الفصل الرابع و الاربعين
#ظل_بجوار_الضوء
نهض فجأة، وانقلب كرسيه خلفه بضجة عنيفة. ضرب الطاولة بكلتا يديه، ومال بجسده الضخم نحو المحقق، وعيناه تلمعان بشرر. "لماذا لا تصدقونني؟! أنا لم أطلق عليها النار! حبستها، نعم، لكنني لم ألمسها! كانت تهمل ابني! كان مريضاً وهي لم تكترث، كل همها كان ابن زوجها السابق!"
استقام في وقفته، وصوته أصبح زئيراً. "عليّ أن أغادر هذا المكان. ابني مفقود، وأنتم تضيعون وقتي في لا شيء!"
المحقق، الذي لم يرف له جفن، أشار بقلمه نحو الكرسي. "اجلس، سيد حسام." كان صوته هادئاً، وهذا الهدوء كان مستفزاً أكثر من أي صراخ. "لدينا أمر من القاضي باحتجازك. الرصاصة التي أصابت زوجتك أُطلقت من مسدسك الشخصي. بصماتك وحدها كانت عليه. اعترف، وسيكون الأمر أسهل عليك."
صرّ حسام على أسنانه بقوة، وعاد ليجلس، لكنه ضرب الطاولة بقبضتيه المقيدتين، محدثاً صوتاً مكتوماً. "ستندمون... أعدكم بذلك." ثم تغيرت نبرته، وظهر فيها شرخ من القلق الحقيقي. "أين ابني؟ أين يزن؟"
أجاب المحقق وهو يقلب صفحة في دفتره. "آخر مرة شوهد فيها كان يغادر المنزل هذا الصباح. كاميرات المراقبة أظهرت أنه لم يتجه نحو المدرسة. ليس له أثر منذ ذلك الحين."
"إذاً دعوني أخرج وأبحث عنه!"
نهض المحقق، مستسلماً على ما يبدو من مواصلة الاستجواب. جمع أوراقه ووضعها في ملف. "نحن نبذل كل ما في وسعنا للعثور عليه." قال ببرود وهو يتجه نحو الباب. "طابت ليلتك."
أُغلق الباب الفولاذي بصرير، وغرقت الغرفة في شبه ظلام. أخفى حسام وجهه بين يديه المقيدتين، وهمس في الفراغ: "ما الذي فعلته يا يزن؟"
.
.
.
كانت إطارات سيارة يامن تمزق الإسفلت المبلل. خلفه، كانت أضواء قافلة من السيارات ترسم خطوطاً بيضاء في الظلام الدامس، متجهين جميعاً نحو الجبل الذي يحتضن عرين الأفعى.
كانت ملامح يامن محفورة بقسوة، مزيجاً من الغضب والحزن. كل هذه السنوات، كرس حياته لحماية والدته، وتجنب الزواج لكي لا يعرض أحداً آخر للخطر يسبب طبيعة عمله الخطرة ووجود اعداء من المجرمين . كان درعا لأمه وسيفها. لكن في اللحظة التي كانت في أمس الحاجة إليه، لم يكن هناك. بل كان هو نفسه ضحية، عاجزاً ومقيداً. هذا الفشل كان يحترق في أحشائه كالحمض.
YOU ARE READING
ظلٌ بجوار الضوء
Teen Fictionفي عالم مبني على المشاعر، كان أنس مجرد محاكاة. عبقري في ارتداء الأقنعة، بارع في تزييف كل ابتسامة ودمعة. هو ظلٌ يعيش بين الناس، يدرسهم، ويحللهم دون أن يشعر بشيء. ولكن عندما يدخل "لؤي" إلى معادلته - ضوءٌ على وشك الانطفاء، روحٌ تقاتل من أجل كل نفس...
