تابع للفصل الاول

30.7K 373 4
                                    


وكان ابنه الاصغر بانيس وهو اصغر اشقاء تالي قد نشأ وتربى كباقي اخوته في المدينة ، ولكنه منذ خمس سنوات نال إجازة جامعية في علوم الغابات فترك المدينة واختار العمل والعيش على قمة جبل مونتانا!
وحدها تالي صممت على السير على خطى والدها في العمل، وهي تمتلك عقلاً يساعدها على إدارة الاعمال، وقد عملت في المستودعات، ومكاتب الشحن البحري، وفعلت كل مايمكنها لتتعلم حرفة والدها من الصغر، وكان والدها يستغني عنها على الفور عندما يعلم انها تعمل في احدى شركاته ويردد بغيظ:
- لن تعمل ابنتي هنا

فانتقلت للعمل في مكان آخر مع رب عمل آخر
ولم يعجبه ذلك طبعاً لكنها عنيدة مثل والدها العجوز، وكانت قد التحقت بالجامعة حيث نالت اجازة في المحاسبة وعملت لفترة في شركة في كاليفورنيا، بعدئذ عادت الى الجامعة ، واكملت دراساتها العليا فيما هي تعمل لدى خباز نقل اليها كل مايعرفه عن حرفته ، ولو قررت تالي يوماً ان تنشيء عملها الخاص لما فضلت على صناعة الخبز اي عمل آخر، كانت تعشق تحضير المعجنات والحلويات ، وهي طريقتها المفضلة للاسترخاء.
منذ ثمانية عشر شهراً، وبعد ان نالت شهادة الماجستير تقدمت بطلب للعمل في إحدى شركات والدها ولكن طلبها رُفض.
وعملت لحساب احد اكبر منافسي والدها حيث تقدمت في عملها وحصلت على ترقية ، كانت تتقدم بسرعة بحسب رب عملها ، وتاكدت ان يصل ذلك الى مسامع سقراط.

ويبدو ان الخبر وصل اليه اخيراً، فمنذ اسبوعين ، اتصل بها هاتفياً، ودعاها لتناول العشاء بعد ان تنتهي من عملها ، فسألته مستفسرة:
- مع من سأتناول العشاء؟.
اجابها :
- معي انا ، انا في المدينة فيما امك في ايطاليا ، واشعر بالوحدة ، ففكرت في دعوة ابنتي على العشاء.
بدت الدعوة بريئة للغاية ، لكن تالي تعرف والدها جيداً منذ تسع وعشرين سنة ، لاحظت في صوته الحماس الذي حاول ان يكبته فقبلت الدعوة ، لكن بشيء من التحفظ.
عندما قابلته في لازلو وهو احد المطاعم الهنغارية ، تلفت من حولها بحثاً عن أي شبان في الجوار ثم جسلت قبالته ، لكن سقراط لم يأت هذه المرة لأي عريس بل قدم لها عرض عمل ، سألت وهي تتلفت من حولها :
- عرض عمل؟.
م
وانتظر والدها حتى انتهى النادل من تقديم الطعام ثم قال بلهجته الصريحة :
- حصلت على اربعين بالمئة من اسهم شركة انتونيدس البحرية الدولية التي تعمل في بناء السفن والقوارب، وكمساهم رئيسي يحق لي ان اعين رئيس مجلس الإدارة واريد تكليفك بالمنصب.
رددت تالي بما يشبه الحشرجة:
- أنا؟.
لابد ان امراً غير عادي قد حصل او انها فقدت عقلها، لكن سقراط قال وهو يهز كتفيه:
- لطالما قلت إنك تودين العمل
فأجابت:
- نعم، ولكن.....
قال :
- إذن انت تعملين معي الآن.منتديات ليلاس
هزت رأسها غير مصدقة فيما عقلها لايزال يدور في دوامة:
- اعني .. لم اتوقع ان تشتري لي شركة ياأبي.
فأجابها مشدداً على كل كلمة يقولها:
- لم اشتر لك شركة بل حصلت على اسهم شركة واصبح بإمكاني ان تدلني الى مكتبي
رطبت شفتيها فيما عقلها يدور ويفكرفي الاحتمالات والإمكانات ثم قالت وهي تحاول السيطرة على افكارها :
- لا ادري .. الأمر فاجأني.
فرد عليها بقوله:
- هكذا تأتي افضل الفرص.
قالت :
- أعلم ذلك
إنما عليها ان تذكر في الأمر وتدرسه ، وسألها :
- مارأيك؟ اتعتقدين ان بإمكانك القيام بهذه المهمة؟.
فهتفت قائلة :
- بالطبع استطيع.
اشرق وجه سقراط عند سماع جواب ابنته ، تماماً مثلما سمكة القرش عندما ترى سمكة صغيرة تتجه نحو فمها .
مهما كان هدف والدها من تقديم هذا العرض فلديها خططها الخاصة ، وستبذل قصارى جهدها في العمل لتثبت له انها تستحق ثقته .
وخلال الاسبوعين اللذين تليا العرض المغري واستقالتها من شركة إيزلي ، كان لديها الكثير من العمل والمطالعة لتقف على اوضاع شركة انتونيدس البحرية الدولية، وماعرفته عنها جعلها اكثر حماساً للعمل .
كانت شركة بناء سفن قديمة وعريقة ومحترمة وقد شهدت بعض الصعوبات خلال السنوات الثماني الماضية لكنها راحت تستعيد عافيتها وتتقدم الى الامام.
لاحظت بعض التغيير في رئاسة الشركة فأيولوس انتونيدس لا يزال رئيسها لكن ابنه يدير الامور بالنيابة عنه، ويبدو ان الابن ابلى بلاءً حسناً إذ تخلص من الهدر واعاد الامور الى نصابها ودفع الشركة للتوسع خارج نطاق بناء السفن
ووجدت تالي نفسها عاجزة عن الصبر لتصبح جزءاً من عملية التوسع هذه.
والآن وفيما هي تقف امام المستودع القديم في بروكلين حيث مقر شركة انتونيدس البحرية الدولية شعرت بعدم صبرها يزداد، لم يكن مقر الشركة يبعد سوى بضعة مبان عن شقتها ما أدهشها إذ توقعت ان يكون مقرها في منهاتن، وكان هذا صحيحاً قبل ستة اشهر قبل ان تنتقل الشركة من الجانب
عرفت ان سبب الانتقال هو عصر النفقات لكن الشركة هنا في مكان حيوي،وفي مسرح للأحداث .
عندما تلفتت تالي من حولها مع ساعات الصباح الأولى رأت ان الشركة تنتمي الى هذا المكان ، كان الوقت مبكراً جداً، ، فدفعت الباب ودخلت، ولما اصبحت داخل المبنى احست وكأنها تقطع المحيط، وبدلاً من ان تجد بيئة العمل التقليدية وجدت نفسها امام بهو مطلي باللون الأزرق ، ذاك اللون الداكن النابض بالحياة الذي يذكر بالبحر الأبيض المتوسط ، كان اللون الزرق يمتد من الارض الى السقف ، بحر ازرق وسماء زرقاء وبعض الجزر التي تزينها ابنية بيضاء وكنائس ذات قبب زرقاء.
كانت الرسوم رائعة وبسيطة ، لم تزر تالي اليونان ارض اجدادها من قبل ، إذ لم يتسن لها الوقت لتقوم بذلك، لكنها عرفتها على الفور ووجدت نفسها منجذبة اليها.
لم ترغب يوماً في الذهاب الى اليونان ، مصدر التقاليد كلها التي امضت حياتها تحاربها بلا هوادة، لكنها لاحظت الآن ان تلك البلاد تضم ماهو جميل، ويستحق الاهتمام ، وفجأة راحت فكرة السفر تراودها ، لكن ليس بقدر فكرة دخول المصعد والضغط على الرقم 3.
بدا من رائحة الخشب والسجاد التي تفوح من المصعد انه جدد مؤخراً ، ولما انفتح الباب عند الطابق الثالث وخرجت ، وجدت ان اعمال التجديد لم تنته بعد ، والعمل مازال جارياً على قدم وساق.
فالأرض الخشبية عرية والجدران غير مطلية ، واستطاعت ان تسمع صوت المطارق من خلف احد الابواب المغلقة
شعرت ان عليها ان تحصل على اسم ذاك الرجل الذي يتولى اعمال الصيانة لتعطيه لمالك منزلها ، فآرتي يحاول العثور على عامل يجدد له إحدى الشقق ، عامل يمكن ان يأتي الى عمله قبل حلول الظهر.
مرت بالعديد من المكاتب حتى وصلت الى مكاتب شركة انتونيدس البحرية الدولية، وجدت الباب مقفلاً ، وهذا امر طبيعي في السادسة واربعين دقيقة صباحاً ، لكنها لم تكترث فلديها مفتاح ، مفتاح لشركتها ، حسناً ، مفتاح للشركة التي ستترأسها.
كل ماعليها ان تفعله الآن هو ان تبدو جديرة بالمنصب الذي تحتله.
وتنفست بعمق ووضعت حقيبتها ارضاً لتبحث عن مفتاح المكتب في حقيبة يدها ، وعندما عثرت عليه ادخلته في القفل وفتحت الباب ودخلت.

امراة تحت الصفر +18حيث تعيش القصص. اكتشف الآن