one shot 5

4.2K 157 25
                                    

"الرجاء من المتجهين نحو الصين في الرحلة القادمة التوجه نحو البوابة رقم ثلاثة،أكرر، أرجو من أصحاب الرحلة القادمة إلى الصين التوجه نحو البوابة رقم ثلاثة لإتمام الإجراءات اللازمة." 

تحدثت المرأة في مكبر الصوت، بالكورية، الصينية، الانجليزية والفرنسية. لكن بطلنا المقبل على السفر لم يكترث لثرثرتها وترجمتها الدقيقة ولكنتها المحترفة، فهو قد تعود على كل ذلك، وبدون أي نقاش، اتجه نحو حقيبته يجرها، ومنه إلى البوابة رقم ثلاثة.

انتظر وانتظر على الكراسي، ألم يطلبوا منهم الإسراع في المجيء؟! لما التأخر يأتي منهم وليس من المسافرين إذا؟..
"نعلم السادة المسافرين أن الرحلة ستتأخر لساعة، أرجو منكم العودة إلى القاعة الثانية،شكرا." تحدثت مجددا ليزفر بتعب، الظاهر بأن القدر يريد منه البقاء، لكنه لايستطيع،فذاك والده بعد كل شيء.
جر حقيبته مجددا شارد الذهن، فآلاف المشاغل تحتل عقله وتسيطر على تفكيره.

مرت ربع ساعة، وصديقنا مازال ينظر إلى الساعة الكبيرة أمامه بشرود، يتابع عقارب الساعة بمقلتيه ويحسب عدد تحركاتها في ضجر، ومن شدة الملل قرر عد تحركات عقرب الثواني، الذي قد تحرك؛ تسعمائة وثلاثة، أقصد أربعة، لا خمسة..لا يهم.
يتناسى الضجيج من حوله ويحاول التركيز على ماسيحل به الآن، حسنا لنفعل نحن أيضا، هو قد تعود على الهجرة والتنقل من مكان لآخر، لكنه لن يتعود على العيش بدون شريك سكنه، سيهون.
شريك سكنه الذي قد هدده بإلفاق تهمة له في حال رحل،..مثير للشفقة أليس كذلك؟ هو يريد المال وحسب، هو يريده أن يبقى فقط ليدفع معه الإيجار...
هذا كان رأي كاي، رأيه الذي سيدمر حياته قريبا..
فكما يقولون، رأيك ورغبتك هما الكل، فإن أردت إستشارة قلبك المكسور، لملمه أولا وأصلحه واجعله جزءا واحدا لامائة!..

ألفان ومئة وستون ثانية،ست وثلاثون دقيقة بالظبط مرت.
ألايجب أن ينادوهم الآن لإتمام الإجراءات؟
أصبح الآن صديقنا يختلس النظر إلى ذاك الثنائي الحزين هناك، ينظر إليهما بازدراء يقبلان بعضهما البعض، والكل متعاطف معهما، الظاهر بأن أحدهما سيذهب لفترة طويلة جدا،ككاي تماما.
تساءل لوأنه كان من الممكن أن يكون هو وسيهون مكانهما، هل سيأتي ذاك اليوم المنتظر ويصبحان مثلهما؟
قهقه بسخرية شديدة على فكرته لينظر الجميع إليه، لم يهتم، ولم يفكر في الاعتذار أصلا، هو ضحك على ماكان يلقيه من نكات سخيفة، فماالعيب أو الخطأ في ذلك؟
نقل باصرته سريعا إلى الساعة، تبقت ربع ساعة فقط، هو الآن خائف وليس مالا، هو خائف من الذهاب، يهاب الذهاب بدون توديعه، ويهاب الذهاب وعدم العودة بتاتا.
فمن المحتم أن عمه سيأمره بتولي شركات والده، بينما أقاربه وأبناء عماته وأعمامه يلهون في الحانات وينعمون بحياة لم تشتم يوما رائحة مشكلة.
حياة مليئة بالرفاهية، على عكسه هو المسكين.
أحيانا يتساءل، ان مات، فهل سيكترثون لموته، أم لعدم وجود وريث يترأس الشركات؟ ستقولون على العكس سيفرحون لأنهم سيرثونها كلها، لكن لا، فالوالد العزيز قد قضى على مستقبل ابنه مخمنا أنه قد ضمنه، حين كتبها كلها باسمه هو فقط لاغير، وان ورثها أحد فإما أولاده المستقبليين، الذين لايفكر بتاتا في انجابهم، أو زوجته المستقبلية والتي لايفكر في مواعدتها من الأصل.
فلكم أخبر والده بأنه ليس بمستقيم، ولايستطيع الانجاب، ورغم ذلك، حتم عليه الأمر.
هو لا يريد كل تلك الشركات، ولا يريد كل ذلك النفوذ، هو قد درس الفن الراقي، وأصبح خبيرا يتنقل في أنحاء العالم ويلملم الموهوبين ليرسلهم إلى أمريكا،إلى المعهد العالي في فلوريدا تحديدا ليكملوا مايفعلون في إيطار أكثر أريحية، ويجدوا المراقبة والاهتمام بدل عدم الاكتراث.
ذلك هو عمله، البقاء مدة معينة في بلد ليجمع الموهوبين فيها، وأقصد طبعا الموهوبين الفقراء الذين لم يهتم أحد لهم، يتلقى مصاريفهم من المعهد عن طريق حسابه في البنك ويرسلهم بذلك المال إلى فلوريدا، وبالطبع يعيشون في المعهد، وكأنهم يتامى.

Sekai OneShots حيث تعيش القصص. اكتشف الآن