-تَمهيد-

58.9K 2.8K 669
                                    

العشراتُ مِنَ شاشاتِ الكومبيوترِ موضوعةٌ على مكاتبِ احدى اذاعات التلفاز، الموظفونَ مشغولونَ تَماماً بأعمالهم التي لا تنتهي.

السماعاتُ المُلحقةِ بأجهزتهم تُحيطُ اذانهم مُستمعينَ بدقةٍ لما يعملون لأجله.

لم يُقاطعَ شيئاً عملهم الا وشوشاتٍ غريبةٍ أخذت تَظهرُ على شاشاتهم الخاصة، صوتُ صَفيرٍ مُزعجٍ أخذَ يتعالى شيئاً فشيئاً حتى بَدىَ كسيفٍ ذو نَصلٍ حادٍ باتَ يَخرِمُ لَهم أذانهم، أبعدَ الجميعُ سِماعاتهم على أملِ إنقاذِ آذانهم عن سماعِ ذلك الصوت لكن هيهات، فما زال ذلك الصوت يرن في اذانهم كَطبولِ حَربٍ دُقت قَبلَ أوانها.

سادَ الصمتُ فجأةً بين الجميع، اخذوا يَتسائلون فيما بينهم عَما يَجري حَتى أخذت أنظارهم تتبادلُ التَسائلاتِ بدلاً عَن ألسنتهم، هُم ضَيقوا قُطريَّ أعيُنَهُم مُتنصتينَ لصوتِ بُكاءِ ذلك الطفلِ الصغير وتَرنيمةٌ هادئةٌ بصوتٍ عَميقٍ أخذت تُرافِقُ صوتُ الطفلِ الباكي كَتهويدةُ نوم.

"نم يا صغيري فغداً أنتَ سيدهم، نم يا صغيري فعلى يديكَ نِهايتهم، كُن صبوراً ولا تستعجل قَدركَ، كُن مُرتحاً ولا تَشغُل بالك، فَغداً يا صَغيري أنتَ سيدهم"
لَم يَعي أحدٌ مِن بَني البَشرِ إنَّ في هذه اللحظةِ بالذات، وُلِدَ إبنُ الشيطان!

.

.

" احذري من العاصفة القادمة فأنتِ وَبِلا شَكٍ لن تصمدي امامها "
قال ذلك بعدما مال بجسدهِ نحوها مرسومةٌ على شفتيهِ ابتسامةٌ جانبيةٌ حاوَل إستفزازها بِها

ابتسمت بثقة دافعةً إياهُ عَنها مُستقيمةً بِجسدهِا

"لا تقلق، فأنا تلك العاصفة عزيزي "
اكتفت بقولِ ذلكَ لتتركهُ خلفها يستشيط غضبا مُغادرةً ذلك المكانِ الذي أعتادتا اللقاءَ بهِ، الا تخشاه؟

هو كان على عِلمٍ بأنَ علاقتَهُما خَطئاً كبيراً وكان على بينةٍ بأنها ستنتهي بشكلٍ من الأشكال، لَكِنهُ لَم يتخيل أن تُنهي معشوقتهُ الضَعيفة ذلكَ بنفسها.

.

.

.

احداثٌ مستقبليةٌ لابُدَ لَها أن تَقع، حَقائِقٌ صَحيحةٌ لاشكَ فيها

تَفاصيلٌ مِنَ الخيالِ نُسِجت بخيوطٍ الواقعِ العَتيقة

هذه هي روايتي الجديدة و هذا هو مضمونها الذي أحاربُ فيه مَفاهيمٌ خاطِئةٍ زُرعت فينا في السنين الاخيرةِ مُتناسينَ أنَ :-

"ليسَ شرطاً أن يأتينا الشَيطانُ بوجهٍ أحمرَ وقرون،

هو يأتينا على هيئةِ أكثرِ الأشياءِ التي نُحِبُها"

ابن الشيطان || نبضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن