الفصل السابع

ابدأ من البداية
                                    

و خلال دقائق كان قد وصل اليها على دراجته البخارية ....
رمقته مسك وهو ينزع الخوذة عن رأسه لتلتقي أعينهما ....
كان الإتهام في عينيها واضحا .... وهو يقترب منها و عيناه لا تحيدان عن عينيها
الى أن وصل اليها فقالت بقوة دون مقدمات
( لقد وثق أبي بك ...... حملك أمانة و أنت خنتها .... )
سحب قاصي نفسا طويلا وهو يجابه عينيها دون أن ينطق .... عيناه كجمرتين مشتعلتان بينما حاجباه منعقدين
فهتفت بصوتٍ أكثر قسوة
( أنت تصادق أختي يا قاصي ........ كيف أمكنك فعل ذلك ؟ّ!! كيف استطعت خيانة الأمانة بهذا الشكل ؟!! ....... )
أخذ نفسا آخر أعمق وهو ينظر بعيدا ... قبل أن يقول بجمود
( هذا يعتمد على معنى تلك الصداقة التي تقصدين ..... )
هتفت مسك بذهول و غضب
( لا تخدع نفسك يا قاصي أو تحاول حتى أن تخدعني ..... صداقة أي علاقة .... ارتباط ... ويعلم الله الى أين وصل مداه !! .... )
هدر قاصي فجأة بعنف
( لا تزيدي يا مسك ..... اياكِ ..... اياكِ ... )
هتفت مسك بجنون
( أنا أعرفك جيدا يا قاصي .... أنت لست مثال البراءة و قد كانت لك العديد من الصداقات قبلا .... فالي أين وصلت علاقتك بتيماء ؟!! .... هل ...... )
هدر قاصي بجنون متوحش
( اصمتي يا مسك ........... )
الا أن مسك جابهته بكل شجاعة و هي تهدر بمثل قوته
( أنا لست تيماء الصغيرة .التي يمكنك أن تصمتها بكلمة " اصمتي " ... كما سمعتك في الهاتف .... أنا مسك الرافعي يا قاصي .... و لن أصمت قبل أن أعرف الى اين وصلت علاقتك بتيماء و منذ متى ؟!! ..... )
نظر الى عينيها المتهورتين , ثم قال بصوتٍ غريب
( و هل تصدقيني اذا أخبرتك أن ما تخافين منه لم يحدث ؟!! ....... )
صمتت و نظرت الى عينيه طويلا .... كانت ملامحه مجنونة ... عاصفة و عيناه أعتى عاصفة ....
ملامحه كانت تخبرها بأنه يعاني ......
لكنها كتمت إحساسها بالرغبة في منحه العذر ... أي عذر ... فقالت بصلابة
( كانت معك .... ترد على هاتفك بأريحية و تخبرني بكل صفاقة ووقاحة أنك ... " رجلها !!!!!!!! " ... )
التوت شفتاه في شبه ابتسامة رغم عنه .... مجرد التواءة خانته و تصاعدت الى زاوية شفتيه ...
لكن مسك لمحتها فهدرت بجنون
( لا تتجرأ على الضحك ....... أنا جادة ...... )
لم تختفي التواءة شفتيه .... بل ظلت مكانها على الرغم من أن جمرتي عينيه لم تنطفئا ...
كان بهما عنف المشاعر و نوعا من .... الخوف !!!
هل قاصي خائف ؟!!! ....
قاصي لم يعرف الخوف يوما ...... و لا تظنه أبدا خائفا على نفسه ...
فلطالما عرض نفسه للموت دون أن يأبه .....
قال قاصي أخيرا بخفوت دون أن تحيد عيناه عن عيني مسك
( لا أعلم منذ متى ...... إنه السؤال الذي لم أجد له جوابا أبدا .... )
كانت أنفاس مسك متوترة و هي تقف أمامه مكتفة ذراعيها .... صدرها يعلو و يهبط بجنون
لكن ملامح قاصي كانت تلجم جنونها ...
إنه يبدو كما لم تراه يوما .... كما لم تعرفه أبدا ....
لم تسمعه يتكلم عن فتاة من رفيقاته بتلك النبرة من قبل مطلقا .....
أخذت نفسا متوترا قبل أن تقول متهمة
( كانت مجرد طفلة حين أحضرتها لتقابلني في المرة الأولى بينما كنت أنت شابا ... بل رجلا ..... فكيف استطعت فعل ذلك ؟!! .... )
ضاقت عيناه بشدة ..... و ابعد وجهه مجددا وهو يقول بصوتٍ أجش
( أنتِ تضغطين على الجرح بلا رحمة يا مسك ....... )
هتفت بقوة و استياء
( بل سأفعل اكثر إن لم تخبرني كيف طاوعك ضميرك على هذا ..... و الى ما تريد الوصول اليه .... )
رفع قاصي عينيه الى عيني مسك العنيفتين ... ثم قال بصوتٍ حاد قوي و مسيطر
( أختك هي الفتاة الوحيدة بحياتي ..... )
ساد صمت غريب بينهما ... وبين أعينهما حربا من الكلمات المتقاذفة ....
الى ان قالت مسك ببرود
( و هل من المفترض أن أصدق ذلك ؟!!! ........ )
قال قاصي بلهجةٍ قاطعة
( ستصدقين ...... لكن قبلا أريد منكِ وعد .... لا تخبري أباكِ ... و لا تخبري تيماء أنكِ تعرفتِ على صوتها ......أنا أقف أمامك الآن و أموت رعبا .... أموت رعبا من أن يطالها أذى ... و أنت الوحيدة يا مسك التي قد تسمعين مني اعترافا مماثلا ..... )
ظلت مسك تنظر اليه طويلا بملامح جامدة .... لكن بعينين تسجلان كل لمحة من تعابير وجهه و عينيه ...
ثم قالت ببرود متوتر
( اذن ماذا لو أمرتك بأن تبتعد عنها كي لا يطالها الاذى ؟!! ...... )
ساد صمت مشحون بعد أن أطلقت أمرها العنيف ... و كلا منهما ينظر الى عيني الآخر محاربا
الى أن قال أخيرا بهدوء خطير
( للمرة الأولى لن أنفذ أوامرك يا مسك ...... لن أتركها أبدا )
انزلت ذراعيها و اتسعت عيناها و قالت بصوتٍ واهٍ
( لكنك ستتبب بأذاها اليوم أو غدا أو بعد غد ..... هل تعرف معنى ما تفعله بالله عليك ؟!! ..... )
ضاقت عينا قاصي و ازدادت سرعة حركة صدره .... قبل أن يقول بصوتٍ ميت أجش
( تيماء قبلت المجازفة ............ )
اتسعت عينا مسك ارتياعا و لوحت بذراعها و كأنها تشير الى تيماء في غيابها هاتفة بعنف
( إنها طفلة ........ لا تدرك ما تجازف به ..... )
حينها رفع قاصي وجهه و ابتسمت عيناه دون شفتيه .... و قال بخفوت ملجما الباقي من كلماتها
( تيماء ليست طفلة ...... إنها امرأة .... و هي تخصني .... )
.................................................. .................................................. .................
أفاقت مسك من ذكرياتها البعيدة و هي تبتسم بحزن متذكرة عبارة قاصي التي جعلتها تبتلع المتبقي من كلماتها
و تنظر اليه مصعوقة ...
لم تتخيله يوما عاشقا متيما بهذا الشكل ...
ابتسمت مسك بحزنٍ أكبر و هي تهمس
" متيما بتيمائه ....... "
ما جعلها تصمت حينها هو حبها لأشرف ... كانت تعرف معنى الحب جيدا و لقد رأته في عيني قاصي جليا
كانت تظن أن الحياة منصفة معها فمنحتها حبها دون أي مشقة و بمباركة الجميع
لذا أشفقت على قاصي و تيماء من ظروفهما الصعبة ...
و وجدت قلبها يخبرها أن قاصي صادقا في حبه ... و أنه لا يتلاعب بأختها رغم أنانيته ....
عادت لتبتسم بمرارة و هي تنظر حولها لتكتشف أنها قد تبللت تماما ... من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها
الا أنها لم تهتم مطلقا ... بل ظلت واقفة مكانها بإباء تنتظر أي سيارة اجرة ...

طائف في رحلة ابديةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن