4

154 10 0
                                    

والآن أنا نائم على سريري بعد أن استلمت عملي الجديد في بيت الرعب في الملاهي، أحاول ألا تقع عيني على عين "شرودنجر"، أعطي ظهري للحائط الذي عليه صورة "بور". تواجهني على الناحية الأخرى صورة "زويل"، هو سيفهمني أكثر من الآخرين، وربما يشرح لهم. اعذروني يا أساتذتي، هذا هو العمل الوحيد الذي وجدته. أو للدقة: هذا العمل هو الذي وجدني. * * *

بجوار بيت الرعب يقع كشك صغير يبيع المرطبات والحلويات، تعرفت على الشاب الذي يعمل به واكتشفت أنه كان يحلم بدخول كلية العلوم ولكنه لم يحصل على المجموع المناسب ولم يدخل الجامعة أصلا، ضحكت وعرفته بنفسي وبوظيفتي العلمية، وأنني أشرف على لعبة بيت الرعب، وأن أبحاثي تدور حول إصلاح الأعطال الفنية لألعاب أطفال. ابتسم وقال بصوت منخفض: لا تسخر من وظيفتك، المسألة أصعب مما تتخيل، هناك أشياء غريبة بدأت تحدث في هذه اللعبة، وما سمعته عنها لا أستطيع أن أخبرك به حتى لا أفقد عملي، عموما أتمنى لك التوفيق. وبعد أن أثار قلقي انطلق يدندن مع الموسيقى التي تنبعث من الكشك.

مر اليوم الأول بسلام، عرفت أني يجب أن أوقف قطار اللعبة كل ساعة لمدة عشرة دقائق حتى تستريح الأجهزة، وفي تلك الدقائق لا أستريح أنا بل أمر على كل اللعب وأتأكد من أن كل شيء على ما يرام، غالبا أجد أشياء سقطت من الزوار فاحتفظ بها حتى يأتي صاحبها بعد قليل ويسألون عنها. هواتف محمولة وولاعات سجائر، وأحيانا قطع حلى لفتيات. في البداية أسأل صاحب الشيء عن صفته ثم أعيده له. لم تحدث أي أعطال، وكان العمل يسيرا، ربما كان أكثر ما أرهقني هو الأشياء التي تضيع من الناس، وأضطر إلى البحث عنها في القطار أو على الأرض، وإذا لم أجده أحاول أن أقنع الشخص أن الشيء الذي ضاع منه ربما يكون في مكان آخر أو ربما يكون سرق مثلا.

في نهاية اليوم أخبر صديقي الجديد عامل الكشك بمشكلة الأشياء الضائعة والمسروقة من الناس، فيقول: عندي لك أغنية تناسبك. أتناول مشروبا غازيا من عنده وهو يضع أسطوانة في مشغل ال "سي دي" وأسمع "أحمد منيب" يغني، أنتهي من الشرب وأمد يدي بثمن المشروب فيرد يدي دون أن يتكلم، ويبدو عليه الاهتمام الشديد عندما تصل الأغنية إلى الجملة التي يريدها، يغني معها بصوت عال مداعبا إياي: وكل شيء بينسرق مني. أضحك وأعود للبيت وقد تعودت على عملي، وألفته من أول يوم كأنني ولدت عاملا في مدينة ملاه، وكأني لم أدرس العلوم، وبدت صور العلماء في غرفتي غريبة عليّ. فكرت لحظة أن أستبدل بها صور "ميكي" و"بطوط"، ربما أفعل هذا في يوم آخر. الآن أنا مرهق بشدة ويجب أن أنام.

بيت الرعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن