19

10.6K 444 82
                                    

.
.

تجاهلت القشعريرة اللي سرت بجسمي بسبب قربها ..
دايم كنت أرتبك من وجود اي شخص قريب مني ، حتى لو ما أعرفه..

كنت أحاول اركز بالكلام اللي قاعدة تهمسه في أذني
قالت : لازم أقابلك اليوم الساعه ٤ في ... ، تعالي لحالك .. ولحد يدري!

ظليت أناظرها وهي تبتعد بعد ما أشعلت الخوف في نفسي ، لين اختفت ..
ماتركت لي مجال اسأل ، وهالشي أقلقني ..

قالت خلود : من هذي؟
: سكرتيرة نورة ..
أرتفعت حواجبها بتعجب : ايش تبي؟
تذكرت انها قالت "لحد يدري" .. لكن هذي خلود ، مو أحد
قلت : تبيني أقابلها اليوم
: عشان؟
: مدري .. ماقالت

رجعت سندت رأسي على الكتب ، لكن بعقل مختطف..
أحس ان القادم عظيم ، غمضت عيوني بحزن .. ما املك مع هذا الشعور الا الشفقه على نفسي..

أحياناً أحس اني عمرّت كثير ، عشت حياة طويله من الفراغ و الضجر اللانهائي ..

من فتره وقفت محاولاتي الفاشله بالتعايش مع حياتي
ماصرت أنتظر شي ، كل شي يمر بدون أي تفاعل مني .. مجرد احساس بالاسى على كل شي..
وشعور بالفخر اني ومع كل هذا الخراب ، مافقدت القدرة على الكلام حتى الان..

لازم ترجع نورة قبل أنسى كيف ملمس شعرها .. قبل ما تتغير ملامح وجهي ، كبرت كثير .. ماراح تعرفني..

هي فعلياً ٦٤ يوم من راحت ، لكنها كثير.. أحس و كأني عاصرت أربعة أجيال من راحت!

ماقدر أرجع للوراء ، و ما أقدر أكمل لوحدي ، بدونها..
تركتني عالقه في الفراغ .. تاركه الحياة تضحك علي ..

أدفع الباقي من حياتي مقابل استبدال عقلي المشوش بعقل صافي ، ليوم واحد..
جسدي راح يتسمم من تكرار نفسي ، ومن تخبط الافكار بعقلي .. أفكاري كثير ، وكلماتي كثيره .. كل هذا لاني ما أقدر المسها..
فقدت روحي الكامنة في راحة يد نورة ..

..

كنت راح أحمد ربي اني ماقابلت خالتي ، لما وصلت الباب ..
لكن سمعت صوتها جاي من وراي ..
قالت : على وين؟
كذبت : لخلود..
قالت و رفعت حاجبها : بيتهم مايحتاج لبس عبايه ..
ناظرت الساعه اللي وراها بتوتر "٣:٣٠" هذي راح تأخرني..
قلت : بطلع معها لمكان ..
: وين؟
تنرفزت : يالله! ، وش دخلك؟
فتحت الباب ، طلعت وتجاهلتها...


نصف ساعه مرت من وصلت المكان، كوفي عام ومزدحم! .. هي تأخرت ، للحين ما جت ..

كانت عيني عالباب ، انتظر المح وجهها في كل مره يفتحه غريب..
لكن المفاجأه هي اني شفت وجه غير منتظر ، وغير مرحب فيه .. كانت أمي ..
اتجهت لي بدون تردد ، وكأنها تعرف مكاني مسبقاً..

وقفت عند الطاولة اللي انا جالسة عليها
قالت : يلا قومي ، بنمشي ..
تجاهلتها ، واستمريت اراقب الباب..
مسكت يدي بطريقة آلمتني ، وقالت بعد ماضغطت على اسنانها
: سبأ قلتلك قومي!

غمضت عيوني ، أحاول اكتم الوجع اللي أحسه يضرب ذراعي من أضافرها اللي انغرست فيه..
لكن دايم كان صمتي يستفزها ، لذلك التزمته..

خمنت انها عرفت من مكاني من السواق الكلب .. لان ماحد يعرفه غيره..

شفت السكرتيرة تدخل ، دارت عيونها بالمكان قبل تطيح علي..
منعها تواجد امي انها تتقدم لي .. لكنه ما منعني
أشرت لها تجي ، وهالحركه خلت امي ترفع عيونها للشخص اللي آشر له..
تقدمت السكرتيره لنا ، وقفت أنا ، و وقفت امي قدامي ..
بدأت امي الحرب : مو قلتلك لا تقربين لبنتي!

احتجت ٤ ثواني عشان استوعب ان المقصود ب "بنتي" هنا أنا! ، ابتسمت بسخريه ..
قالت السكرتيره بهدوء : معليه ، اذا تبين تعرفين وش ابغى منها ماعندي مانع..
قالت امي : لا هي و لا انا نبغى نعرف!
قلت : لا تتكلمين بلساني
التفتت علي امي : انطمي شوي
قربت السكرتيره منها ، وقالت بنبرة تحدي
: اللي ابغى اوصله لها راح يوصل يعني راح يوصل! برضاك او غصب عنك مايفرق..
بدا صوت امي يرتفع : التزمي حدودك ياقليلة الادب!
قالت السكرتيرة بدون اي اهتمام للناس اللي بدات تنزعج من اصواتهم
: افضل اكون قليلة ادب على اني اكون عديمة شرف!

عرفت انه شي كبير ، وجداً .. السكرتيرة مهما كان اللي تعرفه .. الا ان امي راح تقاتل عشان ماينفضح!

بعدت امي و تقدمت للسكرتيره
قلت : قولي ايش تبغين؟ ماعليك منها ..
: ماينفع كذا .. لازم اجلس معك..
قالت امي ودفتها : تجلسين مع مين؟ بعدي عن بنتي لا يجيك شي ما ترضينه!
قالت السكرتيره عبارة مبطنه ما فهمتها ، لكن الخوف في عيون امي بعد ماسمعتها اكد لي انها هي فهمتها
: محد يرضى بالموت..
اندفعت امي عليها ، قبل ما يفرقونهم العاملين بالمكان.. ويطلبون من السكرتيره تطلع

ناظرتني السكرتيره قبل تطلع ، كنت اعرف انها تفكر نفس اللي افكر فيه ، كيف نوصل لبعض؟
قلت بسرعه و ما ادري كيف تذكرت هذا الشي
: روحي للعيادة..
ابتسمت ، ثم ناظرت امي بشرز .. وطلعت برى المكان..

أخذت امي نفس عميق ، جلست على الكرسي ودلكت جبينها ..
قلت : أتمنى اللي تخبينه مايكون اكبر من اللي قبله..
وقفت فجأه وقالت بحزم : راح ترجعين لبيتي..
عقدت حواجبي : لجحيمك قصدك؟ ماراح ارجع..
: اذا صار بكيفك قولي ماراح أرجع

ناظرتها بحقد ، تمنيت تقرأ كرهي لها بعيوني ، بدون ما أتكلم..
قالت : لاتناظريني كذا ، بكرا راح أخليهم ينقلون أغراضك..
: ليه تبيني أرجع؟
: ابيك قدام عيني..
: ماراح أرجع ، مستحيل أرجع!

عطتني نظرة و مشت ، وكأنها تقول الامر محسوم وراح ترجعين لمقبرتك..
بمجرد جابت هالسيره رجعت كل ذكرياتي السيئه بذاك البيت.. اسوأ سنين حياتي قضيتها فيه ..
كان عبارة عن جحيم من جدران بيضاء!


إنتهى

سبأ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن