الفصل السادس

322 10 2
                                    

يا ليتكم اهتممتم بمشاعري سابقا . قالها محمد باسى ، لم تستطع ليلى الإجابة فكل الكلمات لن تفيد الآن ، ما كان لها سوى تغيير الحديث .
- إذن ، هل سندخل أم نبقى في السيارة . قالت بابتسامة و هي تفتح باب المركبة و تبعها محمد الى داخل بيت العجوز .
جلست ليلى و محمد على كنبة الجلد مزدوجة المقعد و أمامها جلس الشيخ العجوز على كرسي خشبي مذهب .كانت ملامح الرجل باهتة فعيناه غائرتان تغطيهما هالات سوداء و شعرُ راْسه كأنه ازداد شيبا . حل الصمت بين الجموع فلم ينطق احدهم ببنت شفة حتى حلت السيدة "سميرة" حاملة صينية فضية عليها إبريق من عصير البرتقال و ثلاث كؤوس مع طبق صغير من البسكويت الانجليزي . السيدة سميرة امرأة الخمسينات من عمرها رغم علامات الشباب التي تعتليها ،فهي ذات قد مياس ،ذات بشرة سمراء ذهبية و عينان كبيرتان بنيتان .هذه المرأة الجميلة خدمت السيد العجوز بلا كلل و لا ملل منذ ان كان محمد في الثالثة من عمره ومنذ ان وافت المنية أمه ، كانت هي مربيته التي سهرت على راحته و رعايته ، تقدمت بخطا موزونة حاملة الصينية صوب الطاولة التي تتوسط الصالة وضعتها و اتجهت تعانق محمد و تقبله
- لقد كبرت يا بني ، كم اشتقت إليك " . ثم وجهت نظرها نحو ليلى ،تبسمت و قالت :
- ليلى ابنتي ما أجملك أظن انك تعتنين بولدي جيدا .
صوبت ليلى نظرها تجاه محمد بعينين خائفتين
. بائستين و واجهت المرأة بابتسامة صغيرة
علمت ليلى ان زيارة هذا البيت لن تنتهي قبل ان تحطم قلوب و تكسر اخرى .
- سميرة ، دعك من العاطفة و اسكبي لي بعضا من العصير ، يكاد ريقي يجف . قال العجوز بلهجة عاتبة .
-حركت سميرة رأسها موافقة .
- إذن كنتما جادين و نفذتهما الامر بسرعة كبيرة . قال العجوز و هو يرتشف من العصير رشفة .
- نعم و قد انهينا الامر بسرعة أيضا . رد محمد متحديا أباه .
تنهد الأب الصعداء ، زادت بهاتة ملامحه
- هل اهنئكم أم أعزيكم يا ترى .
- لم نأت لأجل تهامية أو تعازيك . اجاب محمد
- إذن لم اتيتم
- كي نزف عليك هذا الخبر السعيد يا ابي الغالي .
- اخرج من بيتي انت تريد قتلي بكلامك . صرخ العجوز بعدما وقف و تقدم نحو محمد مهددا .
- لِم أقتلك ، انا لست مثلك يا هذا .
فقد الأب توازنه كاد يهوي اندفعت نحوه سميرة و أسندته على الأريكة . اما ليلى فكانت غارقة في دموعها مندهشة و فزعت من الموقف ، اندفعت نحو محمد و صارت ترجه بقوة من كتفيه .
- أيها الاحمق الم اقل لك الم اخبرك انظر ان أباك مغمى عليه و هذا بسبب وتهورك و وقاحتك .
دفعها محمد من عليه و صار يصرخ ابتعدي عني ليس لك الحق للمشي أو الاقتراب مني انت سبب المشاكل كلها .
جثت ليلى على ركبتيها بينما كانت سميرة تعطي العجوز بعض. أقراص الدواء فصار العجوز يستعيد وعيه ، حين رأته ليلى اطمئن قلبها فأسرعت اليه .
- آسفة يا عمي آسفة
لم يستطع إجابتها و ما ان فتح فاه كانت قد حملت حقيبتها و خرجت من المنزل .
استقلت ليلى سيارة اجرة و اتجهت نحو منزلها أو بالأحرى منزل محمد .
- أين هي يا الهي ما كان يجدر بي قول تلك العبارة ، يا الهي ماذا فعلت . ليلى أرجوك أين انت . كان سائق الايبيزا الشاب يردد هذه العبارات و هو يزيد من سرعته و ينظر يمنة و يسرى في الشارع ، يبحث عن شخص ما . ضغط مرارا و تكرارا على أزرار هاتفه حتى جن جنونه . " تبا انها لا ترد " ان اصابها مكروه لن أسامح نفسي حقا . لعلها في البيت نعم لعلها هناك ، ليس لها مكان اخر .
- ظل محمد يتصل بي مرارا الى ان أقفلت الهاتف ، فبعد الكلام الذي قاله لم استطع الحديث معه و لكن معه حق فأنا المخطئة .

- دخلت للبيت ، صرخت ليلى ، ليلى هل انت هنا . صعدت الى الغرفة وجدت بابها مفتوحا و الخزانة أيضا ، لكن مهلا ثياب ليلى ليست هنا . أشيائها كلها ليست هنا ، حقيبة السفر خاصتها ليست هنا . أعدت الاتصال بها لكن هاتفها مغلق ، لمحت فجأة ورقة ملصقة على زجاج المرآة مكتوب فيها .
محمد ، آسفة على كل شيء . الان لقد خرجت من حياتك نهائيا و الى الأبد ، أتمنى ان تجد زوجة توافقك لما تبقى لك من العمر و تنسيك في الثلاث سنوات التي عشتها معي . الان و انت تقرا هذه الرسالة ربما سأكون ابتعدت عنك آلاف الكيلومترات .
جلس محمد على السرير خائر القوى " لماذا يا ليلى لماذا ذهبت هكذا حقا أردت ان نفترق و لكن ليس بهذه الطريقة لربما أقمنا عشاء فاخرا و تحدثنا لآخر مرة لربما جلسنا و تبادلنا الاعتذارات و سامح احدنا الاخر "
تعجب محمد لحاله كيف كان يكره ليلى لثلاث سنوات و في الساعة الاخيرة احبها و تحسر لذهابها ،." لا انه ليس حب بل شفقة و تأنيب ضمير " ظل محمد يخاطب نفسه .
- و لكن أين ذهبتي يا ليلى لم لَم تتركي لي عنوان منزلك مع تلك الرسالة اللعينة ، ابي يعرف ابي يعرف لا شك انها أخبرته .
قفز محمد من الفرحة الان سيذهب و يعتذر من ليلى و لربما سيدعوها لعشاء اخير ، التقط هاتفه و اتصل بابيه ، الاتصال الاول ، الثاني ، الثالث ، الخامس ...... آلو نعم محمد انا سميرة ، ان السيد صحته سيئة و هو منزعج منك و لا يريد ان يحادثك آسفة يا بني
- لا باس له كل الحق
انطفئت اخر شمعة أمل في الاعتذار ، استسلم محمد نزلت بعض الدموع المتمردة مسحها بسرعة معاتبا نفسها " أ ابكي لفراق شخص انتظرت التخلص منه بفارق الصبر ربما انا حساس الْيَوْمَ فقط لا انا أشفق عليها نعم ، بعد قليل سأنسى كل شيء "
طمأن نفسه ببضع كلمات و خلد للنوم و لكن هيهات يا محمد لن تنسى شيئا فشبح ليلى لم يجعله يغمض جفنا و صار يفكر و يفكر .

- ....... الطائرة المتوجهة الى باريس ستقلع بعد خمس دقائق ، نرجو من السادة المسافرين الجلوس و ربط أحزمة الأمان .
ها هي ذي ليلى جالسة على ذلك المقعد تراقب من النافذة و عيناها مغرورقتان بالدموع أهي دموع اشتياق الوطن ام اشتياق ابن من أبناء آدم . كانت ليلى قد اتصلت بفاطمة صديقتها عند خروجها من منزل محمد و أعلمتها انا قادمة لتمكث عندها بباريس .
- " مال من ميراث ابي رحمه الله " هكذا كان جواب ليلى عندما سألتها فاطمة كيف ستدفعين ثمن الرحلة .

كانت ليلى تسند رأسها على النافذة و تفكر في فاطمة تلك الزهرة النادرة " حقا اشتقت لك يا زهرتي انت و زوجك و اولادك "
فاطمة متزوجة برضوان و هو أيضا صديق ليلى من ايّام الثانوية كان مغرما بفاطمة الى حد الجنون و بعد سلسلة من المواعدات تقدم لخطبتها و هما الان أبوان لصبي و فتاة .
"آه كم الزمن يمر بسرعة " قالتها ليلى و هي تتنفس الصعداء و اشارت الى المضيفة بكأس ماء ...........
حياة
ما رأيكم في هذا الفصل ؟!
آسفة حقا على التأخير
😭😭😣😣😣😣😣😣

 غدر فما بعد...Where stories live. Discover now