض القلب ويستفاد الناس منه وحتي يشغل وقت فراغه.
"أيوة يا بابي حضرتك عاوزني "قالتها ملاك وهي تخفض رأسها ناظرة إلي الأرض فهي تعلم أنها مخطئة ،،،نظر عثمان لملابسها بدون رضا،،فهو تكلم مع ملاك عدة مرات عن موضوع الحجاب ووعدها انه لن يجبرها علي لبس الحجاب املاً أن تحبه وتلبسه عن اقتناع ربما ينتقده البعض في أسلوبه هذا ولكنه يعرف ما يفعله لا يريد اجبارها علي شئ لا يريد أن تكون مثل بعض الفتيات اللاتي لا يحترمن الحجاب فيلبسون الملابس الضيقة التي تبرز انحناءات الجسد ورغم ذلك يرتدين الحجاب فهو بنظره أن الحجاب ليس قطعة تغطي الرأس بل أسلوب .
"اقعدي يا موكة ..عايز أدردش معاكي".
***************************************
"ايه ده انتي ليه مش روحتي المدرسة" قالها أحمد لأخته الصغيرة لترد أريج"معلش يا أبيه أنا هذاكر في البيت النهاردة ...اتفقت أنا وفرح علي كده"..ليومئ أحمد بالإيجاب وهو يقول "بس دي أخر مرة تغيبي فيها عن المدرسة السنة دي مهمة جدا وأنا عايزك تدخلي هندسة "..."حاضر يا أبيه" —أريج فتاة في السابعة عشر من عمرها وهي في الصف الثالث الثانوي ..لديها طموحات بأن تصبح مهندسة ديكور ولذلك تبذل جهدها لتحقيق أحلامها ،،،كما أنها فتاة جميلة جدا ذات بشرة بيضاء و عيون زرقاء كعيون أحمد وشعر بني لامع يصل لمنتصف ظهرها وجسد متناسق .
"اومال فين بابا يا أريج"قالها أحمد بتساؤل لتجيب"في المكتب يا أبيه" ليومئ أحمد وهو يتجه نحو المكتب .
***************************************

"بصي يا موكة احنا اتكلمنا قبل كده علي الحجاب والصلاة ..صح؟"قالها عثمان لتجيب ملاك بخفوت "صح يا بابي" ليتنهد عثمان وهو يحاول أن ينتقي كلماته دون أن يحرج ابنته الصغيرة ..إسراء كانت دوما ملتزمة عكس ملاك ولكنه لا يريد أن يجعل وجه مقارنة بينها وبين أختها حتي لا يترك الحقد فرصة كي يتمكن من قلب ملاك .
"بصي يا موكة ..كلنا عارفين أن الحجاب فرض ..واللي بيقول غير كده ده بيضحك علي نفسه ربنا بيقول في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم «وقُلْ للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن »صدق الله العظيم،،،،بصي يا موكة الآيه دي فسروها كتير في ناس اللي بتتلكك علشان تقلع الحجاب فسروا أن الحجاب مش فرض علي البنات...القرآ لمانزل نزل علي العرب اللي هم بيتقنوا اللغة العربية فالله عز وجل اتحداهم أنهم يجيبوا كلام زي القرآن ،،،طبيعي هتلاقي كلمات صعبة في القرآن ،،بس مش نفسره علي هوانا...انتي سألتي قبل كده ليه أنا مش أجبرتك علي الحجاب" اومأت ملاك بالنفي ليجيب والدها بإبتسامة" علشان عايزك تحبي الحجاب ،،عايزك لما تلبسي الحجاب تحترميه ..لما تلبسي الحجاب لازم تلبسي واسع وكمان لازم تكون أخلاقك كويسة ...الحجاب مش قماش وبس.. لأ
الحجاب ده أسلوب حياة ...ماشي يا موكة" لتومئ ملاك بالإيجاب وهي تحتضن والدها..ليقول والدها"بالنسبة لموضوع إنك مش صليتي الفجر ده مش يتكرر تاني ..عايزين التزام ..مفهوم؟...".
خرج كل من ملاك وعثمان إلي صالة المنزل لتناول الفطور .
"بقولك يا لولا حلوة الكنافة دي بس المرة الجاية ممكن تعمليها بالكريمة" قالتها كريستين وهي تأكل قطعة من الكنافة بالمكسرات بشهية كبيرة لتجيب ليالي وهي تضحك"انتي تؤمري يا قلب لولا" لتردف ملاك بسخرية "طبعا طبعا يا آنسة كريستي ما احنا خلفناكي ونسيناكي"ليرد عثمان بعصبية مصتنعة"محدش يكلم خطيبتي بالأسلوب ده " لترمش له كريستين بدلال مصتنع ويضحك الجميع ...وبعد الانتهاء من الفطور يذهب كل من ملاك و كريستي إلي الكلية وإسراء تذهب كالعادة للبحث عن عمل ..وعثمان أخذ علبة الشطرنج وذهب إلي الكافيه المجاور لكي يقابل جرجس ...وليالي تقوم كالعادة بتنظيف المنزل وطهي الطعام.
***************************************
دخل أحمد مكتب والده ليجد جوليا به بدلا من والده فترك الباب مفتوح وزفر بضيق من تلك المخادعة "إيه بس يا babe مين زعلك واتجهت إليه وهي تحاول أن تقبله ليبتعد أحمد عنها وهو يردد"أستغفر الله العظيم يارب ..الصبر من عندك" ونظر لها بإشمئزاز وقال "فين بابا يا مرات ابويا"—جوليا كانت زميلة أحمد بكلية الهندسة كانت تنتمي لأسره متوسطة الحال ..والدها توفي وهي في سن السابعة ووالدتها تزوجت بعده عده مرات ..جوليا كانت تحب أحمد وكانت تأمل أن يتزوجها ولكنه لم يبادلها مشاعرها تلك فتزوجت بأبيه ومنذ تلك اللحظة وهي تحاول أن تغريه ولكنه لا يستجيب .
أمسكت كفه وهي تقول"جاتله مكالمه ضروري ..خلينا نتكلم شوية"واقتربت منه وهي تستنشق رائحة عطره المسكرة وقالت"ريحتك تجنن "ابعدها أحمد عنه بإشمئزاز وهو ينظر إلي ملابسها الفاضحة ..فكانت ترتدي فستان حريري بدون حمالات يبرز بشرتها البيضاء ويكاد يصل إلي منتصف كاحلها.
"إنتي انسانه مش محترمة"قالها أحمد بإشمئزاز وكاد أن يكمل لكنه "أحمد!".
قالها مالك بصوت عالي وهو يدلف إلي المكتب لتركض إليه جوليا وتحتضنه وهي تبكي بإصطناع قائلة "شوفت أحمد يا مالك ...مش عارفة هو ليه بيكرهني"..لينظر لها أحمد بإشمئزاز ممزوج بسخرية..."أحمد قولتلك ميت مرة أبعد عن جوليا ...دي مراتي وده بيتها وأنت مش من حقك تعاملها بالطريقة دي مفهوم ؟.."قالها مالك بحده ليجيب أحمد "أمرك يا بابا" وأكمل "أنا جيت علشان اقولك أن بكرة مسافر الغردقة أنا أخدت أجازة أسبوع " ليومئ والده "تقدر تروح دلوقتي"ويخرج أحمد من مكتب والده وهو يشعر بالضيق من تلك المخادعة.
***************************************
"يالا يا موكة ..هنتأخر علي المحاضرة"قالتها كريستين وهي تتجه إلي قاعة المحاضرات "أوف اتأخرنا علي المحاضرة تاني ودكتور كريم دخل" هتفت كريستين بضجر لترد ملاك"هنعمل ايه دلوقتي"..."هنعتذر منه وندخل"اجابت كريستين ببساطة .
في قاعة كبيرة تضم جميع طلاب تربيه عام شعبة علم نفس الفرقة الثالثة ..يقف شاب وسيم في أواخر العشرينات من عمره يحاضر مجموعة من الطلاب وهو يكون الدكتور كريم عز الدين الدكتور الخاص بعلم نفس المرضي .
"هنتكلم النهاردة عن panic attack"قالها كريم قبل أن يقاطعه طرق خافت علي الباب ليردف "أدخل" لتدخل ملاك وكريستين ....."اسفين علي التأخير يا دكتور"قالتها ملاك بنبرة إعتذار ليومئ لهم كريم بالإيجاب ويسمح لهم بالدخول.
"أنا محتاج بحث شامل عن panic attack،وطبعا البحث ده هيكون علي أيديكم يعني مش مطبوع ...وطبعا متنسوش المراجع "قالها كريم لتردف ملاك بخفوت "طيب يا دكتور محتاج البحث أمتي"..."هديكم فرصة أسبوعين ...وممكن مجموعة تعمله أو فرد واحد يعني براحتكم والبحث الأحسن هيتناقش هنا " أردف كريم .
***************************************
"أبيه أحمد..ممكن طلب؟..." تمتمت أريج بخوف ليرد أحمد بإستفهام "ممكن ..بس إنتي ليه خايفة " لتجيب أريج "أصل حضرتك يا أبيه دايما عصبي وبتزعقلي" ليتنهد أحمد ويبتسم بشفقة "أنا اسف يا حبيبتي ..أوعدك مش هزعلك تاني ..قولي بقي عايزة إيه!.." لتجيب أريج بخجل"عايزة اشتري شوية هدوم ..ومش معايا فلوس بصراحة"ليبتسم أحمد وهو يحتضنها"وفيها ايه يا حبيبتي ..ماشي هنجيب هدوم واللي انتي عايزاه هاتيه احنا عندنا كام أريج" لتبتسم أريج وهي تحاوط خصره بيديها.
"ايه ده وانا مليش من الحب جانب ولا ايه يا انسه أريج "قالها عمر مازحا وهو يدلف إلي صاله القصر الأنيقة ليرد أحمد مغيظا له وهي يترك أريج "لا" ...عمر بحزن مصتنع "كده ماشي أنا زعلان منكم" لتقول أريج وهي تحتضن عمر وأحمد "لا أنا بحبكم انتوا الاتنين ...انتوا أحسن أخوات في العالم "..."بصي بقي يا حبيبتي علي الساعة أربعة تكوني جاهزة علشان نروح أنا وانتي المول ونشتري اللي انتي عاوزاه"وأكمل "يالا يا عمر "ليومئ عمر بالإيجاب وهو يذهب معه .
"أموت واعرف أبيه أحمد وعمر بيروحوا فين "تمتمت أريج بحيرة .
خارج القصر
"أحمد أنت بكرة مسافر الغردقة صح ؟.." قالها عمر ليومئ أحمد بالإيجاب هو يتجه إلي سيارته السوداء " الفيراري" ويركب بجانبه عمر ثم ينطلقان إلي وجهتهم .
***************************************
خرجت ملاك وكريستين من قاعة المحاضرات يشعران بالارهاق الشديد فحقاً كانت هذا المحاضرة طويلة جداً لمدة ثلاثة ساعات .."آنسة ملاك "تسمرت ملاك بمكانها ونظرت إلي كريستين بخوف ثم إلي كريم الذي اقترب منها "ممكن نتكلم شويه؟ " قالها كريم لتزدرد ملاك لعابها وهي تومئ بالإيجاب "طيب يا موكة أنا راحة اجيب حاجة من الكافيتريا" .
"ممكن أعرف أنا ليه اترفضت يا أنسه ملاك؟ "وأكمل بعتاب "دا إنتي حتي رفضتي تقابليني " لترد ملاك وهي مطرقة رأسها إلي الأسفل"دكتور كريم حضرتك كويس جدا بس أنا مش بفكر في الموضوع ده ..وأنا مش حاسه ناحيتك بأي شعور "وأكملت "أنا بعتبرك دكتوري ومثلي الأعلي بس ..أنا أسفة" ليتنهد كريم وهو يجيب "مفيش مشكلة يا ملاك ...أنا اللي اسف "ويتركها وهو حزين علي خسارة حبه الأول ...لتسقط دمعه من عينيه الرصاصية لقد خسر ملاكه للأبد ..خسر سبب خفقان قلبه رحل وهو يدعو لها بالحياة السعيدة الهانئة حتي لو لم تكن معه .
بعد ذهاب كريم تنهدت ملاك بحسرة ..لم تكن تريد أن تجرحه ولكن هذا أفضل فهي لا تحبه "ايه يا موكة...خلاص" لتومئ ملاك بالإيجاب وهي حزينة لتجيب كريستين"لا لا ايه الحزن ده ..يالا ابوس إيدك علشان نروح المول دا أنا اقنعت مامي بالعافيه" ..."يالا"تمتمت ملاك بخفوت.
***************************************
بعد ساعتين
"هو ده المول يا أريج يالا نركب الأسانسير علشان نشوف فوق حاجة مناسبة ليكي" قالها أحمد وهو يتوجه إلي المصعد بسرعة لتقول أريج بخفوت "استني يا ابيه" .
في نفس الوقت والمكان" يالا يا كريستي هنروح الدور التاني يمكن نلاقي الطلب اللي أنا عايزاه" قالتها ملاك لتجيب كريستي"يا بنتي حرام عليكي احنا روحنا علي كذه مول النهاردة أنا تعبت " تجاهلتها ملاك وهي تتجه إلي المصعد.
بمجرد أن دخلت ملاك المصعد ضغط أحمد علي زر المصعد بالخطأ ليستجيب المصعد ويغلق الباب "ايه ده يا ......."قالتها ملاك قبل أن تغرق في سحر عينيه الآسرتين.
يتبع
التحرر من قيود عشقك
فاطمة علي  

التحرر من قيود عشقك للكاتبه فاطمة علىWhere stories live. Discover now