الفصل الرابع والاربعون

26.4K 457 51
                                    

ذئاب لا تغفر
الفصل الرابع والأربعون ( الجزء الأول )  :

في مخفر الشرطة ،،،،

ألقى أوس الجندي بالقلم على الورقة الخاصة بالمحضر الرسمي بعد أن إنتهى الضابط من أخــذ أقواله ، وحدج أحمـــد بنظرات نارية متوعدة قبل أن ينطق بصوت قاتم :
-أقدر أمشي ؟!

تنحنح الضابط بصوت خشن وهو يجيبه بهدوء :
-اه طبعاً يا فندم !

ثم أدار رأسه في إتجـــاه الحارس أحمد الذي يقف على بعد ، وتابع قائلاً بنبرة رسمية :
-وأتمنى حضرتك تكون فهمت الموقف ، أي حد كان مكان الأستــاذ كان هايتصرف كده ، اتهام بخطف أنثى من بيتها ، وتحت التهديد ، والمفترض إنها خطيبته ، فطبعاً تصرفه منطقي ، لكن كون إن حضرتك جوزها فده ينفي الواقعة تماماً !

لــــوى أوس فمه بطريقة متهكمة ، ولم يكف عن رمقه بنظراته الساخطة قائلاً بخفوت :
-هــه !

ابتلع أحمد ريقه بخوف شديد ، وهتف قائلاً بتوتر وفرائصه ترتعد بـ :
-يا حضرت الظابط  !
انتبه له الضابط ، ونظر له بتمعن ، فأشـــار أحمد بيده وهو يتابع قائلاً بهلع :
-أنا عاوز أعمل محضر عدم تعرض ضد الباشا ده

فغر الضابط فمه مصدوماً بعد أن تبدلت تعابير وجهه للإندهــاش :
-هــــاه ! بتقول ايه

هــز أحمد رأسه بتوتر شديد وهو يكمل بخـــوف :
-ايوه ، ده .. ده ممكن آآ....

نهض أوس عن مقعده ، فهربت الكلمات من على طرف لســـان أحمد فلم يكمل جملته ..
ثم حدجه أوس بنظرات مشتعلة وهو يردف قائلاً بصوت متصلب :
-انا وقتي خلص مع اللي زيك !

ثم تحرك في إتجاهه ، وحدق فيه بنظرات اكثر قسوة من عينيه الجامدتين ، وتابع حديثه بشراسة :
-بس مابنساش حد فكر يجي جمب اللي يخصني !

ثم إنصـــرف من المكان دون أن ينتظر حتى محاميه الخاص الذي وقف يتبادل الحديث مع الضابط ...
بينما لعن أحمـــد حظه السيء الذي أوقعه مجدداً مع ذلك الشيطان الذي لا يعرف المغفرة أو الصفح ......

..................................

في منزل تقى عوض الله ،،،،

لم تتحمل تهاني الوقـــوف على قدميها بعد تلك الصدمــات المتتابعة عليها ، فسحبت أقرب مقعد وجلست عليه وهي تشهق بصعوبة ..
حاولت هي أن تتغلب على صدمتها ، وتستوعب ما حدث ..
هزت جسدها بحركة عصبية ثابتة وهي تحدث نفسها بآســى وبعدم تصديق :
-يعني .. يعني أوس هو .. هو اللي عمل كده في تقى ؟!

وضعت يديها على رأسها بعد أن طأطأتها في خـــزي لتكمل قائلة بحسرة :
-هو اللي دبحها ، وخلاها توصل للحالة دي ، طب لييييه ؟ لييييه يا بني ؟ ليه ؟ عملت فيك ايه عشان تعمل فيها كده ! آآآآه ..!

أخـــذت تهاني نفساً عميقاً ، وحبسته في صدرها لتكتم صوت أنينها الذي يعتصر قلبها ، ثم زفرته بحزن وهتفت قائلة بمرارة :
-آآآه ، أنا كنت فين عشــان تبقى بالصورة دي يا أوس ، إنت بقيت زي أبوك ، هو اللي ربـــاك وعمل فيك كده يا ضنايا ، خلاك نسخة منه في بشاعته ووحشيته ، ويوم ما تيجي يبقى بنت خالتك الطيبة ، آآآآه .. ضيعت ابني يا مهاب ، ضيعته ، وضيعت اللي حواليه كلهم ، منك لله يا شيخ ، منك لله !

ذئاب لا تغفر 2- لمنال سالم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن