الفصل الثالث والعشرون

110K 2K 510
                                    


نطقتها مجددا بصوتٍ ذاهل و كأنها تحاول طرد تلك الصورة من مخيلتها ... لعله حلم كئيب من احلامها التي اعتادتها على مدى السنوات الماضية ....

نبرتها المرتجفة , جعلته يفيق من نظرته الطويلة المتجهمة التي كان يراقب بها عمرو بحدة .... فرفع عينيه لينظر اليها ...

حينها فقط عاد العبث القاسي الى عينيه وهو يتأملها بوقاحة قائلا بسخرية

( نعم راجح .... هل تتذكرين الاسم أم أنكِ تختبرين اعادة لفظه بطريقة جديدة ؟! ..... )

كانت ريماس تتراجع دون ارادة منها و هي تنظر اليه بعجزٍ غير مصدقة ... بينما تقدم هو مغلقا الباب بقدمه دون أن يرفع عينيه عنها ... ثم تابع قائلا بهزلٍ عنيف

( أتذكر حين كنتِ تنطقين اسمي همسا و توسلا مشتاقا في كل مرة ... فماذا حدث ؟!! و من تلك المرأة الغريبة التي تقف أمامي مذهولة !! ..... )

ابتلعت ريماس ريقها و هي تنظر اليه بصدمة , كان ذهولها قد تضائل قليلا , الا أن مرآه أمامها الآن بدمه و لحمه يجلب لها ذكرياتٍ موجعة , فضلت أن تنساها منذ سنواتٍ طويلة ...

ذكرى والدها الذي طردها من بيته للأبد ..

ذكرى أمها و هي تنتحب مشيحة بنظرها عنها , غير قادرة على كسر أوامر والدها ...

ذكرى الاتصال الذي وصلها يخبرها بوفاة أمها دون أن تراها ...

ذكرى ابنها الذي مات و أوجع قلبها على الرغم من أن الموت كان راحة له مما قد يعانيه وقتها ....

ارتجفت شفتاها و هي ترى شريط حياتها منذ أن اقتحمها راجح .... شريط أسود اللون يمر أمام عينيها الحزينتين ...

راجح لم يجلب لها سوى الخراب في حياتها و رغم ذلك لم تستطع مقاومته أبدا ... كانت تمنحه طرف الطوق الذي يخنقها به كل مرة ... ثم يتركها ذليلة وضيعة .... دون كرامة ... ميتة دون حياة .....

مرت عدة لحظات و هي تخضع الى تقييمه الوقح لها .... تقييم أخبرها بوضوح , كم كبرت ... و كم تركت السنوات على ملامحها و جسدها آثارا أزيد من المفترض ...

آثارا نتيجة الإدمان لفترة .... حمل يلي حمل .... وحدة و ذل ......

لم تعد نفسها الجارية الفاتنة ذات العشرينات من عمرها .... بل باتت امرأة ذاقت الأمرين في نضجها ....

وجدت صوتها أخيرا فقالت بنبرة أجشة مرتجفة

( ماذا تفعل هنا يا راجح ؟؟ ......... )

ارتفع حاجبه بسخرية و قال هازئا

( الا تملكين أي قدرٍ من الضيافة ؟!! ...... لقد تغيرتِ فعلا , أتذكر حين كنت ..... )

هتفت ريماس بقوة و ألم و هي تنظر الى عمرو بطرف عينيها

( كفى ........... )

طائف في رحلة ابديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن