تحرّكت السيارة وسط هالمساء المظلم... وطلعت من حدود الفيلا عبر البوابة البعيدة الموجود بين الشجر.. واختفت...
وأخيرا رمى تركي نظرة خلفية للفيلا وتحديداً ناحية باب المدخل المغلق من عقبه..والنور الأصفر المضاء على عتبة الباب.. يقول لأبو خالد السبب ؟؟؟...هل يقوله السبب اللي يخلّيها كذا ؟؟؟...هل يعلّمه إن ولد أخوه واللي واثق فيه...هو السبب ؟؟؟

أعطى الفيلا العالية ظهره وعينه تغوص بالظلمة الخفيفة المحيطة بالريف حوله.. والأفكار تاخذه وتودّيه...
ومشى وهو شارد فيها ناحية الكوخ الشتوي الموجود خلف الفيلا...واللي يطل على منظر طبيعي ريفي ممتد لأميال واميال خلف الفيلا... فتح الباب الخشبي المعتّق وداهمه الجو الدااافي الغريب جوا الكوخ !!...أغلق الباب بطرف أصابعه وعينه تطيح على الموقد المشتعل .. ابتسم برضا يوم شاف ان الكوخ محتوي على اشياء ما كانت موجودة يوم يوصل وان الخادمة جهّزته وأشعلت النار بخبرة ...
مشى بهدوء لداخل وحذاءه يطرق الأرض الخشبية ...تقّدم للصوفا الفرو وهو يمسك ياقة جكيته بيد وباليد الثانية يفتح السحّاب من أعلى رقبته للأسفل..
رمى جسمه رمي عالصوفا ورفع رجوله الثنتين عالطاولة الخشبية الموجودة قدامه... وعيونه تتأمل الموقد الموجود قدامه والنار اللي تاكل بالحطب البني ... حرّك بصره بصمت وهو ياخذ نظرة تأمليّة جديدة بالمكان اللي ينقال له الكوخ الشتوي ...!!.. واللي هو عبارة أصلا عن غرفة معيشة ..والاختلاف الوحيد عن غرفة المعيشة داخل الفيلا ان هذي داخل كووخ..وملموومة ..وحميميّة أكثر !!..والجلسة فيها لها طعم مختلف !!
تخيّل عايلة ابو خالد وهو تجلس هنا بعض الأوقات.... لا شك فيها متعة غير عن الفيلا...وأدفى !!
رفع عينه للجدران اللي كانت عبارة عن أحجار بنية غامقة ومتراصّة بقوة نفس طريقة الأكواخ التقليدية ... والأضاءة الصفرا الخفيفة واللي معطيه رونق ساحر للمكان كان مقتصره بس بوجودها بالزوايا الأربع أعلى جدار..مع وجود بعض الأبجورات للحاجة جنب شاشة البلازما المسطّحة والمعلّقة على الجدار البني حتى ما ياخذ مساحة زايدة... أما ديكور الصوفات فكان يغلب عليه الفرو والألوان المدموجة ما بين البيج والبني حتى يعطي انطباع بالدف في عز الشتاء ..
ابتسم وهو يتلمّس الفرو براحة يدّه...
ودّه ينااام .. من الصبح وهو صاحي وما غفى الا دقايق بالطيااارة ...وبكرة من بدري لازم يروح المعهد عشان يشوف أموره ...
تذكّر عنوان المعهد اللي عطاه اياه ابو خالد...دس يده جوا جيب الجكيت وأخرج الورقة الصغيرة اللي عطاه اياه قبل ساعة ... فتحها يتأملها مرة ثانية وكان مكتوب فيها اسم المعهد والعنوان..وكل اللي عليه بكرة انه يعطيه راعي التكسي وهو يدلّه.... ابتسم وهو يحرّك اصبعه على الورقة باستمتاع بسيط وترقّب..!!
دسّ الورقة مرة ثانية داخل جيبه ..وسحب بدالها جواله وأهله يطرووون على باله ،،،
تذكّر اخته اللي تركها وهي بعزّ غضبها ودموعها ... ومن غير تردد اتصل على رقم البيت ...

ثواني وردّ عليه صوت أمــه ...
ابتسم وهو يرمي راسه عالوسادة الفرو الموجودة جنبه : هلا يمه ..
( تهلل صوتها ) : ...هلا تركي.. انت وصلت؟؟
تركي : ايه لي فوق الـ 6 ساعات ..بس توني فضيت اكلمك ما كنت بروحي..
أمه : عسى ما تعبت يمه ؟
تركي : لا الحمدلله......أخباركم؟؟
أمه : بخير وأنا امك... أبوك بخير لا تشيل هم...
تركي بضحكـــة : والكتكوت الزعلان؟؟
أمه وهي تتنهد بصبــر : اختك من رحت ما طلعت من غرفتها ... ما راحت حتى المدرسة ...
تركي وهو رافع حواجبه : الله !!... ما طلعت للحين؟؟
أمه : مدري وش أسوي معها...البنت تكبر يا تركي وانا ما اقدر اعطيها كل اللي تبيه دام وقتي كله لأبوك..
تنهد تركي وهو يحط أصابعه الحرة على عيونه ، ويتمتم : عارف ..!
أمه : ليتك تفاهمت معها قبل ما تروح.. ألحين وش أسوي معها؟؟
تركي : ما يكون الا خير .... بكرة ان شاء الله تنسى زعلها..
أمه : الله يصلحها ...
تركي وهو ينزل يده عن عينه ويحطها على صدره ، وهو منسدح : قوليلها تركي عالتلفون يبيك !
أمه : لحظة أشوفها ..

لا تبكــــيWhere stories live. Discover now