علي بن أبي طالب وباب خيبر

48 5 6
                                    

موقف الامام علي (عليه السلام) في فتح خيبرلم يكن بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين يهود خيبر عهد، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريضة، فقد كان بينه (صلى الله عليه وآله وسلم ) وبينهم عهد ... ومعنى ذلك ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) توجّه إليهم ليدعوهم إلى الإسلام، أو قبول الجزية، أو الحرب فلما لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم.

كان المسلمون في هذه الغزوة ألفاً وأربعمائة ومعهم مائتي فرس. فلما نزلوا بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة حتى طلعت الشمس وأصبح اليهود وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فلما نظروا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، قالوا: محمد والخميس (اي الجيش )، وولوا هاربين إلى حصونهم. فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): الله اكبر، خربت خيبر; إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين. فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان أول حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم، ثم القموص، ثم حصن الصعب بن معاذ، ثم الوطيح والسلالم، وكان آخر الحصون فتحاً حصن خيبر.

وفي خيبر، بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا بكر برايته، وكانت بيضاء، وعقد له، فرجع ولم يك فتح وقد جهد، ثم بعث في الغد عمر بن الخطاب برايته وعقد له أيضاً ومعه الناس فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاؤوا يجبّـنونه ويجبّـنهم كسابقه، وخرجت كتائب اليهود يتقدمهم ياسر ( أو ناشر اخ مرحب ) فكشفت الانصار حتى انتهوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ). فاشتـدّ ذلك على رسول الله، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ): لأبعثنّ غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّانه، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه. فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً، ورجا كل واحد من قريش أن يكون صاحب الراية غداً. وكان عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) أرمد، شديد الرمد، فدعاه، ـ فقيل له أنه يشتكي عينيه ـ ; فلما جاء علي ( عليه السلام ) أخذ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ماء فمه ودلـك عينيه، فبرئتا ـ حتى كأن لم يكن بهما وجع ـ وقال: اللهم اكفه الحرّ والبرد. فما اشتكى من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، وعقد له، ودفع الراية إليه، وقال له: قاتل ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك.

فقال علي ( عليه السلام ): يارسول الله; علام أقاتلهم؟

فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ): على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزّ وجل.

فقال سلمه: فخرج والله يهرول وأنا خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟

قال ( عليه السلام ): أنا علي بن أبي طالب.

فقال اليهودي: علوتم أو غلبتم.

وخرج إليه أهل الحصن، وكان أول من خرج إليه منهم الحارث ـ أخ مرحب ـ وكان فارساً شجاعاً مشهوراً بالشجاعة، فانكشف المسلمون وثبت علي ( عليه السلام ) فتضاربا، فقتله عليّ ( عليه السلام ) وأنهزم اليهود إلى الحصن.

فلما علم مرحب أخاه قد قتل نزل مسرعاً، وقد لبس درعين، وتقلّد بسيفين، واعتمّ بعمامتين ولبس فوقهما مغفراً وحَجَراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار، وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجرّب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب ** إذا اللـيوث أقـبلـت تلـتـهـب

فردّ عليّ ( عليه السلام ) عليه، وقال:

أنا الذي سمّـتني أمي حيدرة
أكيلكم بالسيف كيل السّـندرة
ليث بغابات شديد قسورة

وحيدرة: اسم من أسماء الاسد.

فاختلفا ضربتين فبدره الإمام عليّ ( عليه السلام ) فضربه فقدّ الحَجَرَ والمغفر ورأسه حتى وقع السيف في أضراسه، فقتله، فكبّر عليّ ( عليه السلام ) وكبّر معه المسلمون. فانهزم اليهود إلى داخل الحصن واغلقوا باب الحصن عليهم.

وكان الحصن مخندقاً حوله ... فتمكّن عليّ (عليه السلام) من الوصول إلى باب الحصن فعالجه وقلعه وأخذ باب الحصن الكبيرة العظيمة ـ التي طولها ثمانون شبراً، أي: أربعون ذراعاً ـ فجعلها جسراً فعبر المسلمون الخندق وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم … ولما انصرف المسلمون من الحصن أخذ عليّ ( عليه السلام ) الباب بيمناه فدحى بها أذرعاً من الأرض ـ أربعون ذراعاً ـ وكان الباب يعجز عن فتحه أوغلقه أثنان وعشرون رجلا منهم. وقد قال الشاعر في ذلك:

يا قالع الباب التي عن فتحه *** عجزت أكف أربعون واربع

وقد جرّب بعد ذلك أربعون رجلا حمل الباب فلم يتمكنوا ... فتكاملوا سبعون فحملوه.

لله درّك يا أبا الحسن
أنت الايمان كله .. قد خرجت للشرك كله .. وخرج الشرك كله إليك فبسيفك البتار ذو الفقار وايمانك الثابت الذي لا يتزعزع فلقت جماجم الكفر وثـبّـتّ دعائم الإيمان فلقد سمع العسكر كله صوت ضربتك لجمجمة مرحب فسلام عليك يا من حبّك الله ورسوله وأحببت الله ورسوله بشهادة من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

 وخرج الشرك كله إليك فبسيفك البتار ذو الفقار وايمانك الثابت الذي لا يتزعزع فلقت جماجم الكفر وثـبّـتّ دعائم الإيمان فلقد سمع العسكر كله صوت ضربتك لجمجمة مرحب فسلام عليك يا من حبّك الله ورسوله وأحببت الله ورسوله بشهادة من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا ...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
ترجمان الحُبWhere stories live. Discover now