عزيزي الله

1K 99 48
                                    

عزيزي الله ..

علموني في سنوات مراهقتي أني سأُعلَّق من شعري في جهنم وأنه خلال سيري في طريقٍ ما سيلعنني الشجر والحجر وكل ما يوجد في الطريق، وكأني طوال ما حييت سأبقى خارج رحمتك!

لا أعرف ياالله كيف استطاعوا أن يجعلوا لرحمتك حدود وأن يدخلونا ويخرجونا منها كيف يشاؤون.

علمونا جداً أن التساؤل عنك وعن قدرتك وأفعالك لا يجوز٬ وكأنهم لا يعرفون أن حب شيءٍ أو شخص لا بد وأن يأتي مع الرغبة الشديدة لفهمه ومعرفته والتساؤل الدائم عنه وعن أفعاله٬ قتلوا فينا التساؤل عنك يا الله و زرعوا مكانه الكثير من الخوف.

ألصقوا فينا تلك الصورة عن الشخص المتدين وعلّمونا دون وعي أن نصنف الأشخاص لسيء وجيد بناءً على تلك الصورة، وعلّمونا بأن مصير كل منا محتم بناءً عليها، إما الجنة لمن تنطبق عليه الصورة أو جهنم بمن لا يلتزم بها. لا أعلم كيف تجرؤوا على التدخل في حكمتك يا الله.

علّمونا بشكل مباشر وغير مباشر أن الهدف هو الوصول إلى الجنة و تجنب النار٬ وفي الحقيقة الهدف الوحيد هو أنت وفقط أنت.

جعلونا نقدس العبادات قبل أن نقدسك..
نفهم العبادات و ربما أيضاً بشكل غير صحيح قبل أن نفهمك..

علمونا أن نعتقد بأننا مبصرون في حين كنا عميان جداً..

أفكر أحياناً  ياالله..

كيف يكون لوصولك أنت الواسع الجميل العظيم طريق واحد كما علمونا؟

كيف أحاطوا الطرق إليك بمئات القوانين و القواعد كالأصنام على حافة طريق طويل و أمرونا بتقديسها بدل حَثِنا بالاستمرار في الطريق باحثين عنك و عن نورك؟

أنا يا الله لم أعد أقتنع بكثير مما علمونا..

فجأة وجدت نفسي تائهة، ضائعة، أصلي أصوم ألتزم بما استطعت من عبادات لمجرد اسقاط فرض..
و في مرحلة ما شعرت بخجل هائل لالتزامي بواجبات اتجاهك فقط من باب الاعتياد أو من باب اسقاط ما علي من واجبات كمن يفعل أمر ما دون شغف أو صدق أو حتى من باب خوفي من العذاب..

لا أريد ذلك يا الله،
أريد أن أشعر بأني وُلدت مجدداً،
بأني أقوم بكل شيء لأجلك فقط.

لا رغبة بجنة و لا خوفاً من نار.
لا تقديساً للعبادات و للفتاوي و الحرام و الحلال بل تقديساً لك أنت..
أريد أن أصلي و أصوم و أُعطي و أحب و أجوب الأرض ناشرةً الخير رغبةً بك..
في سبيل حبك..
لا رُعباً من غضبك و إخراجك لي من رحمتك..
أجدك يا الله في نجوم سماء الليل المتناهية الوُسع..
في نسيم الهواء..
في الشروق و الغروب الآسر..
في ابتسامة أؤلئك الضعفاء..
في صوت العصافير الذي يلمس روحي..
في عطف أمي اللامتناهي..
في الحب..
في لحظة حمد صادقة لإنسان فرجت عنه برحمتك كرباً..
أجدك في كل شيء..
فجدني يا الله..
جدني من تيهي عنك..
من طريقٍ ظننتها تؤدي إلي .

?خشعت الاصوات للرحمن ?Where stories live. Discover now