2

104 5 0
                                    

كنت أسمع الحوار وأنا أقف بجوارهم دون أن ينتبه لي أحد، وعندما قرر المدير أن يجرب اللعبة التفتوا لي كلهم وكأني ظهرت فجأة عندما أصبح لي دور يحتاجونه. قال مدير المدينة بعبارة حاسمة سأركب القطار التالي مع صديقي هذا وأشار للشاب الذي كان يسأل عن التنين ا?خضر. وددت أن أتدخل وأقول لهم إنه لا يوجد تنين أخضر أصلا بين الألعاب؛ ولكني أحسست أن هذا سيكون تصرفا سخيفا. فلأترك الرجل يكتشف بنفسه هذه الحقيقة. ركب المدير بجوار الشاب في آخر كرسي في القطار. الذي امتلأ بالركاب، ووقف بقية الرجال بجواري منتظرين خروج القطار من بيت الرعب.

* * *

في أول دخول القطار إلى النفق، أشار الفتى بحماس إلى اليمين وقال: هنا كان التنين واقفا في أول مرة، وبعد مسافة كبيرة قال بحيرة: وهنا كان يقف في المرة الثانية، لكني لا أعرف أين ذهب الآن!. اكتشف المدير أنه باع هيبته بمقابل رخيص جدا، هذا الشاب أحمق بلا شك. لم يرد عليه وقد بدأ وجهه يحمر من الغيظ، لم يخدعه أحد بهذه السهولة من قبل. منذ بدأ تكوين مشروع مدينته والجميع يتآمر عليه، ودائما ينجو من حيلهم ببراعة شديدة حتى جاء هذا الشاب الغبي وهزأ به هكذا.

أما الشاب نفسه فقد انكمش في مكانه داخل القطار وأغلق فمه في خجل شديد، لم يكن كلامه مقنعا لطفل، ولكنه كان واثقا من وجود لعبة تشبه التنين، وأن أخاه الصغير أعجب بها أيضا. التفت بعينه يمينا ويسارا منتظرا أن يخرج القطار من النفق في أي لحظة حتى تنتهي لحظات الخجل هذه وربما يبحث عن كلمات يعتذر بها للرجل بعد ذلك والأفضل أن يرحل مع أخيه دون أن يقول شيئا.

وفجأة ظهر التنين الأخضر قبل نهاية النفق بقليل، صاح الشاب منتصرا: هذا هو، لقد تغير مكانه مرة أخرى! تعالت صيحات ركاب القطار مستمتعين بالتنين الصغير الذي يخرج من فمه لهبا حقيقيا صغيرا، ولكنه كاف لإضاءة ظلام النفق، وتتراقص الشعلة الخارجة من فمه لتحرك خيالات التماثيل الأخرى في رعب لذيذ. كان الشاب يبتسم فرحا؛ أما المدير فقد فقدَ القدرة على النطق عندما رأي التنين. إنه لا يصدق أن تمثال التنين هذا يتحرك ولكن ما أثار رعبه هو شعلة النار التي يمكن أن تحدث كارثة في مكان مغلق كهذا. إن أبسط معايير السلامة تمنع وجود مثل هذه اللعبة، وهو متأكد أنه لم يوقع على ورقة لتركيب لعبة يخرج منها لهب حقيقي.

قال لنفسه: إن هذا اللهب هو خدعة متقنة بشكل ما، لا يمكن أن يكون حقيقيا أبدا. بعد ثوان تجاوز القطار لعبة التنين التي انطفأت شعلتها وأظلم المكان مرة أخرى. التفت مدير المدينة للخلف بجسده كله متأملا التنين وهو يبتعد للوراء وكذلك فعل الشاب وهو متحمس بشدة. ورغم الظلام التام استطاع الشاب أن يرى التنين وهو يقوم بأعجب فعل يمكن أن يتصوره، لقد رفع يده وحك بها أنفه! عقد المدير حاجبيه في اهتمام وهو يسمع صرخة رعب قادمة من شفتي الشاب: إنه يحك أنفه!. وفي أقل من لحظة أنزل التنين يده إلى جواره وعاد كما كان. لكن المدير كان قد لمح هذه الحركة السريعة مع إضاءة مباغتة للعبة أخرى.

قال الشاب: لقد فهمت، هذا التنين هو شخص يرتدي زي تنين إذن، ولهذا هو يتحرك من مكان لآخر، ولهذا يحك أنفه. خدعة جيدة يا سيدي. هذه فعلا أفضل مدينة ملاه زرتها في حياتي. ابتسم المدير مجاملا ونزل من القطار عندما توقف تاركا الصحفيان يتحدثان مع الشاب، وتوجه نحوي قائلا: أوقف هذه اللعبة فورا. لن يدخل أحد بيت الرعب اليوم.

* * *

بيت الرعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن