5

120 7 0
                                    

بعد أن أدركوا أني لن أقوم بدور البطولة المفترض، أفسحوا لي الطريق في صمت، فقمت مسرعا. قال التنين: تستطيع أن تساعدنا لو أخبرت كبيرنا عما يحدث، ربما يفعل شيئا من أجلنا، خذ هذا عنوانه، قل له إنك جئت من بيت الرعب، واحك له كل شيء. أعطاني ورقة فيها عنوان فيلا في المعادي! وتراجعوا جميعا إلى داخل النفق هامسين لبعضهم: الكرونوثيف قادم، اختفوا جميعا!.

وضعت الورقة في جيبي وجريت نحو باب النفق؛ لكني تعثرت في سلك كهربائي وسقطت على الأرض، وعندما أردت القيام مرة أخرى رأيته يتشكل. كأن شخصا يمسك ريشة ويرسم على الهواء باللون الأسود تمثال الساحر بعيونه الكبيرة وردائه الأسود ولحيته ذات اللون الأحمر. كان التمثال يكتمل وهو يتحرك داخل النفق إلى المكان الذي يقف فيه، وعندما شاهدني تجمد مكانه. مررت بجواره بسرعة متجنبا النظر إليه كان السيف يلمع في يده، ورغم أني أعلم أنه سيف ضعيف من البلاستيك؛ إلا أني خفت بشده عندما اكتمل ظهور السيف في يده من الفراغ كما ظهر هو نفسه. سمعته يصيح بصوت مبحوح: إياك أن تذهب إلى ذلك العجوز، إنهم يخدعونك، لا أحد يستطيع القضاء على الكرونوثيف، وإذا حاول أي أحد فإنه يموت، لا تذهب، لا تذهب إن كنت خائفا على عمرك.

* * *

عندما خرجت من النفق ألهث كان كل شيء في مدينة الملاهي كما هو، الزائرون يتنقلون من لعبة إلى أخرى، وصديقي عامل الكشك قد استجاب لطلب بعض الزوار الخليجيين الذين توقفوا لشراء بعض المأكولات من عنده ووضع لهم أغنية لمطربة خليجية رنت كلماتها في أذني وأنا أمر أمام الكشك "فاتك نص عمرك يا حرام، يااللي للحفلة مو جاي".

سألت نفسي وأنا أغادر مدينة الملاهي: هل يمكن أن يأتي إنسان إلى هذه الحياة ويفوته نصف عمره؟ هل يسرق الكرونوثيف من بعض الناس أعمارهم كلها؟ وأنا كم سرق مني الكرونوثيف؟ هل كانت كل دراستي التي ضاعت سدى أوقاتا التهمها سارق الوقت؟

نظرت إلى العنوان المدون في الورقة، إنها بالتأكيد فيلا مهجورة يقيم فيها ذلك المخلوق. قد يكون في شكل قط أو ثعبان. ربما يكون في شكل إنسان. لقد حذرني الكرونوثيف من مقابلة العجوز إذن فهو يتمثل شكل إنسان. هل أذهب إليه أم لا؟ وهل الأمر كله خدعة؟

عدت إلى غرفتي ووضعت الورقة على المكتب ونظرت إليها قليلا. نظرت إلى "أينشتين" على الحائط وبجواره الساعة. قمت فجأة مذعورا عندما وقعت عيني على الساعة فقد مرت نصف ساعة كاملة وأنا لا أفعل شيئا سوى النظر إلى الورقة. كثيرا ما ضاعت مني أوقات من قبل بهذه الطريقة؛ ولكن هذه النصف ساعة التي التهمها الكرونوثيف أخافتني بشدة. لا أستطيع أن أتخيل أنه كان يمر حولي في الغرفة يسخر من سذاجتي وأنا سارح أتظاهر بالتأمل في الورقة وبالتفكير فيها بينما هو يسرق مني العمر بهذه السهولة.

"وكل شيء بينسرق مني ... العمر م الأيام ... والضي م الننّي"

* * *

لا أعرف كيف اتخذت هذا القرار.. وجدت نفسي أقف أمام الفيلا في المعادي. يجب أن أجد هذا العجوز، كل ثانية تمر أشعر بطعمها في فم الكرونوثيف حتى لو كنت أعمل في هذا الوقت وأشغل نفسي. أشعر به يسري في الهواء ويشرب وقتي ثم يغادر فرحا بسرقته. كان يجب أن آتي إلى هنا كي يجد لي هذا العجوز حلا أو يريحني من هذا العذاب.

الفيلا عادية تماما، ليست مهجورة ولا يبدو عليها أي شيء غريب. تذكرت أني لا أعرف اسم الرجل الذي أريده. طرقت الباب ففتح لي الخادم ، قلت له: أنا أريد أن أرى صاحب الفيلا. وتلعثمت قليلا عندما سألني عن سبب مجيئي. في هذه اللحظة ظهر صاحب الفيلا في الشرفة وكان رجلا عجوزا فعلا؛ ولكنه كان يرى جيدا دون أن يستعين بنظارات قال: أنا لا أعرف هذا الشاب، من أنت؟ صحت: أنا جئت إليك من بيت الرعب في الملاهي، أرسلوني إليك.. بيت الرعب.. ألا تعرف عن ماذا أتحدث؟

هز العجوز رأسه وقال: لا أفهم ماذا تريد، إذا كنت جئت تطلب مالا فليست هذه الطريقة المناسبة لطلب المساعدة، ارحل فورا قبل أن أطلق الكلبين عليك. ثم دخل من الشرفة تاركا الأمر بيد الخادم الذي لم يتحرك لطردي من أمام باب الفيلا كما توقعت؛ ولكنه نظر إلي قائلا: لقد تحدثت مع الشخص الخطأ، أنا هو من تريد، تعال إلى غرفتي لنتكلم.

* * *

بيت الرعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن