الفصل الثالث عشر

46 0 0
                                    

"يبدو...
يبدو اننا لا نملك رفاهية البداية الجديدة."

                     ****************

-محسن عبد الجليل؟

قالها رجل بصوت عال و هو يكاد أن يشنق نفسه و هو ينطق تلك الكلمات ، عجوز سقط صف أسنانه السفلي -غالبا من كثرة التدخين- و لكن ذلك لم يمنع حنجرته من أن تكون كالمكيروفون.

لم يترك له محسن الفرصة كي يستمر في الصراخ، اقترب بثقة، لوحظ انه خسر وزنا، بثقة قال:

-انا محسن

-اجهز يابني، دورك اللي جاي في الرمي

بلع محسن ريقه بصعوبة، حاول منع انفاسه من التلاحق، دخل القفص الحديدي الكبير، ثم وقف داخل الدائرة الاسمنتية المرسومة على الارض و التي تحدد مساحة تحركه، جر مطرقته الحديدية ورائه.

فجأة شعر بوخز، وزن المطرقة يتثاقل تدريجيا، حاول ترديد كلمات الاغنية في عقله لكنها لم تنفعه بشئ، نظر لمدربه ذو الملامح المتصلبة، ثم اغلق عينيه..
سمع احدا من الفرق المنافسة يقول (بص شوف العبيط ده)، لكنه جمع شتات نفسه، امسك بمقبض المطرقة، و اخذ يدور في سرعة متزايدة، قام بوضع كل طاقته في المطرقة و رماها صارخا:

-يااااا رب!

                     ****************

عائدا الى المنزل في سيارة أجرة كاد النعاس أن يغلب تامر، إلى ان قام السائق بتشغيل المذياع، لترن الحان اغنية يعرفها تامر جيدا..
بل هو أكثر شخص يعرفها على الإطلاق..
إنها أغنيته التي كتبها بنفسه.

                      ****************

دخلت البيت، كادت قواها ان تخور، نظرت للعصفور في القفص الذي تجاهلته تقريبا منذ اشتراه والدها الراحل، بدا مكسورا، كأنه يتمنى الموت، و لو كان اي احد مكانه لتمناه ايضا بعد ان ماتت العصفورة التي كانت معه منذ عام.

لماذا لا يزال يغرد بصوته الجميل؟
كيف يتحمل كل ذلك الألم؟
الا يشتاق للحرية؟
الا يشتاق للعصفورة التي ماتت منذ عام؟

ادركت سلمى ان هذا العصفور الصغير اقوى منها، فهما الإثنان فقدا معنى الحرية.
لكنها فقدت اكثر من عصفورة منذ عام، فقدت والدها..و فقدت ايمن؛ اكثر شخصين متفائلين في حياتها البائسة.

                     ***************

العذاب..
انت لا تعرف حتى معنى هذه الكلمة.

أتت نيللي للعمل في ذاك اليوم مبتهجة، اجتمع الكل حولها فور دخولها من الباب، قبلات كثيرة من زميلاتها و احضان مبالغ في طولها، لاحظ علي كيف احمرت وجنتاها و ظهرت ابتسامة خجولة على وجهها.

اقترب ناحيتها ببطء، لعن كرسيه المتحرك في سره، تمنى لو يستطيع الركض اليها كي يشاركها فرحتها، لم يستطع الوصول لها بسبب احاطة زملائها لها، لاحظت احدى زميلاتها انه يقترب، فسألها:

-هو..هو في ايه؟

-انت متعرفش؟ نيللي اتخطبت!

و كأنما صار الكون يمشي ببطء شديد بعد تلك الجملة، لم يستطع وجهه ان يجد تعبيرا مناسبا، ظل ثابتا مكانه كالصنم حتى انفضت الفتيات من حول نيللي، فلاحظت اخيرا وجوده:

-ازيك يا علي

-هه؟ اه ازيك، م م مبروك

-اللّه يبارك فيك، عقبالك كدة يا علي

ابتسم ابتسامة ماسخة لا طعم لها، ثم ادار ظهره لها، و عادت ملامح وجهه لحالة الصنم التي كانت عليه..
كادت دمعة ان تنزلق..
لكنه منعها.

                   *******************

Φ فاي - محاولة فاشلةWhere stories live. Discover now