الخاتمة

141K 4K 1.5K
                                    


 وقفت تيماء أمام دار الرافعي تنظر الى هيبته و قدم جدرانه

هذا الدار بالنسبة لها يمثل الكثير من الذكريات
.بعضها سعيد ... لكن الأكثر مؤلم ... موجع ... روحا و جسدا
اغمضت عينيها و رائحة الاراضي الواسعة الممتدة تتخلل أنفاسها وصولا لصدرها ... بجوار قلبها الحزين
لماذا تقفين بهذا الشكل ؟) )
وصلها الصوت الرجولي العميق بجوارها حين وصل إليها
فالتفتت تنظر إليه ... و ابتسمت ابتسامة قصيرة
منذ عام راهنت نفسها أن تظل الفراشات تداعب معدتها كلما نظرت اليه ... و ربحت الرهان
اخفضت نظرها الى صغيرتها ذات العينين الواسعتين
حمراء الشعر و شهية ... مبتسمة الثغر دائما
تلاعب كفيها في الهواء بعد أن اكتشفتهما حديثا
كانت تلك هي الهدية التي أهداها لها القدر بعد طول انتظار
نغم قاصي الحكيم
تلك الصغيرة التي خرجت للحياة بعد ولادة متعسرة و ساعات من الشك في إمكانية نجاتها ... مما جعل والديها على وشك فقدان روحيهما فداء لها
ابتسمت تيماء ابتسامة اكبر ... ممتنة للحياة و ما منحته لها فقالت برقة
لقد استيقظت نغم ) )
هتف عمرو بجوار قاصي
( هل أقبلها الآن ؟؟ .......... )
ضحكت تيماء و هي تقول مداعبة
( يمكنك تقبيلها ..... فاستغل الفرصة طالما تستطيع قبل أن يمنعها والدها عنك بالقوة .... )
انحنى عمرو ليقبلها بصوتٍ عالٍ ... فضربه قاصي على رأسه قائلا بخشونة
( لا تستغل الفرصة أكثر من اللازم يا ولد ........ )
ضحكت تيماء و هي تقول منحنية الى الطفلة
( جيد أنها استيقظت الآن ........... )
أجابها قاصي قائلا وهو ينحني ليداعب الوجنة المخملية
بعد نوم ساعات في القطار .. اقل واجب أن تستيقظ لمقابلة جد والدها ) )
مجددا شعرت بالغصة تؤلم حلقها فبهتت ابتسامتها
اما قاصي فنظر إليها قائلا بنبرة مداعبة
انت تقفين في نفس المكان الذي قابلتك فيه بعد فراقنا الاول ) )
نظرت تيماء حولها و هي تتذكر تلك اللحظة التي قلبت حياتها فيما بعد رأساً على عقب
ثم التقت عيناها بعينيه الدافئتين ... بعيدتين كل البعد عن هاتين الجمرتين المشتعلتين بعيني رجل تكلم من صميم روحه حين اصطدمت به بعد الفراق
قاطع قاصي شرودها قائلا بخفوت
هل تعيشين تلك اللحظة من جديد ؟! ... ربما تفكرين في الهرب مجددا كما فعلت يومها ) )
ضحكت تيماء و هي تلامس وجنة نغم هامسة
إلى أين الهرب و معي نغم تربطني بك للأبد..... ) )
رفع قاصي حاجبيه وهو يسألها بخشونة
هل نغم فقط هي ما يربطك بي ؟! ......... ) )
نظرت اليه طويلا ... ثم همست بصدق و دون تردد
( بل أنت من تربطني بها ..........)
لمعت عينا قاصي وهو يخفض كفه ليمسك بكف تيماء بقوة .... ثم سألها بصوتٍ أجش
( هل أنتِ مستعدة للدخول ؟؟ ........ )
عادت تيماء تنظر الى دار الرافعي بقلبٍ خافق ثم همست خائفة
( لا أظنني مستعدة أبدا ....... )
شدد قاصي من قبضته على كفها وهو يقول بصلابة
( الأعمار بيد الله ...... فكري أننا استطعنا تحقيق أمنيته في تجميع كل أحفاد العائلة ...... هذا انجاز صعب لكنه سيتم )
أومأت تيماء برأسها دون أن ترد ..... فلو تكلمت لإنفجرت في البكاء ...
لا تزال تتذكر اتصال الأستاذ فاروق يخبرهم أن الحاج سليمان يريد تجمعا سريعا لجميع الأحفاد و أطفالهم .... لأنه ربما يكون الإجتماع الأخير ....
أحرقت الغصة حلقها كلما نطقت عبارة ..." ربما كان الإجتماع الأخير ... "
سليمان الرافعي .... وتد هذا الدار ... كيف يستقيم بعد رحيله ؟! ....
و ماذا عنها ؟! .... رغم ندرة اللقاء ... لكن يظل اسم جدها الحنون الصارم هو ما يربطها بهذه الأرض ....
تحركت تيماء تتبع قاصي بصمت وهو يجر عربة نغم ....
و ما أن دخلت حتى رأت والدها يقف بجوار عمها زاهر ... فتركه ليقترب منها ضاحكا وهو يفتح ذراعيه مناديا
( ها قد حلت نغم ....... )
ابتسمت تيماء برزانة و هي تقبله على كلتا وجنتيه قائلة
( كيف حال صحتك الآن يا أبي ؟؟ ........ )
انحنى سالم وهو يبعد الغطاء عن نغم ليحملها بين ذراعيه برفق .... قائلا
( أصبحت أفضل الآن ما أن رأيت نغم ......... )
نظر سالم الى قاصي الذي بادله النظر بجفاء ... فأدار وجهه عنه محاولا أن يسيطر على غضبه من حمل سالم لطفلته ...
الا أن تيماء أمسكت بكف قاصي بقوة و هي تسأل والدها
( متى ستصل مسك ؟!! ......... )
رد عليها سالم وهو يدغدغ الطفلة في بطنها بوجهه ضاحكا ......
( لقد وصلت مسك ..... و تجلس هي و زوجها و الطفلان في المضيفة ..... )
نظرت تيماء الى قاصي و قالت بلهفة
( سأذهب لأسلم عليها و على الطفلين .. قلبي يحترق لرؤية محمود ..... هلا بقيت مع الطفلين قليلا ؟؟ .... )
أومأ قاصي برأسه على مضض الا أنه قال بجفاء
( متى سيترك والدك نغم ؟؟ ...... أكره ان يمسها ..... )
نظرت تيماء الى والدها الذي ابتعد بنغم يريها لأخيه أبا زاهر ... فخورا بها .. مجهه متهللا ... و كأنه نسي من يكون والدها ما أن أطلت الى هذه الحياة ....
ثم أعادت عينيها لقاصي وهي تقول مبتسمة بهدوء
( لا تحرمها من جدها ...... ليس لأجله , بل لأجلها هي .... سبق و اتفقنا ..... )
رفع قاصي يده يلامس بها وجنتها قبل أن يقول بصوتٍ أجش
( لم تنسيني السنوات ما فعله بأمها ........ )
غطت تيماء كفه بيدها و هي تنظر اليه مبتسمة ثم قالت
( أمها معك ..... بين يديك ..... لم يفلح أي مخلوق في سلبك اياها ..... )
.................................................. .................................................. ....................
( أدخلي شعرك يا ألمظ ...... خصلاتك الناعمة تتسلل خارج الحجاب ..... )
قال أمجد بغيظ وهو يرى تلك الخصلة السوداء الحريرية .... ظاهرة من الحجاب القشدي الناعم و المماثل للون حلتها الأنيقة ...
رفعت مسك أصابعها تدس شعرها داخل الحجاب ... بينما تابع أمجد متذمرا
( أي حجابٍ هذا !!! ........ هذا ما يطلق عليه حجاب الى أن تفرج !! ..... )
مطت مسك شفتيها و هي تقول بإمتعاض
( لابد أن تنكد حياتي بكلمتين ..... لن تكون الحسيني دكرور إن لم تفعل ...... )
برقت عينا أمجد وهو يقول بحدة
( توقفي عن لقب دكرور هذا ......... )
ردت مسك ببساطة و هي تتابع اطعام طفلتها الجالسة في عربتها المزدوجة .... بطعام الاطفال المحفوظ
( حين تتوقف عن عن لقب ألمظ ....... )
صمتت قليلا ثم تأوهت قائلة بيأس
( هيا يا رحمة ........ كلي ولو قليلا ...... )
زمت شفتيها فسألها أمجد بإهتمام وهو يسحب العربة اليه
( الا تريد أن تأكل مجددا ؟!! ....... )
تنهدت مسك و هي تقول بصوتٍ كئيب
( منذ أن توقفت مهجة عن ارضاعها و هي تأبى أن تأكل طعام الأطفال ... ماذا أفعل كي تتغذى المسكينة ؟؟ ... )
مد أمجد يده الى مسك قائلا
( هاتِ طعامها ............ )
نظرت مسك اليه بشك .... و أبعدت الطعام عنه قائلة بتصلب
( إن كنت قد فشلت أنا في إطعامها فلن تنجح أنت بالتأكيد ......... أنا أمها .... )
ظلت كف أمجد ممتدة وهو ينظر اليها بثبات قائلا
( الطعام يا مسك ........ )
زفرت و هي تضع العلبة الصغيرة في يده ..... لكن ما أن بدأ في إطعامها حتى بدأ يمارس عليها سحر الغمازة و اللحية الشقراء ... فبدأت تفتح فمها له و هي تنظر اليه ببلاهة أنثى واقعة في الحب ...
بينما هو يضاحكها و غمازاته تزداد عمقا .....
همست مسك لنفسها بتذمر
" هذا ليس عدلا ....... الحياة لا توزع غمازاتٍ بالتساوي في هذا الكون الكبير .... أنا أتعب طوال اليوم ما بين العمل و مجهود طفلين .... بينما يأتي هو بأدوات السحر الخاصة به يختطف انتباههما في لحظة .... "
لم تستطع مسك أن تبقى متجهمة طويلا , خاصة و هي تراقب امجد وهو يضاحك رحمة و يطعمها ببساطة فتتلقى كل ما يأمر به ...
رحمة ..... تلك الطفلة ذات العام و قليل ...... التي ما أن رأتها مسك حتى وقعت في غرامها .....
و قررت أن تكون ابنتها دون جدال ..... على الرغم من رغبتها الأولى في كفالة صبي ...
لكن الحياة أهدتها هدية غالية جدا ...... فقد حملت مهجة في نفس الوقت تقريبا من باب الخطأ أو حتى القصد ... المهم أنها حملت ما أن نزل زوجها في إجازة ...
و بعد ولادتها ... قامت بإرضاع رحمة , فقد سألت مسك أحد الشيوخ عن شروط كفالة اليتيم في البيت ...
و كان من ضمن الحلول كي تصبح من محارم أمجد ... أن ترضعها أخته ..... و بالفعل تم هذا , فأصبحت رحمة ابنتهما بكل ما تحمله من معنى و مشاعر و حب ....
في نفس الوقت تقريبا كانت ولادة تيماء .... حينها طرأت الفكرة في ببالها في لمح البصر ....
و كأن أن أتت بمحمود الى البيت بعد عامٍ من مجيء رحمة .... و قامت تيماء بارضاعه مع ابنتها نغم ...
فأصبحت مسك من محارمه ....
التفت أمجد ينظر الى مسك يريد أن يزف لها خبر انهاء رحمة لطعامها .... لكنه فوجىء بالنظرة على وجهها ...
كانت نظرة حالمة جميلة ... و هي تنظر الى ثلاثتهم مستندة بوجنتها الى كفها بحنان ....
ابتسم لها أمجد وهو يبتلع غصة خوفٍ باتت ترافقه أينما ذهب ... و تتوهج كلما نظر الى مسك ....
فيدعو الله هامسا الا يحرمه منها .... و ألا يعاودها المرض مجددا ... و تبقى له و لطفليهما .....
همس لها محركا شفتيه دون أن ينطق
( أحبك ............... )
فردت عليه مسك محركة شفتيها ... مبتسمة دون صوت
( أحبك .............. )
سألته مسك بخفوت و هي تميل على ظهره
( هل أنت متوتر لمقابلتك عائلتي لأول مرة ؟؟ ....... )
رد عليها أمجد بثقة
( طالما أن جدك قد دعاني بنفسه ... فيمكنني تحمل سخافات البعض .... لم يعد هناك من يستطيع رفض زواجنا بعد أكثر من عام و طفلين ..... )
في تلك اللحظة اقتحمت تيماء المضيفة و هي تقول بلهفة و دون مقدمات ...
( أين ابني حبيبي .... اشتقت اليه من كل قلبي .... )
ثم انحنت اليه لتحمله بين ذراعيها تداعبه برقة ... فقالت مسك بحزم
( أنتِ تفرقين في المعاملة بين محمود و رحمة على فكرة ...... )
تأوهت تيماء و هي تقول مبررة
( أقسم أنني أحب كليهما بنفس القدر ..... لكن ارضاعي لمحمود جعلني أشعر و كأنني أمه بالفعل .... مرحبا أمجد .... )
رفع أمجد كفه ملوحا .... وهو يبتسم لها , بينما نهضت مسك من مكانها قائلة
( ابقي هنا قليلا مع محمود و رحمة ريثما أذهب لأدفىء لهما المرضعة ........ )
خرجت مسك من المضيفة بأناقتها و رشاقتها المعتادة ....
و في تلك الأثناء كانت تقف امرأة ممتلئة بجوار زاهر .... تمسك طفلا و حامل ....
ترتدي الكثير من الذهب و لا تكف عن الطلبات .... بينما عقل زاهر كان بعيدا عنها كل البعد ....
كان معها ... بهية .....
مسك التي كانت تسير تجاههما و ما أن التقت عيناه بعينيها حتى ابتسمت و أومأت له ببطىء رافعة احدى حاجبيها في علامة ترفع خاصة بها وحدها ...
مالت ملامح زاهر كما يميل الغروب مغادرا .... ما أن ابتعدت عنه دون حتى أن تلقي نظرة للوراء
و بقى هو ينظر في اثرها بإحساسٍ لم يمت مع السنوات ....
.................................................. .................................................. ............
( غطي وجهك يا سوار ....... )
نظرت اليه سوار بضيق قائلة
( لماذا تصر على تغطية وجهي هنا في البلدة يا ليث ........ الجو حار ... )
رد عليها ليث قائلا بصلابة
( قد يحضر .... و لا أريده أن يلمح طرفك ....... )
لم تحتاج سوار لسؤاله عمن يقصد .... فقد كانت تعرف دون الحاجة لسؤال
الإسم المرفوض في هذه البلدة ....
رفعت سوار طرف وشاحها لتغطي به وجهها و هي تحمل طفلها بذراعٍ واحدة ...
ثم قالت بصوت جاد
( سيكون أشد أهل الأرض غباءا لو فكر في المجيء الى هنا ..... )
ثم لم تلبث أن احتضنت ابنها و هي تضحك له هامسة بصوتٍ مضحك
( بابا لا يزال يغار على ماما ...... بابا يغار على ماما من أشياء خيالية لأن بابا صغير العقل ... اليس كذلك ؟!! .... )
ضحك ليث رغما عنه ثم انحنى ليضمهما الى صدره وهو يهمس في أذنها
( بعد أن ينتهي هذا الجمع .... سنقضي الليلة في دارنا هنا ... إحياءا لليالي القديمة .... )
ضحكت سوار عاليا و هي تقول
( ذكرى لا تسر عدو أو حبيب ..... كنا على وشك اغتيال كلا منا للآخر .... )
همس ليث بصرامة مهددا
( أخفضي صوت ضحكاتك ......المكان يعج بالرجال ..... )
كتمت سوار صوت ضحكاتها بالفعل .... لكن شيء ما جعلها تشحب قليلا و هي تضم سليم الى صدرها بقوة ... ثم سألته بصوتٍ خائف
( هل أمنت المكان يا ليث .... أخشى أن تقدم ميسرة على فعل متهور أو جريمة .... )
تنهد ليث قائلا بحزم
( انسي ميسرة ...... منذ أن تم القبض على المشعوذ الذي تتعامل معه و أتى على ذكرها .... حتى احتجزها والدها و لا يسمح لها بالخروج مطلقا ..... )
اطمئنت سوار قليلا .... وهما يسيران تجاه السلالم أمام دار ارافعي ....و كانت هناك سيارة صغيرة خرج منها شاب و زوجته ..... زوجته ترتدي كسوار تماما ...
عباءة سوداء فضفاضة ....و تغطي وجهها بنفس الطريقة ... الا أنها كانت صغيرة الحجم و تعرج بشكل واضح ....
ما أن مرت سوار بجوارها حتى توقفت الفتاة مكانها و التقت أعينهما عبر الغطاء الأسود برهبة و خوف من قبل الفتاة الصغيرة ....
الا أن سوار ابتسمت لها برزانة و قد ظهرت ابتسامتها خلال عينيها العسليتين ... مما جعل بدور تبتسم لها بلهفة و تجعدت زوايا عينيها من شدة ابتسامها .... حتى انصرفت سوار مع زوجها و طفلها ....
حينها ناداها أمين قائلا
( بدور ....... بدور ...... فيما أنتِ شاردة ؟؟ ........ )
أجفلت بدور و هي تنظر اليه ثم قالت بسرعة
( أنا أنتظرك فحسب ........ )
حينها أمسك بكفها وهو يصعد السلالم معها ..... ثم قال بصوتٍ خفيض مشتد النبرات
( لا أريدك أن ترفعي غطاء وجهك أمام الرجال .... فقد يكون موجودا ...لا أريده أن يراكِ , مفهوم ؟؟. )
ردت بدور بخفوت و طاعة تامة
( مفهوم .......... )
دخلا الى دار الرافعية سويا .... فوجدا أمامهما والدها و زاهر شقيقها .... فعلى الفور شعرت بإنقباض في قلبها و شعور سريع بالنفور .... الا أنها قاومته بقوة و اتجهت الى والدها و انحنت لتمسك بكفه و تقبلها ...
الا أن والدها سحب يده من بين يديها بالقوة ثم همس لها بقسوةٍ من بين أسنانه
( ابتعدي عني ..... لا أنت ابنتي و لا أعرفك يا فاجرة .... اذهبي و ارتمي في أي زاوية ... لا أريد لمخلوق أن يتكلم معكِ الى أن تغادري هذه البلدة عسى أن تموتي و نرتاح منك للأبد .... )
تراجعت بدور للخلف و هي تنظر الى والدها ...... بوجهٍ ممتقع و عينين غائرتين ... قبل أن تتركهما و تسرع الخطا الى أحد الأرائك المنعزلة .... لتجلس عليها مطرقة بوجهها أرضا تنتظر أن ينتهي هذا الإجتماع ....
بينما صافح كل من زاهر ووالده أمين باحترام .... غير قادرين على رفع أعينهما في عينيه ...
شعرت بدور فجأة بذراعٍ تلتف حول خصرها و هي تجلس منخفضة الوجه .. مما جعلها تنتفض و هي ترفع عينيها لترى أمين الذي كلمها برفق قائلا
( لماذا ارتعبتِ بهذا الشكل ؟؟ ....... هل كنت لأسمح لرجل غيري بإمساكك بهذا الشكل .؟!! ...... )
ابتسمت بدور برقة و هي تهز رأسها نفيا بطىء ... فبادلها أمين الإبتسام وهو يضمها اليه حتى أراحت وجهها على كتفه ....
هكذا هو الحال بينهما منذ أن جعل أمين زواجهما واقعا ... لا مجرد حبر على ورق ....
يعاملها و كأنها ابنته ... يترفق بها و يضمها اليه ...كما و يذيقها من مشاعر حميمية لم تعرفها مع أحد غيره ....
لكنه يثور كالبحر الهائج دون أسباب أو انذار في عواصف متكررة .... مجبرة على أن تتحملها ....
ثم يعود و يهدأ كالبحيرة الصافية .....
رفعت بدور وجهها اليه و همست برقة
( أحبك يا أمين جدا ..... أحب عطفك علي ...... )
ابتسم أمين لها ثم قال بحنان
( بدورة ....... لا أريد كسر خاطرك أبدا ....... )
همست بدور برقة مؤكدة
( أنت لم تكسر خاطري و لن تفعل ....... ثق بهذا .... )
في تلك الأثناء دخل نفس المكان الذي يجلسان فيه فريد وهو يجذب ياسمين من خلفه و التي كانت تضحك لاهثة .....
(لا أصدق كيف تعاملك أم سعيد !! ....... لقد كانت على وشك قذفك ببيضةٍ فاسدة ما أن طلبت منها طبقا صغير الى أن يحين موعد الطعام ...... )
رد عليها فريد قائلا بكبرياء مترفعا
( إنها تحترمني جدا على فكرة ...... لكنها تنسى أحيانا من أنا لطول فترات الغياب ... )
ضحكت ياسمين عاليا , الا أن ضحكتها خفتت قليلا ما أن لمحت أمين و زوجته ....
وقف أمين على الفور وهو يهتف بلهفة فاتحا ذراعيه
( فريد ...... لم أصدق أن تتمكن من النزول لحضور الإجتماع !! ..... )
ترك فريد كف ياسمين ليعانق أمين بقوة مربتا على ظهره وهو يقول ضاحكا
( اشتقنا والله يا ابن العم ....... عام عامل من الغربة لم اراك فيه ..... )
أبعده أمين عنه قليلا ينظر اليه ... ثم قال مبتسما برضا
( يبدو أن صحتك قد تحسنت مع السفر ..... )
غمز فريد بعينيه للخلف وهو يقول
( بل مع الزواج ....... )
أطال أمين بعينيه ينظر الى ياسمين ثم حياها قائلا بتهذيب
( مبارك يا ياسمين ..... سافرتما مباشرة بعد الزواج السريع فلم نجد الفرصة لنهنئكما .... )
ابتسمت ياسمين و هي تقول
( ها قد عدنا و لدينا شهر كامل .... منتهى التبذير ....... )
لكنها قطعت كلامها و هي تسمع شجارا حادا بين شاب و فتاة فالتفتت لترى ما الأمر ....
بينما ضحك فريد بذهول مما يجري ....اما أمين فقال بخفوت
( هذه خطيبة ابن عمك عرابي ...... جويرية الهلالي .....منذ أن تم عقد قرانهما و هما كمصارعين في حلبة سباق ..... )
صمت عن الكلام و هما يريان عرابي يهتف غاضبا وهو يجر خطيبته خلفه هاتفا
( احترمي نفسك يا جويرية ....... و لا تنسي أنني زوجك .... )
هتفت جويرية و هي تضرب ظهره بقوة بينما لم تستطع تحرير كفها من يده الهمجية
( كانت زيجة الندامة ......... يا ربي ما الذي أوقعني أنا بخلاف جميع فتيات الهلالية في حظٍ كهذا .... )
.................................................. .................................................. ......................
تجمع الأحفاد جميعهم أمام فراش الحاج سليمان وهو ينظر اليهم بتعب من بين غيمات المرض و الغيبوبة المتكررة ....
لكنه استطاع أن يبتسم وهو يرى كل هذا العدد من الأطفال و الأحفاد حوله ......
أغروقت عينا تيماء بالدموع شاعرة بحلقها يتورم و يحتقن ....
أما مسك فقد أراحت وجنتها على كتف أمجد الممسك بكفها .... فرفع يده يربت على وجهها برفق قبل أن يقبل جبهتها ....
في تلك الأثناء شعرت مسك أنها عرضة لمراقبةٍ ذات لهيب محرق ... فرفعت وجهها قليلا عن كتف أمجد لتنظر تجاه الباب .....فرأت أشرف و قد وصل للتو ... و عيناه مسلطتين عليها , لا يحيد بهما يمينا أو يسارا ...
ابتسم أشرف لها ابتسامة حزينة .... تحمل بقايا قصة عشقٍ خلفتها الأمطار من رماد نارٍ اطفئت ....
ابتسمت مسك له برسمية , ثم نظرت جانبه .... لولا أنها دققت النظر لما كانت استطاعت تمييز غدير أبدا الا من نظرتها ذات الحقد الدائم .... حقد يحمل من الحسرة و الحسد ما يثير الشفقة في النفس و كذك النفور ....
لقد نحلت الى حد الهزال ... و جف وجهها جدا بينما فقد شعرها بريقه .... كل هذا مع زيادة مساحيق التجميل ... جعلها تبدو و كأنها تعاني من مرض ما ....
حتى هذه اللحظة لم ينجبا أي أطفال ... فرأت مسك عيناها تتحولان بحسرة منها الى أمجد مرورا بمحمود و رحمة ....
أولتها مسك ظهرها على الفور لتقرأ المعوذتين في سرها .... شاعرة بخوفٍ حقيقي على أسرتها الصغيرة ...
رفع الحاج سليمان كفه وهو يقول بضعف
( قاصي ....... أريد رؤيته .......... )
ترك قاصي كف تيماء ليقترب من الحاج سليمان جاثيا على ركبتيه بجوار فراشه ...... ثم همس بصوتٍ أجش متحشرج
( أنا هنا يا حاج ....... بجوارك .... )
رفع سليمان يده يربت على شعر قاصي ثم قال بصوتٍ مازح مرتجف ىلا يكاد أن يكون مسموعا
( كيف حالك يا ولد ؟؟ .......... )
ابتسم قاصي على الرغم من الغصة التي يشعر بها ... ثم قال
( بخير حال ...... أموري بخير , و الفضل بعد الله يعود اليك ........ )
سأله سليمان وهو يعاني احدى نوبات النسيان مجددا
( كم طفلا لديك .... الآن ..... )
أجابه قاصي بصوت مختنق وهو يشير الى تيماء التي اصطحبت الطفلين الى جدها
( عمرو و نغم .......... )
سأله بصوتٍ أشد تعبا
( و سوار ؟!! ....... ماذا عن سوار ؟؟ ؟...... )
أجابته سوار وهي تكتم دموعها مبتسمة ابتسامة مزيفة
( لدي سليم يا جدي ....... .... و مسك لديها الآن محمود و رحمة .... )
أغمض سليمان عينيه وهو يقول بصوتٍ متأوه
( الحمد لله ..... الحمد لله ....و تيماء ... أين صغيرتي تيماء ؟؟ .... )
اقتربت منه تيماء و قد انسابت الدموع على وجهها حتى انحنت اليه بجوار قاصي
و قبلت وجنته و جبهته حتى بللتهما دموعها .... فهمست بضعف
( أنا هنا ..... بجوار قاصي تماما .... )
رفع سليمان يده المرتجفة ليربت بها على وجنتها ..... ثم قال بصوتٍ أجش
( ابقي دائما بجواره ..... دائما ..... )
التفتت تيماء تنظر الى قاصي مبتسمة ....... ثم همست له من بين دموعها
( دائما .......... )
.................................................. .................................................. ..................
حين قاربت الشمس على المغيب ... وقفت تيماء أمام الحاجز تحمل نغم بين ذراعيها و هي تنظر الى قاصي مبتسمة وهو يجري بالفرس بعد أن قام بترويضه دون أن يخلو من بعض الإصابات السطحية و العميقة ...
فهمست تيماء بنبرةٍ عاشقة حتى النخاع
( انظري الى والدك يا نغم ..... أصبح لنا للأبد .... حتى نهاية حياة أحدنا ...... )
ثم نظرت الى عمرو الواقف بجوارها يراقب والده بانبهار فقالت
( هل ترى كم هو رائع والدك يا عمرو ؟!! ..........)
رد عمرو بحماس .....
( إنه الأفضل .............. )
ثم تعلق بالحاجز الخشبي ليتمكن من مراقبة والده أكثر .......

أوقف قاصي الفرس أخيرا بعد أن سلمها الى أحد العاملين في الإسطبل ... فأوشكت تيماء على التحرك اليه ... الا أنها توقفت فجأة و هي ترى فتاة جميلة ذات شعرٍ ناعم طويل ... تبدو على وشك دخول حقل العشرينات ... تتقدم من قاصي حتى اعترضت طريقه و سألته بنعومةٍ تذيب الحجر
( هل أنت قاصي الحكيم ؟؟ .......... )
أجابها قاصي مرتبكا قليلا
( نعم ......... من يسأل ؟!! ...... )
ابتسمت الفتاة ابتسامة تماثل جمال شروق الشمس .... ثم قالت بنبرةٍ ذات لحن خاص
( لست في حاجة للسؤال ..... فأنت مشهور جدا هنا ..... )
ارتفع حاجبي تيماء و هي تنظر اليها بعدم تصديق أقرب الى الرغبة في القتل .....بينما أجابها قاصي مندهشا
( أنا ؟!!! ............ )
أومأت الفتاة و هي تقول بنعومة
( الجميع هنا لا قصة لديهم سوى قصة قاصي الحكيم .... و كيف أصبح من أكثر المحترمين هنا ... )
ابتسم قاصي دون أن يرد .... بينما تيماء تراقبهما عن بعد فاغرة فمها بغباء
فتابعت الفتاة تقول بصوتٍ مدلل بشكلٍ قد يسبب اليأس الى معظم فتيات الكوكب
( لكني لم أكن أعرف أنك من أكثر الوسيمين أيضا ....... )
ضربت تيماء يدها على صدرها و هي تحمل نغم هامسة بذعر
( يا مصيبتي ..... الرجل يتم خطفه أمام عيني ...... )
ضحك قاصي بصوتٍ أجش وهو ينظر الي البعيد ... أما الفتاة تابعت تقول بتعجب
( أي اسلوب هذا !! .... شعرك لطويل يوحي لي بأنك غربي .... أما ملامح وجهك فشرقية تماما ... هل تعزف الجيتار ؟؟ .... )
رد عليها قاصي قائلا بإبتسامة
( أنا فعلا أعزف الجيتار ........ )
اتسعت عينا الفتاة و هي تقول بذهول
( تعزف الجيتار مع ترويض الفرس كما رأيت للتو ؟!! ....... عشت بالخارج لسنوات و لم أقابل نموذجا مثلك ..... هل تسمح بأن نصبح أصدقاء ؟؟ .... )
عند هذه النقطة .... أخذت تيماء نفسا عميقا و نفخت صدرها قبل أن تنظر حولها الى أن رأت دلوا ممتلئا بماء غير نظيف .... فأمسكت بأول عامل مر بجوارها ... و الذي فزع من مفاجأة القبض عليه ...
الا أن تيماء سألته بشراسة من بين أسنانها
( فيما تستخدم هذه المياه ؟؟ ....... )
أجابها الفتى بقلق
( في غسل الخيول يا سيدة ...... )
ردت تيماء بعزم
( جيد ..... خذ أنت نغم و اياك أن توقعها للحظات ..... )
أخذ العامل الطفلة بإحتراس .... بينما انحنت تيماء لتحمل الدلو بكل قوتها و ما أن أقتربت منهما حتى اطاحت بالماء عليهما سويا .....
شهقت الفتاة صارخة بجنون بينما نظر قاصي الى تيماء ذاهلا بعدم تصديق ...
التفتت الفتاة اليها و صرخت فيها بينما الماء القذر يغطيها من شعرها و حتى قدميها
( هل أنتِ مجنونة ؟!!! ....... )
ردت تيماء عليها بنبرة مخيفة
( بل زوجته يا عيوني ........... )
نظرت الفتاة الى قاصي المذهول أكثر منها ثم صرخت عاليا دون توقف مما جعل قاصي يحك اذنه وهو يرمش بعينيه .... قبل أن تنطلق تجري بعيدا عنهما ..... و عمرو يضحك عاليا بهيستيرية
كتفت تيماء ذراعيها و هي تنظر اليها بظفر ... الا أنها نظرت حولها و هي تهتف بجزع
( يا مصيبتي .... ابنتي ..... البنت .... أين البنت ..... )
ثم تنفست الصعداء و عي ترى العامل واقفا و نغم بين يديه و بجوارهما عمرو ضاحكا حتى انقلب على ظهره .... فأخذتها منه برفق و هي تداعبها مبتسمة ...
الا أن قبضتي قاصي أدارتها اليه بقوةٍ وهو يهتف غاضبا
( ألن تتوقفي عن جنونك هذا ؟؟!! ...... لقد أصبحتِ أما ..... )
صرخت تيماء فيه بحدة
( و هل أصبحت أما وحدي عن طريق الموجات اللاسلكية ؟!!! ...... أنت أيضا أصبحت والدا و عوضا عن ان تحترم سنك و مكانتك تقف هنا و يسيل لعابك أمام فتاة من عمر أولادك .... )
همس قاصي يذهول
( يسيل ..... !!! ...... أنت مجنونة ..... أنت فعلا مجنونة .... )
نظرت اليه تيماء نظرة قاتمة قبل أن تستدير تنوي المغادرة ..... الا أن قاصي جذب ذراعها وهو يسألها بصوتٍ أجش
( الى أين ؟؟؟؟؟ .............. )
ردت تيماء دون أن تنظر اليه بصوتٍ خفيض دون أن ترفع عينيها اليه
( سأعود للداخل ..... كي تتمكن من اللعب بذيلك كما يحلو لك ....... )
ارتفع حاجبي قاصي وهو يسألها بغموض وهو ينظر الى نفسه
( بهذه البساطة .... بعد ما فعلتيه ؟!!! ....... )
نظرت تيماء اليه عاقدة حاجبيها ثم هتفت بغضب
( لأنك تستحق ...... و تعرف أنك تستحق .......... )
ظل قاصي ينظر اليها بتجهم .... قبل أن تلين ملامحه تريجيا . ثم ضحك وهو يهز رأسه قائلا
( والله لا أصدق كيف تم تصنيفك كأستاذة جامعية ؟!! ...... )
رمقته تيماء بغضب غير قادرة على النطق .... بصراحة لم تمنحه الفرصة كي يبرر تصرفه و تهورت أكثر من اللازم ....
أخفضت تيماء عينيها و هي تقول بخشونة
( لا أشعر بنفسي حين أغار ..... و كأن روحا شريرة تتملكني ...... )
جذبها قاصي اليه و هي تحمل نغم بين ذراعيها حريصا الا يبلل الصغيرة .... ثم همس في أذنها بصوتٍ أجش
( و هذا أكثر ما أعشقه بكِ .......... )
ضربته تيماء و هي تهتف بإستياء
( اذن لماذا التظاهر بالغضب ؟!! ..... رفعت ضغطي مما رفعته تلك المفككة ..... )
ضحك قاصي وهو يرجع شعره للخلف فقالت تيماء هامسة
( ليس من العدل أن تكون جذابا الى هذه الدرجة فقط ..... هذه هي كل المشكلة ... )
رد عليها وهو يلامس وجهها بنعومة
( و ليس من العدل أن تكوني مهلكة الى تلك الدرجة ......... )
مالت تيماء بوجنتها حتى ارتاحت على كفه .... ثم همست تسأله
( الا زلت تراني مهلكة ؟!! ......... )
أجابها بصوتٍ أجش
( هذا احساس .... و ليس رؤية ...... )
ابتسمت تيماء و هي تنظر الى عينيه الحبيبتين ... بينما تناول نغم منها ليرفعها عاليا وهو يدغدغ بطنها .... فضحكت تيماء و هي تقول
( اياك و أن تبللها بهذا الماء القذر ........ )
قال قاصي محدثا الصغيرة
( أمك مجنونة ........ قدرنا ...... )
ابتسمت تيماء بخجل و هي تقول
( ترى ابنة من تكون المفككة ؟!! ........ أخشى أننا سنشعل حربا في العائلة بسبب بعض الماء القذر .... )
نظر اليها قاصي قائلا
( زوجتي مجنونة و على الجميع احترامها و تقبلها كما هي ....... )
ابتسمت تيماء و هي تراقب عمرو يجري في الفناء الواسع محلقا بذراعيه .... فقالت بنعومة
( عمرو سعيد جدا منذ خروج والدته من المصحة و سكنها معنا ....... )
ساد صمت طويل بينهما و قاصي ينظر اليها عاقدا حاجبيه .... ثم سألها بصوتٍ خشن
( الا يؤلمك سكن ريماس معنا في البيت ؟!! ........ )
ظلت تيماء صامتة قليلا , ثم رفعت عينيها اليه و قالت بخفوت
( نعم يؤلمني يا قاصي و بشدة ..... لكن ماذا كان بيدي غير ذلك ؟! ...... تخسر ابنك مجددا ؟! ....أنت تعودت على سكنه معك ..... و أنا لا أريد لشيء ان يؤثر على نفسيتك و عملك ..... )
تنهدت و هي تستند بذراعيها الى الحاجز الخشبي .... ناظرة الى الشمس التي اختفت تاركة خلفها غيوم وردية
ثم قالت برقة
( سنكون بخير ....... مهما حدث سنكون بخير ....... )
الصمت الآن بات أطول فالتفتت اليه ترى سبب صمته .... الا أن النظرة في عينيه جمدتها مكانها وهو ينظر اليها تلك النظرةٍ الوهمية .... حاملا طفلتهما بين ذراعيه ... ثم همس أخيرا بصوتٍ متحشرج
( تيماء ...... يا أرضا أينعت جمالا ... فأهلكت الناظرين بسحرها .... )
أخفضت تيماء عينيها و هي تخرج قلادته من تحت قميصها و تقرأ ما نقش عليها ... ثم أعادت عينيها الى ألوان الغروب مبتسمة و القلادة لا تزال في حضن راحتها .....   

🎉 لقد انتهيت من قراءة طائف في رحلة ابدية 🎉
طائف في رحلة ابديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن